18 - 04 - 2024

اقتصاديون يرصدون حركة " الجنيه" أمام الدولار خلال الفترة المقبلة مع استمرار الأزمة العالمية

اقتصاديون يرصدون حركة

ارتباك يسود الأسواق وسط ترقب لتحركات المركزي
خالد الشافعي: اجراءات حكومية تستهدف التقليل من الواردات وخفض الطلب على الدولار
عبدالنبي عبدالمطلب: 5-10% نسبة الخفض المتوقعة في قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة
اسراء أحمد: سعر الصرف مرهون بمسار الأوضاع العالمية ونظرة المستثمرين للأسواق الناشئة

يشهد السوق المصري حالة من الارتباك بسبب ترقب للأسواق لقرار البنك المركزي المصري بشأن رفع سعر الفائدة أو تثبيتها، بعد قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة على الدولار بمقدار نصف بالمئة، في زيادة تمثل أعلى نسبة للفائدة على الدولار منذ حوالي ٢٢ عاما،.

ويرى محللون أن من توابع القرار الأمريكي تعرض العملات الأخرى لمزيد من الضغط بسبب هروب الأموال الساخنة للاستفادة من الفائدة الأمريكية، مما سيضطر بعض البنوك المركزية في الدولة النامية ومنها مصر لرفع سعر الفائدة على عملاتها. 

ويتوقع هؤلاء مزيدا من الضغوط على اقتصاديات الدول النامية، في حال جرى رفع الفائدة على اعتبار أنها ستزيد من تكلفة الاقتراض وخدمة الديون، خاصة للدول التي لديها حجم دين خارجي كبير مثل مصر والتي تبلغ ديونها الخارجية نحو 145.5 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من (2021/2022)
ويتوقع خبراء تخفيض قيمة العملة المصرية لتصل إلى 20 جنيها للدولار أو أكثر، فيما يتوقع آخرون أن تساهم القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية في استقرار سعر الصرف، مما يعني ثباته على وضعه الحالي إن لم ينخفض. 

وشهد الجنية المصري انخفاضاً بنسبة %17 مقابل العملات الأجنبية ليتجاوز سعر الدولار مستوى الـ 18 جنيها، وذلك بعد قرار البنك المركزي المصري يوم 21 مارس الماضي برفع أسعار الفائدة بنسبة 1% وذلك في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية، ليسجل سعر الفائدة 9.25% على الإيداع و10.25% على الاقتراض، وتزامن ذلك مع طرح شهادة ادخار مرتفعة العائد بنسبة 18% لدى بنكي الأهلي ومصر، وانخفاض قيمة العملة المحلية.

تخفيض جديد

ويرى خالد الشافعي، المحلل الاقتصادي، أن الحكومة اتخذت عدة قرارات من شأنها أن تحد من ارتفاع قيمة الجنية أمام الدولار، وأن قرار رفع سعر الفائدة المتوقع الإعلان عنه نهاية مايو الحالي ليس له علاقة بقيمة سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية. 

ويضيف أن البنك المركزي منذ قرر تحريك سعر الصرف في مارس الماضي، تركه تماماً للعرض والطلب، لافتًا أن ارتفاع سعر الدولار لمستويات غير مسبوقة خلال الشهرين الماضيين، كان نتيجة زيادة الطلب من المستوردين على الدولار في الأسواق الموازية أو السوق السوداء، لتسديد مستحقات الموردين الأجانب.

ويتابع أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات في ضوء رؤية متكاملة لكيفية التقليل من الواردات وخفض الطلب على الدولار، والاتجاه نحو الانتاج والصناعة المحلية، وكل ذلك بهدف تقليل الاعتماد على الدولار، ويأتي على رأس تلك القرارات، قرار البنك المركزي بمنع قبول موارد النقد الأجنبي غير معلومة المصدر أو التي حصل عليها من شركات الصرافة، في العمليات الاستيرادية، على أن تكون موارد النقد الأجنبي الذاتية الناتجة عن نشاط العميل هي التي يمكن استخدامها في العمليات الاستيرادية.

ويؤكد الشافعي أن هذه القرارات الأخيرة ساهمت بشكل كبير في القضاء على السوق السوداء أو الأسواق الموازية، متوقعاً استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الفترة المقبلة عند السعر الحالي 18.50 جنيه ، إن لم ترتفع قيمة الجنيه في ضوء قرارات المركزي الأخيرة. 

انخفاض جديد

على العكس،  يتوقع الخبير والمحلل الاقتصادي، د. عبدالنبي عبدالمطلب، أن يشهد الجنيه المصري انخفاضاً جديداً خلال الفترة المقبلة، تفقده حوالي 10% من قيمته أمام العملات الأجنبية.

ويضيف:" لا علاقة بين تخفيض سعر الجنيه ورفع أسعار الفائدة المتوقع في الفترة القادمة، لكن طبقا للمؤشرات الحالية، من المتوقع أن يشهد الجنيه تخفيضات، ربما لا تكون خلال شهر، لكن عندما تبدأ مصر فعلياً في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، للوصول إلى اتفاق للحصول على قرض جديد، وهو ما سيؤثر على قيمة الجنيه".

غير أن لا يتوقع أن تكون قيمة التخفيض كبيرة كما حدث في 3 نوفمبر 2016، أو كما حدث في مارس الماضي عندما حرك البنك المركزي الجنيه المصري بنسبة 17%، ذلك أن المتوقع أن تتراوح نسبة  الخفض بين 5% إلى 10%، لتبلغ إجمالي التخفيضات الجديدة للجنيه منذ بداية العام من 25% إلى 30%

ويتابع عبدالمطلب أن انخفاض قيمة الجنيه سيتبعه زيادة في أسعار كافة السلع والخدمات بنفس النسبة، بداية من رسوم ركن السيارة، وحتى حجز قاعات الافراح في أكبر الفنادق، وكأن الكل يتعامل بالدولار. 

ويشيد الخبير الاقتصادي بقرار الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه في مارس الماضي، حيث أعطت سوق الصرف قليلاً  من المرونة التى سمحت بتحرك مدروس للجنيه صعوداً وهبوطاً، ليبدو سوق الصرف المصري وكأنه سوق حر، يتحدد فيه السعر طبقا لآليات العرض والطلب.

دعم الفقراء

ويعتقد عبدالمطلب أنه في ضوء القرارات الحكومية الأخيرة، فإن الحكومة تستطيع أن تأخذ مجموعة من الإجراءات الاستباقية حاليا لتقليل الآثار السلبية للتطورات الاقتصادية العالمية على الاقتصاد المصري، والتي من أهمها في الأجل القصير مضاعفة كمية السلع المنصرفة للبطاقات التموينية، ومضاعفة الكميات، وليس القيمة.

كما يمكن تخفيض 50% من سعر الكهرباء للشرائح الثلاث الأولى، وتخفيض سعر الغاز الطبيعي سواء للمنازل أو للمصانع بنسبة 25%، وتخفيض سعر البنزين والسولار والمازوت بنسبة 5%، وصرف علاوة استثنائية للعاملين بالحكومة والقطاع العام بنسبة 5%، وكذلك الاستمرار في سياسة ترشيد الواردات، مع توفير البدائل المحلية المناسبة. 

ويرى الخبير الاقتصادي أن هذه الإجراءات لن تكلف موازنة الدولة الكثير، ولكنها تحمي الطبقات المعدومة من المشاكل التي يمكن أن تواجهها نتيجة ارتفاع الأسعار، كما ستساعد الطبقة الفقيرة في مواجهة تكاليف الحياة اليومية، وبذلك، تستطيع مصر أن تدخل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ولديها مظلة حماية للمعدمين والفقراء، وهو ما يقلل من الآثار السلبية المحتملة لرفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة، وسوف تحصل مصر على شروط أفضل لقرض صندوق النقد الدولي.

أمد الأزمة

في المقابل ترى اسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار «الأهلى فاروس»، ان التشديد النقدي في البنوك المركزية الكبرى، يضيف لحالة اللا يقين الضارة بالاقتصاد عموماً، وهو ما يضر بمعدلات الاستثمار.

وترى أن سعر الصرف يشوبه قدر عال من عدم اليقين، ولا يمكن التنبؤ به، لتداخل عوامل عدة خارج النطاق الاقتصادي تتحكم في مساره ولكن يمكن القول بشكل عام أنه مرهون بمسار الأوضاع العالمية ونظرة المستثمرين للأسواق الناشئة عموماً.

وذكرت أنه حال خفت حدة التوترات الجيوسياسية وتخوفات الاقتصاد الصيني كذلك، قد تعود بعض التدفقات الدولارية للأسواق الناشئة، وإذا صاحب ذلك تمويل من صندوق النقد الدولي مع الدعم الخليجي قد تهدأ حدة التخوفات المتعلقة بالدولار ومن ثم قد يسترد الجنيه بعضاً من عافيته ولكن سيستغرق الأمر شهوراً، وقد نرى الدولار بعدها في مستويات أعلى من 17 جنيه أو فوق الـ 18 جنيه بهامش بسيط.

وتضيف إسراء أحمد أنه إذا طال أمد تلك الأزمة العالمية وزادت حدة التوترات فأغلب الظن أن الجنيه سيمر بانخفاضات أخرى مجدداً قد تصل لحافة 20 جنيهاً أمام الدولار في المدى المتوسط، نظراً لحساسية الاقتصاد المصري لمتغيرات أسعار السلع والتشديد النقدي المتسارع عالمياً. ولكن يظل الأمر تكهنات، لأن العوامل الاقتصادية لا تتحكم وحدها، وإنما يرتبط الأمر بتوقعات السوق وحالته النفسية إذا جاز التعبير، بالإضافة لعوامل أخرى.
-----------------------
عبدالرحمن قطب
من المشهد الأسبوعي
















اعلان