20 - 04 - 2024

كيروش! .. مهمة ليبيا لن تكون سهلة

كيروش! .. مهمة ليبيا لن تكون سهلة

ما من شك في أن الكرويين بمصر وليبيا يترقبون لقاءي منتخبي بلديهما في التصفيات المؤهلة لكأس العالم المقررة إقامتهما خلال أيام.. هاتان المباراتان اللتان يُعوَّلُ على نتيجتيهما في تصدر مجموعتهما وقطع خطوة في الطريق إلى مونديال قطر 2022..

وبعيدًا عن أن الجولة المقرر لها مساء الجمعة 8 أكتوبر تعد أول اختبار لمدرب منتخب مصر القومي، البرتغالي كارلوس كيروش، الذي أثار جدلا في الأوساط الرياضية بعد استبعاده نجمي الأهلي، أفشة وشريف، بدعوى أنهما غير مؤهليْن بدنيًا، ورغم الآمال المعقودة عليه في العمل على إظهار الفراعنة بمستوى يليق بما عهده الأجداد لا الآباء، فحسب، منذ أول مباراة خاضها أغسطس 1920، عندما خسر فيها أمام إيطاليا بنتيجة 1 إلى 2، ومرورا بتربعه على عرش القارة السمراء بحصوله على بطولة الأمم الأفريقية لسبع مرات، فضلا عن بلوغه كأس العالم في ثلاث مناسبات.. ومع أن البون بين فريقي البلدين، يستطيع أي شخص التعرف عليه بمجرد كتابة اسمي المنتخبين على محرك البحث جوجل.. إلا أن الساحرة المستديرة لا تعترف بالتاريخ- ربما يساعد قليل من الحظ في أحايين مختلفة، إلا أن حتى ذاك الحظ يأبى ألا يحالف سوى المجتهد، وتبقى العزيمة والعمل والدوافع هي السبيل للسير نحو التقدم والتأهل..

وعن دوافع ليبيا الشقيق، ذاك المنتخب الذي لا تُقارَن إنجازاته أو رحلاته، التي بدأت مذ تأسيسه في أوائل ستينيات القرن المنصرم، مع منتخبنا الوطني كرويًا، يجب التطرق لأكثر من نقطة..

وكما يقال إن الجمهور يُعدُّ اللاعب رقم 12 لأي فريق كرة يخوض مباراة، فإن مساندة الليبيين بلدهم- والتي لن تزيد أبدًا عن دعم المصريين منتخبهم- قد تكون مصحوبة بالأزمة الليبية التي ستدفع «فرسان المتوسط» للمنافسة في الملعب حتى الرمق الأخير، إيمانًا منهم بأن اقتناصهم الفوز ربما يُجمِّع العديد من الفرقاء.

ليبيا.. البلد الشقيق الذي عاش عقدا من السنين العجاف، اقتيد إليه مرتزقة دُفعت لهم ملايين الدولارات إزاء حملهم السلاح في وجوه أبنائه، واستباحت أرضه قوات أجنبية بعضها يحلم بإمبراطورية زائفة، وأخرى تريد نهب خيراته وتطمع في ثرواته.. 

ليبيون عاشوا نحو عشر سنوات لم يجدوا كلمة سواء يلتفون حولها، ساد العنف وزادت الاضطرابات، وأضحى لمَن في الشرق رأي مخالف تمامًا لمواطنه في الغرب الليبي، كلٌّ منه يرى في نفسه أنه هو الأصوب، غير آبهين بقوى خارجية تسكب الزيت على النار، وهي تضع قدما فوق أخرى، ولا تفكر إلا في البقاء أطول فترة لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة..

ليبيون عاشوا سنوات رأوا قمة هناك ومؤتمرا هنا، واجتماعات في مكان ثالث ولجانًا وتحالفات واتفاقات في جينيف  و(....) و(....) و(....)، وسط مجتمع دولي يحاول إعادة تدوير الأزمة لا حلها، كون أهداف الدول الأجنبية المتصارعة على المصالح الليبية لا تزال متناقضة.. خلافاتها تزيد النار اشتعالاُ بين الليبيين، يظهر ذلك جليا بين الولايات المتحدة وروسيا من خلال القانون الأمريكي الأخير بشأن استقرار ليبيا.. مجتمع دولي لطالما تغنّى بضرورة إخراج المرتزقة والمسلحين الأجانب من الأراضي الليبية، في وقت بدا فيه أن المخرج الرئيسي لمؤتمر برلين 2 هو الخضوع لطلب الرئيس التركي أردوغان الذي رفض المغادرة، قبل أن تغادر قوات "فاجنر" الروسية، ليخرج وزير الخارجية الواشنطني بلينكن، مُصرحًا للعلن بأن الخروج لن يكون فوريًا، وأن على الجميع ممارسة الصبر وضبط النفس، في دليل جديد على تسليم المدعو المجتمع الدولي الليبيين لحاكمي أنقرة وموسكو..

ليبيون عاصروا مجلس نواب في طبرق ومجلس دولة في طرابلس وثالث "رئاسي"، ناهيك عن حكومة وحدة وطنية جاءت لتنفيذ خارطة طريق توحد المؤسسات الليبية، وتمهد لإجراء انتخابات في ديسمبر، علّها تكون بداية لإعادة الاستقرار وإعمار ما تم تخريبه، قبل أن يتم مؤخرا إعلان سحب الثقة منها.. 

كل هذا وغيره الكثير والكثير، يدفع المنتخب الوطني المصري إلى ضرورة الإدراك التام بأنهم سيواجهون فريقا يتعطشُ جمهوره الشقيق في الشرق والغرب، إلى الإحساس بالانتماء والاستقرار والالتفاف حول رمز لبلدهم.. لذا عزيزي كيروش عِ جيدًا أن مهمة ليبيا لن تكون سهلة.
-------------------------------
بقلم: عزت سلامة العاصي 

مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان