01 - 06 - 2025

موسم الهجرة إلى الساحل الشمالى

موسم الهجرة إلى الساحل الشمالى

خيل لي أن مصر كلها تتجه نحو الاسكندرية فطريق مصر اسكندرية الصحراوى الذى كان يظهر في أفلام الأربعينيات والخمسينيات والستينيات كطريق موحش بدا لى كما لو كان شارع صلاح سالم أو شارع رمسيس فى منتصف النهار. ....والطريق الصحراوى تحول إلى طريق أخضر ملىء بالمزارع التى تسر الناظرين

وعندما تحولنا من طريق مصر الاسكندرية الصحراوى إلى طريق العلمين خيل لى أيضا أن مصر كلها تتجه صوب الساحل الشمالى ومطروح التى استاثرت بشطر الجمال المتوسطى. ...وبدأ واضحا أن الطريق ما زال يحتفظ ببكارته ومازال يحتاج للكثير فالخدمات نادرة جداً والتجمعات السكنية تتشكل على استحياء مع ندرة أو غياب الخدمات. ....عبر طريق عرضي مزدوج ملىء بمزارع الكروم وأشجار النخيل المحملة بما لذ وطاب من تمور حمراء وصفراء وصلنا إلى طريق الساحل الشمالى....رأينا البحر بزرقته الرائعة ووصلنا نسيمه الذى لم يعد محملا برائحة اليود التى كانت تصلنا ونحن فى دمنهور عاصمة البحيرة جارة ماريا عروس البحر الأبيض المتوسط. ...القرى متراصة وبين القرية والأخرى قرية وكلها حاضرة البحر تنظر نحوه وتتنافس على احتضانه وخطب وده

مع الجو الرائع والسماء الصافية وزرقة البحر واللون الأخضر الذى يلف المكان كله ....رددت كثيرا ما شاء الله كم انت جميلة ورائعة يامصر. ..كم انت غنية ومليئة بالخيرات......وكم انت شاسعة ومتنوعة يا مصر

دقائق بعد وصولنا كان الساحل الشمالى يتأهب لصلاة الجمعة....لاحظت أن المسجد يعج بالمصلين المصطافين....صعد الخطيب وحمد الله وخصص الخطبة بكاملها للحديث عن الفقر ومخاطره المتعددة...أحسست انه أراد تذكير رواد وجماهير الساحل الشمالى بشيء لا يجب نسيانه....مما قاله أن الفقر خطر على العقيدة فهو قد يدفع من يقع فيه إلى التشكك والعياذ بالله فى عدالة السماء....والفقر خطر على قيم المجتمع وفطرته السليمة فقد يدفع الشريف إلى السرقة وتلقى الرشوة أو حتى القتل من أجل المال وقد يدفع العفيفة إلى بيع نفسها......ووصل إلى أن الفقر خطر حتى على أمن الدولة فالفقير الذى يتولد لديه الإحساس بأن الدولة تناسته ولم تهتم به ولم تساعده على الحياة الكريمة قد لا تتوافر لديه الرغبة ولا الإرادة للدفاع عن الدولة بل قد ينضم لمن يريد الإضرار بها من أجل المال. 

الخطيب شعر بأن هناك من سيقول له تلك نماذج غير سوية وهناك فقراء كثر لم ينحرفوا ولم ينقلبوا على أوطانهم فقال ينبغى الا ندفن رؤوسنا فى الرمال فصوت المعدة الخاوية أقوى من صوت الضمير والرسول الكريم صل الله عليه وسلم استعاذ من الكفر والفقر فى دعاء واحد والإمام على بن ابى طالب كرم الله وجهه قال لو كان الفقر رجلا لقتلته

وانتقل الخطيب للحديث عن كيف واجه الإسلام الفقر بتشجيع العمل والحث عليه والتأكيد على أن اليد العليا خير من اليد السفلى والدعوة للتعاون على البر والتقوى لا التعاون على الإثم والعدوان والحث على صلة الأرحام وايتاء الزكاة.......وخلص إلى أنه قد يكون من المستحيل القضاء على الفقر كلية لكن من الممكن ومن الضرورى تقليل مخاطره بالحد من انتشاره وبمساعدة من وقعوا فيه على الخروج منه بأقل خسائر ممكنة

 

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | مستقبل مصر