19 - 04 - 2024

شاهد على العصر (44) فتنة أقباط المهجر والدور المشبوه لقلة متسلقة

شاهد على العصر (44) فتنة أقباط المهجر والدور المشبوه لقلة متسلقة

أقباط المهجر مسمى أطلق على أبناء مصر من المسيحيين الذين هاجروا إلى أمريكا وأوروبا لأسباب كثيرة أهمها السعى وراء تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وان كان هناك من يذكر أن أهم الأسباب كانت قيام ثورة يوليو 1952 والادعاء بأن الثورة قد جارت على حقوق المسيحيين، وهذا تعريف يعتمد على رؤية سياسية بعينها تم استغلالها سياسيا مع هذه المجموعات. 

كما أن الهجرة لم تكن للمسيحيين فقط ولكن هناك المسلمين من أبناء الوطن وقد هاجروا ولنفس الأسباب، كما أن ثورة يوليو لم تجر على حق المسيحيين كمسيحيبن ولكن كانت هناك قوانين ثورية تم تطبيقها على الجميع، مع العلم أن أكثر الفترات تسجيلا للهجرة كانت فترة حكم السادات وما صاحبها من عمليات إرهابية ضد الأقباط. 

هنا لايجب التعميم فى التعريف السياسى للمسيحيين المصريين الذين هاجروا، وهم الأبناء المخلصون لوطنهم ولازالوا ينتمون لهذا الوطن ماديا وروحيا. 

ولكن سنتحدث هنا عن الذين باعوا أنفسهم لشيطان السياسة الأمريكية والصهيونية نظير التمويلات الدولارية وحل العقد النفسية بعدما زينت لهم أنفسهم بأنهم زعماء يدافعون عن حقوق الأقباط المهدرة.  

كانت لى مواجهات ومصادمات، على صفحات الجرائد والمجلات والقنوات التلفزيونية، مع هذه المجموعة التى تأمركت سياسيا وسلوكيا ومصلحيا وكنت أسعى إلى كشف زيفهم وكذب ادعاءاتهم. ليس لأنى كنت أنكر أن هناك مشاكل للأقباط ولكن لأني اختلفت كل الاختلاف معهم على طريقتهم في إثارة مشاكل الأقباط لصالح منظمات وحكومات تريد التدخل فى شئون مصر بحجة حماية الأقلية الدينية. كنت أدرك تماما أن أى تدخل اجنبى فى شئون الوطن بجحة حماية الأقباط يعنى تفجير فتنة طائفية تقسم الوطن وتهدد سلامته، وهذه ورقة كان الاستعمار ولازال بكل أشكاله وتصنيفاته يستغلها للتدخل فى شئوننا الداخلية، ذلك التدخل إلذى رفضه الأقباط ورفضته الكنيسة على مدار التاريخ المصرى كله. 

كنت ولازلت أؤمن أن حل مشاكل للأقباط وحل أي مشاكل في العموم لن يكون بغير يد المصريين المسلمين والمسيحيين وعن طريقهم وبتعاونهم معا. ولكن طرح الامور على أرضية طائفية يمثل الخطر كل الخطر وعلى الجميع. 

ماذا كان يفعل هؤلاء؟ إليك بعض الأمثلة : قام موريس صادق مع القس المتطرف بيرى جونز وعصمت زقلمه (رئيس الدولة القبطية) بإنتاج فيلم مسئ إلى الإسلام ونبى الاسلام! فى الوقت الذى طالبوا فيه بتنفيذ مخطط إنشاء الدولة المسيحية على الأراضى المصرية! وذلك لخدمة الكيان الصهيونى وزعزعة استقرار مصر، وكانت هذه المواقف فى ذات الشهر الذى انفصل فيه جنوب السودان عن شماله. هنا كان ردى على تلك المواقف فى جريدة اليوم السابع ١٥ سبتمبر ٢٠١٢ (أن أقباط المهجر هم عدد. كبير من المسيحيين فى الخارج ولا يمكن أن نحصرهم فى أشخاص بعينهم). فمنهم من باعوا أنفسهم للشيطان ولصالح منظمات أمريكية وإسرائيلية وصهيونية نظير تمويلات ترويجا لنشر كذبة الصهونية المسيحية التى تبرر احتلال فلسطين. كانوا يطالبون بالتدخل الدولى (الأمريكى واليهودى تحديدا) لحل مشاكل الأقباط. ولذا عقدوا خمس مؤتمرات دولية يطالبون ويستفزون كل القوى السياسية الاستعمارية لتبنى مشاكل الأقباط . 

اول مؤتمر نظمه عدلى أبادير فى أكتوبر ٢٠٠٤بمدينة زيورخ السويسرية بعنوان (مسيحيون تحت الحصار) وبرعاية منظمة التضامن المسيحى العالمى. 

والمؤتمر الثانى عقد قبل نهاية ٢٠٠٤ بكندا تحت مسمى (مؤتمر مسيحيي الشرق)، والثالث عقد فى واشنطن ٢٠٠٥ ونظمه عدلى ابادير وحمل شعار (مسلمون ومسيحيون من أجل الديمقراطية) . وكان قد حضر هذا المؤتمر بعض المصريين المسلمين نظير مبالغ دولارية طائلة، وكانت هناك فضيحة مسجلة فى الصحف حول خلاف ببن مجدى خليل أحد كوادر المهجر وبين كاتبة مصرية تقدم نفسها بأنها تدافع عن الأقباط فى مصر. الرابع عقد فى نيويورك ٢٠٠٦ تحت عنوان (الحريات الدينية للأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط) .

أما الخامس فقد عقد فى هولندا عام ٢٠١٠ تحت عنوان (الحكومة المصرية والقضية القبطية). 

استغل هؤلاء أحداث نجع حمادى ٢٠١٠ ثم حادثة كنيسة القديسين لتأكيد مطالبهم بالتقسيم التى انطلقت منذ الثمانينيات بعد انتشار الإرهاب فى مصر، قام بعضهم بالمشاركة فى تأسيس منظمة تهاجم الاسلام كدين باسم (منظمة ضد الإسلام فى العالم)، وكان على رأسهم أشرف رميلة رئيس منظمة (صوت الأقباط فى أمريكا وإيطاليا) . 

أما مجدى خليل مؤسس منتدى الشرق الأوسط للحريات فى مصر الجديدة، فقد تخصص فى مهاجمة المصريين الأقباط فى الداخل والذين يختلفون معهم ويكشفون أكاذيبهم بادعاءات أنهم عملاء للأمن وخونة للأقباط . أيضا مايكل منير وهذا كان يطل علينا هنا فى مصر للظهور الاعلامى فى القنوات التلفزيونية خاصة برنامج وائل الابراشى (العاشرة مساء). 

فى أحد البرامج كان معى مايكل منير، وأخذ يتباهى بأنه عضو الحزب الجمهورى الأمريكى. هنا سألته عدة أسئلة، قلت: هل انت تؤمن بأفكار ومبادئ الحزب الجمهورى؟ قال: بالطبع نعم. قلت له: إذن أنت تؤمن بأن من حق إسرائيل والصهيونية احتلال فلسطين، أنت تؤمن بحق اليهود فى هدم الأقصى لإعادة بناء الهيكل، إذن أنت مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، أنت ضد الناصرية والعرب والإسلام. إذن ماهى المبررات السياسية التى تخول لك الحديث عن الأقباط فى مصر وأنت أمريكى الهوية تنفذ مخططا مقابل استفادة مادية لاعلاقة لها بالايمان والاقتناع بمشاكل الاقباط؟  هنا قام وانسحب من الهواء ولكنه عاد مرة أخرى دون أن ينطق بكلمة.

هذه نماذج من سلوكياتهم وأفكارهم ومماساتهم، هل نتاج ذلك سيكون طريقا صحيحا لحل مشاكل الأقباط؟ لاشك حينها كانت هناك جموع قبطية كثيرة قد تم دغدغة مشاعرها الدينية، وكانوا يتعاطفون معهم. بل كانت هذه الجموع تتهمنى بخيانة الأقباط والكنيسة بل والمسيحية ذاتها. 

كانت الأمور قد تداخلت وتم الخلط بين أقباط المهجر الذين يدافعون عن الأقباط وبين أمريكا (العظيمة!) التى تدافع عن الأقباط وتريد حل كل مشاكلهم. وهنا بيت القصيد أن يؤمن الأقباط بأن أمريكا ستحل مشاكلهم، إذن من الطبيعى أن يتحول الأقباط إلى الانبهار والاقتناع بامريكا وهذا بالطبع ضد الانتماء للوطن. ولكن والحمد لله كانت المواجهة وكان الدور الوطنى الذي يفرضه الانتماء إلى هذا الوطن الحبيب والإيمان بأن حل مشاكل الأقباط لا تحل إلا بالمسلمين قبل المسيحيين بعيدا عن اى تدخلات أجنبية. 

هل كانت الحكومات والأنظمة لاتريد حل مشاكل الأقباط الموروثة تاريخيا؟ بلاشك كل الحكومات تريد حل مشاكل كل مواطنيها، لأن هذا هو باب الاستقرار الحقيقى لأى نظام سياسي، ولكن الأهم هو الشارع السياسى الذى يتقبل أو لا يتقبل أي قرارات. 

كان الشارع يسيطر عليه التيار المتأسلم الذى سيطر على مشاعر الأغلبية المتدينة هذا التدين الشعبي، فهل كان النظام يمكن أن يدخل فى مواجهة مع الشارع مقابل حل مشاكل تاريخية للأقباط؟ ولذلك لم نجد أقباط المهجر هؤلاء لا فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ولا بعد فض رابعة وما حدث من حرق الكنائس والمنازل والمتاجر الخاصة بالأقباط، أين هؤلاء الآن؟ وأين مؤتمراتهم؟ وهل كانت وجهة نظرنا وقناعاتنا بالحل السياسى على الأرضية الوطنية المصرية وليس الحل الطائفى هى الأنجع؟ أعتقد والحمد لله أن دفاعنا ومواقفنا التى دفعنا ثمنها الكثير والكثير كانت هى الأصلح والأنجح. 

ولذا فبعد إسقاط نظام الجماعة وبعد إعادة الوعى للشارع المصرى المسلم وبعد التفرقة بين الدين والإيمان وبين الفكر الدينى الذى هو فكر البشر القابل للخطاء . كانت القرارات التي تحاول أن تعيد وتؤسس للمواطنة الحقيقية والصحيحة بين أبناء الوطن دون تفرقة على أي أساس. هنا كان الفضل الأول للشارع المصرى الذى بدأ يعى أهمية التوافق والتوحد بين أبناء الوطن واسقاط كل المخططات الاستعمارية التى تهدف إلى إسقاطه تحت مسميات حقوق الأقليات الدينية. 

هذا كان مثلا لمواقف نظن أننا كنا فيها فى الخندق الوطنى لحل مشاكل الأقباط التى لن تحل الآن ولا فى المستقبل على غير الأرضية الوطنية لكل المصريين.
--------------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان