- مطلوب جدول زمني لتحقيق كل ما جاء في الوثيقة لأنها محور أساسي لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة
منذ أن أعلنت إستراتيجية حقوق الإنسان في مصر، وكل الأوساط تتمنى أن ترى ما جاء في الوثيقة منفذاً على أرض الواقع لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.. ويوم الثلاثاء الماضي دعيت من وحدة أبحاث القانون بالجامعة الأميريكية التي يديرها الأستاذ عمرو عبدالرحمن, وكان الموضوع آلية التشريع والإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. تحدثت فيها مع عضو مجلس النواب الأستاذة أميرة صابر وقام بعرض الوثيقة وأهدافها الأستاذ محمد أحد الذين دعوا إلى هذه الندوة.
وتكلم الحضور في مناحي الحالة المصرية الآن وخاصة أن المشهد السياسي كان منحى لصالح التعبئة ورجوع الدولة إلى الوضع الطبيعي, وتكلم الحضور في أن الدولة تقريباً رجعت إلى الوضع الطبيعي وهذا يتطلب مزيدا من الحرية, وأن لإنجاز الإستراتيجية يجب أن يتوقف الإعلام الموجه، وتعطي الفرصة للنقد وإعلان الصوت الآخر, لأن إعلام الصوت الواحد لايصدقه أحد.
وأن الوثيقة تضمنت ماجاء في الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر, وأنه يجب أن نرد على أي إتهامات لإنتهاك حقوق الإنسان في مصر برد موضوعي ولا نتجاهله.
وللأسف الشديد بعد إعلان الوثيقة بأسابيع أصدرت محكمة أمن الدولة العليا قراراً بحبس الصحفيين رغم أن الدستور يمنع الحبس في قضايا النشر. وكل التهم الموجهة إلى تنظيم الأمل أنهم كانوا يريدون المشاركة في الحياه العامة عن طريق الإنتخابات.
ونتمنى من الرئيس عدم التصديق على هذه الأحكام وعدم تحطيم الشباب وتحطيم مستقبل الذين ليس لديهم أية صلة من قريب أو من بعيد بالإرهاب.
وفي المادة 71 من الدستور "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها, ويجوز إستثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية, أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد فيحدد عقوبتها القانون".
إستراتيجية حقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس استهدفت تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مصر، كما دعت إلى تعديل التشريعات القائمة لتعزيز الإتساق بين القوانين الوطنية والمبادئ والضمانات الواردة في الدستور والإتفاقات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة إليها مصر.
وأكدت على ضرورة مراجعة الجرائم المعاقب عليها وجوبياً وعقوبات سالبة للحرية, وهو لم يتم ترجمته إلى إجراءات ملموسة حتى تاريخه.
وبمناسبة هذه الوثيقة كنا نتمنى أن يصدر قانون بإنشاء مفوضية منع التمييز التي لم يقرها البرلمان بعد, ومن أول الضمانات الدستورية ترسيخ قيم المواطنة والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات. ويؤكد الدستور على أن الحقوق والحريات لايجوز لأي قانون تقييدها بما يمسها أصلها وجوهرها, وخاصة أن مصر ساهمت بفاعلية في المشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الإتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
هذا يتطلب جدولا زمنيا تتحقق فيه كل ما جاء في الوثيقة بلجنة دائمة ومستمرة وإحالة التشريعات التي يتفق عليها المجتعون إلى مجلس النواب لإقرارها, لأن هذه الإستراتيجية هي محور أساسي لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة, وهذا يتطلب برامج محددة في تنمية قدرات الكوادر الوطنية في قطاعات الدولة المختلفة في مجال حقوق الإنسان.
هذا موضوع قائم بذاته لتعزيز الإلتزام على أرض الواقع بالضمانات التي يكفلها الإطاران الدستوري والقانوني, وكذلك المطلوب سياسة جديدة لمعالجة عوامل ضعف مستوى المشاركة في الشأن العام بما في ذلك ضعف التواجد المجتمعي الفعال للأحزاب السياسية وعدم إنخراط الشباب في العمل الحزبي نتيجة للعقوبات والعقبات التي يحاول الإنضمام إليها.
وبما أن العام القادم هو عام الجمعيات الأهلية والعمل الأهلي مطلوب زيادة فاعليات القنوات المؤسسية للتشاور مع منظمات المجتمع المدني بإعتبارها شريك لبناء شراكة فعالة ومستديمة مع منظمات المجتمع الدولي.
هذا إلى جانب العمل السريع والدؤوب لوضع حد لعقوبة السجن الإحتياطي التي تستمر في بعض الأحوال إلى ثلاث سنوات وستة سنوات, هذا يتطلب تعديل قانون الإجراءات الجنائية والنظر أيضاً في قضية شديدة الأهمية وهي التدوير في القضايا بعد قرارات الإفراج عن المتهمين.
هناك مشروع مقدم من الحزب للمحافظين عن طريق العضو المحترم طلعت خليل بقانون يتضمن تعديل هذه القوانين المجحفة وإنشاء قاضي جديد يسمى قاضي الحريات.
هذه الإجراءات التي نتمنى أن نراها على أرض الواقع لأن الإستراتيجية أعلنت في 11 سبتمبر ومنذ ذلك الزمن لانعرف من هو المسؤول عن تنفيذ الإستراتيجية وماهي اللجنة المكلفة بذلك وهذا يحبط الأمل في بناء إستراتيجية جديدة لحقوق الإنسان, ولكننا سوف نستمر في الإلحاح على تنفيذ هذه الوثيقة بجدول زمني محدد. وأعتقد أنه من مهام المجلس القومي لحقوق الإنسان الجديد أنه من أولوياته أن ينظر في قانون الإجراءات الجنائية ويقدم مشروع متكامل لإصلاح قانون الإجراءات الجنائية.
وفي المجلس السابق كان الأستاذ ناصر أمين عضو المجلس قدم مشروعاً قانونياً لهذا المجال, يجب أن ننظر إليه بعناية.
سوف نستمر في دفع العمل لتحقيق هذه الإسترتيجية لأنها تنقذ الوطن من آثار سيئة كثيرة لا نتمنى للوطن العزيز أن يصل إليه.. والكلام على أننا سوف نفتح الأبوب تدريجياً هذا الكلام لايستقيم مع الرؤية الإستراتيجة لحقوق الإنسان.
يجب أن نفتح باب الحريات على مصراعيه, ومن حق أي أحد أن ينقد من تجاوز في هذه الحريات لأن الرأي الواحد والإعلام الواحد والرجل الواحد لايتفق مع معنى هذه الإستراتيجية.
هل نستطيع أن نعمل جميعاً في دفع هذا العمل الكبير الذي سوف يغير وجه مصر بالكامل في الداخل والخارج؟! أعتقد أن المصريين لديهم من الإمكانيات والخبرات القانونية المحترمة الكثير من الرجال.. هل نستطيع أن نحقق من خلال هذه الإستراتيجية دولة مدنية ديمقراطية حديثة؟!
--------------
بقلم: جورج اسحق
* عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان
منشور في المشهد الأسبوعي