يوميات حرب غزة (الجزء الرابع)
فلسطينية في قبضة المحتل
تهديد بالاغتصاب واطلاق كلب ضخم على امرأة اربعينية .. كي تعترف بما لاتعرف
أطفال غزة دروع بشرية لجنود الجيش "الذي لا يقهر" وأسر كاملة تعيش الكابوس ذاته
محو عشرات العائلات من السجل المدني .. ومن على وجه الأرض
تجربة قاسية لإمرأة فلسطينية (5)
غزة، القرارة
18/08/2014
رجعت السيدة عائشة الى منزلها بعد يومين من مكوثها في مركز لإيواء النازحين في مدارس الأونروا، عادت من أجل أن تسقي وتطعم طيورها وحمامها وكذلك لتحضر بعض الملابس والأغطية لأطفالها الذين نزحوا بملابس النوم فجر ذلك اليوم اللعين، وصلت بيتها في الحادية عشرة صباحا مطمئنة بأن هذا الجيش الانساني لا يمكن أن يمس النساء بأي سوء، خاصة أمثالها ممن اقتربن من الأربعينات من العمر.
فجأة، أوقفها الجيش العرمرم، ارفعي يديك لأعلى وأديري وجهك للحائط، صرخ فيها أحد الجنود الشباب، صوت صرخاته المتقطعة والمرتفعة جدا تنم عن خوف شديد أقرب الى الرعب منه الى الثقة بالنفس وبالسلاح المدجج بين يديه ومن حوله!!! تتذكر عائشة وهي تذرف دمعتين رقيقتين من عيونها الذابلة!
من الذي أرسلك الى هنا، لأي الكتائب من المخربين تتبعين، ارفعي يديك جيدا الى أعلى، لا تلتفتي الى الخلف، باعدي بين رجليك أكثر، صوت ضابط آخر يحاول أن يكون أكثر ثقة من الجندي الأول!
عصبوا عينيها وألبسوها كيسا خميلا من الخيش وربطوا معصميها بقيد بلاستيكي، وأجلسوها القرفصاء في ساحة البيت تحت أشعة الليل.
أنا امرأة عادية، متزوجة وأم لخمسة أطفال، أكبرهم بنت في العاشرة من العمر وزوجي عاطل عن العمل منذ أن أقفلتم معبر ايرتز في وجه العمال الفلسطينيين، ونحن ليس لنا علاقة بالمنظمات ونعيش على الكوبونات التي توزعها علينا الجمعيات الخيرية كلما تصدق عليها محسن أو أكثر من بلاد النفط والغاز، طبعا بالإضافة الى ما تصرفه لنا CHFمن طرد غذائي كل أربعة شهور.
وكمان احنا عائلة معثرة، حتى المنحة المالية التي يصرفها البنك الدولي كل 3 شهور من خلال وزارة الشئون الاجتماعية لم يكن لزوجي فيها نصيب، احنا ليس لنا ظهر نركن عليه ولا واسطة تمشي أمورنا، إحنا من الناس اللي بتمشي جانب الحيط وبتقول يا ستير، الله يخلي لكم شبابكم ، الله يخلي لكم أولادكم، اتركوني أرجع لأولادي، الآن يبكون علي!!!
حاولت أن تستعطفهم بشرح حالها وحال أسرتها لهم، حاولت أن ترقق قلوبهم بالدعاء لهم ولأبنائهم، وهل يستجيب أصحاب القلوب القاسية والعواطف المتبلدة لدموع امرأة مقيدة ووحيدة بين كل هذا العدد من الجنود والآليات؟!
هددوها بالضرب والسحل، فلم يجدوا عندها أي اجابات جديدة على أسئلتهم المتكررة!
أحضروا كلبا ضخم الجثة خشن الصوت وهددوها أن يطلقوه عليها، من أين لي معلومات لأزودكم بها أيها المجانيين وأنا أخدم سبعة أفراد ليلا ونهارا! كانت تحدث نفسها بهذا الكلام!
تكررت هذه الأسئلة وتكررت الاجابات، صبوا عليها المياه الباردة والساخنة، فلا جديد.
زاد قلق أبنائها الخمسة وزوجها الذين ينتظرونها على أحر من الجمر بعد أن أسدل الليل أولى خيوطه السوداء، وفجأة حضر أحد الضباط الذي قدم نفسه على أنه ضابط مخابرات، وأخذ بإغرائها بمساعدتها ومساعدة زوجها تارة وتارة أخرى يهدد بنسف بيتها وتدميره، أنا ليس لدي وقت للاحتكاك بالناس ومعرفة أخبارهم، أنا ملتهية بخدمة أسرتي وتدبر لقمة العيش لهم!
لم يقتنع هذا الوحش بهذه الاجابات!
لم يبق له الا أن يجرب آخر أسلحته البذيئة والرديئة، فهددها بشرفها، هو يعلم كم تخاف الفلسطينية على شرفها!!!
ارتفع صوت نحيبها وكاد أن يغمى عليها، أترضى ذلك لزوجتك أو أختك؟ أنا بعمر والدتك! أترضاه لأمك؟
فجأة دخل ضابط آخر يجيد العربية وفهم نحيبها واستغاثتها ودخل في سجال شديد مع زميله الوحش حتى اقتنع هذا الأخير أن لا فائدة ترجى من مزيد من التنكيل والعقاب لهذه السيدة المسكينة!
تركوها تتلمس خطواتها في هذا الليل الدامس تحت فصف الدبابات واطلاق الرصاص من القوات الخاصة، خرجت مسرعة تهرول في الشوارع، تبكي حظها المعثر، وتدعوا الله وتشكره أن نجاها من بين براثن هذا الجيش الأخلاقي جدا!!!
رجعت لأبنائها خالية الوفاض دون ملابس أو أغطية، عادت دون أن تسقي الحمام أو أن تطعم الفراخ، كل التحية للأمهات الفلسطينية.
ارحموا النساء!!!
أوقفوا الحرب!!!
--------
وأقسم: من رموش العين...سوف أخيط منديلا... وأنقش فوقه شعرا... لعينيك...!
وإسما حين أسقيه...فؤادا ذاب ترتيلا...يمدّ عرائش الأيك ...
سأكتب جملة...أغلى من الشهداء والقبّل: "فلسطينية كانت.. و لم تزل...!
محمود درويش:عاشق من فلسطين
الفلسطينيون دروع بشرية (6)
19/08/2014
غزة،
يتميز الفلسطينيون بإيمانهم البسيط الشبيه بإيمان العجائز، هم لا ينفكون عن الذكر والدعاء في مختلف الاوقات فهم يعيشون في قسوة متواصلة من الحياة ان لم يكن بسب الاحتلال فبسبب الحصار المتواصل وشظف العيش المر.
وهذا حال رمضان قديح الذي لم يمل من قراءة آية الكرسي ويكررها بصوته المتهدل والمنخفض والمتقطع خوفا من أن يسمعه جنود الاحتلال الذين يحتجزونه مع 27 واحدا من أبناء أسرته، 19 منهم كانوا من النساء والأطفال، يتذكر الفلسطيني رمضان قديح لحظات رعب غير مسبوقة عاشها وعائلته لدى اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في بلدة خزاعة شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة خلال العدوان المتواصل على القطاع.
قرأ رمضان آية الكرسي والمعوذات وتلا الشهادة مرارا وطلب من أسرته أن تفعل مثله، قرأ آيات اللطف ودعا بكل ما حفظ عن جده من أذكار الستر والحفظ، أصر والده السبعيني من العمر أن يخرج من الغرفة مقتنعا أن جنود هذا الجيش الاسرائيلي لا يمكن أن يمسوا رجلا مسنا مثله بأي أذي! أبو رمضان كان مقتنعا أيضا أنه يستطيع اقناع القوات الاسرائيلية بأن يخلوا سبيلهم لانهم ليس لهم أي علاقة بالمقاومة والمقاومين!
هو يحمل وثيقة سفر إسبانية، وإسبانيا دولة مهمة في الاتحاد الأوروبي، لذلك ليس من المعقول أن يمسوا أحد رعاياها بسوء!
كما أنه يجيد العبرية التي تعلمها عندما كان يعمل لديهم في اسدود، لذلك فهم لابد وأن يفهموا عليه ويخلوا سبيل هذه الأسرة المحبة للسلام!
خرج هذا العجوز محني الظهر على عكازه الذي ورثه عن والده ووصاه بألا يضيعه فهو منحوت من فرع زيتون روماني، أمروه بالاقتراب، فاقترب رويدا رويدا، أمروه أن يرفع يديه، فرفع كلتا يديه لأقصى ما تستطيع قواه أن تفعل، اقترب أكثر من قوات الجيش الذي لا يقهر بعد أن تجرد من كل ملابسه بناء على أوامرهم الصارمة، اقترب وهو يرطن اليهم بلغتهم ويذكرهم بانه واحد من العمال الذي خدمهم في اسدود، اقترب حتى أمتار قليلة منهم.
فجأة ودون انذار مسبق، رصاصات صغيرة استقرت مباشرة في صدر هذا الفدائي الخطير على القوات الاسرائيلية! فأردوه قتيلا أمام أبناءه وأحفاده!!!
ذهبت شهيدا أيها العجوز نتيجة لحسن نيتك وثقتك الزائدة بأن هذا الجيش من الممكن أن يأخذ كل اعتباراتك في حسابه، إنهم لا يفهمون الا اعتباراتهم الأمنية!!!
بعد أن قتلوا العجوز، اقتربوا أكثر من باقي أفراد الأسرة وطلبوا منهم أن يتجردوا من ملابسهم ويكشفوا عن أجسامهم، قيدوا أيديهم، وحجزوهم في إحدى غرف البيت واستعملوهم كسواتر لإطلاق النار، أجبروهم أن يقفوا على نوافذ البيت بحيث يظهروا وكأنهم ينظرون إلى الخارج .
رمضان على نافذة و3 من أبناء عائلته على النوافذ الأخرى، فيما بدأ الجنود بإطلاق النار من جانبهم، ومن فوقهم ومن النوافذ الأخرى!!!
ثمانية ساعات ويزيد وهم تحت وابل الرصاص الذي يتطاير من حولهم، ثمانية ساعات من الخوف والموت الذي من الممكن أن يباغتهم كل لحظة، ثمانية ساعات من دون ماء أو راحة.
أجبروهم على أن يتقدموهم وهم يقتحمون المنازل المجاورة وآبار المياه بأسلحتهم ومتفجراتهم وكلابهم الضخمة، وعندما يشتبهون بوجود أي حفرة في الطريق كانوا يجبرونهم على الحفر خوفا من الأنفاق التي ترعبهم،
وهذا ما حدث أيضا مع الطفل أحمد جمال أبو ريدة (17عامًا)، الذي قيده الجنود الإسرائيليين وشتموه وضربوه، وضعوا وجهه على الأرض وطلبوا منه الركوع وحققوا معه بقسوة.
كان الجنود عند دخولهم لأحد المنازل يطلبون منه الوقوف في الأماكن التي من الممكن أن تتعرض لإطلاق النيران، وخاصة بجانب النوافذ، وفي أحيان أخرى يتم تقييده ورميه على الأرض.
وفي المساء كان جنود الاحتلال يحضرون هذا الطفل البائس إلى المنزل الذي ينوون التمركز فيه، ويضعونه في إحدى زوايا المنزل على الأرض وهو مقيد، نقلوه من غرفة إلى غرفة ومن نافذة إلى نافذة .. كان أمراً مرعباً، استمر وجود هذا الطفل مع القوات الإسرائيلية على هذا الحال لمدة خمسة أيام متواصلة.
لا أعرف كيف نجوت من هذا الجحيم، يتذكر أحمد بلوعة وألم! لا أعرف كيف سينجو هذا الطفل مما تعرض له من خوف ورعب وصدمات نفسية، أين منظمات حقوق الانسان، أين المنظمات التي تعتني بسلامة وصحة الأطفال النفسية والبدنية، أنقذوا الأطفال!!! أوقفوا الحرب!!!
----------
كل الذين كتبوا...عن الدم...والجريمة...
في هوامش...دفتر التاريخ...
قالوا : ومن الحماقة...أن يظن المعتدون...المرتدون ثياب شاة...
أنهم...قتلوا الحنين.
..! (محمود درويش:من قصيدة "الجسر" )
التطوع زمن الحرب (7)
----------
كعادة أبناء فلسطين، ولدي محمود يدرس الطب في السنة الرابعة في الجزائر، تطوع أثناء اجازته في مستشفى ناصر بخانيونس زمن الحرب على غزة، ليتعلم ويساعد أبناء شعبه، كما تطوع في مراكز الايواء، ليساعد في اغاثة النازحين، تحية لأبناء شعبنا الصامدين
24 عائلة فلسطينية مسحت من السجل المدني (8)
غزة ، ??/??/????
في الحرب على غزة، استهدفت اسرائيل بيوتنا ومنازلنا بدون رحمة او ادنى شفقة، دون مراعاة لقوانين دولية او مواثيق انسانية،
بيوت اهل غزة مكتظة بالسكان، البيت للعائلة والابنية رأسية، يتكون كل بيت من مجموعة من الشقق، متوسط عدد افراد الاسرة في كل بيت حوالي ? افراد.
استهدفت قوات الجيش الاسرائيلي في هذا العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة حوالي 10 آلاف منزل يقطنها آلاف البشر،
ذهب ضحيتها اكثر من ???? شهيد و ??.??? جريح،
تستخدم القوات الاسرائيلية في تكتيكها في قصف بيوت الآمنين تكتيكين:
تكتيك الثلاث دقائق اللعينة بعد قصف البيت بصاروخ زنانة "يحذر" سكان البناية من الموت القادم بعد ثلاث دقائق، ويرشد طائرة ال اف ?? عن المكان المستهدف بدقة، لذلك يسمي اهل غزة هذا الصاروخ بالإرشادي.
فجأة وقبل ان تلملم نفسك واطفالك ووالديك وتترك كل حاجياتك وذكرياتك وكل ما حوشته من تعب الايام، تهرول من البيت هاربا دون الاكتراث كثيرا بآخرين.
هذا يوم من أيام قيامة الدنيا حيث كل إمريء مشغول بنفسه، لا يتذكر الوالد ولده ولا والده ولا الأخ يتذكر أخته او أخيه،
الكل يهرول إلى حيث لا يدري، الى الشارع غربا او شرقا، المهم ان تبتعد كثيرا عن البيت المقصوف!!!
التكتيك الثاني الذي تستخدمه القوات الاسرائيلية هو اكثر قتلا وهمجية من الاول، لا وقت لديهم ليحذروك او يرشدوا صاروخهم، ليس لديهم حتى الثلاث دقائق الذهبية! الفريسة وقعت في الفخ كما يعتقدون ويتوهمون، لذلك يوكلون هذا الامر مباشرة لطائرات ال اف ??
صاروخ واحد من الاوزان الثقيلة او صاروخين او حتى ثلاثة، تتحول الدنيا في لحظة الى ركام وحطام ودم مخلوط في التراب، يعجن التراب بالدم والعظام تطحن مع الحجارة والجلد يحترق مع ما يحتويه البيت من اثاث وحاجيات، تحرق انت وعائلتك وكل ما تملك، تمحى من سجل الايام وسجل الشئون المدنية.
24 عائلة من غزة مسحت من هذا السجل بالكامل فيك ياغزة في هذه الحرب اللعينة، قتل الوالد والوالدة والابناء والبنات،
?? اسرة تم قصفها فجاة ودون انذار مسبق بصواريخ ال اف ?? ، قتل معظم افرادها ودفنوا تحت ركام بيوتهم،
عائلات مسحت من السجل المدني، وعائلات فقدت كل ابنائها، واولاد فقدوا كل اخوتهم واخواتهم وبقوا وحيدين، اولاد تيتموا ، ذهب والدهم ووالدتهم، واولاد تيتموا لأحد الأبوين.
إن مسحت عائلاتنا من السجل المدني فلن تمسح من ذاكرتنا وذاكرة الاجيال القادمة، لن ننساها وسنخلدها وسنبني لها صرحا وتمثالا امام ابواب اقصانا.
أوقفوا قتل العائلات!!!
اوقفوا الحرب!!!
محمود درويش :
تَجَمِّعْ...أيها اللحم الفلسطينيُّ...في واحدْ...
تَجَمَّعْ واجمع الساعدْ...لتكتبَ سُورَةَ العائدْ...!
يوميات حرب غزة (الجزء الرابع)
تجربة ذاتية للدكتور
رياض عبد الكريم عواد
-----------
أيام قيامة الدنيا
ارتج بيتي فقزت أنادي على ابني محمود .. أجاب : لاتقلق مجرد خرق للهدنة !!
الفلسطيني والتهدئة والحلم في زمن الحرب!!!(9)
غزة ،
19/08/2014
فجأة الخامسة مساء، انتهت التهدئة الرابعة والقصيرة جدا! التهدئة أنواع: طويلة المدى ومتوسطة المدى وقصيرة المدى!!! تبدأ من 24 ساعة وتصل الى 120 ساعة وما بينهما من 72 ساعة،
بالأمس تم تمديد التهدئة الثالثة الى 24 ساعة، فرح الناس قليلا واستغربوا كثيرا!
الفلسطينيون لا يجيدون النكتة السياسية كثيرا، ولكنهم رغم ذلك سجلوا على تهدئتهم القصيرة جدا عددا من النكات والبسمات،
واحدة من النكات كانت عبارة عن كاريكاتير يمثل الهدنة كحقنة مهدئ!
ونكتة أخرى استحضرت كيفية طلب الخدمة من شركة جوال الفلسطينية والتعليمات التي تصدر عن الاسطوانة المحوسبة باستخدام الأرقام وفقا للخدمة التي تحتاج اليها، للرجوع إلى قائمة الحرب، إضغط علامة النجمة. للإنهاء، إضغط على نفسك!!!
ونكتة أخرى استحضرت ما يتميز به كثيرا من أهل غزة الأصليين و"شخرتهم" المميزة والمعروفة جدا عندما يستغربون أمرا ما،
وشاب آخر يغني: وأمانة يا هدنة أمانة ..... تخدينا الى الفرحة أمانة....... وتخلي الحرب بعيدة عنا .....وتقولي للوفد استنى!!! أغنية جديدة وابداع في زمن الحرب والتهدئة!!!
المهم، فجأة تم قصف التهدئة بمختلف أنواع الصواريخ الجوية والبرية والبحرية، صواريخ على بئر السبع كما ادعت اسرائيل، وصواريخ اف 16 شمال شرق بيتي كما سمعت أذني وارتج بيتي وقفزت من سريري أنادي على ابني محمود، ماذا حدث؟!
لا تقلق يا والدي ! لقد اخترقوا التهدئة!.. فقط لا غير؟ تساءلت.
صواريخ برية على خزاعة وشرق رفح وصواريخ اف 16 على شمال غزة ، انباء بإصابة طفلين في رفح، الزنانات شرفت الى سماء بلادي المغتصبة طيلة ال 24 ساعة يوميا من قبلها، شرفت فجأة ولكن بقوة تحلق وتبحث عن فريستها من سياراتنا المسكينة أو أبنائنا قليلي الحظ.
تبا لك أيها الزنانة! الآن وصلت سماءنا وفورا تقصفين أرضنا! ألا تنتظري قليلا، لماذا أنت متعطشة الى كل هذا الدم أيتها المجنونة؟ ال اف 16 فوق بيتنا! هل تقصف الآن أم ستحلق وتنصرف تاركة بلادنا ومنطقتنا بسلام؟
ماذا يقول المتفاوضون في مصر ، فرصة للمحللين والاستراتيجيين والخبراء في الشأن الاسرائيلي أو من يدعون ذلك ليقصفونا بتحليلاتهم وقراءاتهم المنقولة عن الصحف الإسرائيلية مع قليل جدا من التفكير والابداع!
لا أخبار من مصر، الصمت سيد الاذاعات!
نتنياهو أمر الوفد الاسرائيلي بالانسحاب من القاهرة، صاروخين من غزة انطلقا الى بئر السبع، هكذا ادعى ناطقه الحربي! ال اف 16 ما زالت تحلق وتدور وتلف، ماذا تريدي أيتها الغولة السوداء ، ألم تشبعي من لحم الفلسطيني؟ ألم ترتوي من دمه الأحمر القاني؟ هل تحتاجين الى المزيد؟
حسنا نحن جاهزون للموت شئنا أم أبينا!!! هذا نصيبنا، أن نكون جيرانا طيبين لكم أيها الأوغاد الشريرين! قصفت الشريرة الآن صاروخا واحدا واقتربت أكثر من بيتي، صوت هديرها يخترق عنان السماء ويفتك بسكونه، طارت العصافير واختفت القطط وهربت الكلاب، كيف سنقضي ليلتنا؟
هل سينزح النازحون من شرق البلاد الى مراكز الايواء للمرة العاشرة، أم سينتظرون! نزح الكثيرون من شرق وشمال البلاد فورا!!!
غسان ووالدته في مستشفى أخلوف للمراجعة، سيرجعون الليلة أو غدا بدون تهدئة، كيف سيقطعون المسافة من معبر ايرتز على أرجلهم تحت القصف حتي يصادفون سيارة تنقلهم، الستار يسترهم واللطيف يلطف بهم، قلبي على ولدي وعلى بيتي،
قلبي على إخوتي وعلى أهلي، يومان متتاليان وأنا أرى في المنام أحلاما وكوابيس.
رأيت المرحومين عمي وجدتي وهي تعد الفطور له رغم أنني لم أوافق على ذلك! رأيت أقربائي الذين توفوا منذ سنوات طويلة في بيتنا! في بيتنا خروف مذبوح ومقطع وموضوع في وعاء، عمنا أبو خالد زيادة، الذي توفي منذ أكثر من أربعين سنة، يطلب مني أن يأخذ "الفشة" ليفطر عليها!
رفضت والدتي وقالت له، لقد أخذتم حصتكم ونصيبكم، لقد قسمناها حصصا، لكل حصته! ماهي حصتنا يا أمي؟! ما هو نصيبنا يا والدتي من هذا الذبيح؟
لمن هذه الجنازة التي كنا نحملها على الأكتاف، وانا أشارك في حملها؟ كنا نرمي جنود الجيش الاسرائيلي بالحجارة!! لماذا كان عمي العبد عوض الله حزينا وزعلان في الرؤية ويجلس وحيدا وبعيدا! وابناء عمي زهدي، علاء وتوفيق كانا في الجانب الآخر، أي جانب كانوا، لا أستطيع البوح!
من يفسر لي حلمي؟ كيف ستنتهي هذه الليلة؟ متي ستنتهي هذه الليلة؟ متى سينتهي الليل كل الليل، لا نريد ليلا!!!
أنا الآن أكره الليل والنهار!! أعلنوا التهدئة!!!
أوقفوا الحرب!!!
محمود درويش، من مديح الظل العالي
صبرا – تقاطع شارعين على جسد
صبرا نزول الروح في حجر
وصبرا – لا أحد
صبرا – هوية عصرنا حتى الأبد.
صيادو غزة بين الحصار والحرب والدمار!!! (10)
غزة ،
19/08/2014
في أيام التهدئة يجتهد كل فرد وفئة بتلمس أطرافه وبتحسس وتفقد حاجاته الغالية على قلبه، وهذا كان حال صيادي غزة الذين هرعوا الى مينائهم الصغير ليتفقدوا غرف مخازن شباكهم وأدواتهم بعد أن قصفتها طائرات اسرائيل ال اف 16 بالصواريخ دون سبب معقول في الأيام الأولى من الحرب على غزة.
تعرضت غرف ومخازن الصيادين لدمار شامل وكامل أتى على جميع معدات وشباك الصيادين ودمرها ولم يترك لها أي اثر.
أتى الدمار على اكثر من ستين مخزناً للصيادين تحتوي على معدات وشباك ضاعت وتدمرت بعد ان قصفتها طائرات اسرائيل الحربية، بالإضافة الى تدمير اكثر من عشرين قارباً.
وخيم الذهول على وجه الصيادون الذين فشلوا في التعرف او في استصلاح أي شيء من داخل مخازنهم المدمرة والمحروقة.
اسرائيل تعلم أن هذه المخازن هي لصيادي غزة المعترين الفقراء الذين يغزلون شباكهم بخيوط قلوبهم ومن رموش عيونهم، جمعوا أموالهم قرشا قرشا من تعبهم وشقاء عمرهم وعمر أبنائهم واخوتهم واشتروا غزل هذه الشباك ومعدات مراكب الصيد، إنهم واشقاؤهم افنوا حياتهم في شراء هذه المعدات لتكون مصدر رزقهم الوحيد.
صيادون محرومون من كل شيء، محرومون من البحر الذي ولدوا وتربوا وترعرعوا على شواطئه، رافقوا أباءهم وأجدادهم الصيادين، فهذه مهنة المتاعب والشقاء، يرثها الولد عن الوالد عن الجد وجد الجد، سمعوا منهم عن أنواع السمك وكمياتها التي كانوا يصيدونها من عمق البحر وتفيض عن حاجة غزة وسكانها.
سمعوا منهم كيف كان يباع سمك السردين بقروش قليلة بالفرش وليس بالوزن، شكرا لسردين بحرك يا غزة الذي أغاث سكان غزة بعد النكبة وفي سنوات الفقر والفاقة ومدهم باحتياجاتهم من اللحوم حيث كان يستحيل عليهم شراء اللحوم الحمراء!!
تعلموا من أباءهم وأجدادهم أن الصيد الثمين والخير الكثير من السمك يكون هناك في الأعماق بعيدا عن الشواطئ بعشرين ميلا أو أكثر، تقلصت المسافة الى 12 ميلا! فقالوا لا بأس، وتقلصت الى 9 ميل! فقالوا لا غالب الا الله.
ثم انخسفت المسافة الى 6 أميال، فلم تعد كمية ما يصيدون من الأسماك الصغيرة والرديئة يغطي ثمن الوقود الذي يستخدموه في مراكبهم.
وفي الهدنة ذات الخمسة أيام خفضت قوات الاحتلال الاسرائيلي مسافة الصيد الى 3 أميال، أي فوق رمال البحر، حيث لا يقبل السمك العيش ولا يمكن العثور عليه، رفض الصيادون هذا الكرم الاسرائيلي ولم يحركوا مراكبهم وحسكاتهم من مكانها احتجاجا على ذلك.
انخفضت كمية الأسماك ونوعيتها التي يصطادها الصيادون من 3000 طن سنويا في نهاية القرن السابق الى 500 طن فقط سنويا في أيام حصار اسرائيل لغزة وسكانها وبحرها وبرها وسمائها!
كل ما يريده صيادو غزة هو أن يسمح لهم بالصيد بحرية في بحرهم لإعالة أسرهم! إنهم لا يرتكبون أي جرائم، ولا يشكلون خطرا على أمن أي طرف كان! انهم فئة من المعترين الفقراء!
احموا صيادي غزة!!!
أوقفوا الحرب!!!
---------
من جدارية محمود درويش
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
من خُطَايَ وسائلي المنويَّ... لي!!!
ليلة من ليالي الحرب السوداء!!! (11)
غزة ،
20/08/2014
الحادية عشرة ليلا، قصف من الطائرات بكل أنواع الطائرات، من طائرات ال اف16 ومن الزنانات، فوضى وارباك،
التهدئة انتهت عمليا والمفاوضات فشلت. الوفد الاسرائيلي غادر القاهرة ولا اخبار عن الوفد الفلسطيني.
المحطات تكرر تصريحا لعزام الأحمد رئيس الوفد الفلسطيني عن مقترح فلسطيني قدم للجانب المصري دون اجابات،
السماء تهدر وتزن وتقصف، قصف منزل عائلة الدلو على أهله في حي الشيخ رضوان شمال غزة، ثلاثة شهداء بينهم رضيع عمره 3 شهور.
الصواريخ الفلسطينية قصفت العديد من المدن والمستوطنات الاسرائيلية بما فيها مطار بن غوريون والقدس وتل ابيب ردا على قصف عائلة الدلو في غزة.
لملمنا أوراقنا وحاجياتنا وبعض من ملابسنا وجمعناها في حقيبة واحدة انتظارا واستعدادا لما هو قادم وآت، قصف سيارة اسعاف وعدة مباني في غزة والشمال والوسطى.
الواحدة ليلا:
قصف طائرات ال اف16 لصاروخين متتالين في القرارة ليس بعيدا عن بيتنا، زلزال من السماء ضرب الارض بلا شفقة ولا رحمة! السماء احترقت والارض ارتجت والمباني رقصت رقصتها المجنونة.
خرج الأهالي والجيران الكل يطمئن ويستفسر عن المكان الذي تم قصفه؟ لا أحد لديه اجابة محددة!! الطائرات لا تغادر السماء مطلقا، زيادة في الحب والألفة!!! لا جديد من القاهرة، عيوننا صوبك يا مصر!
انتقلنا من صالون البيت الى الغرفة الداخلية، قد يكون المكان أكثر أمنا ووقاية، كيف سنقضى ما تبقى من هذه الليلة السوداء؟
متى سيبزغ الفجر؟ هل سنرى نور الصباح؟ هل سنكمل هذه الليلة في بيتنا؟! أم ماذا؟؟؟؟
قلوبنا ممزقة ومشتتة، بين الأهل ولأبناء والأحباب، خائفة على البيوت وقاطنيها، الليلية هي ليلة قصف البيوت على رؤوس قاطنيها، لن يكفي قلبي الصغير للخوف على كل هذا العدد من الأحباب والأصدقاء.
يا الله الطف بنا، يا الله استرنا بركنك الذي لا يرام واحفظنا بعينك التي لا تنام،
الليلة مات شاعر منتصب القامة أمشي، غادرنا وهو لا يأبه من الموت ولا يخافه، اسرئيل تريدنا منحنيي القامة منكسي الرؤوس، نعدك يا شاعر روحنا ونعد رفيقيك درويش وتوفيق زياد بأن نبقي منتصبي القامة، مرفوعي الهامة والجبين والرأس،
لن نطأطيء رؤوسنا لك يا نتنياهو.
سنبقى أوفياء لشعرائنا وشعبنا، نغني معهم:
منتصبَ القامةِ أمشي
مرفوع الهامة أمشي
في كفي قصفة زيتونٍ
وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي....
يوميات حرب غزة (الجزء الرابع)
تجربة ذاتية للدكتور
رياض عبد الكريم عواد
مخاوف الغداء الأخير
ناموا قليلا ياصغاري .. فملائكتنا تنهض من بين الركام
ناموا قليلا يا صغاري!!!(12)
غزة،
20/08/2014
ناموا بسلام أيها الأحباب!
لماذا لم يغسلوا وجوههم ورجليهم قبل النوم؟ هل ذهبوا الى الحمام قبل أن يناموا؟ لماذا لم تغطوهم؟ سيلفحهم البرد، و قد يعانون من اسهال!
تعشوا بالأمس متأخرين، عشاؤهم كان دسما، ومشربوش شاي، خايفين عليهم "يفنوا" على أنفسهم! حرام عليكم تسيبوهم يناموا هيك!
ينامون من المغرب دون أن يتقلبوا على أي جنب من أجنابهم، "فلة" نايمة بين أخوتها وسيم وجهاد، امبارح كانت نايمة في حضن تيتة! هل تلت عليك احدى حواديثها قبل أن تنامي؟! هل قرأت عليك واحدة من قصصك الصغيرة والمفضلة؟!
ارجوكم لا تفسدوا عليهم غفوتهم، لا تزعجوهم بتصريحاتكم المتتالية والمكررة، لا تقتلوهم مرة ثانية بتصفيقكم وتشجيعكم المتواصل، هم يحبون الهدوء ويفضلون الصمت!!
أين ذهبت أمهم بنت الحلال، لماذا سبقتهم، لماذا كل هذا الاستعجال على تركنا؟ لم نخطيء معك كثيرا، كنت مثل بنتنا الوحيدة، سامحينا!
لمن تتركينا، لم يبق لنا حبيب في البيت نسمع نداءه أو صراخه، مع من سيلعب جدكم "طار الحمام" و"كريكمة"، كيف سنعرف من سرق البيضة؟ حتى نعرف من سرقكم من حضننا.
لن نبكي كثيرا، فأنتم ذهبتم عنا نائمين لتستريحوا من ضجيج الطائرات وزن الزنانات وكلامنا الرتيب! أعدكم أنني سأعرف من سرق البيضة! ولن أتركه يسرق باقي البيض، سأقطع يديه بكل السكاكين الصغيرة والكبيرة، وان لم تنفع السكاكين، سأستعمل العصي والحجارة وما تستطيع أن تلتقطه يداي.
سلام لأرواح تركتنا وهي نائمة نوم الملائكة!
احموا أطفال فلسطين!!!
أوقفوا الحرب!!!
..............
وسنغني مع أميمة خليل:
نامي نامي يا صغيرة... تانغفى عالحاصيري
بكرا بيك جاي... حامل غلة الليمون
بيجبلك تنورة وشال... تاتدفي بكانون
يا زغتورة الحندقة... شعرك أسود ومنقى
واللي حبك بيبوسك... والبغضك شو بيترقى
ملائكتنا الصغيرة!!!(13)
غزة،
20/08/2014
في بلاد الله الواسعة تتنزل الملائكة من السماء على عباد الله الصالحين لتحفهم بالمغفرة والرحمة، وتتنزل على عباد الله العصاة لتدلهم على طريق النجاة والخلاص، الملائكة أعدادها كبيرة وأجسامها ضخمة وأنواعها كثيرة وأجنحتها عظيمة.
في بلادي، تنهض ملائكتنا الصغيرة من باطن أرضنا، ملائكتنا صغيرة ولها جناحين اثنين دقيقين فقط، تنهض ملائكتنا بعد غفوة صغيرة من تحت وبين الركام، ملائكتنا تحتاج لكثير من الأيدي لكي تنهض من بين الركام والتراب المقصوف حديثا.
تراب ساخن وحجارة كثيرة تتساقط عليها ومن حولها فتعيق نهوضها قليلا، لكنها تنهض وتنهض معتمدة على يديها الصغيرتين وجسمها الطري، تحوم كالفراشة حول أرواحنا، تتفقد ثدي أمها المقطوع وصدرها المجروح.
تبحث عن أبيها المذبوح والمقطع الى أشلاء بعناية شديدة بأسلاك صواريخ الزنانات التي تفصل اللحم عن العظم وتقص العظم قصا حادا وتحرق من حوله حروقا غائرة.
تتلمس بيديها الصغيرتين وجوه أخوتها الصغار والكبار الذين قتلوا وجرحوا وحرقوا بشظايا الدبابات المتعددة الأحجام وبمساميرها الحلزونية الشكل، مدببة الرأس والمنتهية بمروحة صغيرة لتزيد من سرعتها ومن قوة نفاذها بعيدا في اللحم والأحشاء.تذهب هذه المسامير بعيدة في الاحشاء لتمزق الكبد في طريقها وتحطم البنكرياس ان اصطدمت به وتفتت الكلى والطحال وتمزق الأمعاء والقولون وووو....،
لا تنسى ملائكتنا أن تحوم وتحلق فوق ذكريات بيوتنا المهدمة والمدمرة لتغطي الأطفال النائمين وتحميهم من برد الصيف ولتمنع عنهم الكوابيس الثقيلة والمخيفة. تحرس النساء الخائفات والمذعورات من الموت عراة في الشوارع وعلى قارعة الطرق، تطير ملائكتنا حول حقول الزيتون المدمرة وأشجارها المحروقة، تهدي من روع الطيور الهاربة والكلاب الخائفة والقطط الشاردة.
يا ملائكة الرحمة لا تنسي ان تذهبي بعيدا لأبنائنا في أنفاقهم الرطبة ومواقعهم المتقدمة لتهديهم منا السلام وتشدي على أيديهم وتطمئنيهم عن زوجاتهم المشتاقات وأبنائهم الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر، ولتطمئنيهم أيضا عن بيوتهم المقصوفة وحقولهم المجرفة.
ملائكتنا تنهض بدون وجل، تعرف واجبها ودورها المنوط بها لذلك فهي تنهض من تحت التراب والركام دون وجل!!! احموا الأطفال!!! أوقفوا الحرب!!!
احصائية العدوان على غزة (14)
حتى 20/08/2014
عدد الشهداء 2060 شهيد دون احتساب 7 شهداء مجهولي الهوية جرى دفنهم في رفح ولم يتم التعرف عليهم حتى تاريخه، من بين الشهداء: 485 طفلاً، 284 سيدة. وبلغ عدد المدنيين من الشهداء 1583.
ومن بين الشهداء 952 قتلوا داخل منازلهم بالإضافة إلى فتاتين من ذوي الإعاقة داخل مؤسسة، 307 طفلا 202 سيدة. قتل 222 شخصاً عند مداخل منازلهم أو بينما كانوا يحاولون الفرار منها.
حسب المحافظة: شمال غزة 328 شهيدا، غزة 446 شهيدا، الوسطى 273 شهيدا، خان يونس 593 شهيدا، رفح 420 شهيدا.
عدد الجرحى: 10281 جريحاً، من بينهم: 1990 طفلا 3117 سيدة
عدد المنازل المستهدفة بشكل مباشر 955 عدد المنازل المدمرة بشكل كلي 2638 منزلا ، عدد المنازل المدمرة بشكل جزئي 7350 منزلا
كما دمرت قوات الاحتلال: 92 مدرسة، 149 مسجداً ، 8 مستشفيات
خروج 6 مستشفيات من الخدمة، وهي بلسم العسكري وبيت حانون، والوفاء، والجزائري العسكري ومستشفى الدرة، وأبو يوسف النجار، بالإضافة إلى 38 مؤسسة أهلية، و50 قارب صيد واستهداف غرف الصيادين في خانيونس وغزة وأجزاء من ميناء الصيادين في غزة. كما تضررت 223 مركبة.
المصدر: مركز الميزان ووزارة الصحة
ليلة ثانية بدون تهدئة!!! (15)
غزة، القرارة
20/08/2014
أذن المغرب، صلينا المغرب والعشاء جمع تقديم، قفلنا الى البيت عائدين، الليل أسدل أولى خيوطه السوداء على بلادنا وحينا، انقطعت الكهرباء عن المنطقة.
تفقدت نفسي فتذكرت أن سجائري على وشك النفاد، أنا لست من المدخنين بالمعنى العام، ولكن في زمن الحرب فان السجائر من الاحتياجات الضرورية.
سألت جاري ان كان لديه علبة سجائر زيادة، فاعتذر ، اضطررت أن أذهب بنفسي لشراء السجائر،
ندهت علي احد أبنائي ليرمي لي 10 شواكل، تأخر ، صرخت عليه صوتين وشتيمة!!!
لم أستطع أن أرسل ابني خوفا من أن يصيبه مكروه، البقالة ليست بعيدة عن بيتي، فقط حوالي 100-150 مترا، ولكنها في هذا الزمن وفي هذا الليل بعيدة جدا!!
مررت على البقالة الأولى لصاحبها الملقب أبو كرش فوجدتها مغلقة، شاهدت الحفرة العميقة التي أحدثها صاروخ ال اف16 لبلة أمس، حفرة بعمق 5-7 أمتار وبمحيط بنفس المسافة، أبواب المنازل المجاورة ونوافذها طارت في السماء،
رائحة البارود ما زالت تملأ الجو برائحتها النفاذة.
ثلاثة كلاب تقف بالقرب من شارع صلاح الدين على رصيفه الشرقي، كلب بني وكلب أبيض يميل الى الصفرة وكلب أسود، كانت الكلاب واقفة بجانب بعضها البعض، خائفة ومرتبكة، تلف وتدور حول نفسها، بدأت تتوشوش:
همس الكلب الابيض للكلبين الآخرين والتفت يمينا ثم يسارا، فجأة انطلقت الكلاب الثلاثة بأقصى سرعة بعيدا في اتجاه الغرب، الكلاب أيضا تنزح!!!
عصرا شاهدت كلبة في الوادي أمام بيتي تجري قافلة الى الشرق، أثدائها ممتلئة بالحليب، من الواضح انها اضطرت للهروب غربا لسبب ما من أسباب الحرب، وها هو نداء الأمومة يجبرها أن تعود لترضع جراءها، كم عددهم؟ للأمومة ألف تحية وتقدير.
اشتريت علبة السجائر من البقالة الثانية في الحي من صاحبها ابو صادق، ارتفع ثمن علبة السجائر حوالي 40% من ثمنها الأساسي خلال الحرب، طبعا هذا ينطبق على كثير من الحاجات خاصة الخضروات التي بالصفة العامة ارتفع ثمنها أضعفا كثيرة وكثير منها فقد من السوق لأن المناطق الزراعية في قطاع غزة تتركز في شمال وشرق غزة حيث العدوان الاسرائيلي متركز.
المهم اشتريت علبة السجائر، هي سجائر بالاسم فقط، إنني أجزم أنها لا تحتوي على أي نسبة من التبغ، أنها مصنوعة من ورق الكدش، رائحتها مقرفة وطعمها مر، هل نحن بحاجة الى مزيدا من المرارة؟ كم هم مغفلين هؤلاء المدخنين الذين يشترون المرارة بنقودهم؟؟!!
خمسة من العائلات المجاورة في شارعنا نزحت غربا الى مخيم خانيونس وعائلة الى مستشفى ناصر بخانيونس ، وعائلة أخرى ينزح فيها الذكور وتبقى البنات مع والديهم!! لكل أسبابه وظروفه وأهدافه!!! انها الحرب
الشارع مظلم وسواد الليل ازداد، عدت الى البيت، خطواتي أصبحت أسرع، شيء من الخوف يتسرب الى داخلي رويدا رويدا،
ليس خوفا، ولكنه....، لا أعرف.
أسرعت الخطى أكثر، فأكثر، فأكثر...... وصلت البيت، رجعت الكهرباء
أبو عبيدة هدد اسرائيل، هدد مطارها وتجمعاتها وما يسمى غلاف غزة، هددهم بعدم العودة الا بأوامر القائد العام للقسام! حرب نفسية! كما أكد أن المفاوضات كانت عبثية وطالب الوفد الفلسطيني بالانسحاب!! تصعيد سياسي بجانب التصعيد الميداني!!
بوادر حرب أم مقدمة لمسار جديد من المفاوضات؟!
كيف ستكون هذه الليلة، لا أعرف!!! أوقفوا الحرب!!!
-------
صباح الخير من غزة في يوم الجمعة (16)
غزة، القرارة
22/08/2014
صباح معمد بالصراخ والبكاء على الأحبة والأبناء، عيون تبكي بلا دموع تذرف، فالدموع جفت في المآقي، ودعنا بالأمس ثلاثة من قادة المقاومة الشهداء في رفح جنوب قطاع غزة، ثلاثة أطنان من القذائف الإسرائيلية لترتقي أرواحهم الى جنات الخلد،
كما ودعنا أربعة وثلاثين شهيدا، ثلثهم من الأطفال.
عدد شهداء العدوان الاسرائيلي المستمر لليوم السابع والاربعين على التوالي دخل في الألفية الثالثة، ووصل الى 2085 شهيدا واكثر من 10 آلاف جريح، أكثر من ربع الجرحى يعانون من اعاقات دائمة .
صوت الأب يبكي ولده الشهيد في شارع النفق في مدينة غزة على شاشة الجزيرة يمزق القلوب والصدور، ونحيب أب آخر يبكي ابنه المصاب، بينما يحاول رجال الاسعاف الضغط على صدره لتشغيل القلب الذي توقف عن النبض، يحزن من له قلب ومن ليس له قلب.
ومنظر الغاضبين من الشباب يرفعون بين أيديهم جثة طفل ساخنة وطريه يتدلى منها الرأس الى أسفل الصدر متدحرجا يمنة ويسرة، منظر يتكرر أمام الكاميرات في مستشفى الشفاء عسى أن يحرك قلوب العالم ووجدانه من أجل أن يحموا أطفالنا من الموت الزؤام. صور تثير الأسئلة وتقشعر لها الأبدان وتذرف من أجلها العيون ما بقي فيها من دموع أو دم.
كنا نبدأ يوم جمعتنا بصلاة الفجر جماعة في المساجد وننتظر حتى شروق الشمس لننال بركة صلاة ركعتي الضحى، نرجع لبيوتنا نغفو قليلا ونصحو لتناول طعام الافطار ونتلو سورة الكهف مشفوعة بتكرار الصلاة والسلام على الحبيب.
في زمن الحرب، نبدأ يومنا بمتابعة الأخبار من مختلف قنوات الشؤم والقتل والفتنة، نستمع لتحليل الخبراء والمختصين والاستراتيجيين! عسى ان يريحوا قلوبنا بخبر سعيد او وعد بتهدئة او هدنة جديدة تزيح عن قلوبنا كل هذا التوجس والقلق والحزن.
أخبار عن مبادرة اوروبية لوقف اطلاق النار وعن اجتماعات في قطر وقريبا في مصر، سيتفرق دمنا من جديد بين دول مركز القرار الدولي بعد أن أخذت دول الاقليم نصيبها من دمنا المسفوح! دمنا تفرق بين القبائل كما يقول درويش، آه ، يا دمنا الفضيحة.
هل ستأتيهم غماما...هذه أمم تمر ُّ وتطبخ الأزهار في دمنا ... وتزداد انقساما!!!
لماذا لا نأخذ قرارنا بأيدينا طبقا لخبرتنا الطويلة بأهمية القرار الوطني المستقل، وبما علمنا اياه والدنا ومفجر ثورتنا المعاصرة وباني دولتنا المستقلة؟
أنباء سيئة عن انتشار أمراض لها علاقة بالصحة والنظافة العامة، ليس أقلها الجرب والقمل، بين الأطفال في مراكز ايواء النازحين، نريد خبراء وطنيين ودوليين في مقاومة القمل والسيبان!!!!
الأونروا تعلن بأن غزة تحتاج الى 15 سنة لترجع الى ما قبل الحرب في حال تم فتح المعابر بالكامل!
كم سنة تحتاج غزة حتى ترجع الى ما قبل الحصار؟ وكم سنة تحتاج حتى ترجع مطمئنة ويغادرها الموت والحزن كبلاد الله الواسعة؟!
قصف حوالى الحادية عشرة صباحا لمرتين متتاليتين في المنطقة حول بيتنا، هل هو قصف لدبابات أم زنانات؟ صوت القصف مرتفع جدا!
نحن نخاف من قصف الدبابات كثيرا، قصف أعمى من دبابات لديها صواريخ دقيقة الاصابة وقذائف موجهة بالكاميرات!!!
تقصف الدبابات دون هدف الا اصابة بيوتنا المواجهة لخط الحدود الشرقي لقطاع غزة،
من الفجر تقصف هذه الدبابات مخيم البريج للاجئين وسط شرق قطاع غزة، دفعة جديدة من قذائف الدبابات تهديها أمريكا لإسرائيل بعد أن أهدتها دفعة من صواريخGBU-28المخترقة للتحصينات، والتي استخدمتها إسرائيل في استهداف مخابئ قادة المقاومة، شكرا ماما أمريكيا!!!
صوت الزنانات لا يفارق المكان ولا الزمان!!!
اسرع الابناء الى النوافذ الشمالية للتعرف على مكان القصف، صرخت عليهم بأعلى الصوت بان يبعدوا عن النوافذ، الاقتراب من النوافذ يشكل خطرا في وقت القصف وبعده مباشرة، تبين أن القصف كان لعائلة العبادلة بينما كانوا يعشبون أرضهم.
لم يعجب ذلك الزنانات الاسرائيلية فعملت على تعشيب رؤوسهم وأجسادهم، استشهد الوالد وأحد الأبناء وابن آخر في العناية المركزة،
صلينا صلاة الجمعة، نصف المسجد فارغ! أين ذهب المصلون؟ حدثنا الخطيب عن أسباب النصر، وعدد أحد عشر سببا للنصر، كلام مكرر غير مفهوم، حثنا على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله على فهم السلف الصالح، كل يدعو لحزبه وكأنه يدعو الى الله!
شاهدت في المسجد شبابا من أصحاب الشعر واللحى الطويلة، منظر ما زال غير مألوف في غزة،
رجعنا وتناولنا طعام الغداء، فهل يكون هذا هو الغداء الأخير؟! أوقفوا الحرب!!!