23 - 04 - 2024

رسالة للسيدة" واو "

رسالة للسيدة

الأدب بشعره ونثره هو عملية تواصلية بين المؤلف والنص والقارئ . والقراءة البلاغية قد تصل بالنص إلى مدى لم يكن الكاتب نفسه يفكر فيه أثناء الكتابة ؛ أي أن هناك قراء يصلون بالنص لمسافة أبعد مما كان يفكر فيها الكاتب وهو يكتب نصه.

فالكاتب او الشاعر يكتب ليخبرنا عن حدوث واقعة معينة ( سواء كان الحدوث متخيلا او واقعيا ) هذه الواقعة المعينة في مناسبة معينة ولغاية معينة وكل هذا يهدف إلى التأثير في القارىء بطريقة معينة .

والقراءة البلاغية لا تعتمد على مدارس نقدية ولا دراسة أكاديمية بل مخزون قرائي ضخم يجعلك تتلقف العمل الفني وتبدأ في التساؤل : لم أختار الكاتب أو الشاعر هذا القالب او هذه التقنية أو هذا الأسلوب ولم استعمل هذه التراكيب اللغوية تحديدا وما الأثر الذي يحاول المبدع أن يتركه فينا كقراء او بالأحرى ما نوع الاستجابة التي يود أن يستثيرها لدينا ؟

وتبدأ عملية التأويل التي تنشأ نتيجة للعلاقة ذات الآثار المرتدة بين المؤلف واللغة المتمظهرة في النص .

ولو وضعنا كل هذا بالاعتبار ونحن نتابع ما أثير من جدل حول نهديات السيدة واو ورغم أن ٩٠% ممن كتبوا عن الديوان لم يقرؤه بل اعتبروا الغلاف والعنوان ومقدمة الديوان كل هذا يكفي ولا حاجة لنا بالقراءة ولست منتقدا موقفهم بل هو يتماهى مع ما يهدف إليه هذا المقال؛ فالشاعرة لم تكن تبغي من وراء ديوانها جلبة وشهرة بالتعري والابتذال كما يحلو للبعض ترويجه بل كان المحرك الأساس هو المساواة بين الشعراء والشواعر أي ترجمة لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة ولأنها شاعرة فقد أرادت ترجمة الفكرة بطريقة عملية بطبع ديوان يعبر عن " فحولة المرأة " كما يعج الأدب في كل العصور بدواوين تعج بشعر يتفاخر الشعراء بفحولتهم ! والمبتغى الأول من خلف نشر الديوان هو فضح قصور العقل الشرقي وذكورته التي تهلل للشعراء وتحتفي بقصائدهم بينما يستنكرون على المرأة الاتيان بذلك .

إذن نحن أمام كارثة تولدت عن الفهم المغلوط للمساواة! هذا المصطلح الغربي الماكر ولست هنا لمناقشة هذه القضية ولكننا أمام حدث هام وهو هل ستكون هذه الشاعرة مؤسسة لمدرسة جديدة تفتح الباب على مصراعيه للشواعر يفخرن بانتصاب النهد والمقدرة الجنسية التي تسقط أعتى الرجال صريعا؟

لم يكن الديوان محض عمل يستثير الغرائز كما ادعى الكثيرون ولا كان الهدف هو البروباجندة بل كان عملا واعيا متقنا استغرق إعدادا ذهنيا طويلا وقد بدأ الإعداد من الغلاف حتى الخاتمة ، فقد وضعت صورتها ذات الرأس الثابت والمتأخر للخلف قليلا ( رمز الشموخ ) والنهدان  بارزان جدا تبرزهما فخرا يطاول  الرجل المعتد بشاربه.

وعلى أية حال فإن نهديات السيدة  واو تجربة نسائية محكوم عليها بالفشل لأسباب عدة وهي أن التشريح الفسيولوجي للمرأة لا يقبل هذا حتى من بني جنسها وبما أن الطبيعة المزدوجة في عملية الإبداع تتوقف كلية على قبول القارىء وبما أن المسؤولية الأخلاقية والقيم المطروحة هي العنصر الأساسي في مدى قبول العمل الإبداعي او النفور منه فإني أرى أنها ستعود من غمار المعركة خاسرة .
----------------------
بقلم: بدوي الدقادوسي

مقالات اخرى للكاتب

رسالة للسيدة





اعلان