28 - 03 - 2024

هل ينجو كيروش من قلب العاصفة؟

هل ينجو كيروش من قلب العاصفة؟

- أحمد مجدي: نار تحت الرماد في علاقته بالجهاز الفني خصوصا مع ضياء السيد ومحمد شوقي
- عبد الرحمن عارف: مدرب عنيد أصر طيلة البطولة على لعب بعض اللاعبين في غير مراكزهم الأصلية

موجة كبيرة من الجدل أثارها خروج المنتخب المصري من بطولة كأس العرب بقيادة المدرب البرتغالي كارلوس كيروش عقب الخسارة في نصف النهائي من تونس في الثواني الأخيرة من عمر اللقاء، وبالرغم من كون البطولة ودية إلا أن الخسارة والخروج من البطولة عرّض الجهاز الفني للمنتخب للكثير من النقد. 

لم تكن الخسارة من نسور قرطاج وحدها ما أثارت عاصفة من النقد، بل أيضًا الحصول على المركز الرابع بعد الخسارة من قطر بركلات الترجيح، وهو مركز جاء مخيبًا لآمال الجمهور بعدما منى المصريون أنفسهم بالحصول على الكأس الذهبية، وهو ما دفع البعض إلى المطالبة بإقالة كيروش فورًا قبل بطولة أمم أفريقيا، بينما رأى البعض الآخر أن المدرب لازال يقوم بتجريب اللاعبين ومحاولة فرض أسلوبه مؤكدين أن البطولة كانت ودية ولا تستحق كل هذا الجدل. 

عنصر آخر غاب عن البرتغالي وحضر في تصريحات النقاد، وهو المكسب المادي من البطولة، حيث رصدت اللجنة المنظمة جوائز البطولة على النحو التالي: البطل يحصل على 5 ملايين دولار، الوصيف يحصل على 3 ملايين دولار، المركز الثالث يحصل على مليونى دولار، المركز الرابع مليون ونصف المليون دولار، المتأهل لدور 8 يحصل على 750 ألف دولار، كل منتخب يشارك فى البطولة يحصل على 500 ألف دولار. 

ولمعرفة مدى أهمية المبلغ، فإن الاتحاد الافريقي لكرة القدم (الكاف) يحدد مكافأة الحاصل على المركز الأول في كأس الأمم الافريقية بـ5 ملايين دولار، أي أن المكسب المادي من البطولتين هو نفسه، مع فارق صعوبة المباريات، حيث لم يشارك أي من المحترفين في كأس العرب، بينما سيشارك جميع المحترفين في أمم أفريقيا وهو ما يعطيها ثقلا من جهة وصعوبة من جهة أخرى. 

ما زاد الطين بله، أن كيروش لم يعتذر بعد الخروج المخيب للآمال، بل خرج بتصريحات أثارت الجمهور أكثر، فقد قلل من شأن البطولة معتبرًا إياها تمهيدًا لكأس الأمم الافريقية، كما ألقى باللوم على الأخطاء التحكيمية التي رأى أنها تسببت في خروجه، وهو ما لم يحدث على حد قول خبراء التحكيم، وكان الجمهور فقط ينتظر اعتذارًا أو تبريرًا فنيًا لما حدث خاصة أن البطولة كانت في المتناول، وهو ما لم يفعله البرتغالي أو يفهمه. 

اخفاق كيروش الأول طرح تساؤلًا هامًا؛ هل هو مؤهل لقيادة المنتخب لتصفيات كأس العالم؟ 

يقول المحلل الرياضي أحمد مجدي في تصريحات خاصة لـ"المشهد" أن اختيار كارلوس كيروش لتولي تدريب مصر كان يدور حول إنجازات الرجل السابقة في تصفيات كأس العالم مع أكثر من منتخب في أكثر من قارة، وبالتأكيد فإن هذا الهدف هو أكثر ما يشغل الكرة المصرية بين المشجعين والمسؤولين، لكن في بلد كمصر وبما يشتمله إرثها الكروي كان لابد على كيروش أن يعلم احتياج الكرة المصرية لألقاب كبيرة وخصوصا أن آخر لقب حازته الكرة المصرية كان فيعام 2010.

ويرى مجدي أن تصريحات البرتغالي لم تكن موفقة حول أن كأس العرب وكأس أمم إفريقيا هما تجربتان للهدف الأسمى وهو التأهل إلى كأس العالم، كما لم تكن موجة تصريحاته الأخرى والتي رآها الكل انتقاصا من مكانة مصر، سواء قبل كأس العرب أو بعدها أو ما أطلق عليه "سنجعل المستحيل ممكنا" حول تأهل مصر لكأس العالم، أمرا سائغا لأغلب المتابعين. 

وعقب مجدي على تلك التصريحات قائلًا أنه حتى إن كان الرجل يطمح للتجربة في كأس العرب، ما كان عليه أن يبرز ذلك في كل مناسبة، لأن الجماهير المصرية ارتبطت بتلك البطولة لعودة الجماهير لمؤازرة المنتخب بكثافة، وكذلك لأن البطولة كانت في المتناول إلى حد كبير خصوصا في ظل خوض مصر البطولة بتشكيلة قوامها الأغلب من الأساسيين، بينما المنتخبات المنافسة الأخرى فقدت العديد من عناصرها الأساسية المحترفة في أوروبا وغيرها. 

أما بالنسبة لعلاقة كيروش مع الجهاز الفني له وبالتحديد القسم المصري منه، فيقول مجدي أنه يبدو أن هناك نارا تحت الرماد خصوصا مع ضياء السيد ومحمد شوقي، فالأول يبدو منزوع الصلاحيات إلى درجة كبيرة حتى ولو شكليا على دكة البدلاء، أما الثاني فالأمور تسير على ما يرام بالنسبة لعلاقته بكيروش، ولكن ما يصدر من داخل الكواليس يؤكد أن شوقي يفرض على البرتغالي هذا الدور إجبارا كي يتيح لنفسه فرصة التأثير. 

ويضيف المحلل الرياضي أن كيروش أتى إلى منتخب مصر مدفوعا برغبة المسؤولين الحاليين في تحقيق إنجاز كبير، وهو التأهل إلى كأس العالم، ونجح في أن تكون المباراتان الفاصلتان في مارس المقبل هما بالونتا الاختبار والاختبار ذاته في نفس الوقت، فلا أحد من بين المسؤولين يستطيع تقييم كيروش قبل هذا الموعد، حتى إن صبت الجماهير جام غضبها في كل مناسبة حول الاختيارات والأداء ورؤية الرجل لتاريخ مصر الكروي.

لم يختلف كثيرًا المحلل الرياضي عبدالرحمن عارف مع رأي مجدي، ووصف عارف كيروش بالمدرب العنيد، حيث أصر طيلة البطولة على لعب بعض اللاعبين في مراكز غير مراكزهم الأصلية، فلاعب مثل محمد شريف وهو هداف الدوري المصري، يلعب مع ناديه الأهلي مهاجمًا، وهو ما يجيده وأجاده بالفعل طيلة الدوري، فلماذا يصر على إشراكه كجناح بالرغم من فشله في هذا المركز، وكذلك الاعتماد القليل على نجم النادي الأهلي محمد مجدي قفشه، ويرى عارف أنه إذا كان المدرب لا يفهم مراكزهم الأصلية فهذه مشكلة وإذا كان يفهم ولكن لا يستطيع استخدامهم بشكل جيد فهذه مشكلة أخرى. 

كذلك إصراره على اشراك مروان حمدي الذي لم يظهر بالشكل المطلوب، وكان مستواه سيئا جدا في هذه البطولة، ويبدو أن إصراره تحول إلى عناد مع الجماهير، حيث لعب مروان أساسي في ٦ من أصل ٧ مباريات خاضها المنتخب في بطولة كأس العرب، كما لم يعامله كباقي اللاعبين الذين كان يقوم بتدويرهم جميعًا تقريبًا أثناء المباراة، كان مروان يتمتع بحصانة خاصة حيث عندما كان يريد استبداله يفعل ذلك في آخر الدقائق، وهذا يتعارض مع تصريحات كيروش نفسه، الذي كان يؤدي في كل مؤتمر صحفي أنه ذاهب إلى تلك البطولة بتلك القائمة لتجربة اللاعبين، فمن أين ذهب ليجرب اللاعبين وكيف أصر على مروان طيلة ٦ مباريات بالرغم من ضعف مستواه الفني؟ 

واتفق عارف مع مجدي في وجود خلل في العلاقة بين الجهاز الفني للمنتخب، حيث أكد أن تعامل كيروش مع جهازه المعاون لا يرتقي مع مناصبهم، فهو يتجاهل بشكل دائم الحديث مع المدرب العام ضياء السيد، وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة، لأنه بهذا الشكل يبدو أن الاتحاد المصري أجبر كيروش على ضم ضياء إلى جهازه المعاون، وفي هذه الحالة يجب توجيه اللوم إلى الاتحاد وليس كيروش. 

كما أشار عارف أن هناك أزمة في تشكيل الجهاز الفني، وهي نقطة أثارها اللاعب أحمد رفعت في أحد التصريحات، حيث قال أن المدرب البرتغالي ليس له مترجم، ويرى عارف أن هذا خلل كبير في تكوين الجهار الفني، ففي أرضية الملعب يتعامل كيروش مع اللاعبين بالإنجليزية ويترجمها لهم محمد شوقي رغم أن هذا ليس دوره، لكن ماذا لو طلب اللاعب جلسة خاصة تجمع بينه وبين المدرب دون حضور المدرب المساعد؟ ومثل هذه الجلسات أمر معروف ومعتاد في كرة القدم، إذآ فإن تلك النقطة أيضًا ربما يلام فيها الاتحاد. 

ويضيف المحلل الرياضي أن مشكلة تسريب تشكيل المنتخب لبعض الإعلاميين المقربين من الجهاز الفني قبل المباراة بيوم كامل كارثه تستدعي تحقيقا فوريا، فمن جهة هو يؤكد أن هناك عضو في الجهاز الفني غير كفء وغير مؤهل لهذا المنصب، ومن جهة أخرى يكشف للخصم كيف ستلعب في المباراة المقبلة وهو ما يمكنه من التحضير لك بالشكل والوقت الكافي. 

ويختتم عارف أنه غير متفائل بقيادة كيروش للمنتخب ولا بطريقة لعبه، مشيرًا أن الحال لم يختلف كثيرا عن حال المنتخب رفقة حسام البدري غير أن كيروش مدرب أجنبي ويحمل جواز سفر برتغالي. 
--------------------
من المشهد الأسبوعي







اعلان