24 - 04 - 2024

الحلقة (33) من شهادة جمال أسعد: البابا يعارض تعيينى فى مجلس الشعب لأني "ضد الكنيسة"

الحلقة (33) من شهادة جمال أسعد: البابا يعارض تعيينى فى مجلس الشعب لأني


صدر حكم بعدم دستورية مجلس الشعب فى 3 يونيو 1990 أثناء الإجازة البرلمانية للمجلس. 

وبعد غزو صدام حسين للكويت فى 2 اغسطس 1990 قمت بزيارة للدكتور رفعت المحجوب فى مكتبه بالمجلس بعد الاتصال بى وذلك للتوقيع على بيان باسم المجلس برفض غزو الكويت. 

أثناء هذا اللقاء كان يجري الاستعداد لانتخابات مجلس جديد بعد حل مجلس 1987، فقال لى المحجوب: لاترشح نفسك فى الانتخابات القادمة لأنك ستكون ضمن المعينيين بالمجلس! استمعت للمقولة بدون تعليق وغادرت، ولكن لم أتعمق فى التفكير بذلك الوعد. 

بعد أسابيع قليلة تم اغتيال د. رفعت المحجوب فغاب عن ذهنى ولم يقترب من تصوراتى عملية التعيين هذه، ومرت الايام وزادت معارضتى لنظام مبارك ولتمديده فى الحكم ولتوريث نجله حكم مصر، كمستقل بعد أن تركت الأحزاب، فى الوقت الذى تغيرت فيه علاقتى بالبابا شنودة من صديق إلى معارض بداية من إصدار كتابى (من يمثل الأقباط.. الدولة أم الكنيسة؟) حتى كتاب (إنى أعترف.. كواليس الكنيسة والأحزاب والإخوان المسلمين).

كان من المعروف، بل والمعلن بلا خجل، أن البابا شنودة يؤخذ رأيه فى تعيين للأقباط سواء في مجلس الشعب أو في الوزارة، ومن الطبيعى ألا يتصور أحد أن يوافق البابا شنودة على تعيينى. 

كما أنى اعلم كواليس هذه التعيينات، التى تعتمد على التربيطات الأمنية والحزبية والمصلحية إضافة للعلاقات الخاصة بالقريبين من اتخاذ القرار، لكل هذا الأسباب المنطقية لم يرد على ذهنى أو اتخيل عملية التعيين هذه. 

مرت الأيام وجاءت انتخابات مجلس الشعب 2010 ، التى كانت القشة التى قصمت ظهر البعير، فإدارتها ونتائجها كانت محل إجماع لرفض شعبي، كتبت عدة مقالات فى المصور والدستور رافضا ماتم، خاصة أن الأحزاب فى حقيقة الأمر لم تكن منافسة للحزب الوطني، فلا كوادر حقيقية لها ولا مرشحين أقوياء، إلى الحد الذي جعل احمد عز يدير الانتخابات بهذه الطريقة الممجوجة، والتى جعلت الحزب الوطنى خاسرا بكل المقاييس وليس رابحا. 

أعلنت نتائج الانتخابات ولم تعلن اسماء المعينين، فى عصر يوم جمعة ذهبت إلى أسيوط للكشف عند طبيب مسالك، وأنا فى السيارة مع أحد الأصدقاء جاءنى تليفون يقول المتصل فيه: مبروك لقد تم تعيينك فى مجلس الشعب، اعتبرت المكالمة نوعا من التريقة التى لاتصح. 

بعد ذلك تلقيت أكثر من اتصال يزف هذا الخبر، ومع كل الرفض والاستغراب خاصة أن بعض الاتصالات كانت من أصدقاء لايمكن أن يتورطوا في معاكسات. قلت مستحيل، ربما تشابه أسماء. قالوا جمال اسعد عبد الملاك، قلت تشابه أسماء. قالوا الاسم الرابع جادالله، قلت والله أكيد تشابه أسماء. 

جاءت مكالمة من شخص قال لى أنه وكيل مباحث أمن الدولة ( لم أصدق)، وصلت إلى أسيوط وذهبت إلى شقة ابنتى هايدي، أثناء دخولى الشقة جاءت مكالمة من صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى حينذاك ولأنى أعرف صوت الشريف قال لى: (مبروك تعيينك فى مجلس للشعب وعلى فكرة هذا اختيار الرئيس مبارك شخصيا). 

