10 - 11 - 2024

هل نقف وحدنا في أزمة النهر؟

هل نقف وحدنا في أزمة النهر؟

توقعت منذ بداية أزمة سد النهضة الأثيوبي وتداعياته علينا في مصر، أن يتم حل هذا الأمر سياسيا ودبلوماسيا بشكل أسهل مما هو عليه الآن، و كنت أبني ذلك التوقع على عوامل عدة وأهمها  ثقل مصر الدولي والإقليمي و قوة علاقاتها، واستبعدت نهائيا فكرة الحل العسكري في هذه القضية و مازلت في الحقيقة أو ربما هذا ما أرجوه حقا، لأنني على يقين أنه ليس بهذه السهولة التي يتخيلها البعض.

لكن مع الوقت وبتسلسل الأحداث بدأت أشعر بقلق حقيقي، خاصة بعد تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة، و التي لابد أن نتعامل معها بجدية، لأنها تخرج من رأس الدولة وليس أي مسؤول آخر، و أشار فيها بوضوح إلى أن أي نقص في حصة مصر سوف يترتب عليه توتر كبير في المنطقة، وذلك بالطبع لا يحدث إلا في حالات الحروب، و كان ذلك قبل جلسة المفاوضات الأخيرة في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، و التي أعلنت الخارجية المصرية عن فشلها بكل وضوح.

المفاجأة أن التصريحات الرسمية السودانية خرجت قاطعة في أنه لا يمكن الدخول في صراعات مسلحة مع ما أسموه دولة من دول الجوار بسبب مشكلة سد النهضة، وأنهم متمسكون بالحلول الدبلوماسية والسياسية.. كل ذلك يحدث دون أي ردود فعل دولية تنحاز إلى قضية مصر العادلة في الحفاظ على حقوقها التاريخية من مياه النيل، و كأن الحديث الدائم عن وجود صداقات وتحالفات مع العديد من دول العالم الكبرى والمؤثرة تبخر عند أول اختبار حقيقي لها.

وحتى البلدان الشقيقة و التي تربطنا بها علاقات غاية في العمق.. ربما لا تقف على الحياد فقط، بل منها من يرسل المساعدات والمعونات إلى أثيوبيا علنا أمام الشاشات في وقت لم نسمع من ناحيتها تصريحا واحدا يقدم الدعم أو حتى يعرض الوساطة. 

شعور محزن حقا أن نكتشف الحقيقة المرة التي ربما لا يريد أحد الإعلان عنها رسميا، وهي أننا قد نكون واقفين وحدنا بالفعل، بل يمكن القول بأن هناك مؤامرة كبرى خلف كل ما يجري تحاك ضد مصر لوضعها بين شقي رحى، فإما أن تقف مكتوفة الأيدي أمام التعنت الأثيوبي و الإصرار على البدء في الملء الثاني دون التوصل لاتفاق يحفظ حقوقها و لا يعرضها لأزمة غاية في الخطورة لأنها تتعلق بالوجود نفسه، أو  دفعها إلى استخدام القوة الخشنة في هذا الأمر و ذلك يصبح مخاطرة كبيرة بالفعل سط هذه الظروف، التي لا يوجد فيها سند وغطاء دولي. 

مؤكد أن أصحاب القرار يدركون ذلك جيدا وأرجح بقوة، رغم تصريحات الرئيس عدم حدوثه، وإن كانت كل الخيارات مطروحة كما ذكر في أحد التصريحات الأخيرة، وطرح الخيارات لا يعني بالضرورة استخدامها جميعا.. حقا وبدون مبالغة نعيش الآن مشكلة قد تكون هي الأكبر في تاريخنا بحسب المتاح من معلومات، وذلك إن لم يكن هناك مالا نعلمه من شأنه إحداث انفراجة في وقت معين، وهذا ما أتمناه ويتمناه كل مصري الآن.
----------------------------
بقلم: السعيد حمدي

مقالات اخرى للكاتب

المصريون نسخة أصلية