24 - 04 - 2024

دكتور عبدالجليل مصطفى قديس الوطنية المصرية

دكتور عبدالجليل مصطفى قديس الوطنية المصرية

يبهرني الدكتور عبدالجليل مصطفى برغم أنه أستاذ الباطنة الشهير بتواضعه وطوال مشاركته السياسية لم يأخذ منصباً أو سعى إلى منصب، ويريد دائماً أن يتوارى عن الظهور. 

عبدالجليل مصطفى هو أحد مؤسسي حركة كفاية الذي شارك فيها منذ البداية ودائماً في مشاركته يكون آخر الصفوف, ولا ينتمي إلى حزب رغم حركته السياسية الكبيرة، فهو يقول عن نفسه أنه ليس من أهل السياسة ولكن مهتم بالمصلحة الوطنية ومواطن مصري مهموم بوطنه.

 ومن أقوال المهندس يحيى حسين فك الله أسره أنه ممن ينطبق عليهم كلام الإمام الشاطبي: "يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال"..

 ويتحدث الدكتور عبدالجليل مصطفى عن الأسباب التي أدت إلى ثورة 2011 التي أجريت فيها إنتخابات مزورة إلى جانب إستشراء الفساد الشديد في كل مناحي الحياه, ورغم أنه كان من الناس الذين قبلوا جماعة الإخوان المسلمين كحركة سياسية وأنه لا يجاملهم في الحق، وانتقد الدستور الذي وضعه الإخوان وقال أنه دستور معيب لايتم بالتوافق الوطني. وشرح لماذا ثار الناس على حكم الإخوان, فمنذ اللحظة الأولى حصر مرسي إهتمامه في الجماعة وليس للأمة، وفي دعم تحصين الباطل السياسي الذي أسفرت عنه المرحلة الإنتقالية بإعلانه غير الدستوري في 22-11-2012 الذي استهدف محو إستقلال القضاء عبر تقنين استبعاد آلاف القضاة فوق سن الستين, وإحلال أفراد العشيرة محلهم علاوة على تحصين قراراته السابقة واللاحقة وغل يد المحاكم المختصة عن الإستمرار في نظر القضايا ذات الصلة. وبلغ بهم الأمر أنهم حاصروا المحكمة الدستورية العليا ومنعوا قضاتها من إصدار أحكامهم في شأن هذه القضايا الخطيرة. وهذا أدى كله إلى ظهور حركة "تمرد" عندما بدأ مرسي في تعيين معظم المحافظين من أعوانه, كل هذه كانت أفكار الدكتور عبدالجليل مصطفى الذي ناضل بشرف وشجاعة معركته ضد من يريد أن يستأثر بالوطن دون باقي القوى الوطنية.

وخاض الدكتور عبدالجليل مجالات كثيرة منها مثلاً، عندما انتدب لإدارة مستشفى السلام الدولي وبإصراره على النجاح إستطاع أن ينقله من الخسارة إلى الربح والكفاءة وهو عمل من الطراز الأول لطبيب متخصص, وهو رجل متدين ذلك التدين المصري الجميل، حيث يطبق ما يعتقد بصرامة وبعدم تفريط. وله بعض التحفظ على تدخل الجهات الأمنية في إختيار القيادات في الجامعة وهذا أدى إلى أن أصبحت الجامعة مفتقدة للإحترام والإستقلال. 

هو أحد مؤسسي حركة الدفاع عن الحق في الصحة, وهو أحد مؤسسي أيضاً حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات التي كان يشاركه فيها الدكتور محمد أبو الغار, وفي خضم الزخم السياسي كان أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير التي قادت المعارضة السلمية لنظام مبارك في آخر عامه وأصبح هو المنسق العام لها. 

ورغم أن الإخوان من أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير قد غدروا به شخصياً في انتخابات نادي هيئة التدريس, ولكن من أخلاقه الرفيعة التي يحكى عنها رفض أن يطعن في إجراءات الإنتخابات ونتيجتها, وفي جميع الإجتماعات يجلس الدكتور عبدالجليل في آخر الصفوف, ومن مبادئه أنه يؤمن بأن الطب رسالة

ومن حقه أن نذكر له السبق في أنه كان له دور كبير بإلغاء الحرس الجامعي سنة 2010. وشارك أيضاً مع المهندس يحى حسين في حركة "لا لبيع مصر".

ومن مآثر الدكتور عبدالجليل مصطفى عضو لجنة الخمسين لوضع الدستور ومؤسس حركة 9 مارس لإستقلال الجامعات حزنه لمقتل طالب الهندسة, وأضاف أنه في كل الجامعات على مستوى العالم لا توجد شرطة تابعة لوزارة الداخلية ولكن يوجد طاقم من الأمن المدني المدرب عن طريق وحدات الجامعات ، موضحاً أن تدّخل الداخلية يكون في حالات طوارئ ومواجهة من يثيرون الشغب.

وفي آخر محاولاته لعمل سياسي حاول وضع لائحة للدخول في إنتخابات البرلمان بعد الثورة, وكان عضواً بارزا في لجنة وضع الدستور، وكانت هذه القائمة الوطنية التي حاول تشكيلها الدكتور عبدالجليل في سبيل إختيار أعضاء للرقابة على أداء السلطة التنفيذية واختيار هذه القائمة على أساس الكفاءة والتخصص والإيمان بثورتي 25 يناير و30 يونيو, وكان الإختيار على أساس أن من يمثل الناس يكون عنده إستقامه سياسية دون محاصصة حزبية، وكان الأمل أن يزوَّد البرلمان بمئة وعشرين عضو فاعلاً, وطالب أيضاً أن تكون الإنتخابات القادمة بالقوائم النسبية.

ووصلت الترشيحات حوالي مئة عضو وسمى القائمة "صحوة مصر". ولكن للأسف الشديد لم تكتمل هذه المحاولة وخسر البرلمان أعضاء تم إختيارهم من قبل الدكتور عبدالجليل بنزاهة وحيادية مطلقة ولم يقبل أي ضغوط في تغيير أي من الشخصيات التي إختارها. 

ومن التدخلات لتحقيق العدالة الإقتصادية والإجتماعية بمبادرة من الدكتور عبدالجليل مصطفي عضو لجنة الخمسين تم إلغاء القرار الحكومي السلبي بعدم زيادة الإنفاق في التعليم، وفقاً للنص الدستوري الملزم.

 هذا هو الدكتور عبدالجليل مصطفى تاريخ مشرف وعظيم ونحن في هذه الأيام نفتقد لشخصيات كبيرة ومؤثرة وشجاعة مثل الدكتور عبدالجليل مصطفى.. متعه الله بكل الصحة والعافية ومد سنوات عديدة في عمره.
---------------------
بقلم: جورج إسحق

مقالات اخرى للكاتب

إستراتيجية حقوق الإنسان وتفعيلها على أرض الواقع





اعلان