20 - 04 - 2024

شيرين أبو عاقلة تستشهد مرتين .. زلزلت "ضمير العالم" وسلطت الضوء على همجية المحتل

شيرين أبو عاقلة تستشهد مرتين .. زلزلت

* روايات إسرائيلية تتدرج من الإنكار التام إلى مايشبه الاعتراف .. وذباب الكتروني يلهي الناس عن "القتلة" بمناقشة كونها "شهيدة يجوز الترحم عليها" من عدمه

"كنت أشعر أن الموت على مسافة قريبة" هكذا قالت شيرين أبو عاقلة في فيديو تحكي فيه عن مسيرتها في قناة الجزيرة، أفلتها الموت "القريب" مرارا بحكم عملها مراسلة ميدانية في بؤرة صراع مزمن طال لعقود، ولا تتوقف فيه مواكب الشهداء إلا لتعود.. ربما ليدخر لها موتة تزلزل ضمير العالم، الذي حاولت إيقاظه بتغطياتها على مدى 25 عاما دون جدوى. 

في صباح من صباحات فلسطين "كنا في طريقنا لتصوير عملية للجيش (المحتل) فجأة أطلقوا علينا النار، لم يطلبوا منا أن نخرج، لم يطلبوا منا التوقف، أطلقوا النار علينا، "رصاصة أصابتني، الرصاصة الثانية أصابت شيرين. قتلوها بدم بارد لأنهم قتلة، لم تكن هناك أي مقاومة، ولو كان هناك مقاومون لما كنا ذهبنا إلى هذه المنطقة" هكذا قال الصحفي الفلسطيني علي السمودي الذي كان يرافق أبو عاقلة وأصيب قبلها برصاصة في أعلى الظهر، لتهرع لنجدته قائلة "على اتصاب" لكن الرصاصة الثانية بعدها بثوان تستقر تحت أذنها ، لتكتب سطر النهاية.

يؤكد السمودي الذي يعمل منتجا في قناة الجزيرة في تسجيل مصوّر وهو يجلس على كرسي متحرك في المستشفى وتظهر الضمادات على كتفه إنه وشيرين كانا ضمن مجموعة من سبعة صحفيين توجهوا لتغطية مداهمة مخيم جنين، كانوا جميعا يرتدون ملابس واقية تشير بوضوح إلى أنهم صحفيون، ومروا بجوار القوات الإسرائيلية حتى يراهم الجنود ويعرفون أنهم هناك، لم يتواجد مسلحون أو مدنيون آخرون في المنطقة، وحدهم المراسلون والجيش (المحتل) الذي أطلق النار .. الطلقة الأولى أخطأتهم، ثم أصابته الثانية، وقتلت الثالثة شيرين.

 4 *روايات إسرائيلية

على مدار 12 ساعة بعد استشهاد شيرين أبو عاقلة تضاربت الروايات الإسرائيلية وتدرجت من الإنكار التام إلى ما يشبه الاعتراف بالجريمة.

في البداية أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، أنه "يجري تحقيقا في احتمال إصابة صحفيين، ربما بنيران فلسطينية"، وقال إن "قواته وجهاز الأمن العام وشرطة حرس الحدود كانوا ينفذون عملية في مخيم جنين... من أجل اعتقال مشتبه بتورطهم في الإرهاب، وخلال العملية (الوقائية) في المخيم، أطلق العشرات من المسلحين الفلسطينيين النار وألقوا مواد متفجرة في اتجاه قواتنا مهددين حياتهم، ورد الجنود بإطلاق النار"، 

وفي وقت لاحق، رجح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن تكون ما ادعى أنه "نيران فلسطينيين مسلحين" هي المسؤولة عن مقتل شيرين أبو عاقلة وقال في بيان: "وفقا للمعلومات التي جمعناها، يبدو على الأرجح أن فلسطينيين مسلحين كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي حينها، يتحملون مسؤولية الوفاة المؤسفة للصحفية" التي كانت تغطي عملية عسكرية في مخيم جنين.

بعدها قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في تغريدة: "عرضنا على الفلسطينيين إجراء تحقيق مشترك" في وفاة أبو عاقلة، مضيفا أن القوى الأمنية الإسرائيلية ستواصل "العمل حيثما كان ذلك ضروريا لمنع الإرهاب ومنع قتل الإسرائيليين" وكتب على حسابه الرسمي بموقع (تويتر): "يجب حماية الصحفيين في مناطق الصراع. الوصول إلى الحقيقة مسؤوليتنا جميعا".

في المقابل، قال البريغادير جنرال ران كوخاف، القائد العسكري الإسرائيلي، لإذاعة الجيش إن الصحفيين كانا يقفان إلى جانب مسلحين فلسطينيين. وقال إن المسلحين "أشخاص غير محترفين، إرهابيون، كانوا يطلقون النار على قواتنا". وأضاف أن الصحفيين الاثنين كانا "مسلحين بكاميرات!!"، ويقفان بالقرب من مسلحين فلسطينيين، وأن "أشخاصا غير محترفين، وإرهابيين، وكانوا يطلقون النار على قواتنا، ومن المحتمل أن يكونوا أصابوا الصحفيين بدلا من ذلك".

وفي منشورات على تويتر إدعى الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي: "أن مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة قتلت نتيجة نيران مسلحين فلسطينيين في مخيم جنين أثناء تغطيتها الإخبارية" وزعم أن مقاطع الفيديو التي تم تداولها ونشرها من قبل  "مخربين" فلسطينيين في جنين على مواقع التواصل، "تظهر إطلاقهم النار بشكل عشوائي متباهين بأنهم أصابوا جنديا وهو ملقى على الأرض، رغم أن الضحية الوحيدة في الحادث كانت الصحفية أبو عاقلة". 

وقال:"ندعو الفلسطينيين إلى إجراء تحقيق مشترك للحادثةإلا أنه لم يلق طلبنا أذانا صاغية، ربما محاولة لإخفاء الحقيقة".

وفي نزول واضح عن الشجرة أعرب رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، عن صعوبة تحديد مصدر إطلاق الرصاص على أبو عاقلة، في المرحلة الحالية. وقال كوخافي، في بيان نقل نصه بالعربية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، "في هذه المرحلة لا يمكن تحديد مصدر إطلاق النار عليها ونأسف لموتها. من أجل الوصول إلى الحقيقة، قمنا بتشكيل فريق خاص لتوضيح الحقائق وتقديمها كاملة وفي أسرع وقت ممكن".

في آخر اليوم ، قالت صحيفة "هآرتس" نقلا عن تحقيق لجيش الاحتلال، إن الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة كانت على بعد 150 مترا من القوات الإسرائيلية لحظة استهدافها بالرصاص، مدعية أنه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة قتلت بنيران إسرائيلية أو مسلحين فلسطينيين أثناء تغطيتها عملية عسكرية في جنين اليوم، بحسب تحقيق أولي أجراه الجيش الإسرائيلي".

لكن التحقيق "يُظهر أن أبو عاقلة كانت على بعد 150 مترا (328 قدما) من القوات العسكرية الإسرائيلية عندما أطلق عليها النار وقتلت". وتابعت: "أظهر التحقيق أن جنود "وحدة دوفديفان" (وحدة عسكرية خاصة تتكون في الغالب من مستعربين) أطلقوا بضع عشرات من الرصاصات خلال الغارة في جنين "وأفادت بأن الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة في رأسها يبلغ قطرها 5.56 ملم وأطلقت من بندقية "إم 16"، لكن بما أن هذه البنادق تستخدم من قبل كل من الجيش الإسرائيلي والخلايا الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن المعلومات غير كافية لتحديد الجانب الذي أطلق الرصاصة"، مضيفة أن الفحص الباليستي (المخبري) للرصاصة سيلقي الضوء على ذلك". 

وفي وقت سابق على مانشرته هاآرتس، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية بأن "إسرائيل تجري اتصالات مع السلطة الفلسطينية لنقل الرصاصة التي أدت إلى مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة لإجراء فحص باليستي (مخبري) في إسرائيل". وأضافت أن الاتصالات تمت بوساطة من الولايات المتحدة، وأنه كجزء من ذلك، أعربت إسرائيل أيضا عن استعدادها لإشراك هيئة دولية مستقلة في التحقيق.

ولا يعد استهداف وسائل الإعلام الفلسطينية والأجنبية غريبا على إسرائيل ، فقد تشاركت المؤسسة الحاكمة، مع ووسائل الإعلام في إسرائيل في تغطية جرائم الاحتلال، من خلال مهاجمة وسائل الإعلام العربية والأجنبية؛ بذريعة أنها تقوم بتشويه صورة إسرائيل دوليًا.

ففي وقت من الأوقات اتخذت شركة الكابل الإسرائيلية قرارًابإيقاف بث CNN  للمشاهد الإسرائيلي واستبدلتها بقناة فوكس الإخبارية (المعروفة بانحيازها الصارخ لإسرائيل)، وشنت حملة ضد صحف نيويورك تايمز، ولووس أنجلوس تايمز، وشيكاغو تربيون؛ لعدم استخدامها كلمة "إرهاب" في وصف الفلسطينيين المسلحين؛ حيث تم إلغاء آلاف الاشتراكات معها، وجرت وموجات عديدة من التهديد بإلغاء اشتراكات أخرى، كما جرى الاحتجاج عليها عبر الخطابات والاتصالات التلفونية والرسائل الإلكترونية، كما نظمت الاحتجاجات على أبواب الصحف، منذ بدء الانتفاضة الثانية. ووفتها أعلن وزير الاتصالات روبين رفيلين، باحتمال إيقاف بث قناة الجزيرة الفضائية عبر الكابل؛ بسبب عدائها لإسرائيل؛ كما هدد مركز (وزر نشتال) في لوس أنجلوس بتنظيم حملة مقاطعة قناة الجزيرة بسبب لهجتها المعادية للسامية.

وتدرجت أشكال الاستهداف المباشر للصحفيين الفلسطينيين والأجانب من إطلاق النار صوبهم، حيث قتل أربعة وخمسون صحفيا، منذ عام 2000، وأصيب نحو مائتي صحفي آخر، برصاص جنود الاحتلال وشظايا صواريخه ، مرورا بسحب البطاقات الصحفية من الصحفيين والإعلاميين ومنعهم من دخول بعض القرى؛ بذريعة أنها مناطق عسكرية مغلقة، وانتهاء بالاعتداء على المؤسسات الإعلامية، كما حدث في بداية الانتفاضة الثانية من قصف الإذاعة والتلفزيون في غزة ورام الله بالصواريخ، ونسف البرج السكني الذي كان به مكتب قناة الجزيرة ووسائل إعلام أخرى خلال آخر عدوان على غزة.

ذات مرة قالت غولدا مائير: "لن أسامح الفلسطينيين لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم"!!، ويمكن بضمير مستريح استبدال كلمة الفلسطينيين بالصحفيين، وفي كل مرة كانت المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ومعها وسائل الإعلام تعتمدان منهجية لصناعة الأكاذيب والإشاعات وترويجها بِحرفية عالية، عبر استخدام صيغة المبني للمجهول مثل: "أُطلِقَت النار على، او "قُتِلَ"؛ لتخفيف أثر الحدث والتمويه على مسؤولية جيش ألاحتلال. وتعمد اعتماد عدد من الروايات المختلفة، وربما المتناقضة لحادث واحد، وذلك لإرباك المستمع أو القارئ في أي من الروايات، على نحو ماحدث في استشهاد شيرين أبو عاقلة. 

ففي حادثة قتل محمد الدرة بتاريخ 30 سبتمبر 2000، وبالرغم أن الحادث موثق بالفيديو، إلا أن إسرائيل حاولت تبرير الحادث الإجرامي بأكثر من رواية مثل؛ إن الطفل قتل برصاص الفلسطينيين؛ ثم قيل: بأنه سقط في تقاطع نيران بين مسلحين فلسطينيين وإسرائيليين؛ ثم قيل: إن الطفل كان مشاغبًا مؤذيًا جلب لنفسه الموت؛ كما تساءلت وسائل الإعلام الإسرائيلي عن سبب تواجد الطفل في مكان الحادث..

* ضمير إنساني على المحك

رغم كل الألاعيب الإسرائيلية ، فإن مقتل شيرين أبو عاقلة وضع الضمير الإنساني على المحك، ولعب متغيران أساسيان دورا في هذا، تغطية الجزيرة المتميزة لمقتل مراسلتها واتباع أسلوب تحليل الفيديوهات الذي أثبت قرب المكان الذي كان جنود "وحدة دوفديفان" متمركزين فيه، وعدم وجود عوائق تمنع استهداف الفريق الصحفي الذي كانت ضمنه شيرين، وتم إطلاق النار عليه ، فاستشهدت وأصيب منتج بالقناة كان يرافقها، أما المتغير الثاني ، فهو حصول شيرين أبو عاقلة على الجنسية الأمريكية، وأضيف المتغيران إلى الانطباع العام المترسخ عن شيرين أبو عاقلة، على مدى عملها في الجزيرة لمدة ربع قرن، من أنها إعلامية ذات مصداقية عالية ، وصاحبة خبرة عريضة في تغطية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، تمكنها من تجنب الأماكن الخطرة.

وبعد لحظات من استشهاديا بدأ زخم إعلامي عالمي، منع الضمير الإنساني من تجاوز ماحدث والتغافل عنه.

كان البيان الأولي لشبكة الجزيرة الإعلامية جازما في تحميل إسرائيل مسؤولية استشهادها، فقالت إن الجنود الإسرائيليين استهدفوا مراسلتها "بشكل مباشر".ونقلت عن شهود عيان قولهم إن "قناصاً استهدف شيرين برصاصة في الوجه، رغم أنها كانت ترتدي سترة وخوذة تحملان شعار الصحافة"، ووصفت الشبكة ما حدث بأنه "جريمة اغتيال متعمدة ومفجعة وبشعة". وأن "الجريمة تخرق القوانين والأعراف الدولية، ويراد من خلالها منع الإعلام من أداء رسالته".

وطالبت الشبكة "المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمّدها استهداف وقتل أبوعاقلة عمداً"، كما تعهّدت بـ "ملاحقة الجناة قانونيا مهما حاولوا التستر على جريمتهم وتقديمهم للعدالة".

بعدها أعلنت النيابة العامة الفلسطينية، أنها باشرت إجراءات التحقيق في قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وإصابة الصحفي علي السمودي في مخيم جنين. موضحة "أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم لداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.

وأضفى التصرف الشعبي والرسمي الفلسطيني زخما إضافيا، أكسب استشهادها رمزية نضالية، وليس مجرد صحفية أو مراسلة تليفزيونية عادية، فقد جال مشيعون حاملين جثمان أبو عاقلة الذي لف بالعلم الفلسطيني في شوارع مدينة جنين قبل نقلها إلى مركز الطب العدلي في مستشفى جامعة النجاح الجامعي في نابلس. وشيع جثمانها في جنازة رسمية من مقر الرئاسة الفلسطينية (المقاطعة) في مدينة رام الله قبل نقله إلى القدس.

وقالت الرئاسة الفلسطينية إن "جريمة إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للصحافية شيرين أبو عاقلة"، محملة "الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة"، كما وصفت حركة "حماس" الإسلامية مقتل أبو عاقلة بـ"جريمة جديدة ومركبة... واغتيال متعمد".

* الاغتيال مرتين

فيما كان ضمير العالم كله يتزلزل، وتصدر إدانات دولية وعربية من كل الاتجاهات، وتعلو مطالب بتحقيق دولي يجعل الجناة في إسرائيل لايفلتون من العقاب، من الأمم المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة نفسها التي تعودنا أن يطغى اللوبي الصهيوني القوي على معالجتها لكل القضايا، كانت طيور ظلام في مصر والمنطقة العربية، نسيت المجرم وبدأت في إثارة الجدل حول الضحية، فمن "إعلامية" تدعو إلى التمهل في إدانة إسرائيل، إلى شغل الناس بقضية مفتعلة ، هل كون شيرين "شهيدة يجوز الترحم عليها" على خلفية ديانتها المسيحية!

فمنذ الساعة الأولي لوفاتها انتشرت علي جوجل ووسائل التواصل الاجتماعي مقالات سلفية  تحرم الترحم عليها باعتبارها مسيحية ، و بالتالي فلا ينطبق عليها وصف الشهيدة ، البعض قال إنها اخذت حظها كله في الدنيا شهرة و مالا و لا حظ لها في الاخرة، واعتمد البعض علي تأويل ولي عنق بعض الآيات القرآنية ، و بعض المرويات الظنية المنسوبة للنبي الكريم .

بعدها وبلا أي رحمة تطوع الآلاف بالكتابة عن تجريم الترحم عليها 

واستفز هذا القتل الثاني باحثا إسلاميا من الوزن الثقيل هو الدكتور كمال حبيب ليكتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك قائلا: "لا أريد أن أسمع نعيقا لناعق يتحدث عن كون شيرين مسيحيه رحمها الله رحمة واسعة  بقدر ما قاومت من أجل بقاء صوت فلسطين حيا لا يموت ، كما لا أريد أن ينعق آخر ليقول تمهلوا قليلا لا تتعجلوا في إدانة الكيان الغاصب العنصري بقتلها ، ليخسأ نعيق التافهين المتفيقهين وعواء الخائنين المرجفين فدم شيرين الطاهر واستشهادها الجلل يرفعنا جميعا معها وبها إلى مقامات تطاول الثريا، دعونا نحزن بجلال ونصمت بجمال وننحني لدماء الشهداء على أرض الرباط والمقاومة بأناة دامعة مستبشرة أن من وراء هذه الدماء الطاهرة الكريمه بشير بنصر قادم"

وكتب الأستاذ الجامعي والناقد الأدبي الكبير د. محمد عبدالباسط عيد: "حتى الساعة العاشرة صباحاً لم يتحدث أحد عن ديانة شيرين أبو عاقله، ولم يقل أحد بجواز الترحم عليها من عدمه، وفيما يبدو أن الذباب الالكتروني (وانت تعرف الدوائر التي تحركه) قد هاله هذا التضامن مع (أبو عاقله)، بما هي صحفية مؤثرة، وبما هي عنوان تابعنا عبر نبرة صوته حدود نضال أهلنا في فلسطين على مدار عقود...! هناك من جعل مشروعه (الوطني) تصفية القضية الفلسطينية، ويريد أن يطمئن إلى خفوت جذوتها في الصدور، ولكن صوت شيرين وطريقة مقتلها خيب آماله، فأثاروا قضية الجنة والنار بحدة مريبة...!!

وأضاف قائلا: "هل تعلم حسابا لشيخ معتبر ترك اغتيال أبو عاقله وما تمثله وتحدث عن الجنة التي لن تدخلها؟! على حد متابعتي، لا يوجد هذا الشيخ...!

وقال الكاتب الكبير عبدالعظيم حماد: "والله. الوحوش المسعورة أنبل وأرحم من موتي القلب والضمير والعقل الذين انشغلوا بمسيحية الشهيدة شيرين أبو عاقلة وشغلوا أمثالهم بعدم جواز الترحم عليها …هؤلاء الناس عار وعورة وبؤرة عفن

وأضاف قائلا : "تعقيبي علي دعوة الإعلامية الأستاذة منال عبد العال الي التريث في إدانة اسرائيل باغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة وعدم استبعاد تورط طرف آخربسبب رفض السلطة الفليسطينية عرضا اسرائيليا بالتحقيق المشترك" 

وأكد حماد أن القرائن تدين إسرائيل. وهذه هي الحيثيات : - السوابق في  الاغتيال المستهدف وفي استهداف وسائل الاعلام كما حدث لمكتب أسوشيتد برس في غزة. هل نسيت ؟ -م كان التصويب ونوعية الرصاص يقولان ان هذا قنص محترف لا تتوافر وسائله الا لاسرائيل - كل المراسلين وليس مراسلو الجزيرة فقطأكدوا رواية الاصابة تحت الأذن  - رفض التحقيق المشترك لأنه يتيح لاسرائيل الادعاء كذبا ضد الحقيقة التي قد تدينه استنادا الي مشاركتها في التحقيق     واذ ذاك ستنتشر روايتها أكثر من الرواية الفليسطينيةبحكم نفوذها الاعلامي - لم يقل أحد بأن المرحومة الشهيدة كانت علي خلاف مع السلطة الفليسطينية إو أي تنظيم فلسطيني

وأضاف عبدالعظيم حماد القول: "ثبت أن الفيديو الذي بثه الجيش الاسرائيلي لتبرئة  مجرمي الحرب فيه من. الجريمة  مزور من فيديو قديم جدا لحوادث سابقة في نفس المخيم. والذي أثبت ذلك هو مركز بيت سيلم الحقوقي الاسرائيلي.

وكتب الكاتب مجدي أبو السعود قائلا: "العقل العربي في الحضيض، طالما لازال يناقش: هل يجوز الترحم على شيرين أبو عاقلة أم لا؟  على مدار ربع قرن لم أعلم أنها مسيحية إلا اليوم"!

وقال الكاتب الصحفي خالد محمود : "المشكلة.ليست أنها تدخل الجنة أو تدخل النار، فهذا أمر لانملك - لا أنت ولا أنا - فيه حسما  وانما المشكلة أمران – أولا: انك تتذكر في تلك اللحظة الانسانية السامية أن معاليك معك مفاتيح الجنة والنار تمنحها أيها المريض لمن تشاء - والثانية انك بهذا التصور الوضيع تفسد لحظة عظيمة عند كل انسان ضميري ..أنه يواجه الظلم والعنصرية والقهر وظلم الإنسان والسطو على أرض ومصير ومستقبل الغير .حقا ما احقرك"

أما الكاتب السعيد حمدي فقال: "فجعنا جميعا بخبر استشهاد مراسلة الجزيرة الصحفية "شيرين أبو عاقلة" برصاص الاحتلال الإسرائيلي أثناء تغطيتها لاقتحامه مخيم جنين فجر اليوم..شاهدنا تلك الإنسانة الرائعة لسنوات عبر الشاشة تنقل وتوثق جرائم الاحتلال و تدعم بموهبتها المتميزة قضية العرب الأولى بل و المسلمين بشكل عام. رأيتها في أحد اللقاءات التي أجراها معها أحد الصحفيين الفلسطينيين رمضان الماضي وسط المرابطين بالمسجد الأقصى بغير عمل صحفي و لكن لإيمانها بالقضية.

نالت أعلى الأوسمة و هي الاستشهاد في أشرف ميدان يمكن أن بنهي فيه إنسان حياته.

مهما تحدثنا و نحن جالسون أمام الشاشات في بيوتنا بلا دور يذكر لن نوفيها حقها الذي ما عرفه على حقيقته إلا خالقها فجزاها عليه خير الجزاء، لتنال كل هذا السيل الجارف من الحب و التعاطف و الدعاء في عالمنا العربي و الإسلامي كله و أيضا لتكون وفاتها زلزال يهز الاحتلال و داعميه و الخبر الأول في جميع نشرات الأخبار العالمية.

بعد كل ذلك هل يمكن أن تناقش فكرة الترحم عليها من عدمه أساسا بهذا البرود و التنطع الذي بدا واضحا لدى من يدعي التدين أو المتاجر بالأمر بدعوى الإنسانية وهي منه براء".
----------------------------
تقرير- هيباتيا موسى
من المشهد الأسبوعي







اعلان