20 - 04 - 2024

رسائل ياسر رزق التي لم ترحل معه !

رسائل ياسر رزق التي لم ترحل معه !

الموت علينا حق .. ولكن سيظل رحيل ياسر رزق المؤلم، بكل الملابسات التي سبقته ، وطبيعة الشخصية وأدوارها ومواقفها وعلاقاتها ، يحمل الكثير من الاسئلة، التى يجب التوقف عندها، خاصة عندما تتعلق بشخص بمكانة ياسر رزق .. طبعًا سعدنا جميعًا بالمواقف المعلنة التي اعقبت رحيله ، من كل الجهات الرسمية والهيئات السيادية، والتي اعتبرته - عن حق - وطنيا ،ومخلصًا، وكاتبًا كبيرا ، وجريئا ، وشجاعا، ساهم في قضايا وطنه بقلمه ، ورأيه الجسور في كل الأوقات خاصةً في لحظات الخطر .. وشاهدنا الذين تولوا بعض المواقع ممن طعنوه في الخفاء والعلن - ظنًا انه ينافسهم وهو لايراهم - يخطفون يوم تشييع جثمانه الميكروفونات، ويتسابقون للوقوف خلف الكاميرات ، يتكلمون عن مناقبه ، و يعددون إنجازاته ، ويتوقفون عند عبقريته ووطنيته وإخلاصه!! 

 أليس من حقنا وحق هذا النموذج الذي يمثله ياسر رزق وما لعبه من أدوار عن قناعة وعقيدة انها لخدمة بلده - مهما اختلف البعض معه - أن نطرح بأمانة ونسأل الذين يحبون هذا البلد ، لماذا هذا الفراق الذي استهدف من أخلصوا لـ٣٠ يونيو ورموزها وشبابها ، الذين كانوا في طليعة من تصدوا لسياسات الأخوان، وقدم بعضهم التضحيات ، بل وكانوا في مقدمة الملايين التي خرجت تطالب بالتغيير ؟! 

وعندما قرأت موخرا للدكتور زياد بهاء الدين مقاله في المصري اليوم " يناير والدولة المصرية هل من تقارب ممكن ؟ " الذي يري فيه أن القول إن يناير كانت مؤامرة بينما يونيو كانت ثورة لا يستقيم - كما لا يستقيم عكسه أيضًا - لأن القاسم المشترك بين الحدثين هو الإرادة الشعبية ونزول الملايين للشوارع، فلا يمكن قبول واحدة وإنكار الأخرى. طرح الدكتور زياد - وهو بالمناسبة صديق لياسر منذ فترات التكوين الأولي بالجامعة - أسبابه المنطقية للمصالحة بين يناير و يونيو مفهوم ومنطقي ، لكن ما بالنا وقد أصبح من المستعصي علي الفهم هو هذه الخصومة التي تتسع مع كثير من دوائر أنصار ٣٠ يونيو ، ما هي هدف هذه الخصومة ، و لمصلحة من كل هذا الفراغ ، وفي أي خانة سيصب ، ولماذا تضيق صدورنا بسماع رأي نري صاحبه مخلصا ووطنيا !! ولمصلحة من يذهب النموذج  الذي يمثله ياسر رزق مقهورًا مغبونًا، وان تتلي بيانات مديحه بعد رحيله ،وأن ينعيه بعض من طعنوه ونعتوه بكل سوء ، بعد أن تصدروا المشهد وباركوا نفيه ، بل وساهموا بكل ما استطاعوا في عزله ، و هو صاحب الكفاءة و الأجدر والأعلم . 

رحل ياسر وآن له أن يهدأ، وأن يستريح قلبه العليل ، وتطمئن نفسه القلقة ، بعد أن اختار الذهاب إلي المكان الأرحب تشمله رحمة خالقه التي وسعت كل شي . لكن علينا  أن نسأل بإخلاص ونكرر، إذا كان لهذا النموذج حق في كل ما وُصف به بعد رحيله ، فلماذا لم يعامل به في الفترة القاسية الأخيرة نفسيًا من حياته !! .ربما تكون تضحيتك الكبري والأخيرة يا ياسر برحيلك - الذي آلمنا جميعًا - سببا فى أن نطرح بعض ما في الصدور ، ونسعى للفهم ، آملين إجابة أو تغييرا ولنعترف ان البلد هو الخاسر باستمرار نتيجة هذا النمط من التفكير.

واتصور أن إنصاف ياسر رزق متاح الآن، بل ومطلوب ، ففي رحيله حضور لمعني وفي غيابه طرح لرسالة.. فهل يظل هذا المعني غائبا وهل تستعصي رسالته عن الفهم ؟!.
------------------------
بقلم: يحيى قلاش *
*نقيب الصحفيين الأسبق

مقالات اخرى للكاتب

 الغزالي حرب وثقافة الاعتذار





اعلان