فى أمسية تميزت بالطرح الجديد وبالحوار الجاد في ملتقى الشربيني الثقافى(١-٢)
* نبيل عبدالفتاح: نعيش عصر العاديين الرقمي
- تحولات جذرية تتجه بنا نحو القطيعة مع العالم الحديث ومابعده والرقمنه والذكاء الصناعى نحو عالم مغاير تماما .
- الأنظمة والسياسات الصحية في عالمنا وقعت في مأزق كبير ، في مواجهة الجوائح مثل كورونا
- الاختلالات البيئية سوف تؤثر في مسارات تطور الثقافات الانسانية على تعددها وتنوعها الكوني .
- التغير البيئى واختلالاته وتفاعلاته قد يؤدي إلى زوال مناطق بأكملها فى جغرافية العالم
- المتغيرات المناخية ستؤثر في العقل الإنساني، ولن يعود الإنسان مركز الوجود في الفلسفة و الفكر
- التدهور الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم تسبب فى تحريك مستويات ومؤشرات العنف الاجتماعى والأسري .
- العنف الاجتماعى انعكاس لانفصال السياسة والنخب الحاكمة عن مايجري وراء السطوح المجتمعية.
- مؤسس الملتقى يطرح السؤال الصعب :هل يستطيع ملتقى تنويري مواجهة الظلاميين وجهلاء وأدعياء التدين؟
- محمود الشربيني : الصبية الاغرار يحتلون الزوايا ويؤمون المصلين ويحدثونهم عن العلاج ببول الإبل وفوائد "إرضاع الكبير "!
- نريد لابناء القري والنجوع أن يصافحوا بأعينهم وعقولهم كبار المفكرين ولا يقرؤونهم فقط من بعيد.
- لماذا نبيل عبد الفتاح ؟ - لماذا يسعى ملتقى الشربيني الثقافى إلى استضافة كتاب ومبدعين ومفكرين من العيار الثقيل ، ليصافحوا وجوه الناس في القري والنجوع والأرياف، ويتحدثوا اليهم ؟ لماذا يختلف طرح نبيل الثقافى المعرفى النخبوي عند تقديمه في القاهرة عاصمة النخبة الثقافية ، عن طرحه الثقافى فى معية الناس العاديين البسطاء؟ - ماهي فلسفته التى تنطلق منها غاياته وأهدافه في التنوير هنا وهناك ؟
بشحمه ولحمه .. بقضه وقضيضه .. بأفكاره وتحليلاته .. بمقالاته ورؤاه .. بانتقاداته اللاذعة وأسئلته الكاشفة عن عمق الأزمة المجتمعية الراهنة.. حضر نبيل عبد الفتاح إلى مقر ملتقى الشربيني الثقافى ،وكان في انتظاره كوكبة من ألمع الكتاب والمبدعين والمثقفين ، جاءوا من كل مكان ليستمعوا إلى رؤية جديدة أعلن أنه سيطرحها في الملتقى ، وجاءت بعنوان "تحولات الثقافة والمثقف فى عصر الذكاء الصناعى ومابعد الانسان" .
قبل أن يلقى نبيل عبد الفتاح رؤيته طرح مؤسس الملتقى الكاتب الصحفى محمود الشربيني السؤال الصعب : هل يمكن لجمع كهذا ،ومفكر كهذا ان يتحدي أو أن يواجه أو حتي يقيم توازنًا مع ذلك الصبي الغر الذي هرب من المدرسه والتحق بمهنة كالسمكرة أو السباكة أو غيرها ، ثم طوعته أو جندته "جماعة" ما بشكل أو بآخر ، فبدأ يرتاد الزاوية ويؤذن للصلاه ويؤم المصلين من دون علم أو معرفة .. بل و يخطب فيهم يوم الجمعة ، فيقول مايحلو له وسط حال استسهال عادية من المصلين الذين لا يفعلون له شيئا .. بل ربما يعتقدون بصحة مايقوله فيهم ، فهو يكفر الذمي ويروج للعلاج ببول الابل ، ويريد تحويل حياتنا لمزرعة "إرضاع شاسعة"- بحسب أحاديث ملتبسة ، نقلت عن ثقات المؤمنات - ترضع فيها النساء ، بزعم أن هذه العملية تجعل القادمين من كل فج عميق، يتعاملون مع النساء التى لاتحل لهم بطريقة آمنة ، حيث يصبحون إخوة لهن محرمات عليهم؟ كيف يستقيم فكر كهذا؟ هل تعصم "مزرعة الإرضاع" هنا من شيء ؟
لماذا نزهو به ؟
وانتقل الشربيني بحديثه صوب نبيل عبد الفتاح ليقدمه لجمهور محاضرته الذين ناهزوا الثلاثين مدعوا تقريبا فقال: - القيمة التي أود أن أركز عليها فى ما أستلهمه من تجربته هى أنه لاشيء في الحياة يأتي عبثا ولا جهد يضيع بلا ثمن .مسيرته تقطع بذلك .. هذا الاهتمام الذي تجلى في حضوركم هذه الليلة ، رغم كل مايتبدي لكم ولى من انسداد الافق ، وانصراف الناس عن القراءة والتثقف والتفاعل مع الصحافة ، كوننا نعيش ما يمكنني أن أصفه بأنه عصرانحطاط عظيم آخر ..وأن كان البعض فيه كنبيل عبد الفتاح لايزال يمثل لنا في نهاية المطاف ضوءًا في آخر النفق .
