02 - 07 - 2025

هل لـ" تل أبيب" دور في الأزمة الروسية الأوكرانية؟

هل لـ

البعض يصف تل أبيب بالمستفيد الأكبر ومحاولات صهيونية للاستفادة من الحرب 
- نبيل رشاد: اسرائيل تغلب المصالح الأمنية على المصالح الروحية مع أوكرانيا
- محمد الغباشي: تل أبيب تطرح نفسها كوسيط للاستفادة من الطرفين دون إغضاب أحد

تتباين الأراء حول دور إسرائيل في الصراع الروسي الأوكراني بعد  استغاثة الرئيس الأوكراني بها باعتبارها قد تمثل "مخلب قط "للغرب و"جسرا خفيا"لدعم عسكري لنظام رئيس يهودي الديانة ومتعاطف سياسيا مع تل أبيب، وهو ما يضع اسرائيل في موقف صعب".

وبحسب الأراء، فإن إسرائيل تدرك أن الانحياز إلى الجانب الأوكراني سيكلفها الكثير، إذا واصلت روسيا تطوير علاقاتها مع إيران اقتصادياً وعسكرياً، كما أظهرت المعطيات أن الحلول الدبلوماسية لن تنجح بين روسيا وأوكرانيا، كما تعتقد إسرائيل أن روسيا لن تتجاوز الأراضي الأوكرانية، وستمتنع عن التصعيد الذي قد يقود إلى حرب واسعة مع حلف "النيتو".

علاقة روحية

بداية يقول الدكتور نبيل رشاد الخبير في الشأن الروسي، إن إسرائيل حاليا تقف على الحياد فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، حتى إن كان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يهودي الديانة، فهذه المسألة ليست مهمة ولا تلعب دور بالنسبة لتل آبيب.

ويضيف:" إسرائيل لا تمثل مخلب قط للغرب، لكنها من الممكن أن تلعب دوراً لتحقيق بعض المصالح، وأيضا من الممكن أن تحاول روسيا ترضيتها بعض الشئ إذا كانت تريد بعض المصالح من الغرب".

وتعتبر علاقة إسرائيل الروحية بأوكرانيا أقوى بكثير من ديانة الرئيس الأوكراني، إذ يوجد نصب تذكاري لـ " الهولوكوست" في كييف يعتبر التاني على مستوى العالم، كما يوجد أكثر من مليون يهودي أوكراني سافروا إلى تل أبيب.

لكن في المقابل تعتبر العلاقات الإسرائيلية الروسية مهمة لتل آبيب لأن موسكو متواجدة إلى جوارها في الشرق الأوسط وخاصة أن هناك تنسيق بينهما في الملف السوري، حيث يتم السماح للكيان الصهيوني بتوجيه ضربات عسكرية للقوات الإيرانية المتواجدة على الأراضي السورية، وهذا عنصر مهم للغاية.

ويتابع رشاد، أن تل آبيب من الممكن أن تغلب المصالح الأمنية على المصالح الروحية مع أوكرانيا من خلال سماح روسيا لها بتوجيه ضربات للميليشيات الإيرانية، وتشير المعطيات الحالية إلى أن إسرائيل حتى الآن لا تغلب هذا أو ذاك، وتحاول لعب دور الوسيط بحكم علاقتها الجيدة بطرفي الصراع.

ونشر مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ورقة للباحث المشارك سعيد عكاشة، قال فيها إنه منذ انضمام روسيا شبه جزيرة القرم إلى حدودها عام 2014، كانت إسرائيل تحاول الحفاظ على موقف الحياد في الصراع الممتد والمتعدد الأطراف.

ويضيف أنه كان من الصعب على إسرائيل أن تتفادى إدانة روسيا في وقت تحركت فيه الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى لفرض عقوبات مشددة على موسكو، وربما تكون واشنطن قد طلبت من إسرائيل اتخاذ هذا الموقف صراحة.

كمين أمريكي

ويرى اللوا محمد الغباشي، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الحرب الروسية الأوكرانية أشبه بكمين دبرته الولايات المتحدة الأمريكية لاستدراج موسكو، واستنزافها اقتصاديا مع عدم الدخول في حرب مباشرة معها من خلال حلف شمال الأطلسي النيتو، وهذا التخطيط بدأ منذ 2014 مع أوكرانيا وجورجيا.

