26 - 04 - 2024

أطفال "التليف الكيسي" ينتظرون تدخلا عاجلا من الدولة

أطفال

200 طفل ينتظرون دورهم في مراكز العناية بمستشفى الدمرداش
أطباء: الدواء غير متوفر وتكلفته في الخارج 500 دولار يوميا..هل يتحمل أهالي المصابين؟
"المشهد" ترفع مذكرة بمعاناة الأطفال المصابين إلى مجلس النواب ووزارة الصحة

داخل مستشفى الدمرداش وحدها، ينتظر ما لايقل عن 200 طفل دوره لدخول الرعاية المركزة لإنقاذه من مرض نادر يقول الأطباء إنه يقضي عل حياة الأطفال الصغار في ظرف أيام، مالم يتم التدخل السريع، الأمر الذي دفع الأباء والأمهات إلى ارسال استغاثة لرئيس الجمهورية طالبين منه التدخل لتوفير علاج أطفال مرضى "التليف الكيسي".

أباء وأمهات التقتهم " المشهد" في ساحات الانتظار في مستشفى الدمرداش، بعدما أنهكتهم تكلفة العلاج التي يقولون إنها تصل إلى 7000 جنيه يوميا، علما بأن عدم تلقى العلاج يؤدي إلى تدهور حالة الطفل في غضون أيام قليلة.

أعراض المرض

تواصلت محررة "المشهد" مع أعضاء مجلس النواب وكذلك مع المتحدث باسم وزارة الصحة، بهدف نقل معاناة الأطفال مرضى "التليف الكيسي" وتحذير أطباء الأطفال من اتساع دائرة المصابين بالمرض ومطالبتهم بالتدخل لتوفير الدواء اللازم.  

"التليف الكيسى" بحسب الأطباء يعتبر واحدا من الأمراض الخطيرة التي لا يعلم عنها الكثيرون شيئًا، مما يجعل تشخيصه لا يتم بالشكل الدقيق، إذ يعتقد البعض أنه "دور برد" أو اضطرابات هضمية تصيب الطفل، غير أنه مرض خطير يسبب الوفاة، حيث يؤثر على الرئتين والجهاز الهضمي، ومن أبرز أعراضه التهابات الصدر المتكررة، وهو أيضاً حالة وراثية تحدث عندما يرث الطفل "الجين الخاطئ" من كلا الوالدين. 

ويسبب المرض التهابات متكررة في الصدر نتيجة تراكم المخاط اللزج في الرئتين، ويمكن لهذا المخاط أن يسد البنكرياس، مما يجعل المصاب يجد صعوبة في هضم وامتصاص الدهون الموجودة في الطعام، إضافة إلى أن الإسهال وعدم اكتساب الوزن من الأعراض الأخرى الشائعة. 

تقول الدكتورة ايمان فودة، رئيس قسم الصدر بمستشفي الدمرداش، أن مرض التليف التكيسى، أحد الأمراض الوراثية التى تصيب الأطفال وتظهر أعراضه مبكراً خلال الأسبوع الأول من عمر الطفل, وهذا المرض يحدث عندما يجتمع الجين المسبب للمرض من الأم و الأب معا، مما يؤدي الي ظهور المرض على الطفل،  رغم عدم ظهوره لدى الأب أو الأم، حيث يعتبر كلا منهما حاملا لجين المرض، ولهذا ينتشر المرض في المجتمعات التي يكثر فيها زواج الأقارب، وإن كان يحدث أيضا بسبب الطفرات الوراثية. 

وعادة ما تكون افرازات الجسم لدى الطفل المصاب بالمرض بما فيها المخاط الموجود في الجهاز التنفسي شديدة اللزوجة بسبب خلوها من كميةالمياه الطبيعية، وذلك بسبب اختلاف نسب الكلوريد والصوديوم فيها، وينتج عن ذلك عدم القدرة علي التخلص من المخاط، ومايصاحب ذلك من انسداد شديد فى الشعب الهوائية وحدوث العدوى البكتيرية لهذا المخاط، ولذلك تتكرر الالتهابات فى الشعب الهوائية والرئتين.

 وتضيف أن الالتهابات المتكررة تؤدي إلى تمدد فى الشعب الهوائية الطرفية والحويصلات الهوائية بصورة تؤثر على كفاءة الرئة وئؤدى إلى انخفاض نسب الأكسجين وتكرار العدوى الميكروبية، والاحتياج الدائم للتواجد بالمستشفى، وقد ينتهى الأمر إلى فشل رئوى كامل وحاجة الطفل الى التواجد بالعناية المركزة، وإلى وضعه على جهاز التنفس الصناعي.  

وبحسب دكتورة فودة، فإن مرض التليف الكيسي يؤثر على الكبد ووظائفه، ويؤدى إلى انسداد القنوات المرارية مما يؤدى إلى ارتفاع انزيمات الكبد وحدوث تليف فى مرحلة مبكرة، كما أن الأطفال المصابين بالمرض عرضة للإصابة بمرض السكري بسبب تأثيرات المرض على البنكرياس.  

وحالياً يجري تشخيص المرض فى المستشفيات الجامعية بواسطة جهاز قياس نسبة الكلوريد العرق، وكذلك عمل الطفرات الوراثية لمعرفة النوع الجينى للمرض، حيث توجد أكثر من 2000 طفرة جينية للمرض ، ونظراً لكونه مرضا وراثيا، فإن بعض الأسر تعانى من اصابة أكثر من فرد من أبنائها، مما يزيد الأعباء على الأسرة.

وتتابع بأن علاج المرض حالياً يقتصر على توفر أدوية يطلق عليها "مصححات الجين"، وهى أدوية تؤخذ   عن طريق الفم مدى الحياة، بعد أن يثبت التحليل الجينى اصابة الطفل بالمرض وأن الطفرة المصاب بها يصلح لها هذا النوع من العلاج.

تكلفة باهظة 

من جانبها تقول الدكتوره هبة أحمد ، نائبة رئيس قسم الصدر بمستشفي الدمرداش، إنه جرى استخدام العلاج الجيني في العديد من الدول الأوربية، والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية، وأثبت فعاليته في علاج مرضى التليف الكيسي، إذ يحدث تحسنا ملحوظا في حالة الرئتين، والنمو، وكذلك يحسن سوء التغذية والحالة العامة للأطفال المصابين. 

وتمت الموافقة على العلاج الجينبي من قبل منظمة الأدوية والغذاء ومنظمة الصحة العالمية منذ العام 2012 وجرى تطويره عام 2017، وتقدر تكلفته بنحو ٥٠٠ دولار يومياً (7500 جنيه) .

هذه التكلفة لا يستطيع أهالي الأطفال المصابين تحملها ولذلك يضطرون للذهاب إلى المستشفيات الجامعية لإنقاذ أطفالهم، كما يقول جمعه السيد، والد الطفل مازن البالغ من العمر 14 عاماً ويضيف إنه اكتشف مرض ابنه منذ عامين فقط، من خلال تضخم فى الكبد، والطحال، وبعد الكشف والفحوصات أكد الأطباء ضرورة استئصال الطحال وزرع كبد، وعندما بدأ عملية الزرع اكتشفوا مشكلة داخل الرئة، وبعد عامين من العلاج تبين أنه مرض التليف الكيسي 

يضيف:" بعد فحوصات وأشعات وتحاليل اجمع الأطباء أن حالة ابني فريدة من نوعها وأن العلاج غير متوفر داخل مصر أو خارجها، وإن كانت حالات الأطفال الأخرى لها علاج لأنها تليف كيسي فقط لذلك أطالب الجهات المختصة بسرعة توفير العلاج لحماية الأطفال" 

وتقول والدة الطفلة جوليا عصام على، إنها اكتشفت مرض طفلتها منذ عامين فقط ، واخبرها الأطباء بأنه مرض وراثي رغم أنها لا تربطها صلة قرابة مع زوجها، كما لم يصب أى شخص فى العائلة بالمرض من قبل، مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل لانقاذ مئات الأطفال المصابين بالمرض.

وعلى نفس المنوال قالت والدة الطفل محمد الذى كان يبلغ من العمر 4 سنوات وتوفى يوم تحدثت والدته معنا، .. تقول "طفلى كان كل يوم يموت أمام عيني ولم أستطع فعل شيء له، حتي الأطباء كانوا عاجزين عن مساعدة طفلى، لذلك أطالب بسرعة دخول الدواء لمصر لأن كل مرضي التليف التكيسي أطفالى ولا أتمنى أن يتوفوا مثل محمد".

تحرك رسمي

تواصلت "المشهد" مع النائب محمد عبد العزيز وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، لعرض مذكرة بحالة مصابي مرض التليف الكيسي على رئيس البرلمان لسرعة الاستجابة ودخول العلاج مصر.. أكد النائب انه سيفعل ذلك فى أقرب وقت لإنقاذ أطفال مرضي التليف الكيسي

وطلب المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور حسام عبد الغفار تقديم مذكرة لوزير الصحة لمناقشتها والعمل على حلها ، ولذلك رفعت " المشهد" مذكرة بواقع حال مرضى التليف الكيسي، وفى انتظار رد الوزارة.      
-------------------
تحقيق: بسمة رمضان
من المشهد الأسبوعي






اعلان