24 - 04 - 2024

أوميكرون: جدل حول الجرعة التعزيزية وتصنيع لقاح للمتحورات

أوميكرون: جدل حول الجرعة التعزيزية وتصنيع لقاح للمتحورات

- محمد علي: تطعيم المواطنين هدفه حمايتهم من التدهور العرضي والآثار الجانبية للفيروس وليس منع إصابتهم 
- وجيدة أنور: تطعيم أكثر من 39% من المصريين، وهي نسبة عالمية مرضية
- أمجد الحداد: سعي شركات الدواء لتطوير اللقاحات وانتاج جديد يواكب تحورات كوفيد -19، نهج علمي متفق عليه 

رغم اللهجة التشاؤمية التي اعتادت منظمة الصحة العالمية التحدث بها إلى دول العالم، منذ اللحظات الأولى لظهور وباء كورونا المستجد Covid-19، إلا أنها بين الحين والأخر أيضًا؛ تمنح بصيص أمل تجاه النهج الذي تسلكه بلدان العالم للقضاء على الفيروس المستجد، سواء عن طريق إتمام عمليات التقليح أو عن طريق التدابير الوقائية التي تقرها الدول للحفاظ على حياة مواطنيها.

في تصريح أخير، لمدير المنظمة العالمية تيدروس أدانوم، حول اللقاحات التعزيزية التي أقرتها مؤخرًا بعض الدول على مواطنيها من بينها مصر، لكبح جماح التفشي السريع للفيروس المستجد وسلالته وتحوراته المتخلفة، تهكمت المنظمة الأممية على هذا النهج.

واعتبرته وهما شائعا، وقالت "إنه لا يمكن لأي بلد، أن يتجاوز الوباء بفضل الجرعات المعززة، وأن هذه الجرعات لن تعطي الضوء الأخضر للاحتفال بالانتصار على الوباء ولكنها ستطيل أمد تواجده بدلا من وضع حد له".

واعتبرت المنظمة العالمية أن التركيز على ضرورة إنتاج لقاحات أكثر فاعلية لمواجهة المتحورات هو الطريق الأفضل من فرض جرعات معززة، واستندت إلى ذلك بأن معظم حالات الاستشفاء والوفيات التي سجلت أخر شهرين، كانت بين من لم يتلقوا اللقاح، لا بين من تخلفوا عن الجرعة المعززة.

قبل الحديث عن الجرعات التعزيزية؛ ونهج الكيانات العالمية الكبرى المصنعة للدواء، في التسابق لإنتاج لقاحات تستهدف السلالات الجديدة للفيروس، تظل الزيادة الملحوظة في أعداد الإصابات بالفيروس خاصة بين من تلقحوا اللقاح، محل تساؤل للكثيرين وموضع شك لأخرين حول فاعلية هذه اللقاحات من الأساس. 

لذا تواصلت "المشهد"، مع أطباء متخصصين لإيضاح ماذا يحدث؛ ولماذا يصاب الملقحون مرة أخرى. 

الدكتور محمد علي مدير مستشفى النجيلة سابقا – وهي أول مستشفى خصصت لحالات العزل في مصر – اعتبر أن تطعيم المواطنين بجرعات اللقاحات من البداية هدفه حمايتهم من التدهور العرضي والأثار الجانبية للفيروس التي تظهر على المصابين، وليس منع إصابتهم بالفيروس المستجد.

وقال "محمد علي"، في تصريح خاص لـ "المشهد"، إن منظومة اللقاحات نجحت في تخفيف الضغط على المستشفيات أيضًا، حيث أن الغالبية العظمى من الحالات المصابة بالفيروس ممن تلقحوا اللقاح، ليسوا بحاجة إلى دخول المستشفيات والرعايات مثلما يحدث لغير الملقحين. وأوضح أن معظم الحالات المتدهورة صحيًا وتعزل حاليًا داخل المستشفيات جميعا من الأشخاص الذي لم يحصلوا على اللقاح أو من رفضوا التطعيم، وهو أمر كارثي وخاطئ لأن اللقاح ساهم في تخفيف أعراض الإصابة التي تظهر على المصابين لأنه عزز مناعتهم وجعلهم قادرين على مقاومة هذا الفيروس.