ويضيف أن تركيا وأوكرانيا وجورجيا، تشبه الخناجر التي يتم طعن موسكو بها من قبل واشنطن منذ العام 2014، لكن الجديد الآن هو اشتراك إسرائيل في عملية الخداع بتمكين الممثل الكوميدي يهودي الديانة بالوصول الحكم ليكون الأداة التي يتم بها دفع أوكرانيا إلى جر روسيا إلى مستنقع حرب طويلة الأمد واستنزافها وتدمير اقتصادها.

ويتابع أن إسرائيل تحقق مكاسب كبيرة من وراء الحرب الروسية الأوكرانية، باعتبارها وسيطا في الأزمة لكي تحظى بعلاقات طيبة مع موسكو بالإضافة إلى استفادتها من الطرفين والأهم من ذلك هو تنفيذ أجندة واشنطن بإطالة أمد الأزمة، كما انها ستحصل على دعم كبير من الغرب، هذا بالإضافة إلى هجرة آلاف اليهود الأوكرانيين إلى تل أيب وهذه أعظم استفادة لها.

ومن جهة أخرى نشر مركز المستقبل للسياسات، ورقة تحت عنوان، "الاستراتيجية الرباعية: لماذا يمثل استمرار حرب أوكرانيا السيناريو الأفضل لإسرائيل؟ قال فيها إن علاقات تل أبيب مع أوكرانيا لا تمثل أهمية تضاهي علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة، لذا كان من المنطقي أن تسعى السياسة الإسرائيلية منذ بداية الأزمة الأوكرانية، للحفاظ على التوازن في العلاقات مع موسكو وواشنطن وحلفائها فيما يخص الأزمة. 

غضب موسكو

وبحسب المركز، فإن العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية تمثل قيمة استراتيجية عظمى بالنسبة لتل أبيب، على اعتبار أن واشنطن هي الضامن الأهم لأمن إسرائيل في الشرق الأوسط ومن ناحية أخرى، يمكن لموسكو أن تشكل تهديداً شديداً للمصالح الأمنية الإسرائيلية في ملفين رئيسيين؛ أحدهما كبح الطموحات النووية الإيرانية، والآخر التفاهمات التي توصلت إليها إسرائيل مع روسيا بعد تدخل الأخيرة في الصراع السوري، وقيامها بإنشاء قاعدة عسكرية لها هناك.

ورأى المركز، أن تل أبيب تخشىى أن تترجم موسكو غضبها من الموقف الإسرائيلي المُنحاز لواشنطن في الحرب الأوكرانية إلى مزيد من التعاون بين روسيا وإيران في مجال الطاقة النووية، بما يقرب الأخيرة من هدفها لصناعة أسلحة نووية؛ ترى إسرائيل أنها ستكون أكبر تهديد لأمنها، بالإضافة إلى أن روسيا منحت إسرائيل العمل بحرية ضد الوجود الإيراني في سوريا، خاصة أن روسيا كانت قد بدأت مبكراً في تهديد إسرائيل بهذه الورقة. 

يشار إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم أهدافا لإيران ولحزب الله اللبناني في سوريا، من دون أن تعترضه الدفاعات الروسية في سوريا؛ وهذه الحرية يمكن أن تنتهي إذا واصلت تل أبيب إدانتها للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.

وعلى جانب آخر، يستغل الكيان الصهيوني الحرب الروسية الأوكرانية، لتنفيذ مخططاته التوسعية في تغيير المعادلة الديموغرافية، من خلال استقبال اليهود المهاجرين من أوكرانيا وتوطينهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعدما أعلن رئيس وزراء الاحتلال، نفتالى بينيت، عن أن إسرائيل بصدد استقبال موجة هجرة جديدة الأمر الذي حذر دبلوماسيون فلسطينيون من خطورته على مستقبل القضية والمساعى الرامية لإحلال مبدأ حل الدولتين.

ووفق المؤشرات فإن الهجرة الجماعية للطائفة اليهودية الموجودة في أوكرانيا إلى إسرائيل سوف تنعش عمل الوكالة اليهودية، والجماعات الاستيطانية بالأراضي المحتلة..وقال السفير الفلسطينى لدى القاهرة، دياب اللوح، في تصريحات سابقة، أن موجات الهجرة اليهودية إلى الأراضى المحتلة مستمرة دون انقطاع منذ مطلع القرن الماضى، حيث تستهدف إسرائيل تغيير المعادلة الديموغرافية، على حساب الوجود الفلسطينى.
--------------------
تقرير – رامـي إبراهيم
من المشهد الأسبوعي