22 - 05 - 2025

المواطن والحكومة يتجرعان الدواء المر

المواطن والحكومة يتجرعان الدواء المر

التضخم وانخفاض الجنيه "خبطتان في دماغ" المواطن المصري 
- المركزي يخفض الجنيه ويرفع الفائدة لإغراء المستثمرين الأجانب ومصر تطلب برنامج تمويل جديد من صندوق النقد 

انخفض الجنيه المصري الإثنين 21 مارس بنحو 16% أمام الدولار ، بالتزامن مع قرار البنك المركزي رفع أسعار الفائدة 100 نقطة بنسبة 1% في حزمة من القرارات الحتمية بعد هروب الأموال الساخنة (الاستثمارات الاجنبية في أدوات الدين والمضاربة في سوق الأسهم المصرية) نحو الفائدة المرتفعة في الأسواق الأمريكية والأوروبية ثم الأسواق الخليجية بالتبعية.

ووصف مراقبون قرارات المركزي الأخيرة بتحريك جزئي لسعر الصرف ورفع أسعار الفائدة بالدواء المر الذي تجرعته الحكومة والمواطن، حيث ستتحمل الموازنة العامة للدولة عبء زيادة سعر الدولار في مخصصات استيراد بعض السلع الاستراتيجية مثل المواد البترولية والقمح بالإضافة إلى تحمل المواطن عبء زيادة الأسعار مرتين بسبب ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.

وجاءت قرارات المركزي المصري بعد إعلان الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة بنحو 25 نقطة أساس بنسبة 0.25% لمواجهة مستويات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة جيروم باول إن التضخم في الولايات المتحدة بدأ في الارتفاع، حتى قبل بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ولا يزال من المستحيل التنبؤ بتأثير الوضع على الاقتصاد العالمي.

وذكر باول أن "البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) يجب عليه أن يتحرك على وجه السرعة لخفض التضخم المرتفع”، مضيفاً أنه “قد يتم استخدام زيادات أكبر من المعتاد في أسعار الفائدة إذا كان ذلك ضرورياً".

وأشار مراقبون إلى أن قرار الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25% دفع الأموال الساخنة المستثمرة في أدوات الدين والمضاربات في الأسهم المصرية نحو الهروب إلى الفائدة المرتفعة، وخاصة بعد إعلان البنوك المركزية الأوروبية وبنوك الخليج رفع أسعار الفائدة بالتبعية عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي.

إغراء المستثمرين الأجانب

وأضاف المراقبون أن قرار المركزي المصري بتحريك جزئي لأسعار الصرف ورفع أسعار الفائدة محاولة قد لاتكون الأخيرة لإغراء المستثمرين الأجانب لبقاء ما تبقى من نقد أجنبي أو جذب استثمارات جديدة للاستفادة من تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار الفائدة في السوق المصرية مما يعزز من أرباح المستثمرين الأجانب بشكل لحظي عقب القرارات الأخيرة.

وأظهر تقرير حديث لوكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني أن استثمارات الأجانب في أذون وسندات الحكومة المصرية بالعملة المحلية ارتفعت إلى 33 مليار دولار، في أوائل أغسطس الماضي.

وذكرت الوكالة أن الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية شهدت ارتفاعاً متواصلا، بعد أن تراجعت إلى 10 مليارات دولار في يونيو 2020، وأن المستوى الجديد الذي بلغته يعتبر أعلى من ذروة ما قبل الجائحة التي بلغت حوالي 28 مليار دولار في فبراير 2020.

وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أن رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة واحدة من سبل دعم الاقتصاد المصري لمواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية خاصة مع القفزة الكبيرة في معدل التضخم بمصر.. ورجحت الوكالة أن تتجه مصر نحو برنامج تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، لتتمكن من عبور أزمة تتفاقم.

البنك المركزي المصري

قال البنك المركزي في بيان له إنه خلال الفترة الأخيرة بدأت الضغوط التضخمية العالمية في الظهور من جديد ويأتي على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ في الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة، مما أدى إلى ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجي.

وتابع المركزي: "حرصا من البنك المركزي على الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومكتسباته، فإن البنك المركزي يؤمن بأهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر".

الدولار إلى أين؟

يتوقع المراقبون استقرار أسعار صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي خلال الفترة الحالية بعد أن فقد الجنيه نحو 15% من قيمته أمام العملة الخضراء واتخاذ الحكومة والبنك المركزي بعض القرارات من شأنها الحفاظ على فيمة الجنيه من خلال رفع أسعار الفائدة وطرح شهادات بنكية بسعر عائد 18% والتي من شأنها تحجيم عملية الدولرة والاتجاه نحو زيادة الطلب على الجنيه للاستفادة من الفائدة المرتفعة في البنوك.

وتشير التوقعات إلى استمرار البنك المركزي في سياسات تحفيز الطلب على العملة المحلية (الجنيه المصري) من خلال رفع أسعار الفائدة على المدى المتوسط عند حدوث أي هزة في سعر الصرف مرة أخرى فضلا عن إعلان الحكومة ترشيد النفقات واتخاذ قرارات بوقف أي مشروعات حكومية تعتمد بشكل واضح على الدولار في إطار تخفيف حدة الطلب على العملة الخضراء.

وأعلنت الحكومة عن الاتجاه نحو التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة من المساعدات في صورة قروض طويلة الأجلة ذات فائدة منخفضة من أجل الاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي ومواجهة تداعيات الأزمة العالمية بسبب كورونا ثم الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع مستويات التضخم عالميا.

و صرح السفير نادر سعد، المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء، بأن أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة الحالية تتمثل في سرعة اتخاذ مختلف السياسات والإجراءات التي تضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، والعمل على توافر السلع الأساسية للمواطنين، بالإضافة إلى الإعلان عن وتنفيذ، حزمة مالية متكاملة من التدابير والإجراءات التي تستهدف تقديم المساندة الكافية للقطاعات الاقتصادية، والفئات الأكثر تأثرا بالصدمات الخارجية المتزامنة.

وأوضح أن الدولة المصرية ومؤسساتها مستمرة في التعاون مع كافة الشركاء الدوليين والمؤسسات الدولية، لضمان اتساق السياسات والإصلاحات المتبعة مع أفضل الممارسات والتجارب الدولية، ومن بين تلك الجهات صندوق النقد الدولى، والذي كانت السلطات المصرية على تواصل وتشاور معه وبصورة منتظمة منذ انتهاء البرنامج السابق معه بنجاح، بهدف الوصول إلى اتفاق جديد بشأن برنامج للدعم والمشورة الفنية للسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة

وقال السفير نادر سعد: فى ضوء التطورات الراهنة فقد تقدمت مصر بطلب إلى صندوق النقد الدولي لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد، يهدف إلى مساندة الدولة المصرية في خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل، وقد يتضمن البرنامج تمويلا إضافيا لصالح مصر.
------------------
تقرير - محمد صبيح