10 - 11 - 2024

البيت النبيل والعوض الجميل

البيت النبيل والعوض الجميل

"صبرت صبر الشاكرين ، وعوضها الله عوضا جميلا بعد سنين"..هذا ملخص حكاية حقيقية في الساعات الأخيرة متداولة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لزوجة صبورة كانت لا تنجب سنينا، وبعد صبر جميل رزقها الله البنين، وفي التعليقات وجدنا أمثالها من النماذج الطيبة التي كانت في طي الصمت والتجاهل، لنتأكد جميعا أن الخير باق ، حتى ولو ساد على السطح غثاء السيل وقبيح النماذج لبعض الوقت.

تقوم فصول الحكاية على صبر جميل من الزوجة والزوج على البناء في مسكن متواضع في بيت أسرة رحيمة ، سليمة اللسان والقلوب، وصبر على عدم الإنجاب لعيب في الزوجة، وصبر على تحمل زوجها لمصاريف زواج أخواته البنات بعد رحيل أبيهم، وصبر على الأخذ بالأسباب والعلاج دون جدوى، حتى جاء الفرج من الله بحمل في ثلاثة أبناء ثم انجابهم ثم حمل جديد، لتنتهي الرسالة المتداولة بعبارة" عوض الله إذا جاء أنسانا كل فقد وهم".

إن هذه الحكاية الملهمة تأتي في ظل ضغوط اقتصادية على بيوت عديدة، وضغوط نفسية على قلوب كثيرة ، وضغوط اجتماعية على ضمائر بنات متعففة وصابرة، لتقول أن هناك رب قادر على انهاء كل كرب، رب كريم رحيم لطيف خبير، يقول عن رحماته عزوجل الصوفي الأبرز ابن عطاء الله السكندري:" لا يَكُنْ تأَخُّرُ أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ، فَهُوَ ضَمِنَ لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ،  وَفي الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُرْيدُ".

وفي المقابل ، تتداول بعض المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي، قصتين : لأب حرم رؤية ابنه بسبب هروب أمه به خارج البلاد حسب روايته ، وأم فقدت ابنها لبعض الوقت بسبب خطف ابيه له بحسب تعبيرها ، ثم عاد إليها ابنها بقوة القانون والبوليس.

ومن هنا نؤكد بكل يقين أن أزمة الأسر ستظل مستمرة حتى تصون النفوس الفطرة والقلوب العشرة،  وحتى تعود الضمائر حرة والأرواح صبورة والألسنة شكورة والهمم جسورة، في زمن يريد فيها أصحاب سياسة الأرض المحروقة بيوتا مبعثرة ونفوسا منكسرة وقلوبا من حجر، كما حدث في القصتين السلبيتين، من جحود بالمعروف والعشرة والفطرة ونكران للحقوق.

إن العوض الجميل سيأتي لكل بيت نبيل، وقلب أبيض كبير، حريص على الخير والنبل وإعلاء الضمير وتقوية البيوت ، وهو بعيد كل البعد عن من ضل الطريق وتمسك بالنكد والشقاق والنشوز وتوغل في التخريب والتخبيب والحسد والحقد ، فالله لا يصلح عمل المفسدين الظالمين، والواقع مليء بحكايات رسالتها:" كما تدين تدان"، والله يفتح أبواب العود الحميد لمن أراد التصحيح والإصلاح.

إن الأسرة المصرية والعربية ، في حاجة ماسة، لصون العشرة وتطوير المسيرة في مواجهة الصعاب والابتلاء والكروب، عبر مبادرة إلى جميل الوعي والسلوك والروح ، حتى تستطيع تخطي الصعاب، ونيل المراد ، وحماية الذرية وتقوية بنيان البيوت.
------------------------------
بقلم: حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي