27 - 04 - 2024

آثار العـدول عن الخطبـة وموقـف القضاء منه

آثار العـدول عن الخطبـة وموقـف القضاء منه

الخطبة ليست عقدا للنكاح بين الرجل والمرأة، ولكنه مجرد وعد بإتمام عقد الزواج في المستقبل فلا يكون فيها إلزامًا للخاطب أو المخطوبة بشيء اذن فيجوز لأي من الطرفين أن يعدل عن الخطبة ويفسخها كما يقول جمهور الفقهاء.

إلاّ أن  الأمر من الناحية الأخلاقية والادبية يجب على الإنسان أن يفي بوعده لأن خلف الوعد من الصفات المذمومة التي وصف الله بها المنافقين، ولقد حّذر الله عز وجل من خلف الوعد وأمرنا بالوفاء في قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا" .

والتساؤل الذي يطرح نفسه من منظور واقع النزاعات في ساحات المحاكم حيال حكم المهر الذي يقدم في حال الخطبة إذا حدث عدول عن الخطبة؟

وهناك امور ثلاثة يجب التعرض لها لأنها كثيرًا ما تحصل بين الناس ويعرض الأمر على القضاء: فقد اتفق الفقهاء إذا قدم الخاطب المهر كله، أو جزءاً منه، إلى المخطوبة، أو وليها، ثم انتهت الخطبة بالعدول، فإن له الحق في استرداد ما دفعه من المهر، لأن المهر لا يجب للمرأة إلا بالعقد والعقد لم يحصل، فلا تستحق المرأة منه شيئاً، فإن كان المهر باقياً أخذه بعينه، وإن تلف أخذت قيمته يوم قبضه، ويستوي في ذلك أن يكون العدول منه أو منها.

أما الهدايا التي تقدم من الخاطب إلى خطيبته أو العكس ويحدث عدول عن الخطبة. فقد اختلف الفقهاء في تقديم الخاطب إلى مخطوبته أو العكس بعض الهدايا وحدث العدول عن الخطبة على النحو التالي:-

الرأي الأول:- أن حكم الهدايا حكم الهبة، والهبة عندهم يجوز للواهب الرجوع فيها إلا إذا وجد مانعا يمنع من ذلك. وبالتالي يجوز للخاطب أو المخطوبة أن يسترد ما قدمه للآخر من هدايا إذا كانت موجودة ولم يطرأ عليها تغيير يخرجها عن طبيعتها الأولى كما لو كانت قطعة قماش فخيطت ثوبًا لأحدهما. وهذا الحكم يستوي فيه كون فسخ الخطبة من جانب الرجل أو المرأة أو من جانبهما معًا.

الرأي الثاني:-  إذا وجد شرط بين الطرفين، أو عرف الناس يعمل به، وإذا لم يوجد ففي هذه الحالة يفرق بين عدول الخاطب وعدول المخطوبة. فإذا كان العدول عن الخطبة من الخاطب: فلا يسترد شيئاً مما أهداه إليها حتى ولو كان موجوداً في يدها، وإذا كان العدول عن  الخطبة من المخطوبة استرد الخاطب كل ما قدمه إليها من الهدايا واستردها بذاتها إن كانت لا تزال موجودة وأن هلكت رجع بمثلها إن كانت من المثليات أو بقيمتها إن كانت من الاشياء المتقومة إلا إذا وجد عرف أو شرط يقضي بخلاف ذلك.

الرأي الثالث:- أنه ليس للخاطب الرجوع في شيء مما أهداه سواء أكانت موجودة أو هالكة، لأن للهدية حكم الهبة، ولا يجوز، عندهم للواهب، أن يرجع في هبته بعد قبضها، إلاّ للوالد فيما أعطى لولده.

أما القضاء في مصر فقد استقر وفقًا لما قررته محكمة النقض سنة 1939 م وهو ما يلـي:-

1-الخطبة ليست بعقد ملزم.

2-مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سبباً موجباً للتعويض.

3-إذا اقترن بالعدول عن الخطبة أفعال أخرى، ألحقت ضررًا بأحد الخاطبين جاز الحكم بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية أي الخطأ الذي سبب ضررًا للغير.

فالعدول عن الخطبة قضاء ووفقًا لما قررته محكمة النقض فيما سبق الإشارة إليه يتفق مع قواعد الشريعة الإسلاميـة.
------------------------
محمد جلال عبد الرحمن *
*  محـامٍ وكاتب وحاصـل على جائـزة الدولـة في العلـوم الرقميـة
* بريــد الكترونـي:   [email protected]

مقالات اخرى للكاتب

سلطــة المحكمة التجارية في إحضـار شاهـد بالقـوة الجبـريـة في النظام السعودي





اعلان