10 - 11 - 2024

دكتور فخري!

دكتور فخري!

لا يغيب عن كثيرين أن ثمة أناسًا ذوي مال أو شهرة، أو الاثنين معًا، يحصلون على شهادات فخرية، وتُمنح لهم أوسمة ونياشين ودكتوراه، إما مجاملة ومحاباة، وإما لكسب منفعة وتربح، وإما للتبختر باللقب، وإما- ربما- لحاجة «في نفس يعقوب»، لم يُفصح عنها ولا يتنبه إليها عديدون، في الأغلب يُراد بها توجيه الانصراف عن "حدث" عمَّ الساحة وتسبب في قلاقل.

إلا أن معظم هذه القلادات، إن صح إطلاق اللفظة عليها، تأتي عبر كيانات تقبع تحت بئر السلم، يصل بها الأمر إلى لصق أسمائها بمؤسسات كبرى معروفة، وسرعان ما تكشف زيفها وعدم قيمتها صحف ومواقع إلكترونية، وتتبرأ منها علنا دول مزعوم تبعيتها لها، ناهيك عن مواقع السوشيال ميديا التي لا تترك أحدًا إلا وتلاحقه..

وفي حقيقة الأمر، رغم الاعتذار والتراجع عن منح بعض هذه الشهادات لهؤلاء الشخوص، من هذه الكيانات والتقهقر أمام الضجة "السوشيال ميدياوية"، يُرى أن تلك الحاجة التي "في نفس يعقوب"، إن كانت هي المقصد، تكون قد تحققت مآربها، واستُقيت مشاربها، بغض النظر عن إبداء الندم لحد يصل إلى "بوس القدم".

وبالتطرق إلى ما قيل عن أن "ليس كل ناجح مُتعلمًا"، وأن المهارات والمهن ربما تكون أهم من الدرجات والأعالي من الكليات، وأن الدساتير نصت على مجانية التعليم، لكنها لم توصِ بأن يكون النجاح بالمجان، فإن ذلك لا اختلاف عليه، إلا أن الاختلاف كل الاختلاف، على تبرير إخفاق في تجربة ما على مرحلة ما، كان يُجدر بها أن تقتصر على نشء لم يخض تجارب من قبل، ومن ثم كان يمكن إنقاذ أرواح، حتمًا لن يفلت مشارك أو مساهم في إزهاقها من العقاب الأخروي، فضلا عن مطاردة ضمير المتسبب نفسه لنفسه، في ظلمات الليل ودعاء الأهلين المكلومين عليه في وضح النهار..

ورغم أن ناشطي "السوشيال ميديا" الذين ينساقون وراء "التريند"، فقط- لا يوجِّهونه- لا يتركون من يبتاع الشهادات بالمال، يساعدهم في ذلك أقرب زلة لسان لحامل هذا اللقب أو النيشان، فيظهر جهله وتُفضح سريرته، فإن على الجهات المسؤولة ملاحقة كل كيان وهمي يعمل تحت بئر السلم، بل ينبغي محاسبة كل من يحصل على شهادة من جهة غير معترف بها أكاديميًا، حتى يأفل أي دكتور فخري "مزيف" تسبب في ضياع أجيال وهدم ثقافات وإرساء موبقات، وفي الوقت نفسه رفع القبعة لكل فخري حصد لقب دكتور عن اجتهاد واستحقاق، شارك في نهوض عقول وساهم في إنقاذ أنفس، وعمل على نشر القيم.

---------------

بقلم: عزت سلامة العاصي

مقالات اخرى للكاتب

دور الصحافة في نظر سائق التاكسي