26 - 04 - 2024

مسلمو الصّين"الإيغور":تاريخٌ مِن المجازر واستئصال أرحام النساء وخنق المواليد!

مسلمو الصّين

 تُرجّح المصادر المطّلعة أن عدد مسلمي الصّين يقدرون بـنحو 100 مليون نسمة؛ وذلك في مواجهة تقارير صينينة تخفض العدد لنحو 24 مليونَا فقط! ويتشكل المسلمون من 10 قوميات أكبرها "الأويغور" تليها "الفازاق" و"الأوزبك" و"الطاجيك" وغيرها، وتعود أصول تلك القوميات العشر إلى العرب والفرس والأتراك؛ الذين قدّموا عشرات الألاف من الشهداء فداءً لوطنهم الصّين.

بالعودة إلى الوراء قليلاً نرى الإسلام قد دخل الصّين إبّان حكم الأمويين قبل نهاية القرن الهجري الأول، تحت راية القائد "قتيبة بن مسلم الباهلي"، تلاه التّجار العرب المسلمون ورحلات قوافلهم عبر "طريق الحرير"، وتشير بعض المصادر إلى أنّ الخليفة الرّاشد "عثمان بن عفّان" -رضي الله عنه- هو أول مَن أرسل بعثة للصّين لنشر الإسلام عام 21 للهجرة، توالت البعثات بعدها لتصل إلى 24 بعثة خلال 150 سنة تقريبًا.

أطلق الصّينيون على المسلمين  تسمية "التاشي" أي أصحاب الملابس البيضاء، وامتلأت بهم مناطق إسلامية بأكملها، وظهر الفن الإسلامي بقوة في المعمار الصّيني، وأقيمت المساجد والأسبلة، وتولى "شمس الدّين عمر" حكم ولاية "يونان" في العام 673ه – 1274م ، كما اعتنق الامبراطور "هونج دو" الإسلام؛ لكنه لم يعلن ذلك إلا للمقربين منه فقط، وكتب 100 رسالة في مدح الإسلام، وعَمّر المساجد، وحرص على جلب الأُسر العربية والإيرانية، وأمر بنقش ومدح فضائل الرّسول -صلى الله عليه وسلم- على الجدران، ثم ظهرت أول ترجمة للقرآن الكريم باللغة الصّينينة.

تركز المسلمون في تركستان الشّرقية الغنية بمواردها الطبيعية من غاز وبترول؛ والمتميزة بموقعها الاستراتيجي الذي يجاور 8 دول أسيوية؛ وتتحكم في طريق الحرير التّجاري؛ وفي العام 1911 أُعلن الحُكم الجمهوري تحت راية الدّولة التي كانت تحمل خمسة ألوان، وكان اللون الأبيض يشير للمسلمين الذين نالوا حقوقهم؛ قبل أن تنقلب اليابان وانجلترا وأمريكا على الصّين ومن بعدها روسيا البلشفية،لتتقطع الجمهورية ويتفشّى الفقر، ومن هنا بدأت الصّين تنظر بعين الطّمع لتلك المنطقة، فتغيرت الأوضاع؛ وعانى المسلمون من الظّلم والاستبداد؛ وقاموا بعدة انتفاضات راح ضحيتها الآلاف.

بدأت إملاءات الثورة الشّيوعية تؤتي أُكلها؛ وتفتّتَ عضد المسلمين، فتم إعدام وسجن وتعذيب الغالبية العظمى من قياداتهم وحكامهم وعلمائهم، وهُدّمتْ مساجدهم وطردوا، فهرب الكثيرون خارج الصّين إلى: هونج كونج؛ وتايوان؛ وأمريكا؛ والسّعودية؛ وسنغافورة؛ وتركيا؛ ومِصر، وتم احتلال تركستان في العام 1944 وتغير اسمها إلى "تشينج يانج" بمعنى "الحدود الجديدة".

في العام 1949 هادن الحكم الشّيوعي المسلمين في بادئ الأمر، وتم منحهم حُكمًا ذاتيًا في 34 مقاطعة، ولما استتب الأمر للشّيوعية؛ ارتُكبت أفظع مجزرة ضد المسلمين راح ضحيتها مليون مسلم، وبمرور السّنوات صودرت أملاك المسلمين؛ وفُرض عليهم الزّواج المختلط، وقُبض على العلماء، وأُغلقت المدارس، وأُلغيت الكتابة باللغة العربية التي كتب بها المسلمون طيلة ألف عام، وأُتلف 730 ألف كتابمؤلَّفًا بالعربية بما في ذلك نُسخ القرآن الكريم، وتوقفت بعثات الحج، وتم تهجير المسلمين من مناطقهم ذات الكثافة السّكانية العالية؛ وتهجير غير المسلمين لذات المناطق كما يفعل الكيان الصهيوني تمامًا في فلسطين المحتلة.

على مدى 45 ثورة قام بها مسلمو الصّين، والتي اُعتِقل على إثرها أكثر من 500 ألف أو يزيدون، تم قتل 300 ألف وترحيل مئات الآلاف للعمل في معسكرات الأشغال الشاقة؛ تمامًا كما فعلت البلشفية في روسيا.

