08 - 05 - 2024

خبراء يرسمون صورة متفائلة لأداء اقتصاد 2022

خبراء يرسمون صورة متفائلة لأداء اقتصاد 2022

نمو قوي ..قفزة جديدة في الصادرات والاكتشافات البترولية...تقليل الفجوة الغذائية 
- جون لوكا:  السلع المصرية استفادت من إغلاقات كورونا وأسعارها تنافسية في الأسواق
- أسامة زرعي: توقعات بنمو قوي للاقتصاد مع اشادات المؤسسات المالية العالمية
- مدحت يوسف: مصر تخطط لمزيد من عمليات البحث والتنقيب عن النفط والغاز بمساعدة الشركاء 
- د. نادر نور الدين: سد النهضة لن يجهد مصر مائياً والأمن الغذائي الهف الرئيسي لسد
 الفجوة

يتوقع خبراء اقتصاديون أن يحقق الاقتصاد المصري نموا جيداً خلال العام الجديد 2022، وأن تواصل الصادرات  المصرية قفزاتها، بعدما حققت أعلى معدل في تاريخها خلال العام الماضي، مستفيدة من جاذبيتها التنافسية في الأسواق الخارجية، وارتفاع غير مسبوق في عائدات البلاد من صادرات الغاز، ومحاولات مستمرة لتقليل الفجوة الغذائية بالتوسع في الزراعات الجديدة.

وحققت الصادارت المصرية خلال عام 2021، نمواً هو الأعلى في تاريخها، حيث وصلت لـ 31 مليار دولار بزيادة تصل الى 27%، ويرجع الخبير الاقتصادي جون لوكا سبب ذلك إلى استفادتها من حالة الإغلاق التي ضربت العالم كلياً أو جزئياً خلال العامين الماضيين مع تفشي جائحة كورونا والتي تسببت أيضاً في خفض الإنتاج لدى العديد من الدول الصناعية، الأمر الذي ساهم في إرتفاع الطلب على المنتجات والسلع المصرية المصرية، بالإضافة إلى خطوات التحفيز التي اتخذتها الحكومة للتصدير، وأبرزها برنامج رد الأعباء التصديرية. 

جاذبية السلع المصرية

يضيف  لوكا قائلاً:" حالة الإغلاق ساهمت فى تعطيش السوق العالمي، والجميع كان يعتمد على المخزون الإستراتيجي لديه، ومع الفتح التدريجي للصناعات زاد الطلب على الصادرات المصرية" 

وتأثرت زيادة الصادرات بإرتفاع أسعار الطاقة خصوصاً مع بداية أزمة الطاقة فى الصين التى أدت الى زيادة مصاريف الشحن للصادرات من الصين وبعض الدول المنتجة، واتجه البعض للإعتماد على المنتجات المصرية سواء كان الملابس أو مواد البناء أو الأسمدة.

ويوضح لوكا أن الصادرات تعد واحدة من أبرز المصادر التي يعتمد عليها الاقتصاد المصري في تدبير حاجياته من النقد الأجنبي، مما يؤدي إلى وفرة المعروض من الدولار  في الأسواق، فضلاً على زيادة القيمة الشرائية للعملة المصري. 

وتعتبر السلع والمنتجات المصرية رخيصة الثمن في الأسواق الخارجية، بعدما جرى تحرير سعر صرف الجنيه المصري، مما أدى إلى انخفاض القيمة الشرائية للعملة المصرية، وبالتالى زيادة تنافسية الصادرات المصرية فى السوق العالمي، مقارنةً بغلاء أسعار الدول الأخرى،  كما استفادت الصادرات المصرية من اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر وعدد من الدول الأفريقية، حيث حققت دول افريقيا نسب نمو مرتفعة في استيراد المنتجات المصرية، وكذلك الحال مع دول اتفاقية الميركسور، والتى نتج عنها تصدير مصر للأخيرة كميات ضخمة من الأسمدة، بحسب لوكا. 

ويتابع بأن مصر تسلمت رئاسة تجمع السوق المشتركة للشرق، والجنوب الأفريقي " الكوميسا" للمرة الثانية بعد مرور 20 عاماً منذ آخر مرة تولت فيها مصر رئاسة التجمع عام 2001، وأطلقت مصر خطة العمل الاستراتيجية متوسطة المدى للفترة 2021 - 2025 لـ"كوميسا"، والتي تهدف إلى تعميق الاندماج الاقتصادي والتكامل الإقليمي والتنمية ما بين دول التجمع، وذلك بالتناغم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية. 

ومن أسباب زيادة الصادرات المصرية عام 2021، صرف المساندة التصديرية وسداد المستحقات المتأخرة للمصدرين، والتي تراكمت خلال الأعوام الماضية لتتجاوز أكثر من 23 مليار جنيه، وكان لها تأثير سلبي على الشركات المصدرة إذ أدت إلى إحجام البعض عن التصدير في ظل عدم قدرة الشركات على سداد التزاماتها، ولكن مع إقرار مبادرة صرف مستحقات المصدرين المتأخرة، اختلف الأمر وشجع أغلب الصناع والمصدرين على البحث عن أسواق تصديرية جديدة. 

ويتوقع لوكا، استمرار نمو الصادرات المصرية خلال الأعوام المقبلة، اعتماداً على عمليات إعادة الإعمار في الدول العربية خصوصاً العراق وسوريا وليبيا، حيث تشارك العمالة المصرية في إعادة إعمار ليبيا مرة أخرى، والاستعانة بالمنتجات المصرية مثل مواد البناء والسلع الاستهلاكية، كما يتوقع استمرار نمو التصدير للدول الأفريقية، خاصة الدول تشهد تحسن في اقتصادها اعتماداً على اكتشاف ثروات تعدينية ونفطية. 

نمو قوي

ويتوقع صندوق النقد الدولي، أن يصبح الاقتصاد المصري ثاني أكبر اقتصاد على المستوى العربي والإفريقي في العام الحالى 2022، وذلك بقيمة 438.3 مليار دولار، كما يتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري معدلات نمو تصل إلى 5.4% خلال العام الحالي، كما تشير تقديرات البنك الدولي إلى نمو الإقتصاد المصري خلال خلال العام  المالي بنحو 5%، مقارنة بـ3.3% في العام المالي السابق عليه.

يقول الباحث الاقتصادي والمحلل الفنى أسامة زرعي، إن التقارير الصادرة عن كبرى المؤسسات الاقتصادية تتحدث عن الفرص التي يحظى بها الاقتصاد المصري، وجاذبيته للاستثمارات، آخرها التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، الذي وضع مصر كثاني اقتصاد عربي وإفريقي فى عام 2022، وذلك في ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، والتي كان لها عظيم الأثر في تنمية تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى الاقتصاد المصري، مع الفرص الاستثمارية الواعدة والضمانات والحوافز الاستثمارية. 

ويضيف:" هناك عوامل أساسية تدعم جاذبية الاقتصاد المصري،أولها التطور الحادث في البنية التحتية، بإعتباره فرس الرهان للاقتصاد المصري من أجل تهيئة البنية لتناسب التنافسية العالمية، وثانيها مرتبط بالفرص المتوفرة ومنها تصدير الطاقة ومشروعات الربط الكهربائي المختلفة، بما يسهم في زيادة التدفقات الاستثمارية.

بيد أن التحدي الأصعب الذي يواجه اقتصاديات العالم ككل، بما في ذلك الاقتصاد المصري مرتبط  بجائحة "كورونا"، لذلك فإن التعافي الاقتصادي مرتبط بالتغلب على الوباء، وفي حال تزايد الأزمة وتطور المتحورات الجديدة " أوميكرون"، فإن الأمر قد يهدد الاقتصاد العالمي بالانكماش، والعكس صحيح.

ولكن الاقتصاد المصري مهيأ تماماً لتحقيق أداء إيجابي في ضوء المؤشرات الراهنة، بالاستفادة من السياسات التي اتبعتها الحكومة إزاء التعامل مع جائحة كورونا وتداعيتها الشديدة لذلك سيكون هناك فرصة كبيرة لتسديد ديون مصر خلال هذا العام . 

اكتشافات بترولية

خلال السنوات الأخيرة شهدت مصر اكتشافات هائلة في مجال النفط والغاز، الأمر الذي ساهم في زيادة عائداتها النفطية، ويأمل المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، فى المزيد من الإكتشافات البترولية سواء نفط أو غاز، ففي مجال الغاز الطبيعي تسعى مصر إلى زيادة حدود الإنتاج الحالية التى بها فائض بالفعل عن احتياجاتها ، لكن الهدف أكبر من ذلك بكثير، حيث نريد تستهدف تحقيق إكتشافات غازية. 

ويضيف أنه بالإمكان التوصل إلى اتفاقيات بترولية "إمتياز بترولى" مع كبرى الشركات العالمية التى لها مراكز مالية كبيرة، مثل شركات اينى أو باتشي أو توتال، وذلك لأن تلك الشركات لديها القدرة التى تستطيع من خلالها الانفاق على مشروعات البحث والإكتشاف للوصول الى اكتشاف تجارى كبير. 

وتخطط مصر لأن يكون لديها حقول نفطية ضخمة على غرار حقل "ظهر" بهدف تحسين الاقتصاد القومى، وتصدير كميات ضخمة للخارج، ويعتبر ذلك الهدف الرئيسي ولذلك تعمل الحكومة على تحسين جودة اجتذاب العملاء عن طريق المنصات الرقمية، وتوفير البيانات الجيولوجية عن المناطق الموجودة فى الأراضي المصرية حتي تصبح نقطة جذب لهم للاستثمار في البلاد. 

تقليل الفجوة الغذائية

في مجال الغذاء، تسعى مصر لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق التوسع في الزراعات، وكما يقول الدكتور نادر نور الدين الخبير الزراعي، إن مصر تستورد 65% من احتياجاتها الغذائية بها لذلك يعد الأمن الغذائي هدفها الرئيسي. 

 ويضيف:" نحن لا نستطيع توفير 65% من اجمالى احتياجتنا من الغذاء من الخارج بقرار، لأن ذلك يتطلب سياسات، فعلى سبيل المثال تستورد مصر 70% من احتياجاتها من القمح، و60% من الذرة الصفراء، و 100% من زيوت الطعام والعدس، و 80% من الفول البلدى، و 30% من السكر، لذلك من الصعب تحقيق اكتفاء ذاتي من هذه السلع، انما نحاول قدر الإمكان تقليل الفجوة الاستيرادية، من خلال التوسع في مشروعات استصلاح الأراضي الجديدة فى الضبعة، ومحور اسكندرية ومرسي مطروح المعروف باسم الدلتا الجديدة ،وربما أيضاً يكون محور توشكى.

 كل ذلك قد يساهم فى خفض الفجوة الغذائية المصرية، ولكن الوصول الى الإكتفاء الذاتى فى ظل وجود شح وفقر مائي فى مصر فإن ذلك أمر صعب تحقيقه، ونحن الأن نتوسع زراعياً قدر المستطاع بسبب ندرة المياه، وهناك جهود جيدة تتمثل في تبطين الترع، وانشاء محطات لمعالجة مياة الصرف الزراعي والصحى والصناعي، وذلك لتعويض النقص في المياه.

ويوضح نور الدين، أن مصر ليس لديها موارد مائية كافية للإستصلاح، لذلك تحاول ترشيد استخدام مياه الري من خلال التحول إلى الري الحديث ومعالجة مياه المصارف، وكله بهدف الوصول إلى أمن غذائي معقول يمكننا من تقليل الفجوة الغذائية، لكن ابداً لن نصل فى القريب الى الاكتفاء الذاتى. 

ولا يتوقع نور الدين أن يعمل سد النهضة على تقليل حصة مصر والسودان معاً من المياه بأكثر من 10 الى 12 مليار متر مكب كل عام بعد انتهاء ملء السد، ذلك أن نصف هذه الكميات يتم خصمها من السودان والنصف الأخر من مصر، وبالتالى سيكون هناك نقص فى مصر بالفعل يترواح بين 5 إلى 6 مليار متر مكعب، لكن هذا الحد لن يجهد مصر مائياً حيث أن حصتنا من مياه النيل تقدر بنحو 55.5 مليار متر مكعب .  
-----------------
تحقيق: بسمة رمضان 

من المشهد الأسبوعي







اعلان