28 - 03 - 2024

هل تتحقق فكرة فيلم "I robot" وتصبح واقعا في المستقبل؟ 43 دولة تستعين بالروبوت بديلًا للبشر

هل تتحقق فكرة فيلم

في الوقت الذي ينشغل فيه مجتمعنا العربي بحياة الفنانين والفنانات وقضايا الشرف، تحدث تحولات تقنية في العالم من حوله من شأنها أن تقلب حياته وحياة من حوله رأسًا على عقب.

فقد انتشرت في الآونة الأخيرة منصات عمل إليكترونية تستهدف توظيف أشخاص عن بُعد على مستوى العالم للعمل على مشاريع مختلفة تطابق مهارات الكثير من الناس؛ منها على سبيل المثال: مشاريع تستهدف تصوير المنتجات المستخدمة في المنزل من معلبات وسلع غذائية ومنظفات، وتصوير لافتات المحال التجارية والبوسترات وحتى إشارات المرور، ومنها أيضًا مشاريع تعمل على تسجيل صوتي لمتحدث واحد أو محادثة اثنين أو أكثر تدور بينهم لبعض الجمل المكتوبة التي يمدك بها صاحب المشروع عبر المنصة، ومنها تفريغ لتلك المقاطع الصوتية على هيئة جُمل مكتوبة من جديد، وتفريغ للصور عن طريق كتابة المكتوب في هذه الصور.

لم تقتصر تلك المشاريع على ذلك فحسب، بل امتدت إلى مشاريع تطالب المشاركين بتصوير أنفسهم صور "سيلفي" وصنع فيديو لهم لمدة 10 ثواني إلى 30 ثانية، وذلك بالنظر مباشرة نحو الكاميرا وعدم النظر يمينًا أو يسارًا مع تغيير الخلفية على حسب عدد الصور ومدة الفيديو التي يحتاجها منك، وذلك مقابل 10 دولارات أو أكثر لكل 10 صور و10 فيديوهات، وبمواصفات معينة لدقة الصور والفيديو.

والآن ووسط الظروف المعيشية التي يعيشها العالم بات من السهل أن يشارك أي أحد في تلك المشاريع حتى لو كانت على غير هواه، خاصة أن بعضًا منها يحتوي على ألفاظ خارجة ربما وإيحاءات جنسية أحيانًا.

من يعمل في تلك المشاريع والتي يكون أغلبها تابع لشركات صينية هي القائمة على شراء وبيع تلك البيانات "Data" إلى شركات ومندوبين مختلفين حول العالم هم الذين يعلنون عن المشروع ومدته وطريقة الدفع وسعر الساعة للمشاريع الصوتية والـ1000 صورة لمشاريع الصور، وفي بداية كل مشروع يقوم المشرف على المشروع أو المندوب بعمل اجتماع للمشاركين عبر منصات Zoom، وGoogle meeting، وتكون من ضمن البنود التي يتحدث فيها هي التعريف بتلك المشاريع وبأهدافها، والتي يشير فيها أنه يتم استخدام تلك البيانات في الذكاء الاصطناعي “artificial intelligence” والتي يتم تغذية وتطوير الروبوتات من خلالها.

العجيب في تلك المشاريع أن بعضا من تلك المقاطع التي يعمل عليها المشارك في مشاريع التفريغ الصوتي كانت رسائل صوتية مثل التي تُرسل على منصات الواتساب أو الفيس بوك، مما جعل البعض يربط بين ذلك وبين ما حدث منذ ما يقرب من شهرين بسقوط منصات الفيس بوك والواتساب لمدة 8 ساعات، والتي خرج إلينا المسؤولون عن المنصات بعدها ليتهموا طفلًا صينيًا بأنه هو من اخترق تلك المنصات، إلا أن المشاركين في تلك المشاريع يروا أنه تم سرقتها بالفعل وبيعها البيانات للشركات القائمة عليها.

البعض استشعر الخطر تجاه تلك المشاريع وتساءل عن أهدافها، إلا أن المندوبين سواءً كانوا عربا أو أجانب لم يكن عند أحدهم أية ردود منطقية على ماهية تلك المشاريع وأهدافها الحقيقية بشكل واضح ومحدد.

وفي واقع الأمر حتى لو كانت أهدافها المُعلنة هي الأهداف الحقيقية؛ فتلك في حد ذاتها كارثة، ففكرة أن يتم تغذية الروبوتات بكل ما يمكن معرفته عن الحياة والبشر والأطعمة والأشربة وإشارات المرور والشوارع وكيفية إجراء محادثة، جعلت فكرة سيطرة الروبوتات على حياة البشر في يومٍ من الأيام شبيهة بالفكرة التي طرحها فيلم "I robot"، وبالرغم من أن هذا يُعد إلى الآن من الخيال العلمي؛ إلا أن ما يحدث من تقدم علمي سريع ومتطور بشكل كبير أصبح يؤيد تحقق فكرة الفيلم مستقبلًا.

وليس بعيدًا أن يكون هذا هو المستقبل فعلًا، ولِمَ لا وقد أُّذيعت رقصات لروبوتات وحركات لأجسادها لا يمكن أن تفرقهم فيها عن البشر، منها ما تم نشره على اليوتيوب تحت عنوان “Do you love me?” وغيرها.

حتى هذا التقدم شاهدناه فعليًا فيما نشرته دولة الإمارات العربية من تطبيق هذه التقنيات في الشرطة الطائرة مثلًا، وإذا أردت أن تعرف حقيقة ما وصل إليه العلم ما عليك سوى أن تعلم أنه بالفعل يتم استخدام الروبوتات في 43 دولة حول العالم، وتعمل تلك الروبوتات كإداريين، ومسوقين، ومرشدين.

حتى "الكوميك" الذي صدَّرته لنا المواقع الإخبارية منذ أسابيع حول بيع وجهك مقابل 200 ألف دولار واعتبره البعض نُكتة أو فكاهة، فقد أعلنت بالفعل شركة promobot الكائنة في ولاية نيويورك والمتخصصة في صناعة الروبوتات حاجتها إلى شخص شجاع تشتري حقوق ملامح وجهه للأبد.

وأعلنت الشركة أنها ستعمل بعد شرائها لحقوق وجهه، على الاستعانة به في أجهزة الروبوتات الخاصة بالشركة، والتي ستعمل في الفنادق، والمولات التجارية، والمطارات بحلول عام 2023.

وأمام هذا التقدم التكنولوجي الهائل؛ أصبحت مهنة الفريلانسر “freelancer” وهي العمل عن بُعد ومن المنزل، والتي حتى الآن في مصر لم يعرفها الكثير من الناس؛ مُهددة أيضًا بالانقراض أمام ذلك الذكاء الاصطناعي، فلن تُعد مهن المترجم والمفرغ والناسخ مطلوبة كما هي في السابق وإلى الآن، فمن أهداف تلك المشاريع أيضًا إلى جانب أنها قامت بذلك بالفعل في الترجمة الآلية وفي Google speech وبعض البرامج التي تقوم بتفريغ اللغات الإنجليزية، أن تعمل على عمل برامج تستطيع تفريغ الصوتيات العربية واللغات الأخرى إلى كلمات مكتوبة دون الحاجة إلى البشر، فهذه البيانات التي يتم بها تغذية الروبوتات من خلال تعريف الصور وتفريغها وتفريغ المقاطع الصوتية وتصوير كل شيء حولك ستُمكن الروبوتات من أن تحل محلك في القريب العاجل.

حاجة العالم إلى البشر تتلاشى يومًا بعد يوم بيد البشر أنفسهم، ولكنهم يمشون بمبدأ "احييني النهاردة وأمتني بكره"، فهل يقترب اليوم الذي تصبح فيه الآلة هي المتحكم في العالم بدلًا عن البشر؟
--------------------
تقرير - إيمان جمعة







اعلان