عاد شبح الإغلاق ليخيم على القارة الأوروبية وتجدد الحديث إلى العودة للإجراءات الاحترازية ومنع السفر مرة أخرى، بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن نحو 60% من وفيات كورونا التى وقعت الأسبوع الماضى حول العالم، حدثت في أوروبا، ما يعكس تردى الوضع الصحى بها.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، إن أوروبا عادت لتكون بؤرة تفشى الجائحة، وسط «إحساس زائف بالأمان» بشأن الحماية التي تقدمها اللقاحات.
وحظرت بريطانيا بالفعل السفر من وإلى عدة دول إفريقية، بعد ظهور «أوميكرون» في جنوب قارة إفريقيا، وخصصت السلطات البريطانية عددًا من الفنادق لاستقبال القادمين من تلك الدول ووضعهم قيد قيود إغلاق صارمة، لحين التأكد من عدم حملهم الفيروس الجديد، كما بدأ الحديث عن احتمالية فرض إجراءات أكثر شدة يمكن أن تزداد تدريجياً في حال استمرار زيادة أعداد الإصابات بكورونا.
ومتحور كورونا الجديد "أوميكرون"، لديه قدرة أكبر على الانتشار ومقاومة اللقاحات الحالية، كما يقول العلماء، وتركيبته الجينية لديها القدرة على التهرب من الجهاز المناعى لجسم الإنسان واختراقه، وهى معلومات أربكت معامل الأبحاث التي لاتزال تدرس الموقف للتحقق من خصائص المتحور الجديد، ومن ثم وضع خطة لإنتاج اللقاحات.
وأعرب كريس وايتى، كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، عن قلقه من ظهور المتحور الجديد، كما أبدى قلقًا خاصًا تجاه إمكانية أن يتحمل الناس فرض إغلاق كامل مجددًا، بعد وعود حكومية سابقة بتخفيف قيود الإغلاق وعدم عودتها بشكل كامل، حيث خضعت بريطانيا لثلاثة إغلاقات منذ بدء الجائحة، ويخشى البريطانيون تطبيق إغلاق رابع.
وبمجرد الإعلان عن المتحور الجديد، خسرت بورصة لندن ما يزيد 72 مليار جنيه إسترلينى من القيمة السوقية لأسهم الشركات الكبرى، وكانت شركات الطيران ووكالات السفر أبرز الخاسرين، حيث توقع المستثمرون تطبيق قيود جديدة على السفر في ظل انتشار المتحور الجديد.
كما اضطرت الحكومة النمساوية لفرض قيود الإغلاق من جديد للحد من تفشى الوباء، بعد تدهور الوضع الصحى والوبائى في عدة دول أخرى، فالمجر وألمانيا وهولندا وفرنسا وروسيا ودول أخرى بدأت تعلن احتمالية فرض إغلاق جديد بعد عودة تفشى الفيروس وتدهور الوضع الصحى، بما قد يمثل عبئًا خلال الشهرين المقبلين على سعة المستشفيات والقدرات الصحية للدولة التي باتت مهددة بالتزايد في أعداد الإصابات.
وأعادت السلطات الصحية النمساوية قبل أيام ، فرض الحجر الشامل على جميع سكانها، لتكون أول بلد في الاتحاد الأوروبى يعود لاتخاذ هذه الإجراءات، وسط ارتفاع قياسى بحالات الإصابات بفيروس كورونا. ويعنى الإغلاق أنه لن يعود بإمكان السكان مغادرة منازلهم مع استثناءات قليلة تشمل التسوق لشراء الأساسيات وممارسة الرياضة. إلى ذلك، ستلزم الحكومة سكانها بتلقى اللقاحات المضادة لـ«كوفيد- 19» اعتبارًا من الأول من فبراير المقبل. وأعلنت حكومة المجر، المجاورة للنمسا، أنها ألزمت السكان بوضع الكمامات في الأماكن المغلقة.
وفى خضم تباطؤ عمليات التطعيم بحثت عدة دول إعادة فرض إجراءات الإغلاق التي لا تلقى قبولًا شعبيًا، خاصة أنها تأتى قبل عيد الميلاد، حيث تستعد مدن وعواصم حول العالم لإقامة حفلات جماهيرية ضخمة.
ورغم أن الإحصاءات تقول إن نحو 80% من سكان دول جنوب أوروبا تلقوا اللقاح، إلا أن التردد يعرقل حملات التطعيم في وسط وشرق أوروبا وروسيا، ما يؤدى إلى تفشٍ قد يضغط على أنظمة الرعاية الصحية.
واتهم المستشار النمساوي المترددين في أخذ اللقاح بأنهم مسؤولون عن تردى الوضع الصحى في البلاد، ورغم جهود حكومة النمسا على مدار الشهور الماضية لإقناع الناس بتلقى اللقاح لم تنجح هذه الجهود، مما اضطر الحكومة لاتخاذ قرار بفرض التطعيم الإجبارى للحد من تفشى الوباء.
وطال عودة تفشى الإصابات بفيروس كورونا دولًا كانت تتمتع بمعدلات تلقيح معقولة، حيث شهدت ألمانيا وفرنسا وهولندا زيادة في الإصابات، ما يبرز التحدى الذي تواجهه البلدان التي بها معدلات قبول مرتفعة للتطعيم، ويقوض آمال استخدام اللقاحات كوسيلة للعودة إلى وضع يقترب من الطبيعى. وأعلنت السلطات الصحية الألمانية أن البلاد أصبحت في قبضة موجة رابعة «مأساوية» من فيروس كورونا، وطالبت المواطنين بتوخى الحذر واتباع إجراءات التباعد الاجتماعى للحد من وتيرة الإصابات المتسارعة.