07 - 06 - 2025

مصر تصحح اتجاه البوصلة نحو إفريقيا.. 115 مليار دولار استثمارات بالقارة حتى 2020

مصر تصحح اتجاه البوصلة نحو إفريقيا.. 115 مليار دولار استثمارات بالقارة حتى 2020

30,190 مليون كم2 هو إجمالى مساحة قارة إفريقيا و التي تتميز بموقعها الجغرافي، وتمتلك أكبر مخزون للعديد من الثروات والمعادن الاستراتيجية، فمن بين 50 معدنا هاما في العالم يوجد 17 معدنا منها في إفريقيا باحتياطيات ضخمة، كما أنها تتمتع بإمكانات هائلة في مجال الزراعة، تؤهلها لأن تكون سلة الغذاء العالمي كما يرى كثير من الخبراء؛ فهي تشتهر بمواردها المائية حيث يجري فيها 13 نهرا، وتقدر الطاقة الكامنة للري في القارة الإفريقية بأكثر من 42,5 مليون هكتار، مع مراعاة الطاقة الكامنة للريّ لكلّ من الأحواض والموارد المائية المتجددة. ونظراً لاتساع رقعة إفريقيا الجغرافية فإنها تتميز بتنوع أقاليمها المناخية، وبمستويات ونوعيات مختلفة من التربة الغنية، بمواسم زراعية متنوعة، وهو ما يجعل منها "بيئة ملائمة لزراعة وإنتاج جميع المحاصيل والحبوب والخضراوات. وتقدر نسبة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيها بحوالي 35% من إجمالي مساحة القارة، يستغل منها 7% فقط في الزراعة بشتى أنواعها، ولا تزيد مساحة الزراعة المروية في الجزء الواقع جنوب الصحراء من إفريقيا عن 50 ألف كم2 من إجمالي 23 مليون كم2. فإن الاستثمار في المجال الزراعي يعد من أفضل الخيارات التي تقدمها إفريقيا للمستثمرين للإسهام في تحقيق النمو الاقتصادي والأمن الغذائي في إفريقيا.

وفي مجالات الطاقة ومصادرها، فرغم ضخامة الطاقة الكهرومائية الكامنة في إفريقيا، والتي تناهز 1750 تيراواط ساعة، ورغم إمكانية ضمان أمن الطاقة من خلال توليد الطاقة الكهرومائية، إلا أنه لم يُستغلّ سوى 5% من هذه الطاقة الكامنة. أما بالنسبة للنفط والغاز ويقدر الخبراء حجم النفط الإفريقي ما بين 7 – 9% من إجمالي الاحتياطي العالمي، أي ما يوازي 80 - 100 مليار برميل خام، ويعد النفط الخام المستخرج من إقليم خليج غينيا من النوعية الممتازة.

ومن المستفز أنه على مدى سنوات طويلة تدهورت علاقة مصر بدول القارة الإفريقية وفقدت مصر تدريجيا نفوذها وقوتها الناعمة التي طالما ساهمت فى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية عديدة داخل القارة. عجزت أو أهملت الحكومات المصرية طوال عقود متابعة وفهم وتحليل التغيرات الثقافية والاجتماعية التي ألمت بالمجتمعات الإفريقية والتي تبدلت خلالها عقلية وقناعات أشقائنا الأفارقة، واستمرت الحكومات المصرية السابقة فى إدارة ملف العلاقات الإفريقية بذات النهج والأسلوب القديم القائم على مبدأ «الشقيقة الكبرى» متناسية أن العقول والتوجهات والأوضاع قد تغيرت واحتياجات الدول الإفريقية تطورت.

لم تنجح الإدارة المصرية فى صياغة رؤية متطورة لتحقيق مكاسب استراتيجية وسياسية واقتصادية على المستوى الإفريقي وكانت النتيجة الحتمية لسوء إدارة هذا الملف هو تردى العلاقات المصرية الإفريقية بشكل واضح على حساب شراكات وعلاقات استراتيجية أسستها دول أخرى غير إفريقية داخل القارة، وبالطبع أحد تجليات هذا الفشل كان شروع إثيوبيا فى بناء سد النهضة وتصميمها على استكمال بنائه وهو المشروع الذى تم التخطيط والإعداد له منذ سنوات طويلة على مرأى ومسمع الأنظمة السابقة التي استهانت واستكبرت على احتواء الطموح والتعنت الأثيوبي؛ وحيث أن مصر دولة متوسطة الدخل لا تقوى على توفير مساعدات مالية ضخمة للدول الإفريقية، اعتمدت الحكومات المصرية على أشكال تقليدية للدعم والتعاون مع الدول الأفريقية من بينها إيفاد خبراء فى مجالات معينة لبناء القدرات أو إرسال قوافل طبية ومساعدات عينية أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية وكلها وإن كانت مفيدة بالطبع لكنها غير كافية ولا مؤثرة فى بناء علاقات متينة ومستدامة فضلا عن أنها أحيانا ما تترك انطباعات سلبية لدى الأشقاء الأفارقة.

غير أنه بات من الواضح أن هذا النهج بدأ يتغير تحت إدارة الرئيس السيسي الذي وقع على عاتقه حمل هذا الإرث الثقيل؛ فالمتابع لخطابات الرئيس وتصريحاته المتعلقة بالعلاقات المصرية الإفريقية ومن بينها موقف مصر من سد النهضة يجد أنها تسعى لتأسيس رؤية وفكر جديدين لإدارة مصر علاقاتها مع الدول الأفريقية. رؤية تستند إلى الاحتواء بدلا من الصدام والتحدى، والتفاهم والحوار بدلا من الاستعلاء والغطرسة، وتحقيق المصالح والمكاسب المشتركة بدلا من فرض الأمر الواقع والمكاسب الأحادية الجانب. العلاقة التى تسعى مصر لبنائها مع دول القارة تهدف إلى تجاوز الخلافات الشخصية والمشاحنات و ترتقي لمستويات من التعاون الوثيق على جميع الأصعدة وعلى رأسها دعم الدول الأفريقية اقتصاديا واستثماريا لضمان تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى وهو ما يؤمن ويضمن مصالح مصر الاستراتيجية والأمنية ويحول دون تحقيق دول معادية لمصر لمكاسب داخل عمق مصر الاستراتيجى. زيارة الرئيس الأخيرة للسودان وتصريحاته التى جاءت على هامش الزيارة تبرهن على رغبة القيادة السياسية فى تلافى أخطاء الماضى، وعلى مختلف الجهات الحكومية أن تبدأ فى صياغة رؤية جديدة تبلورها خطط وسياسات وبرامج من شأنها إحداث تغيير هيكلي في التعامل مع دول القارة بحيث يكون الغرض الرئيسى منها تحقيق المصالح المشتركة استنادا لفهم احتياجات الدول الأفريقية وكيفية ممارسة مصر لدور محوري في هذا الصدد.

هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، تقول أن الدولة المصرية فى مطلع عام 2016 صاغت استراتيجياتها الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة متمثلة فى "رؤية مصر 2030"، والتي حرصت مصــر على أن تتسق تلك الرؤية مع أهداف التنمية المستدامة الأممية أجندة أفريقيا 2063، وبتعاون وثيق مع شركاء التنمية الدوليين مع إيلاء اهتمام خاص بتشجيع مشاركة كل من الشباب والمرأة فى تنفيذ برامج هذه الاستراتيجية

وبالحديث عن القارة الأفريقية أشارت وزيرة التخطيط، إلى أن هناك قناعة تامةً بضرورة اتساق الجهود الوطنية مع الأهداف الإقليمية المتمثلة فى أجندة إفريقيا 2063 وأهداف التنمية المستدامة الأممية إلى جانب أهمية تكثيف التعاون والتكامل بين الدول الأفريقية لتحقيق ذلك خاصة وأن أفريقيا تمتلك بالفعل العديد من الموارد الطبيعية والبشرية بالإضافة إلى الموقع الجغرافى المتميز ووجود العديد من الموانئ والخدمات اللوجستية ومصادر الطاقة المتنوعة خاصة الطاقة الجديدة والمتجددة، فضلاً عن وجود سوق كبير الحجم نظراً لوصول عدد سكان القارة إلى 1.3 مليار نسمة ؛ حيث أن الاستثمار فى هذه المشروعات يحقق مصالح جميع الأطراف دولاً ومستثمرين حيث تتراوح عوائد الاستثمار بها بين 30 إلى 40% فى قطاع الاتصالات، وأكثر من 40٪ فى مجال توليد الكهرباء، و80٪ فى الطرق.

وأضافت هالة السعيد أن تلك الأولويات تتمثل كذلك في تشجيع الاستثمار المشترك بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات التمويل المحلية والإقليمية والدولية لتوفير الاحتياجات التمويلية لتنفيذ مشروعات البنية التحتية في دول القارة، لافتة إلى أن أحد الدراسات الحديثة لبنك التنمية الأفريقى قدرتها بنحو من 130-170 مليار دولار سنوياً، مع وجود فجوة فى التمويل في حدود 68 - 108 مليار دولار، مؤكدة أن الإسراع بتنفيذ هذه المشروعات يسهم فى تحقيق عملية التكامل الإقليمى  ويعزز التجارة البينية والاستثمار المشترك بين دول القارة، مشيرة إلى أن أحد الدراسات أوضحت أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الدولي من شأنه إتاحة فرص تجارية بقيمة 12 تريليون دولار خاصة فى مجالات الزراعة والأغذية والصحة وبناء المدن وتوليد الطاقة واستخراج المعادن فضلاً عن خلق 380 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030

وفى السياق ذاته، أوضحت السعيد إلى أن أهمية اتفاق التجارة الحرة القارية تأتى باعتباره أكبر تكتل تجاري من حيث عدد الدول منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية يستهدف تحرير حركة السلع والبضائع بين دول القارة السمراء حيث تعتبر الأمم المتحدة أن منطقة التبادل الحر ستمكن من زيادة حجم التجارة الأفريقية البينية إلى 52% بحلول عام 2022، وتمهد الطريق لإحداث اتحاد جمركى بعد أربعة أعوام ومجموعة اقتصادية موحدة بحلول عام  2028 وأشارت د/هالة السعيد إلى أن مصر قامت بالفعل بالتوقيع على هذه الاتفاقية فى كيجالي، وتتخذ الآن الإجراءات الدستورية اللازمة للتصديق عليها، كما تسعى مصر لاستضافة مقر سكرتارية هذه الاتفاقية.

وفيما يخص الاستفادة من إمكانيات التمويل المتاحة لدى صناديق الثروة السيادية أوضحت السعيد أن إفريقيا تعد أكثر أقاليم العالم ديناميكية فى العقد الحالى فى معدل تزايد إنشاء صناديق الثروة السيادية بوجود 21 صندوق سيادى أفريقى بإجمالى أصول تبلغ نحو 165 مليار دولار مؤكدة على الدور الهام والحيوى التى تلعبه تلك الصناديق فى دعم التنمية الاقتصادية المحلية والإقليمية فى أفريقيا خاصة من خلال مشروعات تنمية البنية التحتية والتنمية الصناعية وتنفيذ مشروعات الربط الإقليمي بما يزيد من الإنتاجية والتحول الهيكلي نحو تحقيق التنمية طويلة المدى والمستدامة مشيرة إلى أن ذلك يأتى إلى جانب الغرض الرئيسى لإنشائها المتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يضمن استقرار العائدات ومستوى الإنفاق فى ظل تذبذب وتقلبات أسعار السلع الأولية التى تعتمد عليها اقتصاديات العديد من الدول الأفريقية، إضافة إلى الحفاظ على تراكم الثروات لتحقيق العدالة بين الأجيال

وأكدت هالة السعيد على اهتمام مصر بالتعاون مع الدول الإفريقية فى مجال صناديق الثروة السيادية خاصة بتشجيع الاستثمارات المشتركة فى مجالات التنمية المختلفة وإنشاء البنية التحتية، وذلك فى ضوء قيام مصر حالياً بإنشاء صندوق مصر السيادى متابعة أنه إيماناً من مصر بهذه الخطوات المهمة لتحقيق التكامل والاندماج الإفريقي، فقد اتخذت الدولة المصرية مؤخراً عدداً من المبادرات الرامية لتحقيق ذلك أهمها تضمنت إنشاء مصر صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى أفريقيا، بهدف تشجيع المستثمرين المصريين لتوجيه استثماراتهم لأفريقيا، كما تجدر الإشارة أيضاَ إلى أن مصر قد استثمرت نحو 1.2 مليار دولار فى أفريقيا خلال 2018 ليصل إجمالى استثماراتها بالقارة إلى 10.2 مليار دولار.

مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحى، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة، خلال بداية عام2018  أصدر دراسة عن الاستثمارات المصرية في إفريقيا في ضوء رئاستها المرتقبة للإتحاد الإفريقي 2019، ويستهدف التقرير تحليل واقع وسمات الاستثمارات المِصريَّة فى إِفريقيا، وأهم التحديات التى تواجه تلك الاستثمارات، والآفاق المُستقبليَّة لها، وسُبل تعزيزها.

وأشارت الدراسة، إلى إنه تزامنًا مع استعداد مِصر لتولى رئاسة الاتحاد الإِفريقىّ فى دورته القادمة الحادية والثلاثين لعام 2019، أصدر مَجلِس الوزراء برئاسة الدكتور "مصطفى مدبولي" فى العاشر من نوفمبر 2018، قرارًا بمنح ترخيص لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالاشتراك مع عدد من الجهات الوطنيَّة، من أجل تأسيس شركة مساهمة باسم "الشركة الوطنيَّة المِصريَّة للاستثمار الإفريقى".

وذكرت الداسة، الاستثمارات المِصريَّة فى القارة الإِفريقيَّة، حيث بلغ حجم الاستثمارات المِصريَّة فى القارة الإِفريقيَّة حتى عام 2017 نحو 7.9 مليارات دولار موزعة على 62 مشروعًا، وقد ارتفع لنحو 10.2 مليارات دولار بحسب بيان وزارة الاستثمار والتعاون الدولى فى 8 نوفمبر 2018، وتشمل تلك الاستثمارات قطاعات البناء والتشييد والمواد الكيميائيَّة والتعدين والمستحضرات الطبيَّة والدوائيَّة والاتصالات والمكونات الإلكترونيَّة والخدمات الماليَّة، فى حين يبلغ حجم الاستثمارات الإِفريقيَّة فى مِصر 2.8 مليار دولار، وتتوزع على كل من قطاعات الزراعة والصناعة والماليَّة والخدمات والسِّياحة والبناء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبذلك، فإن مِصر هى المُستثمر الأكبر، وتُعدُّ كل من "الجزائر، والسودان، وليبيا، ونيجيريا، والمغرب، وإثيوبيا، وسوازيلاند، وتنزانيا، وكينيا، وكوت ديفوار" من أهم الوجهات المِصريَّة للاستثمار الأجنبيّ المباشر فى إفريقيا.

وأكدت الدراسة، تواجه الاستثمارات المِصريَّة فى القارة الإِفريقيَّة العديد من المنافسين على المستوى العالَميّ والإقليميّ، مما يجعلها بحاجة إلى تعزيز استثماراتها فى القارة، ماسيساعد على تعزيز وزيادة قدرتها لاستعادة دروها الريادى مرة أخرى ودفع العَلاقات الاقتصاديَّة المصرية مع دول القارة، فالتِّجارة والاستثمار يخلقان المصالح بين الدول، خاصةً فى ظل وجود نحو 32 اتفاقية استثمار ثنائيَّة مع الدول الإفريقيَّة منها 11 اتفاقية سارية ستسهل ذلك التوجه، كما أن اختيار القارة الإِفريقيَّة كبوصلة للاستثمارات المِصريَّة فى الفترة المُقبلة سيعود بالفائدة على الاقتصاد المِصريّ؛ لما تمتلكه دول تلك القارة من موارد اقتصاديَّة ضخمة، حيث يوجد بها نحو 30% من الثروة المَعدِنيَّة بالكامل فى العالَم، و8% من الاحتياطيات النفطيَّة، و7% من احتياطى الغاز،كما تشكّل سوق استهلاكيَّةكبيرة تضمُّ نحو 1.2 مليار نسمة وموارد بشريَّة، بجانب موقعها الإِستراتيجيّ المتميز عن بقية المناطق فى العالَم.

الدكتورة سالي محمد فريد، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، تقول إن عام 2019 الذي شهد ترؤس مصر الاتحاد الافريقى يمثل نقطة هامة في مسار التعاون المصرى الأفريقى والعمل الافريقى المشترك، من خلال إنشاء مشروعات مشتركة للتنمية المستدامة بدول القارة الإفريقية، شهد فيه كل من مصر والاتحاد الإفريقى تغييرات كبرى، بينما تحاول مصر إعادة تأسيس نفسها فى منطقة الصحراء الإفريقية لحماية مصالحها الإستراتيجية، فمصر ترى نفسها أنها لديها خلفية من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والهيكلية الوطنية التى ساعدت فى تنميتها، فقد جعلت مصر الأولوية للترويج للتجارة داخل إفريقيا حيث حرصت مصر على زيادة استثماراتها فى أفريقيا لتصل من 1.2 مليار دولار إلى 10.2 مليار دولار ؛ حيث بلغت قيمة الاستثمارات في هذه المشروعات مجالات الطاقة والبنية التحتية خلال عام 2017 حوالي 81.6 مليار دولار، بزيادة 22 في المائة تقريبا مقارنة بعام 2016، وقد كان قطاع النقل في مقدمة المستفيدين من هذه الاستثمارات، حيث حصل على مشروعات بقيمة 34 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 42 ٪ من إجمالي التمويل.

سالي فريد تؤكد على أن مصر تبنت في مؤتمر باريس للمناخ مبادرة (AREI)، التي تهدف إلى دفع أجندة تنمية الطاقة المستدامة في إفريقيا إلى الأمام من خلال إضافة 10 جيجا وات و300 جيجا وات من الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة الأفريقية بحلول الأعوام 2020 و2030 على التوالي ؛ وتتجه الدول المصرية للتوسع في بناء السدود اعتمادا على الطاقة الكهرومائية حيث تتملك الكونغو الديموقراطية وحدها زهاء 50% من قدرات الطاقة المائية فى إفريقيا، لذا فإن التعاون المصرى الكونغولى فى مجال الربط الكهربائى، وتصدير الكهرباء بأسعار تنافسية من الكونغو الديمقراطية لأوروبا عبر مصر، يبدو هدفا مطلوبا وهنا تبدو أهمية تفعيل مشروعات "انجا3" و"إنجا العظيم"، بالكونغو الديمقراطية، بطاقة 4500 ميجاوات، و 39000 ميجاوات على الترتيب، لتكتمل مشروعات مجمع انجا، ليصبح أكبر مرفق لتوليد الكهرباء بالقارة الأفريقية ، بما يحقق المصالح المشتركة لمصر والكونغو الديمقراطية، خاصة أن هناك مسارين لهذا المشروع يمران بالقاهرة.

وكذلك أيضا البناء على خطوة بناء سد تنزانيا بشأن التوافق المصري مع دول حوض النيل على بداية مرحلة جديدة للربط بين منظومة السدود التي تمتد لتشمل كافة دول حوض النيل على مراحل مختلفة، وتبدو هذه الخطوة من الضروري الإسراع بها في ظل مواجهة إثيوبيا لمشكلة تمويل فيما يتعلق ببناء سد النهضة.

وأشار تقرير الاستثمار الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD عام 2018 إلى التنامي الواضح في مستويات الاستثمارات الموجهة للقارة الإفريقية رغم تواصل المعوقات السياسية والأمنية التي يفترض أن تعوق تدفق الاستثمارات إليها، فقد تضاعف حجم استثمارات القطاع الخاص في القارة خمس مرات خلال العقد الماضي، من 14 مليار دولار عام 2002 إلى 67 مليار دولار عام 2016، وارتفع حجم المعونات الحكومية من 18 مليار دولار إلى 43 مليار دولار خلال نفس الفترة، وقد بلغت قيمة الاستثمارات الواردة إلى القارة الإفريقية 57 مليار دولار، وشهد العام نفسه زيادةً في صفقات الدمج والاستحواذ لتسجل ألف صفقة، بقيمة إجمالية 30 مليار دولار. وتبرز في هذا الإطار دول البريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا) التي تشكل مصدراً لأكثر من ربع الاستثمارات في القارة.

وقد حدث تحول تدريجي من التركيز على قطاعات الصناعات "الاستخراجية" المتعلقة بمصادر الطاقة والموارد الطبيعية، إلى قطاعات الصناعات الاستهلاكية. جاء هذا التحول مدفوعًا بنتائج التنمية الاقتصادية في الدول الإفريقية، وزيادة الكثافة السكانية، واتساع نطاق الطبقة الوسطى، مما ساهم في رفع مستويات المعيشة، وأحدث تحولا في أنماط الاستهلاك. وتنامت قطاعات الصناعة الاستهلاكية بمقدار 30% خلال العقد الماضي، لتصل إلى قاعدة تشمل 120 مليون مستهلك. ساهم ذلك في تدفق الاستثمارات إلى قطاعات الزراعة، وتصنيع المواد الغذائية، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والخدمات المالية، وتجارة التجزئة.

وقدم تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2018 الذي وضعه البنك الدولي تصنيفا لدول العالم في مجال ممارسة الأعمال، حيث تحتل موريشيوس المرتبة الـ25 وهو أعلى تصنيف في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. كما كشف التقرير فيما يخص إفريقيا، عن أن نيجيريا وملاوي وزامبيا من بين أفضل 10 عوامل تحسن في هذا العام، استنادا إلى الإصلاحات التي أجريت. كما سجل تقرير ممارسة أنشطة الأعمال إصلاحات تجارية في 186 بلدا من الاقتصادات الـ 190 التي يرصدها. وقد نفذت رواندا أكبر عدد من الإصلاحات التجارية على مدى السنوات الـ 15 الماضية، مع ما مجموعه 52 إصلاحا، تليها جورجيا، التي تقدمت هذا العام إلى أكبر 10 اقتصادات مرتبة (47) إصلاحا.

2020 عام انجازات المشروعات المصرية بالقارة الإفريقية ؛ حيث تربعت مصر على عرش أكثر دول القارة الأفريقية جذبا للاستثمار، بعد أن حافظت على صدارتها للعام الثالث على التوالي، وفقا لما أكده تقرير صادر، عن مجلس الوزراء المصري، استنادا إلى مؤشرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" وبعد مصر، حلت جنوب أفريقيا في المرتبة الثانية تلتها الكونغو ثم نيجيريا ثم إثيوبيا في المركز الخامس.

ويقول التقرير إن الصدارة المصرية ليست سوى جني لثمار سنوات طويلة من الإصلاح عملت فيها القاهرة على خلق بيئة جاذبة للاستثمار واستغلال كافة مقوماتها، و حافظت مصر على مسار تصاعدي في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر على مدار 6 سنوات متواصلة ؛  حيث أن تقرير الاستثمار العالمي 2020 الصادر عن "أونكتاد"، كشف عن زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بنسبة 11% مسجلا 9 مليارات دولار عام 2019 ؛ ويمثل هذا الرقم 20% من إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا بالكامل والذي سجل 45.4 مليار دولار.

ومن الجدير بالذكر أن مصر جذبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 8.1 مليار دولار عام 2018، و7.4 مليارات دولار عام 2017، و8.1 مليار دولار عام 2016، و6.9 مليارات دولار عام 2015، و4.6 مليارات دولار عام 2014 ؛ وبشكل تلقائي، قفزت أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر على مدار السنوات الماضية، بيد أن الأرقام توضح أنها حققت قفزة مهولة على مدار الأعوام العشرين الماضية ؛ في عام 2000، كان إجمالي أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر عند 20 مليار دولار، وخلال 10 سنوات قفز الرقم إلى 73.1 مليار دولار عام 2010، قبل أن يواصل طفراته مسجلا 126.6 في 2019 ؛ حيث أن نسبة الأرباح المعاد استثمارها للشركات متعددة الجنسيات من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر وصلت إلى 41%.،ومن ضمن أهم القطاعات التي تلقت استثماراً أجنبياً في مصر، خلال عام 2019، والمتمثلة في قطاعات (النفط والغاز – الاتصالات – العقارات).

وأبرز أهم الدول التي ضخت استثماراً أجنبياً مباشراً في مصر عام 2018/2019، ومنها المملكة المتحدة التي ضخت استثمارات بـ 6.4 مليارات دولار، وكذلك بلجيكا باستثمارات 2.3 مليار دولار، كما ضخت الولايات المتحدة استثمارات بـ 1.6 مليار دولار، في حين ضخت الإمارات استثمارات بـ 1.1 مليار دولار ؛ حيث بلغ تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى شمال أفريقيا انخفضت بنسبة 11% لتصل إلى 14 مليار دولار، بينما ظلت مصر الدولة الوحيدة التي ارتفعت التدفقات إليها.