تأمين صحى حكومى يحتاج إلى تأمين عليه، لأنه لا يعالج موظفة تعمل بأحد دواوين وزارة الصحة، فما بالك بعموم المواطنين الذين يفترض أن لهم حق الاستفادة من خدماته ، خاصة إذا أصيبوا بمرض خطير مثل السرطان.
مشهد بات يتكرر بانتظام ؛ تعلو صرخات الموجوعين بآلام المرض ولا حياة لمن تنادى فى منظومة هيئة التأمين الصحى؛ هذا نص رسالة استغاثة بها الموظفة ناهد حمدى "مريضة السرطان" بالرئيس عبدالفتاح السيسي لنجدتها من تعنت مسؤولي التأمين الصحى:
"ناهد حمدى 50 عاما أعمل موظفة بوزارة الصحة لأكثر من 27 عاما؛ لم ألجا للعلاج فى هيئة التأمين الصحى والتي يقتطع من مرتبي بصفه مستمرة مقابل خدمتها إلا عندما اكتشفت بعد وصولي الخمسين بأني مصابه بالسرطان؛ ولأن تكلفة علاجه او التعايش معه باهظة بدأت ألجأ الى نظام العلاج فى التأمين الصحى وهنا بدأت المأساة.
لك أن تتخيل مريض سرطان يلهث وراء العلاج من مكتب تأمين صحى فى رمسيس إلى مستشفى تأمين صحى فى صيدناوى بالقاهرة إلى عيادة كشف وتشخيص خارجية للعرض على الاستشارى فى نفس الكيان؛ ودوامة تطول لأكثر من شهرين للتشخيص ثم الكشف ثم التحاليل ثم الاشعة؛ ومابين الذهاب والعودة مع المرض اللعين يمر الوقت كأنه دهر .
3 شهور مرت على معرفة أني أعانى من سرطان، وبعد العرض على اللجنة العليا للدواء أقرت بأنه يجب صرف الدواء الذي يوقف انتشار السرطان في جسدي وتقوية المناعة مع بعض المسكنات؛ لكن المسؤول يظل يتعسف ولا يوافق على صرف الجرعة العلاجية.
التمويل الطبي بهيئة التأمين الصحى دولة داخل الدولة؛ لا يبالي بحالة المريض وظروفه الصحية والنفسية والمادية ويرد على مريضة السرطان بالقول:"مش هنصرف جرعة العلاج" لماذا؟ يجيب: "هوه كده وخلاص". هل يظل الموظف يدفع للتأمين الصحى طول فترة عمله، وعندما يمرض لا يقدم له التأمين الصحى أى خدمة؟! مع أن كل علاجه مسكنات وأدوية تمنع انتشار المرض فى الجسد الهزيل!
قبل نشر هذه الرسالة أرسل محرر المشهد الشكوى الى الدكتور محمد السيد ضاحى رئيس هيئة التأمين الصحى؛ ولكنه لم يعرها أي اهتمام، وعلى مدى أيام لم يتلق ردا. والمفزع أن هذا هو الأسلوب المتبع لهيئة التأمين الصحى مع جميع المرضى، الأمر الذي دفع المحكمة الإدارية العليا إلى أن تقضي في حكم نهائي سابق؛ برئاسة المستشار سيد سلطان نائب رئيس مجلس الدولة برفض الطعن المقام من هيئة التأمين الصحى وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ بإلزام الهيئة بعلاج موظفة من مرض السرطان مجاناً.
وكانت محكمة القضاء الإدارى في كفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة قد قضت بوقف تنفيذ قرار هيئة التأمين الصحى بالامتناع عن صرف الدواء والحقن اللازمة لعلاج موظفة بإدارة التموين الدوائى بمديرية الشؤون الصحية بكفر الشيخ والمصابة بورم سرطانى بالثدى الأيمن مع ثانويات بالرئتين والعظام وعرض حالتها الطبية على الطبيب المختص بالتأمين الصحى دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية في ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء.
وقالت محكمة القضاء الإداري في حكمها أن الدفع المبدى من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم ما يفيد عرض نزاعها على اللجان المنصوص عليها بالمادة 157 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975، فإن ذلك مردود بأن المنازعة تقديم دواء معين للمريض لا يعد منازعة في تطبيق القانون، بل إن كلا من المريض والهيئة العامة للتأمين الصحى متفقان على تطبيق القانون المذكور، لكن الخلاف بينهما في سبيل تقديم هذا العلاج وطريقته، ومن ثم فهى لا تدخل ضمن المنازعات التي يتعين عرضها على اللجان المشار إليها، مما يتعين معه رفض هذا الدفع .
واختتمت المحكمة أن التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية هما القاسم المشترك في حياة المرضى وأن الهيئة العامة للتأمين الصحى ملزمة برعاية المؤمن عليهم رعاية صحية وعلاجية كاملة بما في ذلك صرف الدواء، وهذا الالتزام لا ينفك عنها مقابل ما يدفعونه من اشتراكات التأمين الصحى التي تخصم من رواتبهم شهريا، ومن ثم وجب على تلك الهيئة القيام بهذا الالتزام دون التفضل به أو التنصل منه، فحق المريض في العلاج تتوقف عليه حياته ويعلو على كافة الحقوق خاصة وأن دخل المدعية وهى صيدلانية بمديرية الشؤون الصحية لا يكفى لتحمل نفقات تلك الأدوية بشكل دورى، مما يجعل امتناع التأمين الصحى عن صرف تلك الأدوية قراراً سلبياً مخالفاً لحكم القانون.