لم أكن مستريحا للقرار وذلك لأن المجلس كان منذ البداية يلقى رفضا جماهيريا كبيرا، ولكن راودتني أفكار أخرى، منها أن تعيينى هو كسر لممارسة طائفية تعتمد على موافقة الكنيسة فى تعيين أقباط، وهذا كنت قد رفضته كثيرا فى مقالاتى وفى البرامج التلفزيونية حتى لاتكون هناك دولة موازية وحتى يكون الأقباط تابعين للدولة بالدولة وليس بالكنيسة. 

وأنا فى هذه الحيرة غير المسبوقة فى تركيبتها جاءت مكالمة من صديقى د. يحيى القزاز يهنئنى قائلا: لاتفكر فى غير أن تعيينك هذا دستورى ولاعلاقة له بأى شىء آخر، فإذا كانت الانتخابات لاتفرز أعضاء أقباط حدد الدستور هذه الصلاحية للرئيس، فالتعيين هو حقك كمواطن مصرى والعبرة بممارستك البرلمانية فهى الحكم الوحيد على نوعية قبولك لهذا التعيبن.  

بدأت فى استيعاب الموقف وعدت إلى منزلى فى القوصية وجدت جماهير بشكل مكثف تملأ المنطقة مع إطلاق الأعيرة النارية، قبل دخولى المنزل جاءت مكالمة من قناة الحياة للتعليق على التعيين قلت (أنا لا اقبل تعيينى كقبطى ولكنى أنا نائب عن الشعب المصرى كما أننى معارض ولا ولن أكون حزبا وطنيا، فأنا ناصرى قومى عروبي). 

حلفت اليمين كنائب، وانضممت إلى لجنة الخطة والموازنة (التى كان يرأسها احمد عز)، تقابلت فى اليوم الأول مع زكريا عزمى حيث كانت تربطنا زمالة مجلس شعب 1987، قال لى زكريا عزمى: (على فكرة الريس هو اللى عينك بشكل خاص فهو معجب بمقالاتك) وفى مزحة اعتدت عليها مع عزمى قلت (هو الريس بيقرأ   مقالات؟)، واضاف زكريا: على فكرة الريس النهارده نده عليَّ بعد خروجى وقال لى (قل لجمال اسعد لا يهاجم البابا شنودة) قلت: (أنا لا أهاجم أحدا، ولكن هى وجهة نظري). 

فى نفس اليوم اتصل بى الصديق الدكتور مصطفى الفقى قائلا: (أنا ذاهب إلى البابا شنودة، حيث أنه معتكف بالدير اعتراضا على تعيينك وعلى أشياء أخرى)، قلت للدكتور الفقي: (بلغ البابا إنى أنا ابنه وهو أبى الروحي، ولا أقبل إهانته تحت أي منطق وسبب). 

فى اليوم التالى استضافنى كرم جبر (رئيس المجلس الأعلى للإعلام الآن) فى برنامج تلفزيوني كان يقدمه على قناة المحور تحت عنوان ( v.i.p)، وقلت: (إننى حملت الدكتور مصطفى الفقى رسالة للبابا يعلمه فيها تقديرى واحترامى له، وأن يحدد لى موعدا للقائه حيث أن تعيينى فى البرلمان يضع على أكتافى مهام وطنية وقومية). 

ظلت رسائل مبارك التى يحملها لى يوميا زكريا عزمى بألا أهاجم البابا، كانت الجلسة الافتتاحية والتى يلقى فيها رئيس الجمهورية خطابه، جاء مبارك للمجلس ووجه التحية لي إيماء برأسه أثناء جلوسه، على المنصة لإلقاء خطابه، بعد الانتهاء من الخطاب كنت اجلس فى الصف الاول بجوار المنصة، نزل من فوقها فتقدمت للسلام عليه قائلا: شكرا ياريس على التعيين قال لي: (عامل إيه؟ شد حيلك وهدى اللعب!). 

كان يحضر الجلسة الافتتاحية البابا شنودة (وكنت قبل ذلك وانا فى مجلس 1978 أنتظر البابا وأصطحبه بعد الجلسة حتى ركوبه السيارة)، بالفعل انتظرت نزوله من المجلس وكان المرض قد ظهر عليه فجلس على كرسى لحين استقلاله السيارة، التف حوله مراسلو الصحافة والإعلام، ذهبت إليه وصافحته قال لى بنظرة فيها مافيها: (إنت مين؟) قلت: (أنا جمال اسعد). قال: (هو جمال أسعد بيسلم ويبوس ايد الكهنة؟) قال ذلك مع ابتسامة فيها الكثير من الكلام الصامت، بالطبع كانت هذه المقابلة وتعليق البابا فى اليوم التالي منشورا فى كل الصحف. 

لاشك، كان هذا التعيين فى مجلس الشعب مثار تساؤلات واستفسارات وتعليقات من كل وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، وذلك للعلاقة المتوترة فى ذلك الوقت بين البابا وبين مبارك، وبينى وبين البابا. كانت تعليقات الاعلام: (يمكن أن يكون تعيينى لايخلو من علاقة ما بسبب ردود الأفعال بين مبارك والبابا). ولكن أعتقد أن هناك أسبابا أخرى، وهى موقفى من أقباط المهجر ومن التدخل الأمريكى فى الشؤون المصرية بحجة حماية الأقباط. علمت من د. الفقى أن مقابلته للبابا كانت عنيفة وأنه حاول تهدئته ولكنه كان رافضا لفكرة تعيينى! وبالطبع لم يوافق على مقابلتى! ولكن الفقي أقنعه بعد جهد جهيد بحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس. لماذا كان البابا رافضا لتعيينى؟ وهل هذا من حقه؟ وهل كان تعيينى نوعا من رد الفعل من مبارك تجاه البابا، لأنه يعلم أن تعيينى لن يريح البابا على الاطلاق؟ وماذا كان يحدث فى الكواليس فى هذا الموضوع؟ 

لماذا رفض البابا شنودة تعييني؟ بداية كانت العلاقة بينى وبين البابا شنودة قد ساءت من جانبه بعد كتابى (من يمثل الأقباط الدولة أم البابا؟) لأنه اعتبر أن هذا تقليل من دوره السياسى الذى يريد أن ينزعه لنفسه استمرارا للممارسات الطائفية التى كانت تعتبر البابا مسؤولا طائفيا عن الأقباط، حسب نظام الطوائف الذى كان معمولا به منذ الحكم العثمانى مثل رئيس طائفة النجارين أو الحدادين...الخ. وللأسف كانت الدولة قد استملحت هذا النظام الطائفى وكانت تعتبر الاقباط فى قفة واحدة، يسأل عنها ويحركها ويكون وصيا عليها البابا، حتى تضمن الدولة تحت هذه الوصاية الكنسية ولاء الاقباط لها سواء كان اقتناعا أو بأوامر كنسية لا ترد. 

كل هذا وغيره كثير جعل هناك ممارسات طائفية تهدد سلامة الدولة بتقسيمها إلى مسلمين تحت وصاية الدولة ومسيحيين تحت وصاية الكنيسة، وهذا بالطبع تطور إلى أن تكون هناك حصة للكنيسة فى المواقع السيادية والقيادية والتشريعية، بل يتم أخذ رأى البابا والكنيسة عند تعيين أقباط فى هذه الأماكن. وللأسف كان هذا التقليد الطائفى والمتخلف معلنا ومعروفا، وهذا يعنى أن المصرى المعارض للدولة يوضع فى البلاك ليست (خانة المرفوضين) أما المعارض إذا كان مسيحيا فهذا مرفوض مرفوض ياولدى من الدولة والكنيسة خاصة إذا كان معارضا أيضا لممارسات القيادة الكنسية (فى أحد مقالات د. عبد الحليم قنديل بجريدة صوت الأمة قال: (المعارض دائما يعاني، فما بالك بجمال اسعد، وهو معارض سياسى ومعارض للبابا وصعيدى أيضا!). وعلى ذلك يكون من طبيعة الأشياء أن يظل جمال أسعد فى كل القوائم السوداء هنا وهناك! هل كانت هناك محاولة لتعيينى قبل هذا التعيين فى 2010؟ لا أستطيع الجزم، ولكن هناك دلائل على أنه كانت هناك محاولات لتعيينى قبل ذلك. 

ففي اليوم الأول بعد تعييني في 2010 ذهبت إلى مكتب فتحى سرور للسلام، حيث كانت هناك علاقة تربطنى به منذ كنت فى برلمان 1987 وكان هو وزيرا للتعليم، حيانى قائلا: (أخيرا وصلت المجلس؟ كان يجب أن يتم تعيينك قبل فصلين تشريعيين (الفصل التشريعى مدته خمس سنوات)، لم التفت إلى هذه الملاحظة حينها ولكن عدت إليها بعد إعلان رفض البابا شنودة تعيينى وكأنه حق دستورى له ولاينازعه فيه أحد، فأدركت بأنه كان من الجائز أن تكون هناك محاولة سابقة لتعيينى ولكن حال دون تحقيقها رأى البابا الرافض. 

وهذا يؤكد عدم سلامة اتخاذ القرار فى مثل هذه الأمور التى أحدثت تداخلا بين السياسى والدينى، وهو شيء ليس فى صالح الوطن. ولذا رأينا البابا يعلن رفضه لتعيين جمال أسعد بل ذهب إلى الدير احتجاجا على هذا التعيين وهدد بأنه لن يحضر الجلسة الافتتاحية للمجلس والتى يحضرها عرفا شيخ الأزهر والبابا، الشيء الذى جعل د. مصطفى الفقي يذهب إلى البابا فى الدير لمصالحته (فقد اتصل بي الفقى يعلمنى بهذا وحملته رسالة للبابا للتهدئة). إذن هل كان هناك بالفعل موقف من النظام ضد البابا استغل فيه تعيينى؟ فى مستهل افتتاح عام 2010 وقعت احداث طائفية خطيرة للغاية وهى أحداث نجع حمادى ليلة 7 يناير 2010 والتى تم فيها الاعتداء على أقباط أثناء خروجهم من قداس العيد ومات فيها  خمسة أشخاص. الجديد فى هذه الحادثة نزول الأقباط إلى الشارع وتكسير المستشفى المركزى وغيره فى نجع حمادي، مما أوجد ردود أفعال قبطية متصاعدة وفى الإطار الايجابى وليس السلبى. 

أثارت هذه الحادثة مناخا طائفيا متصاعدا، كان البابا شنودة يبارك هذا التصعيد بطريقة غير مباشرة من خلال كلمات هنا وهناك أثناء اجتماعه الأسبوعي. قبل انتخابات2010 وعند بناء كنسية بالعمرانية التابعة لمحافظة الجيزة حدثت مشاجرات بين المسلمين والأقباط تصاعدت إلى تجمهر الاقباط أمام محافظة الجيزة، والاعتداء على المحافظة وتكسيرها مما أدى إلى مقتل أحد الاقباط. 

تأزم الموقف وكانت المفاجأة تصعيد غير مسبوق من البابا ضد مبارك، بأن أعلن البابا شنودة فى الاجتماع الأسبوعي (أن هناك شهيد قبطى فى هذه الأحداث وان دم القبطى لن يذهب هدرا). 

لا شك أنه بهذا التصريح تأزمت الأمور وأصبحت ظلال العلاقة بين السادات وشنودة تطل برأسها. وفي هذه الظروف جاء قرار التعيين. هل هذا يعنى أن مبرر التعيين هو رسالة أراد مبارك إرسالها للبابا بأنه فقد بعض الصلاحيات عند تعيين أقباط، وخاصة تعيين جمال أسعد الذى يعلم الجميع عدم ارتياح البابا له؟ هذا وارد بالطبع ولكن هل مبررات التعيين هى الكيد ضد البابا وفقط ؟! لا أعتقد ولا أقبل، سأترككم لكواليس هذه الأحداث مع مذكرات د. مصطفى الفقى الصادرة بعنوان (الرواية رحلة الزمان والمكان). 

