27 - 04 - 2024

احتراماتى لشيخنا الجليل ولكن

احتراماتى لشيخنا الجليل ولكن

فى البداية نحن نجل ونحترم شيخنا المهيب د. أحمد الطيب ، فهو واجهة مشرفة لأزهرنا الشريف وذو مكانة وقدرة على المواجهة في أمور يراها هو جديرة بالتغيير والتمسك بها بارادة لا تلين تستحق الاشادة والدعم!  

مقدمة كان لابد منها حتى لايزايد علينا من يكرهون ان ننعم بهدايا السماء لنا من قيم العدل والمساواة والانسانية والتحضر الذى لم يصل لها أحد فعلا من قبل.. أقول أنها قيم حقيقية مقدسة وإعلاء للعلم والفكر والتدبر، بينما الواقع يخاصم كل ما سبق!!

سؤال بسيط؟ هل نتصور أن ديننا يحض على العنف ضد النساء ويرى أن الطريق إلى حل المشاكل الزوجية إذا ما استحكمت هو ضرب الزوجة؟ لا أتصور!

إنه نفس الدين الذي يعطى الحق للزوجة إذا خافت من بعلها نشوزا، أن تأتى بحكم من أهلها وحكم من أهله ليساعدوا فى حل المشكلة، ولم يترك الباب مواربا لطرق أخرى، بل كان واضحا وإلا - استنادا لمبدأ القوة مثلا - إذا ما كان أهل الزوجة أقوى اجتماعيا واقتصاديا وذو سلطة ، ورأوا اعتداء على ابنتهم وكسر ضلوعها وإهانتها ومن ثم إهانة العائلة الموقرة، أن يتم الاعتداء على الزوج قبل تطليقها منه حفاظا على كرامة العائلة، مادام مبدأ القوة هو السائد.. وهو مايحدث عند ضرب الزوجة التى لا تستطيع بدنيا حماية نفسها من بطش الزوج الذى يتصور أن ضربها حق كفله له الدين. حتى لا يتذكر أقوال العلماء فقد روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن عطاء في قول الله تعالى: {واضربوهن} قال: "بالسواك ونحوه". ورواه ابن جرير عنه قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: بالسواك ونحوه. 

هل سمع احدكم على مر التاريخ ان الرسول الكريم قد ضرب احدى زوجاته أو عبيده أو خدمه؟

هل شجع على ضرب الاطفال للتربية ، أم حض على أن نغمرهم بالحنان وشجع على احتضانهم وتقبيلهم فى كل الاوقات لإشعارهم بالحب والطمانينة والأمان؟ فكيف يدعون أنه دعم ضرب الزوجات والأمهات للإصلاح ...لا أتصور!‍

هل سمعتم أن نظريات العلم الحديث تؤيد ضرب الأطفال لتربيتهم، أم نهى عن ذلك تماما لأنه يؤدى لمشاكل نفسية عديدة، فهل يؤيد  ضرب أمهاتهم لتهذيبهن؟ لا أتصور!

الشيخ الطيب.. شيخنا المبجل لم يخف اعتراضه على العنف ضد الزوجة، وأعلن تمنيه ان يجرم هذا الفعل فى يوم من الأيام، و مع ذلك أتصور أنه لم يستطع أن يعلن أن مفهوم كلمة ضرب، كما تم استخدامها فى مواضع عديدة  فى القران تعنى الابتعاد والفراق حتى تهدأ الامور وإن لم ترتدع الزوجة بعد العظة وبعد الهجر فى الفراش وهو إهانة كبيرة لأنوثة الزوجة، يبدأ الابتعاد وترك منزل الزوجية.. وأن الضرب بالسواك الذى هو مرادف لفرشاة الأسنان سوف يردع الزوجة؟!

بل أتصور أن أكثر ما أغضب  النساء أنه أعلن شخصيا فى حديث تليفزيوني... وبعدها بيان الأزهر أنه إذا راى الزوج من نشوز الزوجة (وهو ما فسره البيان بالاستعلاء على الزوج) ولا أعرف ما معناه بالضبط وفى أي الطبقات والثقافات  والعادات - والتى تختلف من طبقة لأخرى - فيمكن أن يضربها، لإنقاذ الأسرة و ردعالزوجة بالسواك، أي فرشاة الاسنان، على حسب تفسير الفقهاء لتأديب الزوجة (طبقا لتأويل واضربوهن).

 فهل أشار بيان الازهر إلى السواك كطريقة للتأديب؟ أم ترك الموضوع لضمير الزوج بالالتزام وتفسير الضرب على أنه بالسواك؟

أعرف أن تغيير عادات المجتمع من أصعب الأمور خصوصا، عندما تحرم فئة من مزاياها، وهنا هي فئة الأزواج الأجلاء ، فإن المقاومة المجتمعية سوف تستقتل فى الدفاع عنها، لذا كان يجب أن يشار – لهذا التفسير - حتى كنوع من الاجتهاد.. أو أن يميل البيان إلى مفهوم الضرب بمعنى الابتعاد والمفارقة، حتى تهدأ الأمور.. رغم أن بعض  العلماء والمتخصصين فى اللغة العربية مالوا إلى مفهوم كلمة  الضرب بأنه ابتعاد، استنادا إلى استخدامها في مواضع عديدة بالقرآن، مثل ﴿وإذا ضربتم في الأرض﴾ [النساء/101]، ﴿وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض﴾ [آل عمران/156]، وقال: ﴿لا يستطيعون ضربا في الأرض﴾ [البقرة/273]، وكذلك ﴿فاضرب لهم طريقا في البحر﴾ [طه/77] وأتصور أنها ما غابت عن علماء الازهر الأجلاء ، فلماذا لم يشر إليها على الإطلاق؟

والسؤال الآن، من هي تلك المرأة التي سوف تقبل أن تُضرب فى الألفية الثالثة؟ ومن تلك التى سوف تقبل  أن تُضرب وتستمر فى الزيجة - بعد علقة واثنتين وعشر – أو عند كل خلاف كما يحدث فى الأحياء الشعبية، ورغم أن الضرب فى القانون المصرى هو أحد الأسباب لطلاق الضرر، مع احتفاظ الزوجة بكامل حقوقها الشرعية؟

السيدة المتعلمة أو التى تعمل ووصلت إلى أعلى المراكز.. هل نتصور أن أستاذة الجامعة أو الطبيبة أو المهندسة والمدرسة مربية الأجيال والقاضية والسفيرة والوزيرة والكاتبة الصحفية ، حتى وإن فضلت التفرغ لبيتها وأولادها، سوف تقبل أن تضرب إذا ما رأى زوجها أنها ناشز في رأيه استنادا إلى بيان الأزهر؟

أتصور أنه حان الوقت لمناقشة ذلك الموضوع الحساس على مستوى كبير فى الإعلام ومراكز حماية المرأة من العنف وإفهامهم أن ديننا الحنيف لا يمكن أن يقر بذلك، فدينى لايشجع على ضربي أبدا.. احتراماتي لشيخنا الجليل. 
----------------------
بقلم: وفاء الشيشيني

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | حسابات دقيقة وحسابات قبيحة





اعلان