26 - 04 - 2024

في مواجهة انفـلات الشـارع المصـري قبـل فـوات الأوان!

في مواجهة انفـلات الشـارع المصـري قبـل فـوات الأوان!

يظهـرُ بوضـوح الانفصال بين شعائر الدين والسلوك فـي المجتمـع المصـري.

ففي أيامنـا الحالية انحدرت الاخلاق الاجتماعية إلى ادنى مستوى فقد اصبح عدم احترام القوانين والكذب والغش في المعاملات والخداع والاعتداء على حقوق الآخرين في كل شيء صفة الكثرة الغالبة من الناس.

تقدر بعض الإحصاءات أعداد البلطجية بما يتراوح بين 200 ألف و500 ألف بلطجي في عموم مصر، وهي أعداد يصعب التأكد من صحتها، ولكنها تشير بالتأكيد إلى ضخامة ظاهرة البلطجة عموما في مصر، ويعد قانون رقم 58 لسنة 1937م، هو القانون الرئيسي التي تعتمد عليه مصر في مواجهة البلطجة التي جاء تعريفها بالأفعال التي من شأنها الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة وحدد القانون العقوبات الناتجة عن هذه الأفعال.

ولا اقصد هنا ظاهرة البلطجة فقط وإنما الحديث في هذا المقام اكثر اتساعًا وعمقًا من قصره على فئة معينة فلا يوجد في الشارع المصري أي مظهر يـدل على احترام القوانين الرسمية إلّا حالات قليلة إن لم تكن نادرة.

وهذه المظاهر لا يمكن حصرها فهي تختلف من مكان لآخر وتتجدد وتتطور من نفسها، ونذكر منها ما يلي:

- ظاهرة التوكتوك وما ترتب عليه من جرائم معينة ارتبط به مثل سرقة الشنط والتليفونات وجرائم الخطف والاغتصاب والتحرش ونذكر من ذلك حادثة مقتل مريم التي اشتهرت بـ “فتاة المعادي”، إذ لقيت مريم حتفها دهساً أسفل عجلات ميكروباص، إثر محاولة سرقتها بالقوة في حي المعادي بالقاهرة.

- الميكروفونات المثبتة على ما يسمى بالــ "البوحة" التي تغزو الشوارع المصرية المستمرة في الضوضاء الصوتية في كل الاوقات وازعاجها الذي لا ينتهي من بائعي الخضراوت او الروبابيكيا او شراء الزيوت المستعملة.

- التحرش بالنساء المنتشر ليلاً ونهارًا والذي اصبح ثمة غالبة تميز شوارعنا سواء باللفظ أو اللمس.

ومن ذلك واقعة مقتل الشاب محمود البنا في المنوفية على يـد 3 متهمين دفاعًا عن فتاة تحرش بها بعض الاولاد في الشارع.

- تعاطي المخدرات في الطرقات وذيوع الاتجار بها في الارياف والمدن وخاصة مخدر "الشابو والكريستال" وما يترتب عليهما من آثار تظهر في جرائم القتل أو اغتصاب الاطفال او النساء خاصة أن الشابو أو ما يطلق عليه الكريستال أو الآيس هو مخدر جديد كيميائي مركب تفوق خطورته جميع المواد المخدرة حسب ما ذكر الدكتور أحمد حسين، استشاري الأمراض النفسية، والمتخصص في علاج الإدمان، موضحًا أن السبب في ذلك كونه مخربًا لجميع أجهزة جسم الإنسان، وعلى رأسها الخلايا العصبية.

- الاعتداء على الطرقات من المقاهي التي اصبحت ظاهرة في الريف أو المدن والبقالات أو ورش التصنيع النجارة او الحدادة أو الدوكو وما يترتب عليها من آثار كيميائية ضارة تضر بصحة المواطنين وما ترتب على ذلك من ضيق الشوارع امام المارة أو السيارات وانتشار الامراض الصدرية وكل هذه المخالفات تتم امام مرأى ومسمع من الموظفين المختصين في الاحياء أو المجالس المحلية وكأن من يخالف القانون يملك الشارع رغم أنه ملكية عامة ينبغى أن ينتفع به الجميع.

وبحسب تقرير أصدرته وزارة الداخلية، لمعدلات الجريمة في مصر خلال 2018م، متضمن ترتيب محافظات الجمهورية بحسب معدلات الجريمة، تصدرت القاهرة والجيزة والقليوبية والغربية والدقهلية التقرير كأكثر المحافظات ارتفاعًا لمعدلات ارتكاب الجرائم.

فقد أرجع التقرير المذكور أسباب ارتفاع معدلات الجرائم إلى انتشار الأسلحة النارية، والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي، والتأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات وانعكاسها على تقليد المواطنين لها، والظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة بالدولة، وظهور أنماط جديدة للجريمة، وتكوين تشكيلات عصابية جديدة من الشباب العاطلين، وسهولة تنفيذ البعض لجرائم السرقات بسبب قصور المواطنين في وسائل تأمين ممتلكاتهم، وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي، واستغلال البعض للحرب التي تخوضها الدولة على الإرهاب.

وقبل أن يضيع الشارع المصرين من يد المصريين؛ يجب الاسراع فورَا في مواجهة هذا الانفلات الذي اجتاح المجتمع المصري من خلال توعية المواطن لأنه العنصر الرئيسي وراء ظاهرة الانفلات، ومحاسبة الموظف الذي يثبت فساده الوظيفي والاسراع في تنفيذ وإعلاء سلطة القانون على الجميع، وكذلك مواجهة الانفلات الفني من خلال ترويج عدد ليس بالقليل ممن يسمون انفسهم بالفنانين لحمل السلاح وتعاطي المخدرات وظهور شخصيات قميئة في شكلها ومضمونها الدرامي بما يشجع على الجريمة عمومًا، ومحاولة التعجيل بالإصلاح الاقتصادي ومواجهة البطالة وكذلك إيجاد دور للنخب السياسية أو رجال القانون في وضع خطة لإعادة الأمن، وتطوير أداء الداخلية وعودتهم مرة اخرى لتنشيط الشوارع بالشكل الذى يمكنها من أن تؤدى دورها في وضع حد للكثير من الجرائم وتقويم المجتمع، واستدعاء دور الدعاة في الحث على جوهر الدين واهمية المعاملة والاثم الذي يترتب على إشاعة الفوضى والسلوكيات السيئة بين الناس.

وأن عدم الاسراع في معالجة إشكاليات الشارع المصري والذي لا يأمن المواطنون فيه على انفسهم الآن يطرح التساؤل: هل فات الأوان لمواجهة هذا الانفلات الذي يغزو الشارع المصـري ويؤثـر في امنه واستقراره؟

--------------------

محمـد جـلال عبـد الرحمن

محـامٍ وكاتب حاصـل على جائـزة الدولـة عن افضـل كتاب في العلوم الرقميـة

بريد الكتروني:  [email protected]

مقالات اخرى للكاتب

مدرسة جمعية الشبان المسلمين بالمنيا  تخسر 4 ملايين جنيه والأعضاء يعتبرونها إهدارا للأموال





اعلان