ربما يخطر ببال من تقع عيناه على هذا التساؤل أن إجابته تكمن في الفيلم العربي «المحفظة معايا»، الذي جسّد بطولته في العام 1978 الزعيم عادل إمام «عطوة»، عندما فشل في دراسته فاحترف النشل، ويتقابل مع زميل دراسته، سمير صبري «شكري»، الذي يشغل منصب مدير إحدى الشركات، فيعده بتوفير عمل له، وعندما يماطله يسرق حافظة نقوده ويجد بها مستندات تدينه وشخصيات مهمة قي عمليات نصب واختلاسات.
لكن في حقيقة الأمر، فإن عنوان هذه المقالة بعيد كل البعد عن الإبداع السينمائي ذاك، وإنما ساقته رحلة لمتصالح، أحد المتقدمين للتصالح على وحدة سكنية، لواحد من أحياء محافظة الجيزة، ليجد شبابيك المصلحة الحكومية كلها خالية، عدا واحدا أمامه طابور يُذكّر بذاك الذي وقفت فيها الفنانة الراحلة سعاد حسني، «عفاف عبدالواحد»، في فيلم «غريب في بيتي» قبل أن ينتشلها الراحل نور الشريف، «شحاتة أبوكف»، مستخدما شهرته الرياضية، ليحصل لها على أكثر مما أرادته من الجمعية.
انتقى الصديقُ، بسلامة نيّة، أحد الشبابيك والمكاتب الذي يلتف حوله عدد من الموظفين، سيدات ورجال، ليحكي لهم أنه دفع قيمة مقدمة التصالح قبل نحو 10 أشهر- حيث كان هناك عشرات الموظفين يعملون أوقاتا فوق أوقاتهم لإنهاء الإجراءات ودفع «المعلوم»- وأنه لم يتسلم حتى اليوم المُسمى بنموذج 3 فيكمل بقية الإجراءات المطلوبة..
أجابته موظفة فاضلة بأن كل ما يخص التصالح على الوحدات السكنية، هذا الشباك، قبل أن يحول ناظريه فيجده ذاك المذيل بما يشبه طابور الجمعية في فيلم "غريب في بيتي"، متمتمًا في نفسه بأن رئيس الوزراء توعد بأن حكومته ستيسر على جميع المواطنين المتقدمين للتصالح، وأن من قدّم ورقة واحدة ودفع المُقدم المطلوب سيتسلم النموذج الأولي، دون أي عناء يذكر.
اقترب صاحبنا من الشباك، فوجد همهمات المصطافين بوقوفهم منذ ساعات، شاكين بطء الحركة والتزاحم الشديد، قبل أن يتذكر أن هناك ما يُسمى بفيروس كورونا اللعين، اما زال موجودًا بيننا وأتى على كثير من الأحبة، وأن ثمة خشية من الإصابة به جراء التجمعات الغفيرة، ناهيك عن عدم التزام الكثيرين بارتداء الكمامة.
عندها قرر أن ينتقل إلى شباك آخر خال من الزحام منتقيا موظفًا بدت عليه ملامح البشاشة والهدوء والوقار، ليكرر تساؤله علّه يجد عنده ضالته، ليرد الأخير، وهو ينظر إلى شباك «الجمعية» نفسه، بمثَل شعبي وقع على مسامعه ومشاربه في آن قائلا: «واحد ضاعت محفظته في حتة ضلمة، راح يدوّر عليها في منطقة نور، تفتكر هيلاقيها؟! ليقرر الانصراف في هدوءٍ بذهن شارد يفكر في مكان «المحفظة».
------------------------
بقلم: عزت سلامة العاصي