26 - 04 - 2024

شاهد على العصر (32) مقدمات أحداث يناير 2011 وكيف قصم برلمان عز ظهر البعير!

شاهد على العصر (32) مقدمات أحداث يناير 2011 وكيف قصم برلمان عز ظهر البعير!

لاشك أن حركة كفاية كانت قد كسرت كثيرا من الحواجز النفسية وأزالت الكثير من المحاذير الأمنية فقد أحدثت زخما وحالة إحياء للشارع السياسى الذى كان قد مات اكلينيكيا، نتيجة لموات الأحزاب الكرتونية الديكورية التى فقدت التواجد فى الشارع والتواصل مع الجماهير، ومن الجدير بالذكر أن كل القوى السياسية كانت قد اعتبرت حركة كفاية المنقذ والباعث للحياة فى ظل هذا الموات وتلك السيطرة المظهرية للحزب الوطنى الحاكم.

كان أملي قد خاب فى أن تتحرر كفاية عند إعلانها من الأمراض الحزبية القائمة، حيث أن قيادات أغلب الأحزاب المتواجدة إسما كانت قد انضمت الى كفاية بثوبها الحزبى حتى لو لم يعلن هذا، الغريب أن جماعة الإخوان لم تكن متحمسة للانضمام لكفاية فى البداية، وكان انضمام أحد كوادرها بشكل شخصى لاعلاقة له بالجماعة، هذا فى الوقت الذى استفادت فيه الجماعة من كسر كفاية لحاجز النزول الجماهيرى إلى الشارع، حيث نظمت الجماعة مظاهرة حاشدة أمام المسجد فى ميدان رمسيس بعد مظاهرات كفاية المتكررة وبعد تصعيد الشعارات المطروحة إلى (لا للتورث ولا للتمديد) والتى كان قد طرحها للرأى العام الأستاذ محمد حسنين هيكل فى ندوة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ثم عمل على قضية التوريث عبد الحليم قنديل.

وعندما تم توجيه سؤال إلى الجماعة: لماذا لم تنضم إلى كفاية حتى فى إطار الواقع الذى وسم الحركة بالسمة الحزبية؟ كان الجواب إن الجماعة لم تنضم لأن منسقها (مسيحى). هنا كتب أبو العلا ماضى مقالا فى جريدة الدستور ليؤكد أن جورج إسحق لم يتم اختياره منسقا لأنه مسيحي، ولكن بسبب الظروف الخاصة بالاتصال باعضاء كفاية التى توفرت لجورج مع سكرتيرته فى أمانة المدارس الكاثوليكية. 

ولكن الإعلام حينذاك حول الأمر إلى هذا الطرح الطائفى والذى بروز (مسمى المنسق المسيحى فى إطار طائفى) الشيء الذى غطى على كثير من نشاط الحركة، ولكن لتصاعد الزخم الشعبى فى الشارع الذى كان قد تفجر بكفاية وجعل الأمن يساير هذا الزخم بهدف احتوائه وليس قناعة من الأمن ومن النظام، بقدر استغلاله كنوع من التنفيس السياسى وتفريغ الشحنات الجماهيرية المكبوتة، حسب مقولة مبارك بعد ذلك (خليهم يتسلموا). 

ولأن الأمر قد تحول داخل كفاية إلى شللية وجماعات حزبية تتنافس على اللاشيء كما أوضحنا سابقا، لكن التأثير السياسى والجماهيرى لايرتبط بشكل حزبى أو سياسى أو حركى معين لأن الحركة الجماهيرية ترتبط فى المقام الأول بالدوافع والمشاكل والقضايا المتراكمة على المستوى الذاتى والمستوى العام. 

وفى هذا المناخ عام 2008 قام عمال الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى بالدعوة إلى إضراب عام رفضا للمظالم التى تمارس ضد العمال. ووجدت القوى السياسية الأمر فرصة حقيقية، خاصة أن الدعوة كانت قد جاءت من العمال الذين هم دائما ماكانوا وقود ومحرك كل الحركات والهبات الثورية. 

وتحول الإضراب إلى إضراب عام، وليس إضرابا لعمال المحلة فقط، حيث شاركت مجموعات من الشباب فى هذا الإضراب الشئ الذى جعله يصل الى القاهرة، مضيفا فصلا من فصول الملاحم الشعبية والثورية التى تصنع الهبة وتنذر بالثورة. وقتها أعلن عن ميلاد حركة (6 ابريل) منتصف أبريل 2008، فحدث تداخل وتكاثر لحركات ذات عضوية هلامية أكثر منها تنظيمية، حيث كنا نرى العضو فى هذه الحركة وفى حركة أخرى وكنا نحفظ ونعرف من سيكون فى أي حركة حالية أو قادمة!. وجدنا مصنعا لتفريخ هذه الحركات من اسم إلى اسم آخر وبنفس الأسماء مع تغير القيادات التى تعتلى هذه الحركات. 