- من هو نبيل عبد الفتاح ؟ هو واحد من ألمع الكتاب والمفكرين ليس على مصر وحدها وانما على مستوى الأمة العربية كلها،وهو ال Senior Advisor كبير مستشاري مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية..مهتم بالحالة الدينية في مصر والأمة العربية منذ زمن بعيد ، وهو رئيس تحرير تقرير الحالة الدينية في مصر ،ومهتم بقضايا افريقيا وانتفاضاتها العرقية وثوراتها المعرفية .. وله حضور هائل في كل المحافل ،حتى أنه محط ثقة أهل الأدب والثقافة ، فترأس لجنة تحكيم جائزة ساويرس في الأدب ، وهو عضو مؤثر في اللجان الدائمة للمجلس الأعلى للثقافة ،المشرفة على منح جوائز الدولة .
من المصحف والسيف وتفكيك الوهم إلى الحرية والحقيقة
درس الحقوق فى جامعة القاهرة وعمل اولا في المحاماة وله العديد من الدراسات القانونية ، كما درس التاريخ على يد البروفيسور دومينيك شيفاليه وحصل على درجة الماجستير من جامعة السوربون بفرنسا فى دراسته عن جماعة المسلمين. دراسة حول النسق المغلق . وهو مختص في شئون الجماعات الإسلامية ، ومحرر مشارك في التقرير الاستراتيجي العربي الذي يصدره مركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالاهرام وصدرت له عدة كتب منها: المصحف والسيف ، سياسات الأديان، الحرية والمراوغة ، النص والرصاص ، النخبة والثورة والدين والدولة مساهمة في نقد الخطاب المزدوج، تجديد الفكر الديني، الاسلام والديمقراطية والعولمة. الاحتجاجات الاجتماعية والثورات المدنية، تفكيك الوهم -مصر والبحث عن المعني في عالم متحول وأخيرا الحرية والحقيقة - الذي يتناول تحديات الثقافة والمثقف المصري ( الصادر عن دار نشر ميريت ٢٠٢١) .
نبيل يتحدث:
قال نبيل عبد الفتاح في البداية ممهدًا لحديثه : يبدو لى من خلال متابعة الحقل الثقافي المصري - والعربي ودول العالم المتقدم أن عمليات التغيير فائقة السرعة، تشير إلى ظاهرة بعضها مألوف وبعضها غير مألوف وصاعق في تعبيره عن حجم التغير والتحول الاستثنائي في التاريخ الانساني كله. المألوف هو أن التحول وعمليات القطيعة مع ما هو سائد ، بعضها نتاج للثورات التقنية من الثورات التكنولوجية من الاولى إلى الثانية والثالثة الذين أثروا في أنماط الانتاج ومنظومات القيم والسلوك الاجتماعى في مجتمعاتها ومعها الثقافة السائدة وساهم في ذلك أيضا المدارس الفلسفية والأدبية ونظريات العلوم الاجتماعية والقانونية وهندساتها في التنظيم والضبط الاجتماعى وفي المفاهيم والنظريات المختلفة في العلوم الانسانية .
كانت التقنيات ولاتزال مؤثرة في الاقتصاد والانتاج بل وفي النظم السياسية والأحزاب وفي الدين وأنماط التدين أو الخروج عليه، وعلى التدين الوضعي والسلطات الدينية . وأيضا في الثقافة، وفق معناها الانتثروبولوجي العام . كان التغير التكنولوجي يسبق التغير في الفلسفة والفكر والاجتماع والفنون والآداب والمسرح والفنون التشكيلية ، مع أثر التكنولوجيا على الحياة اليومية ، من هنا كان التحول يحدث في الاقتصاد والانتاج والصناعة والزراعة وينعكس على الحياة الاجتماعية، ومن خلال التفاعلات الاجتماعية مع التغير من خلال الفعل الاجتماعي والفعل السياسي إلى ظواهر اجتماعية جديدة، بالاضافة إلى بعض الموروثات الاجتماعية التى تظل مستمرة إلى حين أفولها مع رسوخ المتغيرات الجديدة، ومن ثم كانت الثقافة تشهد تغيرات وظواهر جديدة مع استمرارية للسابق.
عصر الما بعديات والسيولة
وواصل نبيل عبدالفتاح طرحه فقال : بعد انهيار كل نظريات مابعد الحداثة ..وظهور ما أسميته عصر الما بعديات والسيولة الذي يجمع بين الما سبق المستمر، والجديد الذي مايزال سائدا في القيم والأخلاقيات والصداقة والحب والجنس والزواج والعلاقات الموازية .. لاتزال حالة السيولة قائمة في المرحلة الانتقالية الحالية، وذلك ريثما تتبلور وتتشكل الظواهر الجديدة في عالم السرعة الفائقة ، وقد بدأت مؤشرات التحول من خلال الثورة الرقمية السريعة ، وبدايات الذكاء الاصطناعي وعالم الروبوتات، من هنا تبدو ملامح تحول جذري نحو القطيعة مع العالم الحديث ومابعده والرقمنه والذكاء الصناعى في عالم مختلف ومغاير وجوديا للإنسان في الوجود والحياة .
أصعب الأسئلة
وقال عبد الفتاح انه مع التطور المذهل في عالم الرقمنة والانتقال إلى مرحلة التفاعل الرقمي الفعلى، تبدو مؤشرات التحول إلى عالم الأناسة الروبوتية والطريق إلى هاتين المرحلتين الفارقتين في تاريخنا تثور عدة أسئلة، أولها حول الوضعية الانسانية فى تحولاتها وفي وجودها وطبيعتها وفعلها في الحياة وأنماط تفاعلاتها، وثانيها تأثير التحولات الما بعدية السائلة على الثقافة والمثقف .
وقال ان التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري أدت إلى طرح علاقة الإنسان بالطبيعة، التي اتسمت بالاستغلال المفرط ، لاسيما في ظل تحولات النظام الرأسمالى في ظل مرحلته النيوليبرالية المتوحشة على نحو أدي إلى اختلالات جسيمة وخطرة على الحياة الانسانية.
التوحش الأنساني ونتائجه
ثم ظهرت ردود فعل طبيعية ازاء هذه الاختلالات مثل فيروسات متحورة .. هذه الفيروسات أكدت أنه ليس الانسان وحده هو الفاعل الاجتماعى والسياسي حول الأرض، وإنما هناك كائنات فيروسية غير معروفة، لديها ردود أفعال على هذا التوحش الانساني والاستغلال إزاء الطبيعة.
هنا يؤكد نبيل أن الأنظمة والسياسات الصحية في عالمنا تبدو في مأزق كبير ،في مواجهة الجوائح على نحو ماظهر في جائحة كورونا ، ويري أن التحورات الفيروسية التي ظهرت ، تشير الى مخاطر محتملة لجوائح فيروسية أخري، لاتزال غامضة .. لكنها تمثل خطرًا رغم التطورات السريعة في العلوم الطبية .
وتأسيسًا على ذلك يري أن المخاطر البيئيه والطبية الناتجة عن الاختلالات البيئية سوف تؤثر في مسارات تطور الثقافات الانسانية على تعددها وتنوعها الكوني . وهذا التغير البيئي سوف يؤدي إلى ظهور اشكال جديدة بالتفاعل بين الانسان والبيئة .
ويرصد نبيل عبد الفتاح أنه في ظل التغير البيئى واختلالاته سوف يؤدي إلى ظهور اشكال جديدة من التفاعل بين الانسان والبيئة ..على نحو قد يؤدي إلى زوال مناطق بأكملها فى جغرافية العالم ، وإحداث تغييرات اقليمية وجيوسياسية وجيو دينية وجيوثقافية .. وستؤدي إلى تحولات ثقافية أيضا .. مشيرًا إلى ظهور تحولات سلوكية في المجتمعات نتيجة جائحة كورونا وفرض قيود على السفر واعلان الطواريء، كل هذا ساهم في تغيير السلوك الاجتماعى في الدول الأكثر تطورا في عالمنا على الرغم من العوده التدريجية الى بعض مألوف الحياة اليومية كنتاج لاكتشاف بعض اللقاحات في مواجهة الفيروس المتحور، والانتاج الذي تدفع نحو الراسمالية النيوليبرالية المتوحشة .
ورأي ان أسئلة الشرط الانساني بدت معلقة في الأفق الكوني كون الإجابات عنها فلسفيا ودينيا لاتزال معاقة أو مترددة ومفتوحة على مصاريعها وتحتاج إلى وقت، خاصة أن الإجابات ستؤثر في ثقافات العالم.
المتغيرات المناخية وتأثيراتها الثقافية
وقال نبيل عبد الفتاح ان المتغيرات المناخية وتفاعلاتها ستؤثر في العقل الإنساني، ولن يعود الإنسان مركز الوجود في الفلسفة وفى الفكر ، قبل التغير في بُنَى الافكار الموروثة مع الحداثة ومابعدها، ولاشك أن هذا سوف يؤثر على الحالة الدينية في عالمنا بكل مكوناتها الدينية والمذهبية وخاصة مع التحول الى عصر الأناسه الروبوتية ومابعد الإنسانية.
وانتقل نبيل عبد الفتاح بحديثة إلى تأثير قلة الوعى السياسي والعلمي لدي بعض النخب السياسية الحاكمة ، وماسببته من سوء استغلال للمواد الأولية وعمليات توطين الصناعات الملوثة للبيئة من قبل الدول المتطورة إلى الدول المتخلفة والنامية في عقدي الستينات والسبعينات والتي سببت التلوث البيئي والانبعاث الحراري .وتساءل عن أثر ذلك على الثقافة بمعناها العام الذي يمس القطاعات الاجتماعية الواسعة فى هذه البلدان ؟
التأثيرات الثقافية على الغذاء والتدين الشعبي
استعرض عبد الفتاح في اجابته مختلف الوان التأثير الثقافى ، فتحدث بداية عن تأثير ذلك على ثقافة الغذاء في هذه البلدان كثيفة السكان ، وذات الاغلبية" المعسورة "، والتي ترتكز الى المأكولات الشعبية ذات المكونات البسيطة (أرز- دقيق - طيور- حيوانات أليفة وجارحة وأسماك الخ) معتمدة على الطعم الذي يتم إضفاؤه عليها ، مبينًا أنها شعوب أفرطت في استهلاك هذه المكونات، مما أحدث خللا في التوازن البيئي لصالح ثقافة تلبية الاحتياجات من الطعام، وتم ادخال مكونات وأصناف جديدة على الأطعمة ، من دون الاهتمام بتأثيراتها المرضية ، فظهرت أمراض جديدة ، على نحو ما أشير من علاقات أولية بين مكونات الأكل ونقل فيروس كورونا في الصين .
ثم انتقل للحديث عن تأثير ذلك على الدين كمكون ثقافى، فرصد انه مع بروز أزمة المناخ انتبه بعض رجال المؤسسات الدينية إلى أهمية مواجهة مشكلة تغير المناخ ، وذلك بعدما أصبحت جزءا من اهتمامات النظام العالمى …
ولاحظ نبيل عبد الفتاح أنه رغم هذا الانتباه إلا أن الأسئلة التى يطرحها التغير المناخي والاحتباس الحراري والفيروسات المتحورة "لم تزل مسكوتًا عنها" من قبل المؤسسات الدينية الكبري والوطنية أيا كانت دياناتها أو مذاهبها الخ، رغم إنها تمس الأساس "الميتاوضعي" للدين كثقافة. وقال نبيل : أول هذه الاسئلة يتعلق بالثورة الجينية والاستنساخ البشري والحيواني ومألاته المستقبلية ، والتالي يتعلق بماذا كانت الروبوتات بوصفها آلات ذكية تفكر وتعمل من خلال التنظيم الانساني في مراحلهاالاساسية ثم تحولاتها إلى التفكير الذاتي دونما مدخلات معلومات بشرية، وتساءل : مادور رجل الدين والمؤسسات الدينية في ظل أداء الروبوتات لهذه الوظيفة بكفاءة؟ ثم ماهو مستقبل هذه المؤسسات الوظيفية.
نهاية رجل الدين التقليدي
وواصل نبيل تحليله للواقع الثقافى الديني فتحدث عن العصر الرقمي الذي نعيشه، والذي في ظله تزايدت عمليات التحول من الاعتقاد إلى الإلحاد (في مجتمعات عربية مسلمة واقليات مسيحية) وشدد عبد الفتاح على أن الأفكار الدينية لاتزال تعيد إنتاج ذاتها وإيمانها المطلق بسردياتها وخطاباتها الوصفية التاريخية النقلية (مستثنيا بعض التغيرات التي طرأت في الاطار البروتستانتي والكاثوليكي رافقت مجيء بابا الفقراء القادم من عالم لاهوت التحرير الاميركي اللاتيني).
وتوقع عبد الفتاح ان تؤدي صدمة عالم الرقمنة إلى حركة ما في اللاهوت والفقة ، بل و"نهاية رجل الدين التقليدي النقلى "، متوقعا حدوث مخاضات عنيفة في الأفكار ورفضها، وان العنف الرمزي سيمتد الى السلوك الاجتماعى لجماعات المؤمنين .
وواصل عبد الفتاح طرح اسئلته الصادمة فقال : اين نحن مصريًا وعربيًا من هذه التحولات؟. مجيبا: حالنا الديني الثقافى في وضعية مأزومة (جمود الفكر النقلى الوضعي ، والجماعات المتطرفة فضلا عن اختراق الفقه النقلى المتشدد والطقوس الشكلانية على السلوك الاجتماعى وعلى الفعل والاعتقاد الديني (الاسلامي- والارثوذكسي)وعجز السلطات الدينية عن مواجهة عصور متغيرة).
تغير في أنماط التدين
وانطلاقنا من فهمه العميق لواقع الحالة الدينية في مصر أفاض نبيل عبدالفتاح في شرح ماحدث من تداخل بين أنماط التدين الرسمي والسلفيين والإخوان وتدين الراديكاليات الاسلامية الأخري، مع التدين الشعبي ، وتشكل نمط من التدين العنيف، الشكلاني الطقوس، الاستعراضي الأسلوب، بأقنعته وتجاوزه للتدين الفردي الأكثر عمقًا .. وتداخلت المرويات مع الأساطير والثقافة الشعبية وبرديات الأصول الدينية التأسيسية والتاريخية ، في خلطة أدت إلى التغير في أنماط التدين الشعبي وبعض الاعتدال الديني.
ويضيف : أصبح الاستعراض الديني الرقمي والفعلي قناعا يخفي الازدواجية والمخاتلة حول الذات الحقيقية وسلوكياتها ومضمراتها الخفية، فيما وراءالاستعراض الديني القولى والسلوكي وفى نظام الزي للمرأة واللحى وتديين اللغة اليومية . هذه الثقافة الاستعراضية باتت تعبيرا اختزاليا عن هوية الفرد وأيضا عن مخاضات التغيير الاجتماعى العسيرة والمؤلمة ، من تفكك النظام الاسري وتراجع المنظومات القيمية السابقة .
من ناحية أخري ادي تدهور الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم الى تحريك مستويات ومؤشرات العنف الاجتماعى والأسري ، وكلها تعبيرات عن انفصال السياسة والنخب السياسية الحاكمة عن مايجري فيما وراء السطوح المجتمعية وشكلياتها ومظاهرها وبعض طقوسها وبين خبايا المجتمع وفئاته الاجتماعية المختلفة وبما يؤثر على الثقافة
المرأة
أدت ثورة الوسائط الاجتماعية الاتصالية إلى تغير في بعض عناصر الحكومة للإدراك الجمعى حول المرأة وادوارها والثقافة المجتمعية حولها على عديد من المستويات.
( الجزء الثاني غدا)