حال قيام الثورة الثقافية الصّينية؛ خاصّة في الفترة ما بين العام 1966 – 1976 ذُبح 75 الف مسلم مع بداية شهر رمضان، واقتُحمت دورهم؛ وضُرب العلماء؛ وأُحرقت الكتب الدينية بالشوارع؛ وفُقدت المخطوطات النّادرة؛ وحُظر استخدام اللغة العربية، وفُرض المنهج الصّيني بدلا من مناهج الدّين الإسلامي، وتحولت المساجد لمخازن وورش؛ وأُلغيت العطلات الدّينية، ومُنع المسلمون من ارتداء زيّهم القومي، كما اُلغيت تصاريح أكفان الموتى!وأُجبروا على أكل لحم الخنزير وشرب الخمر.

استئصال أرحام النّساء

بدأت الصّين في خطتها لتحديد النسل في المقاطعات المسلمة؛ ويُحكى أنّها عثرت على امرأة حامل في شهرها الأخير؛ فأجبرت زوجها "هاشم" على إسقاط الجنين، وتغريمه 3 آلاف ين، وعندما هربت زوجته للمقابر حيث ولدت جنينها بمفردها؛ تعقبتها السُّلطات وقاموا بخنق المولود أمام عين أمه ! فانهارت وتُوفيت كمدًا وحسرة.

تم إجبار 35 ألف امرأة على استئصال أرحامهن، أو تعقيمهن، أو إجهاضهن، أو حقنهنبمنع الحمل دون علمهن، وماتت الكثيرات، وبعضهن اُصيبت بالجنون والمرض، وتم خنق وقتل عشرات المواليد عقب ولادتهم مباشرة بضربهم أو كتمان أنفاسهم، كذا شحن الأجنة المجهضة لمعامل بكين وشنغهاي لاستخدامها في اغراض طبية، واعتقال النّساء الملتزمات بالحجاب الشرعي.

ظلت معاناة المسلمين تتفاقم شيئًا فشيئًا؛ مع التّعتيم الإعلامي المقصود؛ وصمْتِ دول العالَم التي تلتقي مصالحها الاقتصادية مع الصّين، ففي العام 1990 عادت المجازر الوحشية التي أودت بحياة 10 آلاف مسلم، وفي عام 2013 ذُبح 246 داخل مساجدهم، إلى أن صرّح المدّعي العام الصّيني في 2014 عن اعتقال 24 ألف مسلم، والذين تعرضوا للضّرب والتّعذيب حتى الموت بتهمة النّشاط الدّيني غير القانوني أو الإرهاب أو الدّعوة للقومية.

وبنظرة سريعة لأحوالهم اليوم نجد أكثر من 6 آلاف مسجد تم غلقها، وتسريح عشرات الآلاف من الأئمة، والصيام ممنوع على الطّلبة والموظفين خاصّة، والقوات الأمنية تتفقد البيوت المضاءة ليلًا في سحور رمضان، ومُنع الآذان، وصدرت أحكام قاسية ضد المسلمين لا سيّما في تهمة تعدد الأزواج، وسمحت الدولةبنشر معلومات مغلوطة عن الدّين كي يفقد اتباعه شعائرهم الصّحيحية؛ لدرجة أن البعض كان يصلي الظهر عقب صلاة الجمعة 16 ركعة!

بدأت الأنباء تتواتر عالميًّا وعلى استحياء ليرى العالَم ما يحدث للمسلمين هناك، فقامت عدة مظاهرات أمام السّفارات الصّينية في بعض دول العالَم؛ وانتقد مقرِّر الأمم المتحدة الخاص بحرية الأديان حكومة الصّين لممارساتها القمعية ضد مسلمي "الأويغور"، وروى قصصًا مرعبة ومضايقات يتعرضون لها.

أطفال بلا جذور

تناقلت وكالات الأنباء مؤخرًا عن فصل نصف مليون طفل مسلم عن ذويهم، ووضعهم في مناطق بعيدة ومدارس داخلية محصّنة بالأسلاك الشائكة لأجل تغيير هويتهم، ومنعهم من دراسة الدّين أو العربية أو لغة "الأويغور" القومية، تحت شعار: "الحفاظ على السّلْم الاجتماعي"، وتحل المدرسة محل الأسر تمامًا، لأجل تربية جيل جديد بلا جذور، أي إبادة ثقافية تامة.

وفي ذات الوقت؛ يتم اعتقال مئات الآلاف من الرجال في معسكرات العمل الشّاقة، وتتمركز في مناطق المسلمين أعداد هائلة من كاميرات المراقبة، وتُعد مناطقهم أكثر المناطق عالميًّا بها أعداد هائلة من رجالات الشرطة، والذاهب إليهم يرى المساجد المغلقة التي تحولت لمتاحف للسائحين يدخلونها بالأحذية والملابس غير اللائقة، وإذا حاولت التحاور مع بعض المسلمين عن إسلامهم أو صيامهم في رمضان تتفاجأ بنظرات رعبٍ تطل من أعينهم، بل ويبادر بعضهم بوضع بعض الطعام في فمه علنًا في رمضان ليثبت لك أنه غير صائم خوفًا من كاميرات المراقبة بالشّوارع؛ أو أن تكون أنت نفسُك مدسوسًا عليهم، ولن ننسى بعض الطلاب الأيغوريين الذين تظاهروا بجامعة الأزهر قبل أشهرٍ قليلة؛ حينما تم القبض عليهم لترحيلهم إلى الصين فبكوا بحرقة؛ وأعلنوا أن السّجون المصرية أرحم من أن يعودوا لبلادهم!
------------------------
بقلم: حورية عبيدة
من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | صفحة من تاريخ الأفاعي الأسود





اعلان