واتفقت أيضًا الدكتورة وجيدة أنور عضو اللجنة العليا للفيروسات التابعة لوزارة التعليم العالي، في تفسير زيادة أعداد الإصابات بين صفوف الملقحين، وقالت إن الهدف من إعطاء اللقاحات هو تقليل الأثار الجانبية وأعراض الفيروس على المرضى المصابين وليس منع الإصابة، وهو بالفعل ما نجحت فيه اللقاحات حيث جميع الحالات التي استقبلتها المستشفيات على مدار الأسابيع القليلة الماضية بالتزامن مع الزيادة الملحوظة في أعداد الإصابات، كانت أعراض الإصابة خفيفة يمكن علاجها في المنازل خلال عدة أيام.

وأضافت وجيدة أنور، في تصريحها لـ "المشهد"، أن الغالبية العظمى من المصابين خلال هذه الموجة من الفيروس بين الأعمار الصغيرة من الأطفال والمراهقين، وأيضا غير الملقحين، وقالت إن نسب الإصابة بين كبار السن انخفضت كثيرًا عن الموجات السابقة، فضلًا عن انخفاض نسب الوفيات بين المصابين أيضًا، وذلك لحصولهم على اللقاح.

واعتبرت "عضو اللجنة العليا للفيروسات"، أن فترة إصابة كورونا أصبحت تمر على الملقحين كأنه "دور برد" يمكنه علاجه ببعض الأدوية داخل المنزل، مثله مثل الأنفلونزا الموسمية أيضًا، وقالت إن الخطورة الأكبر للإصابة سواء بالفيروس المستجد أو متحوراته وسلالاته الجديدة هي على الأشخاص غير الحاصلين على اللقاح.

وأثنت "أنور"، على جهود الدولة في توفير اللقاحات بأنواع مختلفة للمواطنين، وأنها نجحت حتى اللحظة في تطعيم نحو أكثر من 39% من المواطنين، وهي نسبة عالمية مرضية جدا بالمقارنة بالنسب العالمية مع الدول الأخرى.

وحذرت، من تجاهل الإجراءات الوقائية من ارتداء الكمامات أو تطبيق التباعد داخل المؤسسات، واعتبار أن اللقاحات كافية لمنع الإصابة بالفيروس، وأكدت أن اللقاحات لن تمنع الإصابة مرة أخرى ولكنها تخفف الأثار الجانبية وأعراض المرض على المصابين.

هذه الإيضاحات أكدتها، أيضًا بيانات المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (ECDC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، الصادرة حول اللقاحات، والتي أظهرت أن اللقاحات ضد فيروس كورونا، لعبت دور فعالا واستطاعت،  منذ بداية نوفمبرالماضي 2021، أن تمنع وفاة نحو 1.1 مليون حالة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وأيضا منعت دخول أكثر من 10 ملايين حالة إلى المستشفيات.

وأوضح البيان أيضًا، أن اللقاحات استطاعت إنقاذ حياة 470 ألف شخص ممن هم فوق 60 عاما في 33 دولة في جميع أنحاء أوروبا منذ بدء التطعيم ضد المرض، لأنها خففت أثاره الجانبية والأعراض التي كان يعاني منها المصابون.

وهو ما أكدته أيضًا الدكتورة كاثرين أوبراين، رئيسة قسم المناعة بمنظمة الصحة العالمية، في تصريحات إعلامية، بقولها "لا يوجد لقاح في العالم يؤمن حماية من الأمراض بنسبة 100%، ورغم ذلك فإن اللقاحات المتاحة حاليًا ضد كوفيد هي فعّالة بشكل لا يصدق بنسبة تصل إلى 90%".

وتابعت "كاثرين أوبراين"، قائله:"لا يوجد لقاح يوفر هذا المستوى من الحماية لأي مرض، وفقا لبيانات حالات الإصابة بالعدوى بين من تلقوا اللقاحات تشير إلى أن درجة شدة المرض تكون أقل حدة لدى الأشخاص الملقحين، مقارنة بالأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم.. لذا فإن اللقاحات في المقام الأول تهدف بالطبع إلى الوقاية من الإصابة بالمرض وفي أسوأ الظروف إذا حدثت العدوى بين الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل، فإن المضاعفات تكون أقل شدة".

بالعودة إلى الحديث عن إعلان كيانات الدواء العالمية الكبرى، مثل شركة فايزر العالمية، تصنيعها لقاحا جديدا يستهدف متحور كورونا "أوميكرون" والسلالات الأخرى من الفيروس المستجد، في وقت عاد فيه الوباء لانتشاره السريع بين الأشخاص الذي تلقوا اللقاح أيضًا وليس غير الملقحين فقط، يفتح باب التساؤل حول نية هذه الشركات.. هل تتسابق فقط من أجل جني مزيد من الأرباح على حساب الأزمة؟. أم أنها تسلك منهجا علميا متبعا في تارخ الفيروسات!

الدكتور أمجد الحداد، رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح، اعتبر أن سعي كيانات الدواء لتطوير اللقاحات وإنتاج أمصال أو لقاحات جديدة تواكب التطور الجيني للفيروس وتحوراته، هو منهج علمي سليم يتم اتباعه على مدار تاريخ الفيروسات، وليس المتبع مع فيروس كورونا بالأمر الجديد الذي سيتم تطبيق هذا النهج حياله.

وقال "الحداد"، في تصريح لـ "المشهد"، إنه منذ ظهور الأنفلونزا الموسمية يتم تطوير أيضًا أمصالها ولقاحاتها بشكل سنوي بما يتناسب مع التغيرات الجينية التي تمر على الفيروس، لذا سعي شركات الدواء لتطوير اللقاحات وانتاج جديد يواكب تحورات كوفيد -19، نهج علمي متفق عليه ومتعارف في تاريخ الفيروسات والأوبئة.

وأوضح "رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح"، أن إدخال سلالة جديدة على اللقاح الحالي المصنع بالفعل لمواجهة الفيروس، يسهل بعد ذلك عمليات تصنيع تشغيلات جديدة للقاح عن طريق إضافة التسلل الجيني الجديد، لأن أصل الفيروس وتكونه أصبح متعارفا عليه، لذا فمن السهل أن يتم تطوير اللقاحات بانتاج جديد يواكب تحورات الفيروس.

واعتبر إعلان شركة فايرز لانتاج لقاح يستهدف السلالة الجديدة للفيروس، أمر إيجابي وأنه البداية لمزيد من الشركات حيث يتوقع أن تعلن خلال الفترة القادمة لقاحات مختلفة ومتنوعة يكون في مقدورها مواجهة السلالات، حتى يتحول الأمر في النهاية إلى اعتباره فيروسا يمكن علاجه بلقاحات أو أمصال معينة مثل الأنفلونزا الموسمية.

وبحسب إحصائيات رسمية أصدرتها وزارة الصحة، فإنه منذ بداية يناير الحالي، سجلت مصر ارتفاعا ملحوظا في معدلات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، بعدما كانت الأمور مستقرة في شهر ديسمبر الماضي.

وفقا للإحصائيات، التي حصل "المشهد"، على نسخة منها، فإن المتحور السائد حاليًا في مصر هو متحور أوميكرون ويأتي دلتا في المرتبة الثانية.

ووفقا لتقارير وزارة الصحة والسكان، فإن التطعيم والجرعة  المعززة بالإضافة إلى الالتزام بالإجراءات الاحترازية هي الوسائل التي أثبتت نجاحا حتى اللحظة على مستوى العالم لتقليل معدلات الانتشار، ومعدلات دخول المستشفيات أيضًا والوفيات. وأوضحت وزارة الصحة،أنه كلما زادت معدلات التطعيم في المجتمع كلما قلت احتماليات ظهور المتحورات .

حتى تاريخ كتابة سطور هذا التقرير، فإن نسب الإشغال للحالات داخل المستشفيات، وفقا لإحصائيات وزارة الصحة، تصل إلى نسبة 9% للأسرة الداخلية، و41% للرعايات المركزة، 23% لأجهزة التنفس الصناعي.

أما عن الموقف من التطعيم، فإن هناك نحو أكثر من 36 مليون مواطن حصلوا على الجرعة الأولى من اللقاح، وأكثر من 23 مليون حصلوا على الجرعتين، أما الجرعات التنشيطية أو التعزيزية، فقد حصل عليها أكثر من نصف مليون مواطن، - حتى تاريخ هذا التقرير -.
----------------------
تقرير - نورهان صلاح 

من المشهد الأسبوعي








اعلان