26 - 04 - 2024

وجهة نظري| رسوم تسجيل الشقق.. دوخينى يالمونة

وجهة نظري| رسوم تسجيل الشقق.. دوخينى يالمونة

لا أعرف متى تحديدا تكف الحكومة على استنزاف كل ماتبقى فى جيوب مواطنيها البؤساء. وأن كل مايمتلكه هؤلاء لايكفى تلبية أبسط إحتياجاتهم، ومتى تشعر أن الشعب لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الأعباء.. وأنه لم يعد قادرا على تفهم أو استيعاب مبرراتها الواهية التى تحاول كل مرة تسويقها لإقناعه بمزيد من التحمل.. وأنه يئس تماما من إمكانية أن يرى بريقا من الضوء فى نهاية نفق الحياة الإقتصادية الصعبة التى يعيشها. وأن كل ماتبقى لهم هو الستر، وإن تزايدت خشيتهم من يوم يجئ يأخذ معه ماتبقى من تلك النعمة الوحيدة التى تهون عليهم شظف العيش.

ومع ذلك تصر الحكومة على التعامل مع المواطن بأنه كنز لايفنى، وأنه حويط مازال يمتلك الكثير.. ومازال يمارس هوايته القديمة فى إخفاء أمواله تحت البلاطة.

لم تكتف بنيران أصابت فواتير الكهرباء والغاز والمياه والوقود.. لم يشفع حال المواطن الذى بات يدبر حاله بالكاد، ولم يعد يفرق معه كثيرا أول الشهر من آخره، بعدما تحولت أيامه كلها لضائقة مستحكمة لا أول لها من آخر.

ويبدو أن الحكومة كلما شعرت باختلال موازنة الدولة حتى تسرع باستهداف جيب المواطن ظنا منها أنه لاينضب أبدا.. وبعدما كوته بنيران الأسعار تفتق ذهنها عن قانون التصالح. لم تتوقف عند حالة الضيق والغضب المكتوم بعدما تأكدت أن كل الأمور تحت السيطرة وأن الاعتراض لم يخرج عن كونه ضجيج بلا طحين.. ومرت عاصفة قانون التصالح باستسلام ورفع الراية البيضاء أمام القانون الجديد ودفع الشعب فى صمت الجباية.

لم يمض وقت طويل حتى فاجأتنا الحكومة بالمادة 35 من قانون الشهر العقارى التى تحظر على محتلف شركات المرافق والخدمات تغير الملكية، إلا بعد التسجيل فى الشهر العقارى مقابل رسوم حددتها تبعا لمساحة الشقة حيث تقدر قيمتها ب500 جنيه للشقة التى تبلغ مساحتها 100 متر وألف جنيه للشقة التى تبلغ مساحتها 200 متر و1500 جنيه للشقة التى تبلغ مساحتها 300 متر، أما تلك التى تزيد مساحتها عن 300 متر فتصل رسوم التسجيل لها 2000 جنيه.

تبدو المبالغ من وجهة نظر المسئولين بالشهر العقارى بسيطة، كما تبررها كلمات الدكتور جمال ياقوت رئيس مصلحة الشهر العقارى، والذى بات ضيفا دائما للعديد من الفضائيات والصحف المصرية.

والمتتبع لكل تصريحات وتبريرات الرجل يشعر أنه وجد نفسه فى وجه المدفع، عليه التفسير والإيضاح والتبرير فى مهمة ثقيلة عليه، فلا يكاد يصل لهدفه ويخرج فى الغالب من يتابعه غير فاهم للإجراءات المطلوبة ولا مقتنع بالتبريرات المساقة، ولامستوعب لما يجب أن يقوم به تحديدا لتطبيق المادة 35 سيئة السمعة.

والحقيقة أن المادة وما يتبعها من إجراءات تبدو عصية على الفهم.. وأن المواطن الغلبان يجد نفسه فجأة مطالبا بالدخول فى دوامة مرهقة بين جهات مختلفة تبدأ بالشهر العقارى لتقديم أصل عقد البيع الإبتدائى وشهادة من مجلس المدينة بأن العقار ليس به مخالفات وصورة للبطاقة الشخصية، ثم يلى ذلك قيامه بإقامة دعوى صحة ونفاذ أمام المحكمة الإبتدائية، ثم نشر الحكم فى صحيفة يومية ثم الرجوع للشهر العقارى لحصول على عقد التسجيل.

مطالبات البعض بتسهيل تلك الإجراءات الصعبة واقتصارها على جهة واحدة أو مايطلق عليه الشباك الواحد، لم يجد رئيس مصلحة الشهر العقارى مفرا فى ضم صوته لتلك الاصوات المستغيثة، وإن كان لم يفته دوما أن يبادر بالشكر لمعالى وزير العدل ومساعد السيد الوزير ويثنى على مجهوداتهم وقدراتهم الفائقة وثقته بأن الحل سيأتى حتما على أيديهما لتذليل كل العقبات التى يواجهها المواطنون لتسجيل عقاراتهم.

حالة الدكتور ياقوت المرتبكة دوما لم تقنع الكثيرين بأهمية إفتكاسة الحكومة لتسجيل العقارات أما ما فشل فيه حقيقة هو تبسيط وتهوين من قيمة الرسوم، بعدما تغافل عن أتعاب المحامى الذى يوكل غليه المواطن القيام بإجراءات التسجيل، كذلك تغاضيه عن نسبة 1% التى يحددها القانون لنقابة المحامين والأخطر نسبة 2.5% التى يتكبدها أصحاب الشقق كضريبة "تصرفات عقارية ".

أما أكثر التبريرات فشلا والتى عجز رئيس مصلحة الشهر العقارى تمريرها، هو تأكيده أنه لا إلزام على أى مواطن تسجيل عقاره! لكن فى المقابل لن يمكنه التعامل مع أى مرفق حكومى!! وهو مايعنى أن المواطن سيجد نفسه فى النهاية متقدما بمحض إرادته لتسجيل وحدته السكنيه وإلا حرم من أى تعامل مع أى مرفق!

وأكاد أتوقع أن الخطوة التالية للحكومة ستكون إجبار المواطنين على تغيير عدادات الكهرباء، وبالتالى لايحق لأى وحدة سكنية غير مسجلة الحصول على العدادات الجديدة.. ليهرع الجميع للتسجيل دون ممارسة أى ضغط وبكامل حريتهم كما يصور دوما المسئولون.. ونعم الحرية ياحكومة!
-------------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان