19 - 04 - 2024

أزمة "المعاشات" والافتراق الصوري!

أزمة

"تزوجت من زوجة قريبة لي، وهي متخلفة عقليا، وأنجبت منها بنتين، ولها أم مسنة ولها معاش كبير، وتريد هذه الأم أن أطلق زوجتي صوريًّا من أجل أن تأخذ المعاش بعد وفاة أمها، فهل أطيع حماتي في هذا العمل وأطلق زوجتي صوريًّا؟ علما بأنني مبسوط وأعمل ولي مرتب".

ذلك السؤال المقدم في وقت سابق إلى دار الافتاء، وفق الموقع الالكتروني للداعية عمرو خالد ، يدق جرس انذار لأزمة مستمرة في مجتمعنا المصري، وهي السعي للطلاق من أجل حصول الزوجة على المعاش ، والتي تتطلب منا جميعا عدم تجاهل ذلك الألم ، والبدء في تفكيك هذه الأزمة، والبحث عن مخرج منصف، لا يجعل الطلاق أداة لنيل المعاش في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة.

السؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء، قائلاً :"إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال: فإنه لا يجوز للسائل أن يطلق زوجته تلبيةً لرغبة أمها للحصول على المعاش".

وأجاب الدكتور علي جمعة، على سؤال عن ذات القضية ، خلال أحد لقاءاته ببرنامج"والله أعلم" مؤخرا، قائلا :" إن العقد العرفي لا يوجب على الزوج قانونًا الإنفاق على الزوجة، وبالتالي فلها أن تحصل على المعاش، ولو عادت إلى زوجها بعقد رسمى فلا تستحقه لأن الزوج فى هذه الحالة واجب عليه نفقتها، وإن حصلت عليه فهو حرام".

أما الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية الحالي فقد أكد أن عدم توثيق الزواج لغرض الحصول على معاش الزوج، تحايل على القانون، ويعتبر عملًا محرمًا، لأن قوانين الدولة أباحت صرف المعاش بضوابط معينة، ويعتبر هذا أكلًا لأموال الناس بالباطل، فالمال الذي تتقاضاه الزوجة ليس من حقها.

لكن الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تصريحات أخرى كان صاحب رأي مختلف قليلا ، حيث قال : " الطلاق على الورق رسميًا طلاق، أما من طلقت من زوجها ورجعت لتتجوز عرفيًا حتى تأخذ المعاش فهناك حالات يجوز وهناك لا يجوز، ولا بد من تحقيق مباشر – يقصد كل حالة بحالتها-".

وبحسب تقارير صحفية متواترة وحكايات متداولة وصلت إلى مسامعنا ، فإن كثيرات لجأن بالفعل، إلى ذلك الفعل ، لأن الزواج وفق القانون يسقط هذا المعاش المستحق لها، حتى تمسي أمام الدولة مطلقة تستحق المعاش ، وفي الحقيقة متزوجة لا تستحقه قانونا وفق التشريعات.

إن الأزمة تحتاج إلى دراسة متأنية ، في ضوء أبعادها سواء الشرعي والقانوني أو الاجتماعي والاقتصادي، وترك مساحة مرنة في تشريع جديد، على سبيل الاقتراح، للنظر في مثل تلك الحالات ، كل حالة على حدة ، لأن تركها دون حسم أمر مخجل ومحزن وخطير.

إن ذلك الأمر يحتاج إلى طاولة نقاش يتشارك فيها مختلف التخصصات، تحت لافتة النظر في قوانين الأسرة المصرية التي باتت قنابل موقوتة في المجتمع ، في ظل ضغوط اقتصادية حاضرة بقوة، في جميع الأزمات الأسرية، وتحتاج إلى قلوب رحيمة وعقول راشدة.
--------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان