- د. نبيل رشوان: الخطورة في دخول مرتزقة الحروب على الخط والأخطر دخول الحركات الإسلامية
- أحمد العناني: الناتو وأمريكا لن يوقفوا روسيا النووية عن زحفها
- د. محمد أبو النور: من مصلحة إيران توقيع عقوبات اقتصادية على روسيا ولكن مساندتها عسكريا "مستحيل"
عندما نطلق على ما يدور على الأراضي الأوكرانية مسمى الحرب الروسية – الأوكرانية، فهو مسمى يشوبه شيء من التجني فأوكرانيا حتى اللحظة تدعو إلى المفاوضات، ولم تدخل الحرب بإرادتها، إنما فرضتها عليها القوة الروسية المعتدة بترسانة من أقوى الأسلحة وأشرسها.
أوكرانيا التي كانت تملك ثلث ترسانة العالم النووية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلالها سنة91 ، فككت تلك الترسانة بالكامل وسلمتها إلى روسيا بتوصية أمريكية للحد من الانتشار النووي مقابل وعد أمريكي بالحماية وتعهدات روسية بعدم الغزو.
وفي ظل إعلان أوروبا وأمريكا الاستعداد لمساندة أوكرانيا، هل سيظل الدب الروسي يخوض الحرب منفردا؟ أم سيشهد العالم عرضا حيا لأسلحة لم يرها؟ وماذا عن الموقف العربي الذي يبدو كزوج الاثنين، لا يستطيع تأييد أمريكا وأوروبا ، ولا يستطيع الموافقة على ما تقوم به روسيا، فأنكر بعضه على استحياء ما تقوم به روسيا من اعتداء، وصمت الكثير منه منتظرا النتائج، خاصة وأن روسيا هي الراعي البديل للعديد من الجيوش العربية من حيث التسليح والذخيرة، هذه التساؤلات طرحتها "المشهد" على نخبة من المحللين والسياسيين، فما هي توقعاتهم؟
مرتزقة الحروب
بين التعاطف مع أوكرانيا الدولة المسالمة واستنكار ما يقوم به الجانب الروسي أوضح الدكتور نبيل رشوان الخبير في الشؤون الروسية أن أوكرانيا تكسب تعاطفا دوليا كبيرا، ناهينا عن حلف الناتو وأمريكا، فلا شك أن الموقف بميزان التحالفات يصب لصالح أوكرانيا، ولكن بميزان الواقع العسكري ليس كذلك.
وأضاف: التخوف أن تطول هذه الحرب، كما حدث بين الاتحاد السوفيتي وأفغانستان، وبالتالي يحدث استقطاب لمقاتلين من مناطق أخرى مثل كوسوفو أو الشيشان الذي أعلن رئيسها استعداده لذلك، والخطورة الأكبر دخول المقاتلين الإسلاميين والحركات الجهادية المسلحة، ولذلك على روسيا أن تنهي الحرب سريعا، ولا بد من تدخل دبلوماسي وقبول الطرفين خاصة روسيا الجلوس إلى مائدة المفاوضات، فالحرب لن يحسمها أحد إذا تدخل الناتو أو الولايات المتحدة الأمريكية ستكون حربا عالمية ثالثة تقضي على الأخضر واليابس.
وحول الموقف العربي من هذا التحرك العسكري قال: « الموقف العربي غير واضح حتى الآن، ولم تصدر بيانات صريحة، باستثناء الجانب السوري الذي أبدى استعداده للاعتراف بالدولتين "دونيتسك" و"لوغانسك"، اللتين أعلنتا استقلالهما عن أوكرانيا واعترفت بهما روسيا، ولكن حتى الصين الشعبية لم تعترف، وطالبت روسيا بالتروي وضبط النفس، وكذلك الحال بالنسبة لتركيا، وبيلا روسيا، التي ثارت حولها الشكوك بأنها ستتبع الموقف الروسي، ولكنها تلتزم الصمت حتى الآن، وبشكل عام الصورة لم تتضح، هل هو اجتياح عسكري كامل أم قصف للبنية التحتية الأوكرانية.
روسيا النووية
يرى أحمد عناني الباحث في الشؤون الدولية أن الحرب تشتعل بين روسيا وأوكرانيا والتصعيد واضح، روسيا تريد اعترافا بانفصال الجمهوريتين " دونيستك و لوغانسك"، وهناك اعتراض من الناتو وأوكرانيا، لأن ذلك ضد اتفاق مينسك، والذي قضى بأنهما جمهوريتان انفصاليتان، وكانت المشكلة حول إجراء الانتخابات المحلية وما إذا كانتا جمهوريتان تحت الحكم المحلي أم لا، لأن بعض الانفصاليين في إقليم دونتاس من المواطنين الروس.
وواضح للجميع أن التصعيد والحشد الكبير يتم من جانب روسيا، وأتوقع دخول الفاجنر الروسي، والعقوبات التي سيتم توقيعها على الجانب الروسي خاصة خط غار نورديستريم الموقع مع ألمانيا، والعزل من النظام المصرفي العالمي، بحيث لا يتيح نظام "سويفت" الوصول إلى البنوك العالمية.
وأضاف أن روسيا تعتمد بشكل كبير على مساندة الصين، التي ترى فيها حليفا كبيرا، وكذلك الحال بالنسبة لإيران، فهذه الدول الثلاث ( روسيا – الصين – إيران) تلقى تعنتا كبيرا من النظام الأمريكي، والعقوبات التي طالت روسيا لم تكن موسعة، ولكن اليوم عندما يتم توقيع عقوبات على الغاز، مصدر الطاقة لأوروبا، فهي بذلك تلقت ضربة قاصمة للاقتصاد، وهو ما تسعى إليه أوروبا والناتو، وفي الوقت نفسه طالما سيتم فرض عقوبات على خط نوردستريم2 فبالتالي ستتضرر أوربا، والحل هو التواصل مع دول بديلة مصدرة للغاز مثل كندا والجزائر، ومعنى ذلك استمرار الضغط على روسيا، والأمور سوف تتطور وفقا لتدخل الناتو، والذي أتوقع ألا يتدخل عسكريا، ويقحم نفسه في حرب مع روسيا التي تساندها الصين.
واستبعد العناني المساندة الإيرانية عسكريا لروسيا، لأنها بذلك ستكون حربا عالمية ثالثة وهو ما تتجنبه الولايات المتحدة والناتو والغرب الأوربي، وسيكتفون بالدعم المسلح لأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية على روسيا، ولن يكون هناك تدخل عسكري، فروسيا دولة نووية، وسيكون الخاسر الأكبر هو المجتمع الغربي، وتأثير ذلك على الشرق الأوسط، وما بدأنا نشهده من ارتفاع للمواد البترولية.
وفيما يتعلق بالموقف العربي، أشار العناني إلى أنه محايد بشكل كبير، ويضع نصب عينه احترام المجتمع الدولي، وقوانين الأمم المتحدة، والاتفاقيات الصادرة عنها، والدول العربية في موقف معتدل، فهناك مصالح بين الدول العربية والولايات المتحدة خاصة دول الخليج، وعلى جانب آخر هناك تبادلات تجارية وتفاهمات سياسية بين دول عربية وروسيا، وغالبا ستصدر الدول العربية مصالحها باحترام القوانين الدولية، وإن طلب منها رأي ستتحدث عن تهدئة الأوضاع وضبط النفس والمباحثات الدبلوماسية، ولن تسلك طريقا مع طرف ضد طرف، فلن تخسر الدول العربية أمريكا ضد روسيا، كما هو من المستحيل أن تخسر روسيا لصالح الولايات المتحدة، ولن يحسب على قوة ضد قوة أخرى.
مصائب قوم
من جهته أكد الدكتور محمد محسن أبو النور الخبير في الشؤون الإيرانية أن العملية العسكرية الروسية غير معروفة الأهداف الاستراتيجية، وهل هي غزو، أم إعادة سيطرة على الجارة الأوكرانية، أم عملية عسكرية لإعادة السيطرة على الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي، أم هي حرب شاملة، وهل ستكتفى الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية بالعقوبات الاقتصادية أم سنشهد حربا شاملة، كما أشارت بريطانيا، وكل هذه التحركات ستعطي إشارات للمستقبل القريب.
وحول الموقف الإيراني وما إذا كان فرقاء الأمس سيصبحون أصدقاء اليوم في مقابل العدو المشترك، أوضح أبو النور أن الموقف الإيراني يدعم ويساند روسيا سياسيا قبل التدخلات، واستنكر استفزاز الناتو للكرملين، ورغم أن إيران اتخذت خطوة من قبل واتاحت مطار "همدان" للقوات الروسية للقيام بهجمات على مواقع سورية، ولكن إيران لا تفضل الدخول في حرب لأنها تعرف أن روسيا تحالفاتها ضعيفة، كما أن موقفها المؤيد لروسيا سيؤثر عليها ويستنفر الغرب ضدها بشكل أكبر خاصة أمريكا.
ومن حيث الواقع العملي الأفضل لإيران أن تخرج الأزمة بعقوبات اقتصادية على روسيا، لأنه في هذه الحالة سوف يتم رفع العقوبات عن إيران لتحل بديلا لخطوط النفط، وستزيد انتاجها من ٢.٧ مليون برميل إلى ٣ مليون برميل يوميا، لتعويض الفاقد الروسي، فالأفضل للوضع الإيراني هو اتخاذ موقف محايد تجاه ما تقوم به روسيا.
واستبعد د. أبو النور أي مساندة إيرانية للموقف الروسي في هذ المرحلة، ولكنها بلا شك مرحلة محفوفة بالتوجسات لأن معظم التسليح الإيراني معتمد على روسيا، فأي هزيمة للسلاح الروسي تعني هزيمة لكل من اعتمد الأسلحة الروسية في جيوشه ومنها إيران.
توقعات الوضع في اوكرانيا
-سقوط كييف خلال الأيام القادمة
-استكمال الجيش الروسي سيطرته على جميع أنحاء أوكرانيا خلال الأيام القادمة
-إسقاط الحكومة الحالية وإقامة حكومة موالية لروسيا ويلي ذلك بدء انسحاب عسكري روسي بعد التأكد من استقرار الوضع لصالح روسيا
-امتصاص روسيا لصدمة العقوبات الغربية بعد فترة معاناة ومقايضة سحب قواتها من أوكرانيا برفع تدريجي للعقوبات وضمان عدم انضمام أوكرانيا للناتو.
-------------------
تحقيق - آمال رتيب