10 - 11 - 2024

محنة الصحافة المصرية بين "التحلل الورقي والتحول الرقمي"!

محنة الصحافة المصرية بين

شاركت خلال السنوات العشر الماضية في مؤتمرات عربية وعالمية حول مستقبل الصحافة الورقية المطبوعة، التي شهدت على مدي العقدين الآخرين من الألفية الثالثة حالات اختفاء بتوقف بعضها عن الصدور نهائيًا، ودمج البعض الآخر، وتحول غالبيتها إلى صيغ رقمية على هيئةمواقع إلكترونية ومنصات وبوابات ومدونات، وتدور عجلة الزمن ومعها أجوب في العواصم العربية بحكم العمل، لأتابع مشاهد من عملية التحول والموت البطيء لصحافتنا الورقية، وقد كنت ببيروت حين توقفت صحيفة السفير في 2017 بصدور العدد الأخير منها بعد مسيرة امتدت 42 عامًا، ولم أتعجب كثيرًا حين قررت صحف عربية عريقة أن بعض أيام الأسبوع لا لزوم لها ولا جديد تحت شمس العالم فيها، فقلصت صدورها إلى خمسة أيام فقط في الأسبوع وإن ظلت تصف نفسها بالصحف اليومية!

ورغم معاناة الصحافة عالميًا، نجحت عدة صحف في دخول عصر الذكاء الاصطناعي وصحافة الربوتات مثل "الجارديان" و"يواس ايه توداي" و"النيويورك تايمز"، بينما آثرت صحف أخرى التحول إلى نسخة PDF مجمدة ومع ذلك تصف نفسها بالصحف الإلكترونية، في وقت برزت في عالمنا العربي عدة صحف رقمية ومواقع ومنصات وبوابات فائقة النجاح والتميز يتم تحديثها على مدار الساعة، ومنها بوابة العين الإخبارية الإماراتية وعكاظ السعودية ومصراوي والقاهرة 24 واليوم السابع المصرية.

(1)

في مصرنا الحبيبة، بجرة قلم متسرعة أطلقت الهيئة الوطنية للصحافة رصاصة الرحمة على الصحف المسائية وقررت تحويلها إلى ما أسمته بالصحف الإلكترونية، لأرى أمام عيني صحيفتي "الأهرام المسائي" والتي شهدت ميلادها قبل أكثر من 30 عاما! وقد اختفت نسختها الورقية بصدور العدد الورقي الأخير في 14 يوليو 2021 ومعها صحيفة المساء - الأقدم- والأخبار المسائي، لتودع مصر تجربة الصحف المسائية الورقية بعد 65 عامًا من انطلاقها، حيث صدرت المساء في 1956.

لن أنصب سرادق عزاء ولن أتحدث عن نماذج التحول الرقمي لكبريات الصحف العالمية التي تبنت نماذج أعمال "بينزنسمودلز" متطورة باستمرار، فقد سبق وأشرت لذلك في مقاله مطوله نشرتها صحيفة الشروق تحت عنوان "الصحافة الورقية في العمر بقية" نشرت في عام 2017.

لا أعتبر  طي صفحة "الصحف المسائية" وإهالة التراب عليها مناسبة للعويل ولا هي مدعاة للتهليل واعتبار التحول لنسخ إلكترونية هو معجزة من المعجزات الإلهية كما ذهب الكاتب الأستاذ سمير  رجب!

الأمر لا يخص الصحف المسائية التي اختفت نسخها الورقية، ولا يؤرقني الشكل الذي تصدر عليه الصحف سواء ورقية أو PDF او نسخ إلكترونية أو مواقع ومنصات يجرى تحديثها على مدار الساعة، فتلك أوعية للفكر  والرسالة تتغير بتغير العصور، لكن ما يؤرقني هو الإجابة عن سؤال ظللت أردده بقوة في عدة عواصم عربية وعالمية وهو: لماذا تصدر الصحف في مصر؟ ولمن تصدر هذه الصحف؟

السؤال يذكرني برواية إرنست همينجوي "لمن تقرع الأجراس" الصادرة 1948، فالفكرة الأساسيّة التي تدور حولها الأحداث في الرواية هي الموت، والصراع بين الرغبة بالموت أو البقاء من أجل الصالح العام، وتبدأ أحداثها بالبطل روبرت جوردن والذي أوُكلت إليه مهمة تفجير جسر  في إسبانيا، وفي هذه الأثناء يقع بحب فتاة إسبانية تدعى ماريا ويبدأ الصراع الداخلي ما بين الحب وبين أداء المهمة الموكلة إليه، وتبدأ الأسئلة العجيبة والمتخبطة في الذهن عن قيمة الحرب ودورها أمام الأخلاق والمشاعر  والقيم، وفي الرواية تظهر رغبة الانتحار التي كانت موجودة عند البطل، ولكن دائمًا ما يتراجع عنها في كلّ مرة، وهذا يرتبط بعنوان الرواية لمن تقرع الأجراس، إذ يتّضح أنّ الأجراس ما هي إلا الأفكار التي تدور في ذهن الإنسان وتغير  من اتجاهاته.

(2)

نعم تخسر غالبية الصحف المصرية خسائر  تقدر  بمئات الملايين، لكن دعونا نصارح أنفسنا ونحن نكتب السطر الأخير على الورق وعنه، فخسائر الصحف ليست السبب الوحيد للموت البطيء الذي تشهده، فقد جرى خنق الصحف بفعل فاعل حتى فقدت أحد أبرز ضمانات ورهانات بقائها وهي ضمانة الحرية، فإذا افتقدت الصحف حريتها وصارت تكتب ما تمليه عليها السلطة، وفق تعليمات محددة تحركها مجموعات الواتساب ويتم الإرسال من جهاز "سامسونج"، فلا عجب أن تتشابه وتتكرر عناوين الصحف مرارًا، ولا غرابة في غياب المنافسة أو التنافسية الصحفية؟ إذ صارت غالبية الصحف المصرية نسخا مكررة من بعضها، حتى أصبحت عبئًا على الجميع؛ السلطة التي ضاقت بخسائرها كما ضاقت بهذه الأصوات الخرساء التي لا تجيد سوى "الجعير"، والقارئ الذي فقد الثقة والمصداقية وهرب إلى منصات التواصل الاجتماعي المجانية الأسرع والأوسع انتشارًا وإن افتقدت للصدق والدقة والموضوعية.

ثاني ضمانات ورهانات البقاء هي المهنية والاحترافية المفقودة في معظم الصحف- مع استثناءات قليلة - فقد اختفت الأقلام الحقيقية في مقابل صعود أكثرية من الهواة المباركين لكل الخطوات والقرارات والسياسات، لتختنق المواهب وتستبعد أو تحاصر أقلام المحترفين، ويتوقف غالبية أصحابها كمدًا، ويكتفي البعض بالتنفيس عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك، ويصاب قطاع عريض من أصحاب الأقلام المؤثرة باكتئاب، فيلوذ بالصمت ويكتفي بالانزواء بعيدًا عن القول والفعل والأضواء والكتابة وصناعة التغيير والتأثير، ولتعتزل صفوة الأقلام المصرية بعيدًا عن مناخ يضج بالنفاق والأكاذيب والتغييب والإلهاء ومعارك الردح وتصفية الحسابات الشخصية ،وسيرك التهام الخصوم وحصار الأصوات المعارضة للقطيع، وبشكل يسيئ للوطن ولا يخدم قضاياه.

(3)

أهمل جمع كبير من الصحفيين أهملوا مواقعهم وأدوارهم وتفرغوا للعمل في الفضائيات والأعمال الخاصة وغيرها، وفي ظل ضغوط الحياة وصعوباتها وأعبائها المادية التي باتت فوق الطاقة، وفي ظل غياب ضمانة أخرى من ضمانات البقاء تتعلق بالاستقرار المالي والوظيفي، عبر تأمين دخول عادلة وكريمة للجماعة الصحفية يصبح كل شيء مباحًا؛ إذ بقت الجماعة الصحفية هي الأدنى في سلم الرواتب، الأفقر في سلم المعاشات!

يرتبط بالنقطة السابقة ضمانة أخرى غائبة تتعلق بنموذج الإدارة والتمويل والملكية، وتلك الضمانة الغائبة تحدد إيرادات ومصروفات هذه الصحف الموصوفة تجاوزًا بالإلكترونية والتي تبدو في تحولها الفجائي، كأجنة ومسوخ مشوهة لكيانات جاوز بعضها الستين.

ولنا في صحيفة"نيويورك تايمز" ذات المحتوى المدفوع شاهدا ودليلا، وبإجمالي مشتركين فاق المليونين، لتفرض هذه التجربة قبل سنوات مفهوم جدران الدفع Paywalls على صناعة الصحافة، طوق نجاة في مواجهة طوفان الغرق والموت، فليست كل المقالات والكتب والدراسات الإلكترونية متاحة بالمجان، هناك ملخصات فقط بجاذبيات في العرض وتسهيلات تسويقية في الدفع، تغريك باقتناء الكتاب والدراسة كاملة، وكما أن القارئ يبحث عما يهمه ويجذبه، فالمحتوى أيضا يعرف قارئه ويعرف طريقه إليها دائما وأبداً.

نموذج عالمي آخر للخسائر  والتحولات تمثله صحيفة "الاندبندنت" البريطانية التي كانت قد صدرت في 1986 وبسبب خسائرها قلصت حجمها إلى القطع النصفي "التابلويد" في عام 2003، وبتراكم خسائرها أعلنت في 26 مارس من عام 2016 هي وشقيقتها الاسبوعية التي تصدر يوم الأحد "إندبندنت أون صنداي" التوقف عن الصدور في طبعتها الورقية مكتفية بالطبعة الالكترونية، بعد 35 عامًا من الصدور الورقي ليسدل بذلك الستار على حقبة مهمة في تاريخ الصحافة البريطانية المكتوبة بل وتاريخ الصحافة في العالم.

مثال آخر صحيفة الجارديان البريطانية التي نجحت في تجاوز خسائرها البالغة عشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، بسبب دخول شركات الخوارزميات الحاسوبية على حياتنا الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، والتهامها المخصصات الإعلانية، ورغم ذلك نجحت الجارديان في في تدشين نموذج جديد مستدام للتمويل الذاتي خارج نطاق تأثير الممولين الكبار الذين يفرضون رؤيتهم على المحتوى. وهذا النموذج الجديد يستفيد أيضًا من الدعم المادي الذي يقدمه نحو مليون قارئ للصحيفة عبر تبرعات شهرية منتظمة، جنبًا إلى جنب مع الاشتراكات والإعلانات.

خذ مثالًا عالميًا ملهمًا، حيث تركز صحيفتا “التايمز” و” الواشنطن البوست” الآن على الاشتراكات –الرقمية في معظمها- والتي أصبحت تجلب من المال أكثر  مما تجلب الإعلانات، تُقدم تجربة الصحيفتين في هذا المجال دروسا لصناعة الصحف في أمريكا، ويعتمد نهج “الاشتراك أولا” على استغلال سوق وطنية ودولية كبيرة تتكون من مئات الملايين من القراء المتعلمين باللغة الإنجليزية، وتحويل جزء من هؤلاء إلى زبائن يدفعون مقابل المحتوى. وبوجود عدد كافٍ من المشتركين الرقميين –يعتقد مارك تومبسون، الرئيس التنفيذي لصحيفة “نيويورك تايمز”، أن صحيفته يمكن أن تصل إلى 10 ملايين قارئ، صعودا من مليونين يومياً- فإن نموذج “الاشتراك أولاً” يمكنه أن يولِّد، (نظرياً)، أرباحاً أكثر مما اعتادت أن تجلبه نماذج العمل المعتمِدة على الإعلان المطبوع.

المثال السابق يجعلنا نطرح السؤال: هل وضعت الهيئة الوطنية للصحافة تصور لإعادة هيكلة شاملة للصحافة المصرية تتضمن نماذج أعمال "Business Model" مناسبة لهذه الصحف المتحولة لضمان الاستمرار  والاستقرار  المالي لها ولمن يعملون بها؟!

من بين الضمانات ورهانات البقاء التي سقطت بفعل غياب الحرية، وبفعل الاستسهال والتقصير  من جانب قطاع كبير من الصحفيين– تتعلق بالمحتوى الذي ظللنا نردد كالببغاوات لسنوات طويلة كليشيه أجوف وأن " المحتوى هو الملك"، لكن محتوى غالبية صحفنا المصرية الورقية لم يعد ملكًا ولن يكون في ظل غياب كل ضمانات ورهانات البقاء، فخلال السنوات العشر الأخيرة  على سبيل المثال، لم تعد الصحف تثير قضية ولا تتصدى لمشكلة فتحلها أو تحرك فيها ساكنًا، ولم تعد تستبق لتكشف حقائق أو تفضح فسادا، ولا هي تراقب أو تحاسب أو تتحدث بلسان القراء جموع المواطنين، بل أصبحت نشرات باردة تشبه الوجبات المعلبة والمحفوظة، التي تضم كل مكسبات اللون والطعم والرائحة الحكومية، مع بعض مما تقذف به وكالات الأنباء العالمية، ونسبة معُتبرة من نفايات شبكات التواصل الاجتماعي!!

اهتزت الوظيفة الإخبارية للصحف الورقية تمامًا، ولم تعد قادرة على الصمود أمام السرعة الرهيبة والتكلفة الصفرية لشبكات التواصل الاجتماعي، التي بدأت تتحول إلى ماكينات ضخ وإنتاج وتداول أخبار ومعلومات وشائعات وأكاذيب على السواء.

(4)

اختفت الأصوات والأقلام المعارضة الغيورة على الوطن، التي يمكن بمعارضتها في هذا التوقيت المهم من عمر الدولة المصرية، أن تخلق حالة من الاصطفاف الوطني المستنير، القائم على حقائق  ومعلومات ووقائع وأرضيات مشتركة، لا على الاجتهادات الشخصية الممزوجةبالمبالغات والأكاذيب، فتلك الأقلام الوطنية تشتبك بجرأة وحرية مع قضايا الوطن المصيرية، لتصنع رأيًا عامًا يناوئ حالات الاستقطاب السياسي الراهنة، خذ مثالًا صارخًا بقضية "سد العطش والخراب الأثيوبي"، وحاول أن تجد معي إجابات قاطعة على عشرات الأسئلة، التي لا تنطلق من اللحظة المرتبكة الراهنة، وإنما تمتد أفقيًا لعشر سنوات مضت ومنها:

  • ما الدور الذي لعبته الصحافة المصرية في الكشف عن تبعات بناء وملء السد الأثيوبي؟
  • هل احترمت الصحف المصرية حق القارئ في المعرفة، وتناولت بشفافية وجرأة بالتقصي والتحقيق دور التمويل العربي في المشروعات الأثيوبية ومشروع سد العطش والخراب على وجه التحديد وأثر ذلك على علاقات هذه الدول مع مصر؟
  • هل تطرقت الصحف المصرية بالعمق والتحليل للمطامع والطموحات الجامحة للتنين الصيني في عمق الجنوب المصري بهضبة الحبشة، وهل حللت الدور الروسي أو الأمريكي أو الإسرائيلي في السد؟ وهل كشفت استباقيًا طبيعة المصالح والمواقف الدولية التي عكستها جلسة مجلس الأمن الأخيرة التي أعادت ملف السد للتفاوض من خلال الاتحاد الأفريقي، وكشفت هشاشة علاقات مصر الدولية، وأظهرتنا بلا حليف في هذه القضية المصيرية الحساسة؟
  • ماذا عن الأقلام والأصوات الموصوفة بالوطنية التي هللت لسنوات وباركت وبررت لأثيوبيا تطوعيًا ضرورات السد لمشروعات التنمية وبشكل لم تفعله الصحف الأثيوبية نفسها؟ وماذا عن الأقلام التي خاطبت الرأي العام المصري وهونت من قيمة السد، وبالغت في الحديث عن اختلالات فنية وهندسة إنشائية في جسم السد تبشر حسب ظنونهم بوقوع السد من تلقاء نفسه، وكأن مشروعًا بهذه الضخامة في المساحة والتمويل وسنوات البناء والملء، يشبه البيوت الرملية التي يشيدها أصحاب هذه الأقلام على الساحل الشمالي خلال عطلتهم الصيفية!
  • لن أطرح أسئلة إضافية حول أقلام اكتفت بالردح والشتم والدعاء على أثيوبيا تارة، وانتظار الطير الأبابيل لهدم السد تارات أخرى، وبالقدر نفسه تقرع أقلام أخرى طبول الحرب بلا هوادة.

(5)

إننا أمام محنة مهنية شاملة، محنة تتجاوز اختفاء الصحف المسائية المصرية بجرة قلم متسرعة، إلى نهاية النهاية التي تمهد لمذبحة دمج وغلق العديد من الصحف والمجلات، وبيع وخصخصة بعض الأصول؛ ولعل من إيجابيات تلك المحنة أنها كاشفة لكل تناقضات المرحلة الراهنة، فبينما تحتضر الصحف، نتوسع في تأسيس كليات وأقسام الإعلام الحكومية والخاصة، دون أن يشغلنا السؤال عن مصير  الخريجين وفرص العمل التي تنتظرهم، وهو ما ينبئ يومًا بطرح السؤال نفسه ودون مواربة: متى تغلق كليات الإعلام أبوابها؟!

وبينما تودع مصر صحافتها المسائية الورقية، لم تفتح الهيئة الوطنية للصحافةحوارًا مع الجماعة الصحفية في أمر يمس صميم عملها، بينما وقفت قلعة الحريات نقابة الصحفيين في موقف المتفرج، ولم تشر الهيئة الوطنية للصحافة من قريب أو بعيد إلى خطط التطوير والتدريب والتأهيل للصحفيين، استعدادًا للعمل في صحف توصف بالإلكترونية مجازًا، والتناقض الصارخ أنه حتى وقت قريب لم تكن نقابة الصحفيين تعترف أو تسمح بضم الصحفيين العاملين في المواقع الإلكترونية إلى عضويتها، فهل سيتبع هذا التحول الظاهري الشكلي، تحول جوهري موضوعي في قواعد قبول الصحفيين الإلكترونيين –إن جاز التعبير – في عضوية النقابة؟!

وبينما تصارع الصحف المصرية قاطبة في معركة البقاء، انفجرت أنبوبة بحوث أكاديمية بالعشرات تحلق في فضاءات بعيدة تمامًا عن واقع الصحافة المصرية،لتناقش تقنيات وتطبيقات الذكاء الصناعي ومدى قبول الصحفيين المصريين للعمل بها في صحفهم التي تحتضر،لا من أجل طرح قبلة حياة جديدة لها، وإنما لأنها موضة وصرعة بحثية تشبه التريند الذي علينا جميًعا أن نركبه، دون أن ننسى ترديد "دعاء الركوب"!

إننا أمام محنة مهنية شاملة، ففي وقت ترفع فيه الدولة شعار الجمهورية الجديدة، لا تخبرنا صحافتنا على وجه اليقين عن أي جمهورية تتحدث؟ هل هي جمهورية العلم والمعرفة والتعليم الذي نحاول النهوض به بعد أن تذيلنا مؤشرات تصنيفه العالمية، أم جمهورية الفنون والآداب والقوى الناعمة، أم جمهوريةالاقتصاد المتوازن والاستقرار المالي والبناء والاستثمار  والتنمية أم ماذا؟ لابد أن نعرف ولابد أن تجيب الصحافة عن ذلك، فلا يصح أن تحلق بخيالك في سماء "التحول الرقمي" وفضاءاته اللامحدودة، بينما تقبع صحفك في مقبرة " التحلل الورقي" التي تجاوزها الزمن، فما بين "التحلل والتحول" سنوات كاشفة لمحنة الصحافة المصرية وأحزانها، التي ستدفع فاتورتها كل الصحف والصحفيين تباعًا، وليس فقط الصحافة المسائية!
--------------
بقلم: د. سمير  محمود

مقالات اخرى للكاتب

معزوفات ومشاهد من الحياة للدكتورة شيرين زكي