28 - 03 - 2024

لم يكن رهانا على بايدن وإنما كرها في ترامب

لم يكن رهانا على بايدن وإنما كرها في ترامب

لا شك أن إزاحة ترامب من حكم أميركا كان رغبة كبيرة لدى أغلب الشعوب العربية، نظرا لما حدث قي فترته من انحياز كامل وتام للعدو الصهيوني على حساب قضايانا العربية، و كذلك لإهماله التام لشعار بلاده المرفوع بشكل دائم و الذي يقولون من خلاله دائما أنهم حماة الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، و على الرغم من علم الجميع بأنه مجرد ستار يستخدم عند الحاجة فقط، إلا أن الكشف عن أنه أمر غير مهم من قبل ترامب فتح الباب واسعا لكل من أراد انتهاكه.. طن الترامبيون في عالمنا العربي أن تلك السعادة برحيل رمزهم تقابلها سعادة أخرى بمجيئ جو بايدن، و أعتقد أن هذا خطأ كبير، لأن الجميع يعلم أن السياسات الأمريكية ثابتة لا تتبدل، وإنما كل ما يحدث هو تغيير طريقة تنفيذها.. أما بايدن فما هو إلا رجل محظوظ ساعده سوء منافسه الفج و الذي لا يحتمل داخل أمريكا وخارجها، و ربما اكتشف مجلس الحكم الحقيقي هناك المتمثل في جماعات الضغط أن ضرره أكثر من نفعه بكثير، وهم دائما لا يشغلهم الأشخاص بقدر ما ينظرون إلى صورة بلدهم الذهنية لدى شعوب العالم ومصلحتها.. من يتابع حتى السينما الأمريكية يجد أنها مجرد دعاية دائمة لهذا البلد و لكنها غاية في الذكاء و الإتقان وتستطيع جعل المشاهد دائما في حالة انبهار  ولا يقتصر الأمر على مجرد فيلم مليء بالإبداع والإثارة، و لكنه لا يخلو من الرسائل الإنسانية أيضا.. جاء بايدن إلى الحكم بعد معركة لم تكن بالسهلة، و كان من الواجب الإنتظار قليلا حتى تتضح الطريقة التي سوف يتعامل بها مع أكثر الملفات أهمية و هو حقوق الإنسان بالطبع، ربما رفع البعض سقف توقعاتهم استنادا لتصريحاته  أثناء الدعاية الانتخابية، و كان الاختبار الأول هو كيفية التعامل مع مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في سفارة بلاده بتركيا، و ليس المهم هنا لمن سوف يوجه الإتهام، و لكن طريقة التعاطي مع الأمر و الهدف منه، خاصة أن شيئا لم يطلب منه بخصوصه، و لكن إدارته أثارت الأمر من تلقاء نفسها، و تحدثت عن نشر التقرير المخابراتي الذي كان سريا بخصوص مقتل خاشقجي، وخرج بالفعل للعلن وربما لم يكشف عن المتورط الحقيقي في هذه الجريمة الشنعاء بقدر ما كشف عن وجه إدارة "بايدن" تجاه هذا الملف بشكل عام.. فلم يأت بجديد أو مهم، وافتقر إلى أية معلومات دقيقة أو مفيدة، مما يفتح الباب لاحتمالات حياله.. أولها أن يكون قد تم الكشف عنه مسبقا حتى يستعمل كورقة ضغط وابتزاز للمملكة العربية السعودية للمضي قدما في ملف التطبيع ثم تم صياغته بهذا الشكل بعد الاتفاق، خاصة و قد تخلل فترة الإعلان عنه ونشره، اتصالا هاتفيا بين "بايدن" و "الملك سلمان"، أو أن هذه هي المعلومات المتاحة بالفعل و ما الأمر إلا محاولة لرسم صورة جديدة للعلاقات السعودية الأميركية تخالف طريقة "ترامب" وذلك ما تصنعه الإدارة الجديدة دائما.. في جميع الأحوال وبعد هذا الوقت ما يجب التأكيد عليه هو أن "بايدن" لا يعدو كونه ابن المدرسة السياسية الأمريكية الأصيلة و التي تربى فيها منذ شبابه كعضو في الكونجرس حتى وصل إلى سدة الحكم، و لكن رغم مساوئها إلا أنها أكثر تعقلا من الحالة الترامبية الإستثنائية التي هبطت على المشهد فزادته إرباكا وربما هذا ما نحتاجه حاليا، ولكن لا يجب توقع أكثر من ذلك.

-------------------------

بقلم: السعيد حمدي

مقالات اخرى للكاتب

المصريون نسخة أصلية





اعلان