10 - 11 - 2024

نهال كمال في حوار يشع دفئا لـ"المشهد": حين تزوجت.. دخلت جامعة إسمها "عبدالرحمن الأبنودي"

نهال كمال في حوار يشع دفئا لـ

كتب لها إهداء ذات مرة يقول: إلى زوجتي فاطمة أحمد عبدالغفار الشهيرة بنهال كمال 
- بعض أهلي عارضوا زواجي وانا العشرينية من رجل على مشارف الخمسين .. لكنني صممت
- أصبح الشاعر العظيم لأنه انتمي إلى بلده بكل ما يملك وسيظل أسطورة لا تعوض
- مازلت أعيش في أجواء عبدالرحمن إلى يومنا هذا وكان لي شرف العيش معه قرابة ثلاثين عاما.
- الأبنودي عرف قيمة الحرية عندما دخل السجن وكانت فترة إبداع بالنسبة له.
- هناك كتابات لم تنشر سترى النور قريبا وآخر كتاباته أغنية لم تتم لمحمد منيرعن قناة السويس
- جعلت "ساكن في سواد النني" وثيقة لكل الأسئلة يرجع إليها  من يريد معرفة حال الأبنودي.
- عاش كثيراً في المدينة لكنه بقى عبدالرحمن الفلاح المزارع ونجح في نقل أبنود إلى الإسماعيلية.

آتٍ من أقصى الصعيد ليملأ الأرض غناء وقصائد، ويسكن جميع القلوب. ملك البساطة والصراحة والعمق ، لم يكن سهلا ذلك الكلام الذي كتبه ولا بسيطا، بل كثيرا ما ينطق بحكمة راكمتها حضارات وأجيال، كان الخال الأقرب إلينا، والأكثر شبها بنا.

سكن "سواد النني" عند رفيقة رحلته الإعلامية نهال كمال .. لكنه ربما قبلها سكن الوجدان الجمعي للمصريين.. امتع واطرب وأثار الشجن ، من عدى النهار، صباح الخير يا سينا ، أحلف بسماها وبترابها، إبنك يقول لك يا بطل، أنا كل ما أقول التوبة، أحضان الحبايب، أنا كل ما أقول التوبة، الهوا هوايا لعبدالحليم حافظ إلى تحت الشجر يا وهيبة، عدوية، وسع للنور، عرباوي لمحمد رشدي.

ومن "يمّا يا هوايا يمّا، مال علي مال، قاعد معاي" لفايزة أحمد إلى عيون القلب، قصص الحب الجميلة لنجاة .. مرورا بـ"آه يا اسمراني اللون، قالي الوداع، أغاني فيلم شيء من الخوف" لشادية، و"ساعات ساعات" لصباح ، و"طبعًا أحباب، قبل النهاردة" لوردة الجزائرية وأغان لنجاح سلام وماجدة الرومي ومحمد قنديل ومحمد منير، وغيرهم 

كتب أغاني العديد من المسلسلات التي غنى كثيرا منها على الحجار مثل "النديم"، و"ذئاب الجبل" ، كما كتب حوار وأغاني فيلم شيء من الخوف، وشارك في سيناريو وحوار فيلم الطوق والإسورة وأغاني فيلم البريء 

كان عبدالرحمن الأبنودي أعمق وأنبل من كتب عن الشوق والحنين، جواب واحد من جوابات الأسطي حراجي القط العامل في السد العالي إلى زوجته فاطمة أحمد عبدالغفار كفيلة بالإثبات.

ولد عبدالرحمن في 11 أبريل عام 1938 بقرية أبنود محافظة قنا، لأب يعمل مأذوناً شرعياً هو الشيخ محمود الأبنودي، انتقل إلى مدينة قنا حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثّر بها، بدأ مشواره الشعرى بالتوازي مع صديقه أمل دنقل، لكنه مال إلى الكتابة بالعامية بسبب والدته فاطمة قنديل التي غنت له الأغاني التي سمعتها عن أجدادها منذ رضاعته، وظل عبدالرحمن متأثراً بها إلى آخر لحظات حياته. 

أما أبوه فكان معلماً للعربية الفصحى وألف ألفية فى النحو ، بسبب العامية لم تعجبه بدايات ما كتبه عبدالرحمن، بل ومزق أوراقه في وجهه، ولكن الفتى أصر على إبداعه وأرسل مجموعة من قصائده بالبريد إلى صلاح جاهين، ليعجب جاهين بكاتبها، ويخصص له عموده في صحيفة الأهرام، بل يقوم بإرسال قصيدتين له إلى الإذاعة ليبدأ تلحينها وهما بالسلامة يا حبيبي وتحت الشجر يا وهيبة. 

يركب الأبنودي القطار إلى القاهرة حاملاً أحلامه وحبا بحجم السماء للوطن .. وفي العاصمة ينضم إلى تنظيم يساري فيتم القبض عليه عام 1966 ويبقى رهن الاعتقال لمدة أربعة أشهر. 

حين خرج اكتشف أن جماعات اليسار ليست طريقا إلى أحلامه ، ثم تقع الهزيمة المرة في 1967 ويعيش الوطن نكبة فيكتب عبدالرحمن عدة أغنيات ترعرع الأمل داخل النفوس وتبث الروح الوطنية أشهرها «عدى النهار». 

لم يسلم الأبنودي من التضييق الأمني لفترات ليست بالقليلة ، فترفض الدولة سفره إلى تونس ليستكمل جمع السيرة الهلالية بعدها يتم نفيه إلى لندن ، يعود إلى مصر مرة ثانية وبعد اتفاقية كامب دايفيد يكتب قصيدته "المشروع والممنوع"، يغضب عليه السادات ويخضع للمحاكمة مرة أخرى.

ينال الأبنودي من التكريم الكثير ويحصل على عدة جوائز من بينها جائزة الدولة التقديرية عام 2001، الذي كان أول شاعر عامية مصري يفوز بها ، وعصر الثلاثاء 21 أبريل 2015 يوافيه الأجل.

على غلاف كتابها "ساكن في سواد النني" الصادر مؤخرا عن دار ريشة ، تكتب الإعلامية نهال كمال زوجة عبدالرحمن الأبنودي وام بناته آية ونور: "لم أشعر حتى الآن أنه قد رحل.. فشل الجميع في إقناعي بذلك، فأحاديثنا لم تنقطع، ونصائحه لا تغادر أذني، وصوره ما زالت تملأ الجدران بهجة، وضحكته يتردد صداها كل يوم وأنا أقرأ كلماته التي خطّها لي، ورائحته تعطِّر البيت، وحبه لم –ولن- يفارق قلبي. ما زلتُ أذكر اللقاء الأول، والنظرة الأولى، والكلمة الأولى، والابتسامة الأولى، والنكتة الأولى، والخلاف الأول، والضجة التي أحدثها زواج رجل يقترب من الخمسين بفتاة في العشرينيات".

عبر الكتاب تسرد نهال كمال تجربتها مع الأبنودي، بالإضافة إلى أنه يتضمن مجموعة كبيرة من الصور المتعلقة بحياتهما، والتي تنشر للمرة الأولى، منها صور خطبتهما والخطابات المتبادلة بينهما، كذلك الإهداءات التي كان يكتبها لها في المناسبات المختلفة.

مع اقتراب الذكرى الثامنة لرحيل الأبنودي ، تواصلنا مع الإعلامية القديرة نهال كمال لتحدثنا عن أبرز ملامح حياته وعن كتابها الذي انتزع الاعجاب.

* بماذا خرجت نهال كمال من رحلتها مع الأبنودي؟

- طبعاً هي تجربة حياة كاملة .. دا سؤال صعب لكن أقدر أقول إنه انا دخلت جامعة إسمها «جامعة عبدالرحمن الأبنودي» عندما تزوجت منه.

عرفت تفاصيل عن الشعب المصري وعن الحياة لم أكن أعرفها من قبل، عرفت كل شبر في البلد، أدركت أيضا أن عبدالرحمن أصبح هذا الشاعر المصري الكبير لأنه انتمي إلى هذه البلد بكل ما يملك، بكل حواسه ومشاعره، حظي بهذه المكانة لأن مصر كانت تجري في دمه.

أستطيع القول أني تعلمت من أول وجديد تجربة مصر والإنسان المصري وعظمته وحضارته، بخلاف الناحية الإنسانية والشخصية، وأهم ثروة تركها لنا هي حب الناس ، إلى يومنا هذا أشعر بدفء ومحبة الناس، الأبنودي كان أسطورة ولا يزال أسطورة وانا مازالت اعيش في أجوائها.. كان لي كل الشرف أن أعيش معه قرابة تلاتين عاما.

* من يسد فراغ الابنودي الكبير الذي تركه في الابداع وفي الحياة العامة وكملهم لأجيال؟

- رأي الأبنودي نفسه، أن مصر ولاده، كل جيل له مبدعون ومفكرون خاصون به، لكن طبعاً بالتأكيد لا أحد يعوض مكان أخر وسيظل الأبنودي محتفظا بمكانته. 

* ماذا عن كتابات الابنودي التي لم تنشر .. وهل تتحفظين على نشر ما كتبه لك شخصيا؟

- كل الكتابات نُشرت بالتأكيد، لم نحتفظ بشيء وأن كانت هناك كتابات بسيطة لم تعلن ولكن حتماً ستري النور، لأن هذه الكتابات ملك لجميع  الناس وملك للجمهور وملك لمحبي الأبنودي، وهو كان مدركا هذه القيمة وفور انتهائه من أى عمل كان ينشره ، وكان دائما يردد: "الشيء الذي تحتفظ به في خزانتك لا قيمة له". وما كتب لي أحتفظ به، واتذكر جيداً كل الإهداءات. 

* من اقرب بناتك إلى روح الابنودي .. ألم يرثن منه حبه للأدب والموهبة الشعرية وماذا يمثل في نظرهن؟

- الحقيقة آية ونور قريبتا الشبه بالأبنودي، لكن كل واحدة ورثت عنه شيئا مختلفا، على سبيل المثال أية الكبيرة أخذت منه حبه للشعر وتعرف تماماً كيف تقلده، كما تلقي أشعاره بنفس طريقته الصعيدية بالإضافة إلى أنها ورثت منه موهبة الحفظ، أعتقد أنها تحفظ جميع أشعاره، الأبنودي كان لديه موهبة الحفظ  فكان يحفظ دواوين كاملة، يمكن السبب في أن أية كانت أكبر من نور بحوالي سبع سنين وكانت تشاركه جميع أوقاته وتحضر معاه معظم الأمسيات، ولكن نور أخذت منه الشخصية نفسها أي التكوين الشخصي له. 

* الابنودي ويحيى الطاهر عبدالله وأمل دنقل .. مثلث لم تتكشف بعد كل أبعاده وزواياه .. ما الذي ظل طي الكتمان في هذه العلاقة؟

- الحقيقة أنني لم اعاصرهم .. أعرف أنهم مثلث بالفعل، وكان عبدالرحمن يقول إنهما توأم روحه وعبقريان لن يأتي الزمن بمثلهما ولكن لم يعطهما قصر العمر الفرصة لأبداع أكثر، هذا فقط ما سمعته واتذكره.

* تعرض الأبنودي للسجن وربما كان يحس بالمرارة بسببها .. ما الذي لم ينشر عن هذه الفترة وكان يردده على مسامعك؟

- بالعكس الأبنودي كان دايما بيضحك ويقول" اللي متسجنش ماعاشش"، بعد ما أخرج كل ما قاله بخصوص هذه الفترة أنه عرف قيمة الحرية الحقيقية عندما سجن داخل الزنزانة، كما عرف قيمة الوقت وكيف يمر! وأيضاً عرف قيمة الحب، أيضا أصدقاؤه في هذه الفترة ومن سجنوا معه قالوا أنهم كانوا مبسوطين بالسجن مع عبدالرحمن الشاعر المبدع. كان دائما يقول لي أن تجربة السجن أضافت إليه الكثير وأنها كانت ممتعة واستفاد منها.

