18 - 04 - 2024

خبراء يدعون لاقتناص الفرص المتاحة لتخفيف آثار الحرب الروسية الأوكرانية على مصر

خبراء يدعون لاقتناص الفرص المتاحة لتخفيف آثار الحرب الروسية الأوكرانية على مصر

الحرب تلقي بظلالها على أسعار السلع الأساسية وتوقف السياحة والطيران العارض 
- عبدالنبي عبدالمطلب: ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي عالمياً يزيد من ايرادات الصادرات المصرية
- عمرو السمدوني: طفرة متوقعة في نشاط الموانئ المتخصصة في نشاط الترانزيت 
- محمد الصاوي" الحكومة تتوسع في منافذ بيع السلع بأسعار مخفضة لتخفيف العبء عن المواطنين
- يحي راشد: خطط عاجلة لإيجاد أسواق بديلة لتوقف السياحة من روسيا وأوكرانيا
- عاطف عبداللطيف: روسيا وأوكرانيا تشكلان 65% من حجم السياحة الوافدة لمصر

دعا خبراء اقتصاديون إلى استغلال الفرص التي تتيحها الحرب الروسية الإوكرانية ممثلة في زيادة صادرات الدولة من الغاز الطبيعي وفتح اسواق تصديرية جديدة للسلع المصرية، بهدف تخفيف التداعيات السلبية للحرب والمتمثلة في زيادة أسعار الواردات المصرية خصوصاً القمح والزيوت وتراجع ايرادات السياحية من السوقين الروسي والاوكراني.

وشهدت  الأسواق فور اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية موجة كبيرة من ارتفاعات أسعار السلع الأساسية والغذائية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم لتصل بحسب آخر بيان لجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء إلى 10% لشهر فبراير الماضي مقابل %4.9 لنفس الشهر من العام السابق، أعلى مستوى للتضخم منذ منتصف عام2019 . 

وارتفعت أسعار الدقيق جراء ارتفاع أسعار القمح ليتراوح متوسط سعر الطن بين 8500 و9 آلاف جنيه بدلًا 6650 جنيهًا قبيل الحرب، كما ارتفعت أسعار المكرونة بالأسواق ليصل سعر الطن 10 آلاف جنيه بدلًا من 8 آلاف جنيه، وسعر طن الزيوت إلى 28 ألف جنيها بدلًا من 25 ألف جنيه.

فرص سانحة

الخبير الاقتصادي دكتور عبدالنبي عبدالمطلب، يرى فرصاً كبيرة يمكن لمصر اقتناصها لتحويل المشاكل المتوقعة من الأزمة الراهنة، فارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، يعد نقطة إيجابية للاقتصاد المصري الذي أصبح مصدراً للغاز، مما يساهم في زيادة الموارد المالية لمصر كما أن ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً يجعل المرور من قناة السويس أكثر جاذبية لناقلات النفط العملاقة. 

الأمر الثاني أن هناك رغبة لدى الحكومة المصرية لزيادة الصادرات لكل من روسيا وأوكرانيا بصفتهما سوقًا واعده للمنتجات المصرية، وهو ما تؤكده الأرقام الرسمية، حيث بلغت الصادرات المصرية إلى أوكرانيا خلال الأشهر العشر الأولى من العام الماضي 117 مليون دولار، مقابل 1,6 مليار دولار من الواردات، وهو تحسن ملحوظ في الميزان التجاري بين البلدين، لتستمر قيمة الواردات في التراجع للعام الثاني، مما يحسن نسبة تغطية الصادرات المصرية إلى الواردات من أوكرانيا جزئيا لتصل إلى 7%.

وحول تأثير رفع الأسعار على الوضع الاجتماعي واحتمالية حدوث قلاقل أمنية، يتوقع عبدالمطلب أن تتجه الحكومة على الأغلب للمحافظة على الوضع الاجتماعي مستقراً، وذلك بعدم الإقدام على زيادات كبيرة في أسعار الخبز. 

من جهته يؤكد د. عمرو السمدوني، سكرتير شعبة النقل واللوجستيات بالغرفة التجارية، أن مصر جزء من العالم تتأثر بما يجري فيه، لكن التأثير بين دول وأخرى متغير، حسب ارتباطات تلك الدولة بأحد الدولتين المتحاربتين.

ويضيف:" من المؤكد أن إطالة أمد الحرب ستكون لها تأثيرات كبيرة على العالم أجمع وليس على مصر فقط، وإن كان يجب التأكيد على أن مصر لديها اقتصاد قوي يمكنها من امتصاص التداعيات المتوقعة من الحرب، ويرجع إلى القيادة السياسية الحكيمة".

ويتفق السمدوني مع عبدالمطلب في وجوب استغلال الفرص التي تتيحها الحرب والمتمثلة في إمكانية أن تشهد الموانئ المصرية المتخصصة طفرة في نشاط الترانزيت خلال الفترة الراهنة، لاسيما أن بعض الخطوط الملاحية اعلنت بدء تداول بضائع غرب أوروبا عبر موانئ بورسعيد بشكل مؤقت.

 ويشار إلى أن معظم سفن الحاويات ستقوم بأعمال النقل من السوق الأسيوية، ليكون آخر محطاتها موانئ شرق البحر المتوسط ومنها موانئ بورسعيد ودمياط، وهو ما يعني أن ميناء شرق بورسعيد أمامه فرصة لزيادة حجم التداول، بسبب توافر الغاطس الذي يزيد عن 18 مترا وهو ما يمكن من استقبال السفن الكبرى.

منافذ بيع

واتفق الخبير الاقتصادي محمد الصاوي مع الآراء السابقة، في قيام الحكومة بتخفيف أعباء ارتفاعات أسعار السلع عن كاهل المواطنين من خلال طرح منافذ بيع السلع بأسعار مخفضة، كما أنه على الجانب المقابل، فإن الشعب يدرك جيداً عواقب الاحتجاجات خاصة بعد ثورة يناير وما تلاها من أزمات اقتصادية.

ويضيف:" في ظل الظروف المعيشية الطاحنة والظروف الدولية من حروب، فإنه من غير المتوقع أن تحدث أزمات أمنية داخلية". 

واعلنت الحكومة التوسع في منافذ البيع التابعة للدولة لتوفير السلع بأسعار مخفضة تصل لـ20٪ بجانب الاستمرار فى صرف السلع التموينية المدعمة لأصحاب البطاقات ضمن مقررات شهر مارس الجاري، 

 كما قررت تقديم موعد معارض السلع في كافة المحافظات.

 ومن المقرر أن تبدأ معارض "أهلا رمضان" اعتبارا من يوم 15 مارس بالمحافظات بدلا من يوم 24 مارس، بهدف توفير مختلف السلع الغذائية بأسعار مخفضة، حيث تشارك كبرى الشركات المنتجة للسلع الغذائية بتخفيضات كبيرة، بجانب تخصيص أجنحة بفروع السلاسل التجارية الكبرى والشركات الحكومية، ومنافذ المجمعات الاستهلاكية وفروع مشروع "جمعيتى" لطرح المنتجات بأسعار مخفضة تتراوح من 20 إلى 30% خاصة السلع الغذائية ومنتجات رمضان "الياميش"، وكذلك اللحوم والدواجن والسلع الأساسية مثل الزيت والأرز والسكر، وغيرها من السلع الأخرى.

خسائر السياحة 

على الجانب الأخر المتعلق بالتأثيرات المتوقعة على قطاع السياحة يقول رئيس جمعية "مسافرون للسياحة" عاطف عبداللطيف، إن السياحة الروسية والأوكرانية تشكل 60-65% من حجم السياحة الوافدة إلى مصر ، ومنذ توقف السياحة الروسية عام 2015 وأعقبتها السياحة الإنجليزية والألمانية والفرنسية، والإيطالية، لم يتوافد على المقصد المصري سوى السوق الأوكراني الذي كان يتوافد بأعداد كبيرة ولم يتوقف هذا التوافد في فترة أزمة فيروس كورونا، بالرغم من أنه الأقل إنفاقًا، لكنه كان الداعم الأكبر.

وبحسب فريد بلحاج، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن مصر من أكثر البلدان تأثراً بحركة السياحة، حيث يشكل السياح الروس والأوكرانيون ثلث السياح الوافدين إليها، ومن المتوقع أن تشهد السوق السياحية المصرية ركوداً كنتيجة للتداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على معدلات التشغيل وميزان المدفوعات.

ويرصد طارق فتحي رئيس إحدى شركات الطيران الخاص، إن عدد رحلات الطيران القادمة من أوكرانيا سواء المنتظمة القادمة لمطار القاهرة أو الطيران العارض المتجه لمطاري شرم الشيخ والغردقة تتراجع تدريجياً إلى 5 رحلات أسبوعياً منذ حوالي شهر قبل أن تتوقف نهائياً، وتمثل هذه الرحلات نسبة ليست قليلة من إجمالي الرحلات السياحية الوافدة لمصر.

الأمر ذاته يؤكده يحيى راشد وزير السياحة الأسبق، ويعتبر أن خسائر السوق السياحية المصرية، بسبب تداعيات الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا فادحة، وأن الفترة المقبلة قد تكون قاسية على المقصد السياحي المصري.

 ويضيف:" التأثيرات السلبية واردة وبشكل كبير، الأمر الذي يتطلب وضع استراتيجية عاجلة وواضحة المعالم للعمل في أسواق سياحية بديلة منها أسواق الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا والسياحة الدينية والثقافية، وهذا يتطلب توفير خطوط طيران تعمل في هذه البلدان".

والمؤكد أن التأثيرات الناجمة عن الحرب ستكون ممتدة حتى لو وضعت الحرب أوزارها الآن، لأنه سيكون من الصعب عودة الوضع إلى ما كان عليه، لأن هناك توابع ستكون ممتدة للحرب وهى العقوبات الاقتصادية الغربية التي تم فرضها على روسيا التي تعتبر السوق الكبرى للمقصد السياحي المصري، وهذه قد تكون ممتدة وتحتاج إلى آلية للعمل بنوعية العملة التي يسمح بتداولها وهل سيكون بالدولار الأمريكي فقط أم بالروبل الروسي الذي وصل إلى أدنى مستوياته خلال الأيام الأولى للعمليات الحربية.

ويتابع راشد أن مصر يمكنها العمل في أسواق بديلة للسوقين الروسي والأوكراني كما فعلت عقب أزمة سقوط الطائرة الروسية في سيناء، عندما اتجهت للأسواق الألمانية والإنجليزية التي كانت مغلقة علينا أيضا، وإن كانت هذه الأسواق متأثرة أيضا بتداعيات جائحة كورونا، ومن الصعب التحرك فيها لتعويض الأعداد الوافدة، لذا يتوجب علينا التحرك وبأقصى سرعة لوضع استراتيجية جديدة وتخطيط شامل، لخلق أسواق بديلة تكون بعيدة عن مناطق الصراع والمناطق الساخنة، لأن من سلبيات المقصد السياحي المصري الاعتماد على أسواق بعينها.

وأكد الدكتور فاروق ناصر رئيس لجنة السياحة والطيران المدني بجمعية رجال الأعمال، أن السياحة من أكثر القطاعات تضررا بداية من أزمة كورونا والأوضاع في روسيا وأوكرانيا حيث أنهما يمثلان نسبة كبيرة من السياحة الوافدة لمصر، مطالبًا بمزيد من الاهتمام الحكومي لاستعادة القطاع السياحي جاهزيته لعودة السائحين من خلال مبادرات لتمويل مشروعات الإحلال والتجديد وبرامج التدريب للعاملين بالقطاع.
----------------
تقرير- عبدالرحمن قطب








اعلان