26 - 04 - 2024

120 عاما على ميلاد محمد عبدالوهاب .. امتزج بالوجدان فاستعصى على الغياب

120 عاما على ميلاد محمد عبدالوهاب .. امتزج بالوجدان فاستعصى على الغياب

كعادة كل الأشياء العظيمة ، وجودها صعب، نادر.. وملفت ، كنبتة تزهر في الصخر أو نجم الثريا وسط سماء واسعة تغرق في الظلام

كان لحنا هادئا فى صخب الحياة، يربت برقة على القلوب المتعبة بصوت رخيم مع كبرياء وأنفة ، إنه محمد عبدالوهاب.

يقول المؤلف الألماني ريتشارد فانغر إذا أردنا أن نتخيل الجمال في أكمل صورة فيكفينا أن نستمع إلى موسيقى جميلة، وعندما نتحدث عن جمال الموسيقي واللحن البديع والصوت البسيط حتماً سنقف أمام العبقري الكبير، من ترك لنا إرثا عظيما وبصمة واضحة ومسيرة حافلة من الأعمال، من جمع بين التمثيل والغناء والتلحين. 

قال عنه رياض السنباطي: "إن العرب لم يعرفوا خلال مئات السنين صوت مطرب، بعظمة وجمال صوت محمد عبدالوهّاب". 

ولد عبدالوهّاب في 13 مارس 1902 في حارة برجوان بحي باب الشعرية بالقاهرة، لأب يدعي الشيخ محمد أبو عيسى المؤذن وقاريء القرآن في جامع سيدي الشعراني بباب الشعرية، وأمه فاطمة حجازي التي أنجبت ثلاثة أولاد منهم محمد وبنتين.

في البداية أُلتحق عبد الوهّاب بكتّاب جامع سيدى الشعرانى بناءً على رغبة والده الذي أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن، ولكن سرعان ما هرب عبدالوهّاب، وبدأ يتردد على الموالد ليستمع إلى شيوخه المفضلين أمثال الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، وكان ينال علي ذلك عقاباً من أسرته.

حياته الموسيقية 

عمل محمد عبدالوهاب كملحّن ومؤلف موسيقى وكممثل سينمائي، بدأ حياته الفنية مطرباً بفرقة فوزي الجزايرلي عام 1917 م والذي وافق على عمله كمطرب يغني بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، غني في ذالك الوقت أغاني الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم "محمد البغدادي" حتى لا تعثر عليه أسرته، إلا أن أسرته  عثرت عليه ورفضت، فما كان أمامه إلا أن يهرب مع فرقة سيرك إلى دمنهور حتى يستطيع الغناء، وطُرد من فرقة السيرك بعد ذلك ببضعة أيام لرفضه القيام بأي عمل سوى الغناء، فعاد مرة أخري إلى أسرته، ووافقت أسرته أخيراً على غنائه مع فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدي المحامي، على مسرح برنتانيا مقابل 3 جنيهات في الشهر، وكان يغنى نفس الأغاني للشيخ سلامة حجازي.

وفي أحدي الحفلات حضر أحمد شوقي، واستمع إلى عبد الوهاب وقام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزى آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أًخذ تعهدا على الفرقة بعدم عمل عبد الوهاب معهم.

ثم التحق عبد الوهاب بعد ذلك بنادي الموسيقى الشرقي «معهد الموسيقي العربية حالياً»، وهناك تعلم العزف على العود على يد الملحن الكبير محمد القصبجي، وتعلم فن الموشحات، وعمل في نفس الوقت كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة علي الكسار كمُنشد في الكورال وبعدها فرقة الريحاني عام 1921، وقام معها بجولة في بلاد الشام وسرعان ما تركها ليكمل دراسة الموسيقي ويشارك في الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابله سيد درويش الذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل في فرقته الغنائية مقابل 15 جنيها في الشهر، وبالرغم من فشل فرقة سيد درويش إلا أن عبدالوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له حتى وفاته. 

لقاؤه الثاني مع شوقي

في عام 1924 أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبد الوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير، منهم أحمد شوقي الذي طلب لقاء عبد الوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبد الوهاب مافعله به شوقي من قبل ومنعه من الغناء، فذكّر عبدالوهاب أحمد شوقي بذلك الذي أكد له أنه فعل ذلك خوفاً على صحته وهو طفل، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقي وقضي معه سبع سنوات، تعتبر أهم مراحل حياته علي الإطلاق نظراً لما قدمه له أمير الشعراء، تدخل في أبسط تفاصيل حياة عبد الوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشراب، وأحضر له مدرسا لتعليمه اللغة الفرنسية وكانت لغة الطبقات الراقية آنذاك، ثم بدأ أحمد شوقي تقديم عبدالوهاب في الحفلات التي كان يدعي إليها ومن هنا تغيرت حياة عبدالوهاب بشكل كامل، ولم ينس عبدالوهاب ذاك الفضل وظل يذكره كثيراً في أحاديثه معترفاً بفضل شوقي عليه، ولحن له العديد من القصائد مثل: دمشق، النيل نجاشى، مضناك جفاه مرقده.

كما لحن عبدالوهاب للعديد من المغنيين أمثال فيروز وأم كلثوم وليلى مراد وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد ووردة الجزائرية وصباح وطلال مداح وأسمهان، إلى جانب أنه كان أول مكتشف للفنان إيهاب توفيق في أواخر الثمانينات، و قدم لنا العديد من الألحان الموسيقية ذات الطابع العربي الأصيل، مثل دعاء الشرق، وليالي الشرق، وعندما يأتي المساء، إلاّ أنه اتهم دائماً بأنه يقوم "بتغريب" الموسيقى العربية، وعلى الرغم من أن عبد الوهاب استخدم العديد من الإيقاعات الغربية في موسيقاه، لكنه قدّم ذلك في إطار الأشكال المعروفة في الأغنية العربية، طقطوقة، ومونولوج غنائي، وقصيدة. مثلاً قدّم إيقاع الفالس في قصيدة الجندول عام 1941، كما قدّم إيقاع الروك أند رول في (طقطوقة) يا قلبي يا خالي التي غناها عبد الحليم حافظ عام 1957. 

لقاء السحاب

كان أول لقاء جمع عبدالوهاب بأم كلثوم عام 1925 بمنزل أحد الأثرياء (محمود خيرت) والد الموسيقار أبو بكر خيرت وجد الموسيقار عمر خيرت، حيث غنيا معاً دويتو "على قد الليل مايطوّل" من ألحان سيد درويش، بعد ذلك لحن لها أغنية "غاير من اللى هواكي قبلي ولو كنت جاهلة"، رفضت أم كلثوم أن تغنيها فغناها عبد الوهاب، ومن بداية الثلاثينيات وحتى أواخر الأربعينات كانت الصحف تلقب كلاً من عبد الوهاب وأم كلثوم بالعدوين وبلغ الصراع بينهما ذروته حيث كانت الست تهاب عبدالوهاب لكونه المنافس الوحيد لها، وكان الجميع يري استحالة لقاء الإثنين لذلك لُقب لقاؤهما بلقاء السحاب، وبعد أن كانت المعركة بينهما سرية، انتقلت إلى ساحة تياترو الأزبكية وتحولت إلى معركة علنية جاء ذلك أثناء صراعهما علي منصب نقيب الموسيقيين.

كتبت أم كلثوم في هذا الوقت مقالا بعنوان: «لماذا أتحدي عبدالوهاب» نشرته مجلة «الاثنين» في ١٠ نوفمبر ١٩٤٢ عقب المعركة التي دارت بينهما في تياترو حديقة الأزبكية وشهدها مجتمع الموسيقيين. بعدها بخمسة أيام فقط كتب محمد عبدالوهاب مقالا يرد فيه علي أم كلثوم ونشرته مجلة «آخر ساعة» وكان عنوانه «ضربني وبكي وسبقني واشتكي».. وبعد مقال عبدالوهاب عرض مصطفي أمين شهادته علي المعركة.

وكانت هناك محاولتين للصلح بينهما، الأولي من قبل رجل الأعمال طلعت حرب الذي أبلغ كليهما رغبته بجمعهما في فيلم يتولي إنتاجه استوديو مصر ، ووافق الطرفان في البداية ولكن سرعان ما تأجل المشروع لتفشل محاولات طلعت حرب في الصلح. 

استمرت المعركة وقامت ثورة يوليو 1952، ولم يكن من مصلحة الثورة سياسيا أن يحدث ذلك الصراع، فقام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بمحاولة الصلح مستغلاً احتفالات الثورة وعاتبهما علي عدم القيام بأي عمل فني مشترك أثناء لقائه بهما ، مطالبا قيامهما بعمل مشترك ، وبالفعل تعاونا، وقدم عبدالوهاب لأم كلثوم لحن أغنية أنت عمري للكاتب أحمد شفيق كامل، كأول عمل مشترك يجمع بين قطبي الغناء، وحققت الأغنية نجاحا ساحقا شجعهما على المزيد من التعاون لتغنى أم كلثوم عشر أغنيات من ألحان عبد الوهاب خلال تسع سنوات، كانت بدايتها "إنت عمري" عام 1964، وآخرها اغنية "ليلة حب" لنفس الشاعر عام 1973.

أشهر ألحانه لغيره 

لحن عبدالوهّاب العديد من الأغاني البسيطة والجميلة لغيره من الفنانين ومنها لليلى مراد : "ذكريات"، "يا حبايب بالسلامة"، "المركبة عدت"، "طاير على جناح الحمام" ، "حيران في دنيا الخيال"، "ياللي غيابك حيرني"، "ياللي سكونك حنان" ، "أروح لمين" (فيلم شاطئ الغرام)، "جواب حبيبي"، "الشهيد"، (وكلاهما من فيلم الحياة الحب)، "أرق النسيم"، "يا قلبي مالك" (وكلاهما من فيلم "يحيا الحب)، إضافة إلى أغاني فيلمي "عنبر"، و"غزل البنات".

كما لحن لفايزة أحمد "حمال الأسية"، "بريئة"، "ست الحبايب" (وهي من أشهر، وأجمل أغانيها)، "تهجرني بحكاية"، "خاف الله"، "تراهني"، "ياغالي عليا"، "بصراحة"، "راجع لي من تاني"، "وقدرت تهجر".

ولحن لنجاة الصّغيرة "دلوقت أو بعدين"، "أما غريبة"، "آه بحبه"، "شكل تاني"، "القريب منك بعيد"، "ع اليادي"، "آه لو تعرف"، "إلا إنت"، "مرسال الهوى"، "دبنا يا حبايبنا"، "ماذا أقول له"، "متى ستعرف"، "أيظن"، "ساكن قصادي"، "لا تكذبي"، "اسألك الرحيلا".

ولوردة الجزائرية لحّن "خد عنيه"، "اسأل دموع عنيه"، "لولا الملامة"، "في يوم وليلة"، "أنده عليك"، "بعمري كله حبيتك"، "لبنان الحب"، "مصر الحبيبة".

كما لحن لصباح عدة أغاني أهمها "ع الضيعة"، وأغاني فيلم "إغراء"، بين الاهلى والزمالك محتارة والله .

ولحن لأسمهان "محلاها عيشة الفلاح"، واشترك معها في غناء "مجنون ليلى".

كما لحن لشادية "أحبك"، و"بسبوسة" ولفيروز "سهار بعد سهار"، "سكن الليل"، "مر بي يا واعدا". ولوديع الصافي "عندك بحرية يا ريس" ولحن لطلال مداح "ماذا أقول"، "منك ياهاجر دائي".

لحن لعبد الحليم حافظ: أهواك، فاتت جنبنا، نبتدي منين الحكاية، يا قلبي يا خالي، توبة، لست قلبي، قولى حاجة، انا لك على طول، شغلونى، ظلموه،خ فوق الشوك، كنت فين، ايه ذنبى ايه، ياخلى القلب، يا حبايب بالسلامة، ذكريات، من غير ليه بصوتهما معاً وغيرها..

وشارك عبد الوهاب في تمثيل سبعة أفلام في فترة الثلاثينيات والأربعينيات وهي « الوردة البيضاء  - دموع الحب - يحيا الحب - يوم سعيد - ممنوع الحب - رصاصة في القلب - لست ملاكا - غزل البنات »

حياته الزوجية

تزوج محمد عبد الوهاب ثلاث مرات،  الأولى في بداية مشواره الفني ويقال إنها كانت سيدة تكبره بربع قرن ، وأسهمت في إنتاج أول فيلم له «الوردة البيضاء» وتم الطلاق بعدها بعشر سنوات، في عام 1944 تزوج محمد عبد الوهاب بزوجته الثانية "إقبال" وأنجبت له خمسة أبناء، أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة، واستمر زواجهما سبعة عشر عاماً وتم الطلاق في عام 1957وغني بعد طلاقهما الأغنية الرائعة التي عشقناها جميعا «لا مش أنا اللي ابكي »، هذه الأغنية التي عبرت عن قصة حبه وخلافه مع إقبال نصار. وقد كشف هذا السر من خلال حوار مع الكاتب الصحفي اللبناني "جورج إبراهيم الخوري"  أجرته مجلة " الشبكة" عام 1958.

وفي عام 1958 قدمت الشبكة اللبنانية أول حديث مصور ذا طابع رسمي ينشر للسيدة" نهلة القدسي" وكانت حبيبة عبدالوهاب الجديدة كما تردد، وبذكاء ومكر من المجلة قامت بعدها مباشرةً باجراء حوار مع السيدة " إقبال نصار" طليقة عبدالوهاب السابقة وأم أولاده. تضمن الحوار ما يأتي:

*ما شعورك بعد نشر خبر زواج طليقك الموسيقار محمد عبدالوهاب من السيدة نهلة القدسي؟

- وحياة ولادي أنا مبسوطة من زواج عبدالوهاب، إن هذا الزواج قد برأني أمام الناس وقطع الشائعات التى كانت تلاحقني من إنى كنت السبب، ولكن الذى اخشاه هو أن يصدم الأولاد بالخبر.

*ما هى الأسباب التى أدت بكما إلى الطلاق؟

- لاذت بالصمت وبعد إصرار قالت: لا لن اتكلم ابدا، انها مسائل خاصة، وعبدالوهاب لم يعد يهمني بعدما أصبح غريبا عني، انه والد أولادي فقط لا غير.

*وهل اتصل بك خلال وقت قريب؟

- نعم اتصل

*وهل حدثك عن زواجه المرتقب؟

- كلا ولكنه كان يريدني أن أفاتحه بالأمر، وأثور لهذا النبأ، واحترق من غيرتي عليه.

*لماذا؟

- إنها طبيعته!.

*هل كنت تتوقعين هذا الزواج؟

- الواقع أني كنت أعرف كل شيء عن قصة حب عبدالوهاب ونهلة القدسي، لكني لم أهتم بها.

*وهل تعتقدين أن الطلاق وقع بسببها؟

- لا. لا دخل لها بطلاقنا فنحن مختلفان من زمان، وقد لخص الشاعر "حسين السيد" صديق "عبدالوهاب"، ما حدث بيننا فى أغنية عبدالوهاب الجديدة "لا مش أنا اللي ابكي"، فكلمات هذه الأغنية كتبها "حسين" بناء على طلب عبدالوهاب، بعد أن أوحى له بفكرتها، بعد أن احتدم الخصام بيننا، وتمسك كل واحد منا بموقفه وعناده وكرامته، فكان أن أوحت له هذه الواقعة بأغنية " لا مش أنا اللي أبكى".

*هل أضايقك اذا طلبت منك قراءة نص كلمات الأغنية؟

- لا مش أنا اللي ابكى / ولا أنا اللي اشكي / لو جار علي هواك / ومش أنا اللي أجري / واقول عشان خاطري / وأنا لي حق معاك / تبقى أنت هاجرني / وأنت اللي ظالمني ، وفاكرني ح اترجاك / أنا قلتها كلمة / وكل شيئ قسمة / ودي قسمتي وياك"

*هل تعرفين نهلة القدسي ؟

- لا أعرفها شخصيا ولكني شاهدت صورها فى " الشبكة" فأعجبت لجمالها.

* وما تعليقك على قرب زواجها من زوجك السابق؟

- أتمنى لها السعادة، وسأكون أول من يرسل لها باقة ورد عندما تتزوج عبدالوهاب.

وكان الزواج الثالث والأخير لعبدالوهّاب من نهلة القدسي واستمر زواجهما حتى وفاته. 

...

علاقته بميادة الحناوي 

في إحدي سهرات عبدالوهاب بسوريا مع أحد أصدقائه الذي كان زوجًا لميادة الحناوي عام 1977، وخلال هذه السهرة استمع عبد الوهاب لميادة وأبدى إعجابه بصوتها، وقام بتشجيعها لتزور مصر وتبدأ رحلتها الفنية منها، وهذا ما رفضته  ميادة آنذاك معربة عن رفضها لفكرة احتراف الفن. ولكن تبدلت الأمور بعد وفاة زوجها، وآتت الفنانة  إلى مصر برفقة أخيها عثمان الحناوي. 

وفي عدة تصريحات لاحقة لميادة الحناوي أثارت الجدل عن أهم أسباب ترحيلها من مصر، مؤكدة أنه كان بسبب غيرة زوجة محمد عبد الوهاب من علاقتها به. وقالت الفنانة إنها التقت بعبد الوهاب في دمشق، وأول أغنية أدتها أمامه كانت "لسه فاكر قلبي يديلك أمان"، واتفقت معه أن تأتي إلى القاهرة، لتعلن عن موهبتها ووصلت بالفعل إلى القاهرة في العام 1977، وكان عمرها آنذاك 18 عامًا.

وبالفعل نظّم عبد الوهاب حفلا ليعلن من خلالها اكتشافه الجديد، وغنت فيها "ودارت الأيام" و"لسه فاكر"، وانطلقت للشهرة بعدها بشكل كبير، وهنا كانت بداية الأزمة معها، وسبب ترحيلها من مصر، لأن زوجة عبدالوهاب تضايقت كثيرًا من اهتمام زوجها بالمطربة الصغيرة القادمة من سوريا.

وأكدت ميادة أن نهلة القدسي، زوجة عبد الوهاب، طلبت من وزير الداخلية اللواء محمد النبوي إسماعيل ترحيلها من مصر، وحدث ذلك بالفعل، وتم إرسال ضابطين إليها في شقتها في الزمالك لترحيلها، وتم منعها من دخول مصر لمدة 13 عامًا كاملة، ولم تعد لمصر إلا بعد رحيل عبد الوهاب.

وأختتمت ميادة تصريحاتها في ذلك الوقت أنها كانت تربطها علاقة صداقة بالفنانة فايزة أحمد، وتدخلت لمنع سفرها لكن من دون جدوى، مضيفة أنها سافرت إلى لبنان أولًا، وعانت كثيرًا وقتها بسبب الحرب هناك. وقالت إن عبد الوهاب قبل ترحيلها، كان يقوم بتلحين أغنية لها وهي "في يوم وليلة"، وبعد ترحيلها فوجئت بالفنانة وردة تغنيها، الأمر الذي تسبب في حزنها.

وفاته

توفى عبد الوهاب مساء يوم 4 مايو عام 1991 على إثر جلطة بالمخ نتيجة سقوطه الحاد على أرضية منزله بعد انزلاقه المفاجئ من سجاد الأرضية، وشُيعت جنازته عسكريا في يوم 5 مايو بناءً على قرار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

نال عبدالوهاب عدة جوائز تكريما لفنه،  كان أولها  الجائزة التقديرية في الفنون عام 1971، و الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون 1979، وآخرها تكريمه بإنشاء متحف يحتوي على معظم مقتنياته الخاصة وهو يقع بجوار معهد الموسيقى في القاهرة، ثم أقيم تمثال له في ميدان باب الشعرية (حيث نشأ) لتخليد ذكراه ، والأهم أنه ترك تمثالا له في وجدان كل مصري وعربي من محبي الطرب.
----------------------
تقرير - رانيا عبدالوهاب
من المشهد الأسبوعي







اعلان