* ماهي اخر كتابات الابنودي . هل يمكن ان تهدينا آخر ما كتب بخط يده؟

- عبدالرحمن كان يكتب أغنية عن قناة السويس وكان من المفترض أن يغنيها الفنان محمد منير، ولكن القدر لم يمهله الوقت ومات قبل أن ينتهي منها، هناك كتابات كثيرة ولكن إلى الآن لم تر النور ولا أستطيع أن افصح عنها.

* حدثينا عن الأيام الاخيرة في حياة الأبنودي .. وهل كان يحس  باقتراب الأجل ام ظل مفعما بالامل؟

- عبدالرحمن عاش طيلة حياته متفائلا ولآخر لحظة قبل موته كان يعيش بمبدأ "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا". ولكن كان دائما يردد: "انا حاسس أن مش هاعيش كتير"، كان يعرف نفسه، هذا ليس من فراغ لكن بسبب مرضه بالإضافة إلى كثرة التدخين ومسألة أن أصدقاءه ماتوا قبله بفترة كان هاجسا كبيرا عنده، ولكن انا كنت دائما أقول له العمر دا بتاع ربنا. 

ظل متفائلا لآخر لحظات حياته، قبل موته بأسبوع كان يزرع شجر في حديقة منزلنا وقال أنه هينبت السنة الجاية ولكن انا مش هشوفه، كمان من حبه وإصراره علي الإبداع قبل موته بأيام كان مصمما أن يذهب لافتتاح مركز أبنود الذي أنشيء بإسمه في محافظة قنا ولكن لم يستطع بسبب مرضه ولأنه في الأيام الأخيرة كان غير قادر على الحركة. 

عاش الحياة بكل تفاصيلها كان يقول أن عبدالرحمن المريض أنا (نهال) باديله الأدوية، ولكن أنا مكمل في حياتي وفي عملي. كان مدركا جيداً لقيمة العمل ومؤمناً بأنه أعظم عبادة، فكانت حياته حافلة بالأعمال، لكِ أن تتخيلي أنه كان معاه ورقة وقلما في المستشفي في أواخر أيامه وكان يكتب.

* متي جاءت لنهال فكرة كتابها «ساكن في سواد النني » ومتي بدأت العمل فيه؟

- الفكرة بدأت بعد سنة واحدة من موت عبدالرحمن. كل الأقارب والمعارف نصحوني بعمل سيرة وملخص عن علاقتنا وعن أهم ملامح حياة هذا الشاعر والكاتب الكبير، من باب أن كل العظماء تفعل زوجاتهم ذلك معهم ، وبالفعل بدأت العمل فيه وهذه ليست مهنتي ولكن كتبت كل حرف في الكتاب بحب وشغف وخرجت كلماته من أعماق قلبي. 

تحدثت عن عبدالرحمن وطقوسه وكل أوقاتنا معاً، تحدثت عن موقف كثيرة لأول مرة تُعرض ونشرت صور تجمعنا معا. 

تحدثت عن أصدقائه من عاصرتهم معه أمثال محمود درويش والملحن الكبير بليغ حمدي والفنان المبدع محمد رشدي، تحدثت عن زواجنا واللقاء الأول بيننا .. كيف صار ؟ وكيف تم الزواج ؟ حالة النقد وكم الجدل وما حدث وقتها عن الزواج من بعض الأقارب والمحيطين. نشرت صورا لأول مرة، ذكرت تجربة مرضه وكيف عاشها إلى وقت وفاته. بإمكاني القول إنني جعلت الكتاب وثيقة لكل الأسئلة ووثيقة لحياة الأبنودي وما جمعني به، فكرت كثيراً وقتها ووجدت أنني مللت من تكرار الأسئلة فحاولت أن أجعل هذا الكتاب مرجعا لكل من يريد معرفة حياة الأبنودي بتفاصيلها.

* ما سر حب الخال الكبير لمدينة الإسماعيلية ؟

- السر أنه كان يعشق الزرع والهواء، عاش كثيراً في القاهرة ولكن بقي عبدالرحمن الفلاح .. أراد أن ينقل ابنود إلى الإسماعيلية وبالفعل نجح في ذلك، بالإضافة إلى أنه كان له أخت واحدة من بين أخواته الستة تسكن هنا في الإسماعيلية، فقال فرصة أعيش بجوارها، الزرع كان يمثل له حياة خاصة وكان جزء منه.  ظل يكره حياة المدينة وزخمها وكان دائما يقول إن الشاعر يحتاج إلى جوء هادئ كي يبدع.

* هل تعتقدين ان الابنودي نال من التكريم ما يستحق .. ام كان يحس انه لم يقدر التقدير الذي يناسبه ؟

- لا. عبدالرحمن كان دائما يقول أنه نال تكريمات عديدة والدولة لم تُقدر وتحتفي بشاعر كما احتفت به. لدينا هنا في المنزل ما يقرب من مائة ميدالية ومائة لوحة تكريم، الأبنودي نال تكريمات واحتفالات واستقبالا عظيما من كل مكان مر عليه سواء كان في مصر أو الدول العربية.

* حدثينا عن تجربة الكتاب وآخر تطوراته؟

- أنا بالفعل سعيدة جدا بالكتاب، مؤخراً أيضا الأستاذ الكبير إبراهيم عبدالمجيد قال رأيه في الكتاب عبر صفحته الشخصية وهذا طبعاً شرف كبير جدا لي، كما ذكرت هذه ليست مهنتي كل ما فعلته أنني أوصلت أمانة حملتها علي عاتقي إلى محبي وعاشقي الخال وهذا ما كان يجب علي القيام به، كلمات هذا الكتاب جميعها خرجت من وجداني وقلبي ولم أفكر في شيء آخر ولم أكن أعلم أنه سيلقي هذا القدر من الشهرة.

* بمناسبة اللقاء الأول الذي تحدثت عنه في الكتاب ... ما شعور نهال باللقاء الأول؟ 

- في اللقاء الأول كنت واحدة من الجمهور ولكن كان هناك لقاء آخر بعدما أتيت إلى التليفزيون من الإسكندرية، قمت باستضافته كأحد شعراء العامية الكبار الذين يقيمون الشعراء الشبان، ومن هنا بدأت الصداقة لكن القصة الحقيقية وقصة الزواج بدأت بعد لقائي مع فاطمة قنديل أمه وهي سبب الزواج كما يعلم الجميع، قبلها كنت اتعامل معه معاملة الصديق والاستاذ، حتي أن هناك فصل من الكتاب كتبت فيه «الأستاذ الصديق» ولكن أمه هي من حولت مسار علاقتنا بعدما أتت إلى القاهرة وعبدالرحمن أخبرني أنها هنا في القاهرة، طبعا كان عندي شغف كبير وأريد أن أرى فاطمة قنديل السيدة القوية الذي تركت هذا التأثير وأخرجت لنا شاعرا كبيرا كعبدالرحمن الأبنودي، كيف تكون هذه السيدة التي صنعت عبدالرحمن الأبنودي ؟ هذا لأنه طبعا كان يتكلم عنها كتيرا وكان يعشقها وبالفعل ذهبت لرؤيتها وكانت هي سبب زواجنا.

* كيف تأقلمت فتاة الإسكندرية مع الرجل الصعيدي... وكيف قابل المجتمع ارتباطكم؟ 

- الصعيد كل الإصالة وكل الحب والجدعنة .. حين رأيت عبدالرحمن عرفت معني المصري الأصيل ومعني القيم والمبادئ وحب الوطن، حتي لو القيم اختلفت في وقتنا هذا .. لكن لما اتزوجت فعلاً من عبدالرحمن عرفت معني المصري الأصيل وكنت أراه دائما مختلفا عن غيره، في مكان لوحده، لقد كنت منبهرة بيه.

بخصوص ارتباطنا طبعاً كانت هناك حالة كبيرة من الجدل ولكن قابلت هذا الكلام باتزان، لأني من النوعية التي لا تتأثر بكلام الناس، الناس مستغربة من الشكل الخارجي "لكن مايعرفوش اللي جوا دا إيه". 

انا إنسانة عقلانية ولست مضطرة أن أشرح لأحد شيئا .. كنت واثقة أن الأيام ستثبت عظمة التجربة وفعلاً الأيام أثبتت.

* تجربتك مع الخال في برنامج أيامنا الحلوة .. ما إحساسك وأنتِ تقدمين عملا مع زوجك ؟

- هذه التجربة من أمتع التجارب التي عشتها في حياتي، كانت تجربة جديدة ومختلفة ولم يقدم عمل مثلها من قبل، لأول مرة زوجة تقدم عملا كهذا مع زوجها وهو من طلب هذا، في البداية كنت رافضة تماماً، ولكن بعدها شعرت أنه من الضروري أن أعمل هذا، تراث الصعيد وعاداته وتقاليده لابد أن تظهر للناس وتعرف، طريقة الأمهات والحياة الصعيدية التي كان عبدالرحمن ينقلها ، أحسستها جدا وأحببتها وكنت أرى أنها عادات عظيمة، الحياة في الصعيد كانت مختلفة جدا وهي التي صنعت أحدا بعظمة عبدالرحمن الأبنودي، حكايات أمه واهتمامها به واغانيها له التي نقلتها عن أجدادها، وهو صغير. هذا التراث العظيم كنت سعيدة وانا أنقله وأشارك فيه.

* كلنا سمعنا قصيدة الخال العظيمة «جوابات الأسطي حراجي القط» كانت كلها رسائل وتعبيرات مدهشة كلها شوق ومحبة ... نهال كمال هل أحست أنها لها بأثر رجعي؟

- كانت رسائل جميلة، جميلة جدا، عبدالرحمن في مرة كتب لى اهداء وقال «إلى زوجتي فاطمة أحمد عبدالغفار الشهيرة بنهال كمال».

* هل الأبنودي كان متمسكا بالسفر للصعيد؟ وما موقفكم من مشاركته؟ 

- كان يتردد دائما على الصعيد وكان يحب أن يسافر إلى هناك، وانا والبنات كنا نحب مشاركته جدا وكان يأخذنا معه، وطبعا كانت هناك عشرة أيام في رمضان مخصصة للإقامة في ابنود .. يحيي خلالها أمسيات ويتكلم عن السيرة الهلالية.

* علاقتك بأصدقائه وهل مازال هناك بعض الأصدقاء يسألون عنكم ام مشاغل الحياة أخذت الجميع؟ 

- عبدالرحمن كان دائما يعرفني انا والبنات بأصحابه، وانتقل أصدقاء كتيرون منهم إلى رحاب الله ، وهناك جيران وأحباب ظلوا يسالون عنا، لكن فعلا مشاغل الحياة تأخذ الناس "ويمكن مابقاش فيه كتير بيسأل في الفترة الحالية".

* ماذا ترك الأبنودي لكم؟ 

- الأبنودي ترك لنا إرثا عظيم وسيرة رائعة سنظل نفتخر بها إلى يوم نلقاه. أعتقد أنه سيظل رمزاً وسيرته مازالت تتردد وان كانت بكثرة في الصعيد وليست في المدينة كما كانت في السابق.. الأجيال تغيرت والاهتمامات تبدلت وقيمة الشعر والشعراء لم تعد تحظى بالقيمة التي كانت عليها، عبدالرحمن الأبنودي كان لا يريد شيئا كان دائما يردد "أنا مش عايز .. انا بحب مصر ... انا صوت الأرض والزرع .. انا الصعيد باعتني علشان أتكلم عنه وعن الصعايدة". الحمدلله كان مخلصا وعاش لبلده و"كان عايز يعمل إسم يليق به ويليق بمصر".
----------------------
حوار – رانيا عبدالوهاب

من المشهد الأسبوعي