في الفصل السابع بعنوان مبارك.. الأزهر.. الكنيسة.. القضاء) قال الفقي: جلسنا فى منزل منير غبور وحملوني (نخبة من الأقباط) رسالة للدولة بأن هناك مشكلات حقيقية مع الكنيسة بعد الذى حدث فى العمرانية والبابا شنودة معتكف فى دير وادى النطرون، ولن يأتى قريبا ولن يحضر الجلسة الافتتاحية التى يلقى فيها الرئيس الراحل مبارك خطاب افتتاح مجلس الشعب الجديد فى الجلسة المشتركة مع مجلس الشورى، وسوف يبدو الأمر ملحوظا. لذاك يجب أن تعلم القيادة السياسية ذلك من الآن. طلبت منهم دقائق واتصلت بسويتش الرئاسة وقلت له: ( قل للسيد جمال مبارك إذا كان يستطيع أن يتحدث لأمر هام). وبعد دقائق اتصل بى السيد جمال مبارك وقال لى؛ (ماذا حدث؟).. فقصصت عليه ما يدور ورجوته أن يبلغ الرئيس وأن يبلغ أولى الأمر، لأن هناك قدر من الحساسية الشديدة لدى قداسة البابا ولدى الكنيسة. فرد قائلا: موضوع بسيط وغالبا سيحضر البابا أن شاء الله) . تهاتفت مع السفير سليمان عواد سكرتير الرئيس قائلا؛(إن البابا منزعج من اختيار الأستاذ جمال اسعد من ضمن العشرة المعينين فى مجلس الشعب.. وجمال أسعد صديقى شخصيا وترى الكنيسة أنه يهاجم البابا كثيرا واعترض على دور الكنيسة سياسيا.. والبابا رأى فى تعيينه إشارة سلبية تجاهه وكانت أحد الأسباب التى تراكمت وجعلته يعتكف فى الدير) فقال لي: (ليس هذا صحيحا فى شئ فقد هاجم جمال أسعد الرئيس وعائلته أكثر من مهاجمته للبابا.. وسبب اختياره كونه عضو مجلس شعب مسيحيا منتخبا من قبل فى الثمانينيات، فضلا عن قيمته الفكرية والسياسية ودوره.. وليس البابا مستهدفا بهذا الاختيار على الإطلاق) فقلت له: (صور المقربون للبابا الأمر على نحو مختلف، مما أوغر صدر قداسته مما يجرى على الساحة المحتقنة لأحداث العمرانية فى نفس الوقت، فهل أستطيع أن أذهب إلى البابا؟) فقال لي: (دعنى أعطيك ردا).. فى اليوم التالي هاتفنى السفير سليمان عواد قائلا: (الدولة لاتمنع ذهاب أحد ولتكن مبادرة منك وعلى مسئوليتك وحدك).

واستكمل الفقى الحديث قائلا: فاقترح على الأنبا بيشوي أن أذهب للبابا لأنه يحبنى وسوف يستمع لى . سافرت مع منير غبور وانضم لنا الدكتور نبيل بباوى وذهبنا إلى دير الانبا بيشوي) 

كان حاضرا هذه الجلسة فى الدير الأنبا ساويرس رئيس الدير المحرق، وقص عليَّ بعد ذلك بثلاث سنوات ما حدث أثناء زيارة الفقى للبابا قائلا: (كان البابا معترضا بشدة على تعيينك لدرجة أن صوته كان مرتفعا بشكل لم نشاهده قبل ذلك، بالرغم من مرضه الشديد الذى سبق وفاته). 

قبل أحداث يناير أذيع لقاء تليفزيوني فى ماسبيرو مع البابا وأجرته لميس الحديدى ولم يذكر فيه شيء عن تعيين جمال أسعد. ولكن بعد وفاة البابا أعيد الحوار على قناة خاصة بدون مونتاج (بدون حذف). جاء فى الحوار: لماذا كنت معترضا على تعيين جمال أسعد؟ قال البابا شنودة: (لأن جمال أسعد تم تعيينه وهو ضد الكنيسة)! البابا يعتبر من له رأى سياسى فى عمل رجال الدين بالسياسة - وليس في ممارساتهم الدينية - ضد الكنيسة. 

هذه هى نتائج خلط السياسي بالدينى، فماذا حدث فى مجلس الشعب 2010؟ 
---------------------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك *
*سياسي وبرلماني مصري سابق

(مذكرات د. مصطفى الفقي)

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان