30 - 04 - 2024

تجربة ذاتية لطالب مصري نازح من أوكرانيا: لحظات مرعبة ومستقبل أكثر رعبا

تجربة ذاتية لطالب مصري نازح من أوكرانيا: لحظات مرعبة ومستقبل أكثر رعبا

550.6 مليون دولار لمساعدة اللاجئين في دول الجوار الأوكرانية

كثيرة هي القصص الإنسانية التي تتناقلها كل وسائل الإعلام عن النازحين من أوكرانيا، قصص لا تختلف مشاهدها عن أي منطقة في العالم يتم قصفها، فالمشاعر الإنسانية واحدة، ولكنها تعترف بعنصرية الغرب في مشاهد أقسى إيلاما، كيف يتعايش النازحون وكيف يصلون إلى مناطق آمنة؟ قصص كثيرة لم تتوقف..

من مصر وتحديدا من أسيوط عاد محمد أبو العلا الطالب بأوكرانيا مؤخرا من العاصمة "كييف"، سنوات الغربة التي تحملها ليتم دراسته للطب تم قطعها ، أجبرته الحرب أن يعود إلى بلدته في أسيوط، يقول عن تفاصيل العودة: الحرب بدأت ٢٣ فبراير الخامسة فجرا، كنت نائما في بيتي، واستيقظت على كم هائل من الرسائل التي تحثني على ضرورة مغادرة الحي الذي أسكنه، وهو حي هادئ، وكنا نستبعد تماما أن يتم قصفه، وكان السؤال :لماذا لم تغادر حتى الآن والإنذارات بدأت منذ يوم ١٢ فبراير، ولكني كأي طالب يدرس في أوكرانيا لدي العديد من الارتباطات والأوراق التي تثبت أني طالب بكلية طب وأوراقي ومستقبلي، وهي مازالت هناك، حتى ملابسي ما زالت هناك، عدت إلى مصر ولكن كل حياتي ما زالت هناك، ولا أعرف ما هي الخطوة القادمة معي ومع كل الطلاب حيث يصل عددنا حوالي ٣٣٠٠ طالب، كل ما يشغلنا هو المستقبل، كنت على مشارف التخرج بعد سنتين، فهي مخاطرة، حاولنا استخراج أي أوراق رسمية تثبت دراستنا والسنة التي وصلنا إليها، حتى نستطيع استكمال الدراسة في أي دولة أخرى، وهذه هي الإجابة على سؤال تأخرنا في العودة.

ويحكي أبو العلا تفاصيل يوم ٢٥ فبراير عندما بدأ القصف الروسي على مدينة سومي وكييف، فيقول: كثير من أصدقائي دخلوا الخنادق التي لا تصلح لأي حياة فهي عبارة عن ممرات تحت الأرض لا يوجد بها أي وسيلة للحياة، وبالطبع انقطعت كل وسائل اتصالهم بالأهل أو الأصدقاء، وأول خطوة قمت بها كانت الاتصال بسفير مصر في أوكرانيا، وكان الرد هو النصيحة بالالتزام بالبيوت حتي تجد السفارة طرقا آمنة لإخراجنا، ووجدنا أن البلدان الحدودية فتحت الحدود مع كل سكان أوكرانيا سواء أوكرانيين أو أجانب من أي جنسية بدون تأشيرات في لفتة إنسانية عظيمة، ولكن كان أمامنا أن نجد ممرًا آمنا نستطيع الوصول منه إلي أي دولة حدودية.

يكمل محمد قصته فيقول: استطعت الوصول إلى المجر، وهناك من ذهب إلى بولندا أو سلوفاكيا. ويضيف: قبل يوم ٢٨ فبراير، حاولت تأمين المؤن الغذائية، في السوبر ماركت كانت الفاجعة حيث كان فارغا تماما، حتى زجاجات المياه، كل المحلات مغلقة، تحسبا لأي هجوم من العصابات أو العناصر الإجرامية التي يمكن أن تستغل ظروف الحرب، كنا نسمع صوت صافرات الإنذار، الجيران دخلوا الخنادق، ولكني فضلت البقاء داخل الشقة، الوضع في الخندق كان مرعبا لا توجد تهوية ولا إضاءة، هذا غير أن الجنود الروس كانوا يصلون إلى المحتمين في الخندق! فكان الوضع صعبا للغاية.

انتظرت حتى يوم ٢٦ فبراير واتصلت بالسفارة، ونصحني السفير بالخروج إلى أي دولة مجاورة، والسفارات المصرية في كل الدول الحدودية على أتم استعداد لإجلاء الطلاب أو النازحين المصريين من أوكرانيا، واتخذت الخطوة مع عدد من الزملاء، ولا يخفى على أحد ما تعرض له النازحون من أوكرانيا من عنصرية في بولندا، لذلك قررت الذهاب إلى المجر مع خمسة مصريين وعدد من طلاب الجالية الهندية، وصلنا يوم ١ مارس، الرحلة استغرقت ٢٨ ساعة، وخلال الرحلة كان هناك قصف لعدد من المدن، إطفاء الأنوار وصافرات الإنذار، صوت الطيران يحيطنا من كل اتجاه، فكنا حرفيا لا نملك إلا الدعاء، أكملنا حتي سمعنا صوت انفجار إطارات الباص الذي كان يقلنا، وكانت الساعة حوالي الثالثة بعد منتصف الليل، وانتظرنا حتى الثامنة صباحا إلى أن تم إصلاح الباص، دخلنا المنطقة الحدودية للمجر وكان الزحام رهيبا علي محطة القطار وحدث تدافع رهيب، وكانت الأولوية للأوكرانيين، وهي ليست عنصرية،  بحسب ما يراها أبو العلا ولكنها ظروف الحرب وأولوياتها. 

ويضيف: كان طابور الأوكرانيين من السيدات والأطفال وبالتأكيد هي أولوية مستحقة، ركبنا القطار الذي نقلنا إلى العاصمة بودابست، وهناك كان كل شيء جاهزا لاستقبالنا من طعام ومياه وعصائر وحتي الملابس، وعرضت علينا السلطات المجرية الإقامة في الفنادق دون أي تكلفة، كذلك كل من أراد الانتقال إلي ألمانيا سهلت له السلطات وسائل الانتقال المجانية، وهناك تواصلنا مع السفارة والتي رحبت بنا، وفي خطوة رائعة حجزت لنا تذاكر طيران إلي القاهرة دون أن تنتظر أن يكتمل عدد كبير وتحضر طيارة إجلاء، وصلت الحمد لله سالما آمنا وسط أهلي في أسيوط ولكن ما زال القلق يغمرني حول ما ستؤول إليه الأمور وكيف سأتم دراستي.

تقديرات أممية

تقدر الأمم المتحدة أن 12 مليون شخص داخل أوكرانيا سيحتاجون إلى الإغاثة والحماية، بينما قد يحتاج أكثر من 4 ملايين لاجئ أوكراني إلى الحماية والمساعدة في البلدان المجاورة في الأشهر المقبلة.

وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث: "العائلات التي لديها أطفال صغار محصورة في الأقبية ومحطات مترو الأنفاق أو تركض للنجاة بحياتها على وقع أصوات الانفجارات المرعبة وصفارات الإنذار. أعداد الضحايا آخذة في الارتفاع بسرعة. هذه أحلك ساعة بالنسبة لشعب أوكرانيا. نحن بحاجة إلى تكثيف استجابتنا الآن لحماية حياة وكرامة الأوكرانيين العاديين. يجب أن نستجيب برحمة وتضامن ". 

تطلب خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين المشتركة بين الوكالات (RRP) للوضع في أوكرانيا مبلغًا أوليًا قدره 550.6 مليون دولار أمريكي لمساعدة اللاجئين في بولندا وجمهورية مولدوفا والمجر ورومانيا وسلوفاكيا، وكذلك في بلدان أخرى في المنطقة بالترتيب. لمساعدة البلدان المضيفة على توفير المأوى ومواد الإغاثة في حالات الطوارئ والمساعدة النقدية والصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي لأولئك الذين فروا من أوكرانيا، بما في ذلك الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل الأطفال غير المصحوبين بذويهم.

يقول قائد حرس الحدود البولندي في Zosin، مشيرًا إلى طابور طويل من السيارات لا يزال ينتظر الدخول، "يجب أن نسجل هوية الجميع". ويضيف أن أولئك الذين يصلون بدون مركبات يمكنهم تجنب طابور المرور والدخول بسرعة أكبر.

"يأتي الكثير سيرًا على الأقدام. ثم عليهم الانتظار أربع ساعات"، يقول الضابط. في بعض الأحيان تأتي الحافلات وتنزل الناس على بعد كيلومترات قليلة قبل الحدود. آخرون يقودون سياراتهم إلى الحدود، ويتركون سيارتهم".

وخلفه تقف خيمة برتقالية كبيرة حيث يتجمع الأشخاص الذين وصلوا مؤخرًا، ممتنين لعرض الشاي الساخن والمعجنات والفواكه والسندويشات. في الداخل، تغير الأم لطفلها، بينما يبكي بعض الأطفال بالقرب منها بينما يركض آخرون حول اللعب، وهم أصغر من أن يفهموا ما يجري.
--------------------------
تقرير – آمال رتيب
من المشهد الأسبوعي







اعلان