23 - 04 - 2024

هذا ماقالوه في احتفالية 8 سنوات على رحيل أحمد فؤاد نجم .. الضمير الحي و"الشاعر البندقية" (2 من 2)

هذا ماقالوه في احتفالية 8 سنوات على رحيل أحمد فؤاد نجم .. الضمير الحي و

- مجدي أحمد علي: كان رجلا متسقا مع نفسه وسخر حتى من هفواته الشخصية
- كمال أبوعيطة: النقاد وصفوا مايكتب بأنه "شعر لحظي" لكنه ظل حيا لأجيال
- د. أنور مغيث: أثبت أن الفن والفلسفة يجب أن يكونا تعبيرا عن نبض الناس
- جورج إسحق : هذه قصة المظاهرة الوحيدة التي سرت معه فيها بقلب القاهرة
- حمدين صباحي: رسالته هي أن نبقى على قيد الأمل .. وقد عاش ومات دون أن يفرط

عبرت الاحتفالية التي أقيمت في ذكرى مرور ثمانية أعوام على رحيل أحمد فؤاد نجم بتنوع حضورها عن المزاج العام، فقد حضرها مبدعون ونقاد وسياسيون ونشطاء ومسؤولون سابقون، عرضنا في الحلقة السابقة نص محاضرة ألقاها د. كمال مغيث المثقف الكبير والخبير بالمركز القومي للبحوث التربوية عن نجم ، وما قالته الإعلامية اللامعة سوزان حرفي مقدمة الاحتفالية، وفي هذه الحلقة نعرض مداخلات بقية المتحدثين ، وكانوا على الترتيب المخرج مجدي أحمد علي – كمال أبو عيطة المناضل ووزير القوى العاملة الأسبق – د. أنور مغيث أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة – جورج اسحق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، واختتمت الاحتفالية بكلمة لحمدين صباحي المرشح الرئاسي الأسبق ومؤسس التيار الشعبي.

يقول المخرج الكبير مجدي أحمد علي: حين أنظر لحضور الاحتفالية أقول لنفسي ليس معقولا أن أتحدث في حضور شوقي الكردي زميل السجن (أحمد وبهاء والكردي) وحياة الشيمي وعزة بلبع وعزة الخميسي وكمال أبو عيطة و د. عواطف عبد الرحمن . تقريبا كل الموجودين أولى مني بالكلام. 

عرفت نجم أوائل السبعينيات وكانت كلية الصيدلة بعيدة عن الجامعة ولكي يأتي لكلية الصيدلة كانت هناك مشكلة، فكنا نذهب للجامعة وأي ندوة يحضرها نجم ينشد جيفارا في آخرها وتعقبها مظاهرة. وفي أعياد ميلاد أولادي كنت أدعو نجم والشيخ إمام على سطح بيتنا في المنيل ، وانتهى الأمر بصداقة عميقة وتمنيت لو أخرجت فيلما عن الفاجومي، لكن نجم كان رجلا جميلا، وأي شخص يخبره أنه سينتج فيلما عنه يتفق معه، وحينما شرعت في الاتفاق معه وجدته اتفق مع 3 مخرجين آخرين، ولم يكن لديه مانع من أن يتقاضى أموالا. 

نجم كان رجلا متسقا جدا مع نفسه، فنفس الشاعر الذي وصفه بأنه (بيتخن من بوزه) هو من يقول عن صلاح جاهين الذي سبق وهجاه: (سلامتك يا جميل وياريته كان في قلبي شريانك العليل)، كما كان يعشق أم كلثوم ويغني مع كمان عبده داغر "شمس الأصيل" كما لم أسمع أحدا من قبل، حتى في علاقته مع الأبنودي وعبدالحليم وجمال عبد الناصر الذي وصفه بأنه "عبدالجبار" ومع ذلك كتب "مقام عبدالناصر" وشبهه بالإمام الحسين، وقصيدته عن عبدالناصر كانت تذاع في سوريا عشرات المرات يوميا (وان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت). 

ما أود قوله كيف نعرف الاتساق مع مايبدو أنه تناقض ظاهري ما بين رأيين .. هذا هو الاتساق نفسه الذي يعبر عن اللحظة التي يرى فيها الناس ، هو لا يدعي أنه مثقف راديكالي يقف عند فكرة محددة، فقد كانت أفكاره هي أفكار الشعب وإحساسه هو إحساس البسطاء. في وقت ما كان إحساسه بشكل بعد فترة يحس شيئا آخر، هذا هو أحمد فؤاد نجم الذي يعبر عما يحسه بلا خجل ويقول عن نفسه أنه ضبط وهو يسرق أو وهو يساعد النشالين ، لا يخجل على الإطلاق لا من ماضيه ولا واقعه ولا بيته ولا من طبقته ولا من الستات الكثيرات اللاتي تجوزهن او لم يتزوجهن، هذا النوع من البشر المتسقين مع أنفسهم هو ما نفتقده، وحين انتج فيلم عن الفاجومي لا يسرد أشياءه الصغيرة لم يعجبه، وسألته: ألا يعجبك سيناريو كتبه محسن زايد عنك؟ فقال: "ياعم مجدي ده مطلعني جمال عبدالناصر.. هوه انا جمال عبدالناصر؟ أنا راجل غلبان". هو لم يكن يريد إلا أن يكون نفسه كما هو بشكله وهيئته وجلبابه وأظافره غير المقصوصة التي كانت تسخر منها صافيناز كاظم ، فهو نفسه البسيط الذي أحببناه. أنتجت فيلما عنه تشجع له نجيب ساويرس الذي أسمى جائزة شعرية باسمه. واخرجت الفيلم في أحد مناسبات الجائزة.

ثم تحدث المناضل كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق فقال: هناك أشياء خارقة للطبيعة لاعلاقة لها بما نعرفه ونسمعه ونراه، كان النقاد يصفون شعر نجم بأنه "شعر لحظي" سينتهي أثره بمرور الوقت، أقسم برب العزة أن البيتين المكتوبين على لافتة الاحتفالية لم أشعر بهما في حياتي كما أشعر الآن، ثم أنشد والحضور: "كلمتين يا مصر يمكن /همه آخر كلمتين / حد ضامن يمشي آمن / أو مآمن يمشي فين." مختتما كلمته بها.

وقال أستاذ الفلسفة د. أنور مغيث: أحاول لمس جزء من علاقة الفلسفة بشخصية أحمد فؤاد.. عرفت أغاني نجم وإمام من أخي الأكبر صلاح مغيث الذي كان يحضر لنا أشرطتهما بعد النكسة ، وكنا معجبين بالكلام لدرجة أن أمي حين كانت تحضر لي هدية تقول: "قيس ياكلب الست قيس" لإعجابها بالقصيدة، بعدها التحقنا بالجامعة وأخذنا نحضر ندوات أحمد فؤاد نجم بمدرج 78 وفي مقر الجمعية التاريخية والجمعية الفلسفية ، ولقاء الجمعية الفلسفية مهم لأن أستاذي الدكتور حسن حنفي كتب وقتها (أظن عام 1968) مقالا في مجلة الكواكب عن الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ، فاستغربنا أن يكتب أستاذ الفلسفة وهو عازف موسيقي يقدر الفن، عن هذه الطريقة في التأليف والتلحين، ورأى فيها أن الفن والفلسفة يجب أن يكون تعبيرا عن نبض الناس ، فاستضفنا نجم في كلية الآداب وكان وجود الشيخ إمام في الجامعة يوم عيد، وحين سافرت فرنسا أقيمت لهما أمسية هناك ونشرت صحيفة ليبراسيون صفحة كاملة بعنوان مغنو الجاز على شط النيل. كنت أدرس في ستراسبور على بعد 500 كيلومتر ، فقطعت المسافة لحضور الحفل انا وصديقي محمد سيف الذي غنى له الشيخ إمام "بكرة الآتي آت"، حاولنا الدخول في جامعة نانتير (التي انطلقت منها احتجاجات 1968) لم نتمكن لأن المقاعد كلها محجوزة، فذهبنا إلى الكواليس وقابلنا نجم والشيخ إمام ، وقلنا لهم ليس معقولا أن نقطع هذه المسافة ولا نحضر ، فقال نجم: "سيبوني هاتصرف" ، ووجدناه يتحدث بصوت عال وغضب في احدى الغرف ، وفي النهاية سمحوا لنا بالدخول، وبعد حوالي 20 سنة تقابلنا عند أصدقاء وهو يحكي عن زيارته لباريس ويقول: دخلت عملت خناقة علشان الطلبة اللي مالقيوش مكان في الحفلة. ثم نظر لي وقال "إنت مش كنت منهم يا واد" ، أجبته: نعم ، فقال: "أنتم كنتم عيال زبالة . عملت خناقة وقلت مش هنغني إلا لما الناس دي تدخل" ، وفعلا حضرنا الحفلة وكان انطباعا عظيما أن نرى أجانب وعربا من جنسيات مختلفة وكلهم يتفاعلون مع هذا الشعر وذاك الغناء.

أما جورج اسحق أحد مؤسسي حركة كفاية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان فقال: كانت علاقتي بإمام أكثر من نجم .. لأنه كان تجسيدا لبسطاء الشعب ، كان يجلس على دكة في الشارع فنجلس إلى جواره ، ومثل الثنائي تشكيلا بديعا، التقيت بنجم في دار ميريت للنشر، عند محمد هاشم، وسألني هل تريد أن تنزل الشارع الآن وكانت الساعة السادسة فقال : ياللا بينا، ونزل نجم وتصدر المشهد ووجدنا تجمعا خلفنا وأطلق الأمن المركزي غازا حولنا وانقلبت الدنيا ، وجاء ضابط الأمن ليقول: "ياعم نجم لا يصح أن تجمع "العيال الزبالة دي حواليك" فقال له: انت اللي زبالة وماعندكش فكرة .. دول اولاد مصر الجمال اللي بيحبوها"، وكانت هذه هي المظاهرة الوحيدة التي سار فيها نجم معي بشوارع القاهرة.

واختتم الاحتفالية المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي فقال: تحياتي للحاضرين وللعبقري المصري رفيع الشأن عالي المقام أحمد فؤاد نجم .. من حظ جيلي – جيل السبعينات – أننا كنا الأقرب في معاصرة نجم والشيخ إمام ، الظاهرة السياسية الشعبية الفكرية العظيمة. كان لنا صوت في أحمد فؤاد واليوم حين نحتفي به نحتفي بقيمة البقاء على قيد الأمل حتى آخر لحظة ، لأن نجم مات دون أن يفرط ، وإذا كان من المطلوب أن نستحضر شيئا، وما أكثر ما ينبغي أن نستحضره في ظروف مصر الراهنة هي أن نبقى على قيد الأمل، بثقة في المستقبل وإيمان بالشعب ورهان على أنه سينتصر ويسود، كل ما أبدعه أحمد فؤاد نجم في حياته وفي أشعاره كان تأكيدا لهذا المعنى، هذا رسول من رسل الأمل أدى رسالته وذهب لكن رسالته ظلت باقية . وإن شاء الله نبقى على قيد الأمل وعلى محبة أحمد فؤاد نجم.

بعد انتهاء الندوة عرض فيلم قصير مدته 15 دقيقة عن نجم من إخراج مجدي أحمد علي، وبعدها أنشد محبون لنجم قصائد متنوعة من أشعاره ، كما شدت عزة بلبع بعدد من أغاني نجم والشيخ إمام.
-------------------
تقرير – هيباتيا موسى

-----------------------

نماذج من قصائد نجم

** الممنوعات

ممنوع من السفر

ممنوع من الغنا

ممنوع من الكلام

ممنوع من الاشتياق

ممنوع من الاستياء

ممنوع من الابتسام

وكل يوم فى حبك

تزيد الممنوعات

وكل يوم بحبك

اكتر من اللى فات

***

حبيبتي يا سفينة

متشوقة وسجينه

مخبر فى كل عقدة

عسكر فى كل مينا

يمنعني لو اغير

عليكي او اطير

ليكي واستجير

بحضنك

او انام

فى حجرك الوسيع

وقلبك الربيع

اعود كما الرضيع

بحرقه الفطام

****

حبيبتي يا مدينة

متزوقة وحزينة

فى كل حارة حسرة

وف كل قصر زينة

ممنوع من اني اصبح

بعشقك.. او ابات

ممنوع من المناقشة

ممنوع من السكات

وكل يوم فى حبك

تزيد الممنوعات

وكل يوم بحبك

اكتر من اللى فات

--------------

** زيارة لضريح عبد الناصر

السكه مفروشه

تيجان الفل والنرجس

والقبه صهوة فرس

عليها الخضر بيبرجس

والمشربيه عرايس

بتبكي

والبكا مشروع

من ذا إللي نايم وساكت

والسكات مسموع

سيدنا الحسين؟

ولا صلاح الدين؟

ولا النبي؟

ولا الإمام؟

دستور ياحراس المقام

ولا الكلام بالشكل ذا ممنوع؟!

على العموم

أنا مش ضليع

في علوم الانضباط

أبويا كان مسلم صحيح

وكان غبي

وكان يصلي ع النبي

عند الغضب

والإنبساط!

أبويا كان

فلاح تعيس

فى ليله ظلمه

خلفوه

وف خرقه سودا

لفلفوه

وف عيشة غبرا

طلعوه

وف عشه ما يله

سكنوه

ولصموه

وطلسموه

ودجنوه

وجهزوه

وجوزوه على عماه

فكان محير في هواه

ما بين أمي وما بين الجاموسة

وكان يخاف

يقتل ناموسه

وكان خجول

خجول

خجول

لكنه كان دايما يقول

أستغفر الله العظيم

من باب الاحتياط!

أبويا طلعتوه حمار

فكان طبيعي

يجيبني جحش

لا أعرف نبي

من أجنبي

ولا مين ما جاش

ولا مين ما راحش

موسى نبي

أبوه نبي

عيس نبي

أبوه نبي

كمان محمد كان نبي

ويا قلبي صلي ع النبي

وكلنا نحب النبي

وكل وقت وله أذان

وكل عصر وله نبي

وإحنا نبينا كده

من ضلعنا نابت

لا من سماهم وقع

ولا من مرا شابت

ولا انخسف له القمر

ولا النجوم غابت

أبوه

صعيدي وفهم

قام طلعه ضابط

ضبط

على قدنا

وع المزاج ظابط

فاجومي من جنسنا

مالوش مرا عابت

فلاح

قليل الحيا

إذا الكلاب سابت

ولا يطاطيش للعدا

مهما السهام صابت

عمل حاجات معجزه

وحاجات كتير خابت

وعاش ومات وسطنا

على طبعنا ثابت

وإن كان جرح قلبنا

كل الجراح طابت

ولا يطولوه العدا

مهما الأمور جابت

------------


** قصيدة البتاع

يا للي فتحت البتاع

فتحك على مقفول

لأن أصل البتاع

واصل على موصول

فأى شئ في البتاع

الناس تشوف على طول

والناس تموت في البتاع

فيبقي مين مسؤول ؟

وإزاي حتفتح بتاع

في وسط ناس بتقول

بأن هذا البتاع

جاب الخراب مشمول

لأنه حتة بتاع

جاهل غبي مخبول

أمر بفتح البتاع

لأنه كان مسطول !

وبعد فتح البتاع

جابوا الهواالمنقول

نكس عشوش البتاع

وهد كل أصول

وفات في غيط البتاع

قام سمم المحصول

وخلا لون البتاع

أصفرحزين مهزول

وساد قانون البتاع

ولا عله ولا معلول

فالقاضي بتع البتاع

فالحق ع المقتول

والجهل زاد في البتاع

ولا مقري

ولا منقول

والخوف سرح في البتاع

خلا الديابه تصول

ويبقي البتاع في البتاع

والناس صايبها ذهول

وأن حد قال دا البتاع

يقولوا له مش معقول

وناس تعيش بالبتاع

وناس تموت بالفول

وناس تنام ع البتاع

وناس تنام كشكول

آدي اللي جابه البتاع

جاب الخراب بالطول

لأنه حتة بتاع

مخلب لراس الغول

باع البتاع بالبتاع

وعشان يعيش على طول

عين حرس بالبتاع

وبرضه مات مقتول

-------
** الخط ده خطي 

الخط دا خطي

والكلمة دي ليا

غطي الورق غطي

بالدمع يا عنية

شط الزتون شطي

والارض عربية

نسايمها انفاسي

وترابها من ناسي

وان رحت انا ناسي

ما حتنسانيش هي

والخط دا خطي

والكلمة دى ليا

لاكتب على عينى

يحرم عليكى النوم

واحبس ضيا عيني

بدموعى طول اليوم

قبل الوفا بديني

زي الصلاة والصوم

والدين فى عرف الحر

هم ومذلة ومر

وشجون تصون وتجر

احزان احزان مخبية

والخط دى خطي

والكلمة دى ليا

لاكتب على كفي

والحبر من دمي

ياهمتي كفي

يا عزوتى ضمي

اول ما حنوفي

بالوعد حنسمي

باسم اللى ماتوا صغار

فى المدرسه والدار

والمصنع اللي انهار

فوق الصنايعية

والخط دا خطي

والكلمة دى ليا

شط الزتون شطي

والارض عربية

نسايمها انفاسي

وترابها من ناسي

وان رحت انا ناسي

ما حتنسانيش هي








اعلان