26 - 04 - 2024

«ريان».. قصة حزن وأمل

«ريان».. قصة حزن وأمل

حوّل العالم أنظاره منذ ثلاثاء مطلع يناير صوب مدينة شفشاون الواقعة على أحد التلال شمال المغرب، حيث سقط الطفل ريان ذو الخمس سنوات في بئر عمقها 32 مترًا، وسط جهود ومحاولات مستمرة وحثيثة على مدار الساعة تحيطها دعوات الجميع والتشبث بأمل خروجه لحضن أبويه من جديد..

وبين لحظات حبس العالم أنفاسه انتظارًا لمعرفة مصير الطفل ريان، توحدت القلوب وتلاشت الاختلافات، لا فرق بين عربي وعجموي، لا صراعات على صحراوات، ولا تحزبات، هذا ضد ذاك ومن ليس معي يقف في صف غيري، لا مكان لمثل هذه المصطلحات، الجميع أبدى تعاطفه وأظهر معدنه وفطرته على اختلاف شعائره وجنسياته ولغاته..

غلبت الحالة الإنسانية على الكل، وانتصرت لغة واحدة تخص الإنسان، حيث لا ضرورة للحرب والحشد العسكري، لا خوف من سيطرة طرف على آخر، لا مكان لعالم القطب الأوحد، هذه اللغة بالمناسبة بدت في بداية ظهور وباء كورونا، الذي لم يفرّق بين رئيس ومرؤوس أو غني وفقير، إلا أنها طُمست بمجرد ظهور لقاحات ربما قد تنجي من يحصل عليها أولاً، لتظهر من جديد لغة «الأنا»، أنا المتقدم، أنا من معي المال، أنا من يملك النفوذ، أنا من يجب أن يجني أرباحا، في استغلال وسباق  وتفنن لكيفية الاستفادة من هذه الجائحة حتى ولو على حساب فقد أرواح..

قصة الطفل ريان، رغم ما بها من أسى وحزن ألما بالعالم على مدار 5 أيام، لكنها اختطفت الأخير من مستنقع الصراعات وسعي المكاسب الشخصية وإظهار الغطرسة وتحقيق المصلحة.. غيرت دفة تحليلات السياسيين والمراقبين من مخاوف غزو روسي محتمل لأوكرانيا، وتصعيد صيني في مواجهة أمريكا، وتهديدات نووي إيران ومسيرات وصواريخ الحوثيين، وغيرها من الأحداث المأساوية التي تدفع ثمنها في نهاية المطاف النفس البشرية، إلى تضامن الجميع مع تلك النفس التي كرمها الله من فوق سبع سموات..

أنقد الطفل المغربي ريان الإنسانية والمحبة لمدة 5 أيام، زارعا الأمل وهو في البئر المظلمة، مضيئا العالم الذي أراده في الدنيا، ليأمل الإنسان ألا ينطفئ من جديد بوفاته، بعد خروجه وقد أراده الله في الآخرة..

----------------------

بقلم: عزت سلامة العاصي

مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان