20 - 04 - 2024

مؤشرات | حوار من أجل الوطن وللوطن

مؤشرات | حوار من أجل الوطن وللوطن

ننتظر خلال الفترة المقبلة الحوار الوطني المرتقب الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكلف بتنظيمه الأكاديمية الوطنية للتدريب، والتي بدأت بالفعل في إرسال دعوات للقوى السياسية للتحضير لهذا الحوار، وطرح الأفكار والرؤى من أجل وضع برنامج له.

الوضع الراهن سياسيا واقتصاديا بحاجة فعلية لحوار عملي وعلمي وبمسؤولية من الجميع تجاه هذا الوطن، الذي يحتاج لتكاتف كل أبنائه، من أجل بناء مصر في مرحلة جديدة من تاريخها، دون انفراد طرف مدعيا أنه يمتلك كل الحقيقة، وكل الحلول.

الأمر يتطلب أن يستمع الجميع لبعضهم البعض، من أجل تبادل الأفكار والرؤي، ليس في السياسة فقط، ولا في الإقتصاد، بل في كل مناحي الحياة، والقضايا الملحة، فمصر مازالت تواجه العديد من المخاطر من الداخل والخارج، والإرهاب في سيناء ليس ببعيد، ولم ينته بعد، والحرب مع الإرهاب نقطة محورية في الحوار الوطني المرتقب ليتفق الجميع على آليات أكثر قوة لإستئصال جذور الإرهاب ليس من على الأرض فقط، بل من العقول وفي الأفكار.

قضايانا السياسية أصبحت أكثر إلحاحا في هذا المرحلة، والحوار الوطني يجب أن يكون جسرا لتعبر من خلال البلاد لمرحلة أكثر إتفاقا على مجمل القضايا ذات العلاقة بالحريات، والمعارضة البناءة، وتعظيم دور الأحزاب في الحياة العامة والسياسية، وترسيخ مبدأ الإستماع للآخر، انطلاقا من أن الوطن يحتاج للرأي والرأي الآخر، والمشاركة والشراكة هي باب العبور بالوطن لمراحل أكثر إشراقا وحرية، فالأوطان تُبنى بالحريات المسؤولة.

من المهم أن يكون الحوار ليس مجرد محفل كلام وسلام، وتبويس اللحى، وحشد، بل يجب أن يكون حوار فاعلا، تشارك فيه كل التيارات دون إقصاء، إلا كل من ارتكب جريمة في حق مصر ورفع السلاح ومارس الإرهاب.

وتعجبني بعض التعبيرات التي تؤكد على أن الحوار من المهم أن يدور على قدم المساواة، دون أن يخرج طرف هنا أو هناك، ويقول أن القيادة تريد هذا وذاك، ويخرج علينا من يقول أنه حزب الرئيس أو أنه يمثل الرئيس أو حزب الحكومة، فمثل هذا فرض وصاية على الجميع وبداية الفشل، لأنه ينطلق من نقطة الإستقواء على الجميع.

ومن أهم نقاط نجاح الحوار أيضا الإستماع لرأي الشارع المصري، فليس بالضرورة أن تكون الأحزاب والتيارات السياسية هي من تُمثل كل الشعب، فإنفراط عقد بعض الأحزاب في السنوات الأخيرة وحالة الجمود السياسي، أدت إلى حالة التشتت بين فئات عريضة من الشعب، وجلسات الحوار مع الشارع بشكل منظم، تسهم في بلورة رؤى مختلفة، قد تكون الأحزاب غير قادرة على طرحها، وربما تكون ليس لديها الجرأة في طرحها.

تجمعات الطلاب والشباب هم أهم الفئات التي من المهم الإستماع إليها بعناية وبقلوب مفتوحة، فما يدور في مؤتمرات الشباب، ليست كل الشباب، وليس من يشاركون في هذا المؤتمرات هم كل شباب مصر، فشباب مصر أوسع وأكبر بكثير من هذه المؤتمرات، والذين يتم إختيارهم وفق شروط ومعايير تستبعد الكثيرين، فهناك عشرات الألاف من الشباب الذي سعوا إلى المشاركة في هذا المؤتمرات، ولم يحالفهم الحظ ، لأسباب يراه البعض منهم أنها غير موضوعية وتتم وفق أهواء سياسية.

الإستماع للشباب في حالة جديدة من الإنفتاح السياسي، أمر تفرضه الضرورة، لأنهم يمثلون العصب الرئيسي للمجتمع المصري، وهم بناة هذا الوطن، وهم كل الحاضر والمستقبل أيضا، والتحاور والحوار معهم دون موانع سنقف معهم على طريق واحد، لنستكشف ما يفكرون فيه وبعناية، ليتمكن الوطن من الإستفادة منهم ومن أفكارهم، ووضعهم على الطريق دون فرض رؤى عليهم، أو فرض رؤانا ووصايتنا عليهم.

بِناء حوار لتحقيق نتائج فاعلة على الأرض، من المهم أن ينتهي إلى استراتيجية وطنية يتم تنفيذها بخطط على المدى القصير والمتوسط والطويل، في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية، وفي مناحي الحريات والديمقراطية.

أتصور أن وجود منظمات المجتمع المدني في الحوار الوطني، بما في ذلك تلك المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والتنمية المجتمعية والثقافية والتوعوية، أمر هام جدا، فالعديد من تلك المنظمات من بين أعضائها أصحاب رؤي سياسية وثقافية واقتصادية، بل يمكننا القول أنها منظمات تعمل في السياسة بشكل غير مباشر، وإن القانون لا يمنحها هذا الحق، إلا أن الواقع غير ذلك، فالنقاش في اجتماعات هذا المنظمات تختلط فيه السياسة بالإقتصاد بالعمل الإجتماعي، وعدد لا بأس به من أعضاء تلك الجمعيات هم من فئات الشباب الذين يرون فيها متنفسا للتعبير عن أفكارهم، بخلاف الإنتشار الجغرافي لهذه الجمعيات،وبخلاف ما اكتسبته وتكتسبه من خبرات من خلال عملها في مراقبة النشاط العام في الدولة، ودورها في مراقبة الإنتخابات في الداخل والخارج، باعتراف رسمي عالمي.

هذا جزء من كثير من أجل حوار الوطن وللوطن.
----------------------------
بقلم: محمود الحضري
من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أمريكا وتاريخ سيء مع القضية الفلسطينية





اعلان