ومن خلال تجربتى الحزبية التى رصدتها فى كتاب (إنى أعترف.. كواليس الكنيسة والأحزاب والإخوان) والتى أكدت فشل الحياة الحزبية بسبب الذاتية والشللية، الشئ الذى تكرر مع تجربة كفاية مما جعلنى مع زملاء أتقدم بالاستقالة منها، هذا المنطق جعلنى عازفا عن الانضمام لمثل هذه الحركات وتلك التنظيمات ممارسا عملى السياسي فى الشارع مع الجماهير متواجدا على المستوى الإعلامى الذى أعبر  فيه عن الرأى وأساهم فيه بدور يزيد من درجة الوعي.

وقتها لاحظت ظهور بعض الشخصيات التى تدور حولها علامات استفهام مثل (عبد الرحمن يوسف)، عبد الرحمن هو ابن الشيخ يوسف القرضاوي وهو شاعر ظهر فى الحياة السياسية عن طريق المشاركة فى الندوات وإلقاء قصائده. اندمج مع اليسار المصري، مظهرا نفسه بأنه ناصرى الهوى ولم يكن معروفا للكثيرين على أنه ابن القرضاوى حيث لم يكن يعلن عن ذلك!!. كما شارك أيمن نور المرشح للرئاسة فى دورة 2005 ضد مبارك مع ابن القرضاوى فى حملة سميت (مايحكمش). 

تحولت الحملة إلى اسم (ضد التوريث) وكان منسقها د. حسن نافعة الأستاذ الجامعى ومعه أيمن نور، وتوافق مع الفكرة  بعض أعضاء كفاية بعد أن  تهلهلت الحركة ومنهم عبد الحليم قنديل، حيث أن هذا الشعار هو ما طرحته الحركة منذ البداية.  ولكن بعد اكتشاف معلومة اجتماع أيمن نور مع أحد الرموز الأمريكية الذى كان فى زيارة للقاهرة لمناقشة أمور حملة (ضد التوريث) رفض قنديل وبعض الأعضاء الاستمرار اعتراضا على هذا الاجتماع المشبوه. 

وفى أوائل 2010 ظهر من يدعو إلى استجلاب محمد البرادعى (رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة)، وتحولت حملة (ضد التوريث) إلى (الجمعية الوطنية للتغيير) وتعاطف مع الحركة بعض الرموز التاريخية مثل دكتور عزيز صدقى وغيره، واستمر المسار فى ذات الطريق وهو الإعلان عن حركات وجمعيات وحملات بنفس الأشخاص المتعارضة أيدلوجياتهم والمتنافرة مصالحهم، ولكن كان الاتفاق على رفض النظام توريثا وتمديدا. 

انتفضت الجمعية الوطنية للتغيير وأعلنت فكرة ترشيح البرادعى لانتخابات الرئاسة التالية فى مواجهة مبارك، وانضمت جماعة الإخوان بكل ما تملك إلى هذه الجمعية بشكل غير مباشر مع تلويح مستتر من الجماعة بمساندة البرادعى فى مواجهة مبارك.

أعلن عن قدوم البرادعى إلى القاهرة، وتم تجهيز استقبال تاريخى له فى مطار القاهرة بحضور كل الرموز السياسية من كافة الحركات والتنظيمات كلها حينذاك. المفاجأة أن البرادعى تجاهل هذه الحشود وتلك الرموز وتركهم متوجها إلى منتجعه فى طريق الإسكندرية الصحراوى. 

زاد اللغط حول البرادعي، هناك من رفض فكرة ترشيحه منذ البداية وكان منهم على سبيل المثال د.يحبى القزاز وجمال أسعد. ففى أحد اجتماعات كفاية أعلن جورج اسحق تأييده لفكرة ترشيح البرادعي، فرفض القزاز الفكرة قائلا: نحن لن نقبل إعادة تاريخ 1805 مرة أخرى وأن نستدعى أحدا من الخارج، فمصر ولادة وبها من يقوم بالمهمة. 

أما أنا فظللت طوال العام رافضا للبرادعى مستهجنا الفكرة، مدركا أن الأمور تحمل فى طياتها الكثير والكثير غير المعلن والذى يمكن أن تدركه العقول وتشاهده الأبصار. رفضت البرادعى مبررا ذلك فى مقالاتى بمجلة المصور وجريدة الدستور وفى البرامج التلفزيونية خاصة برنامج (مانشيت) تقديم جابر القرموطي، حيث قلت أن البرادعى لا علاقة له بالسياسة ولا بالحياة الحزبية، فلم يكن يوما كذلك ولم يمارس عملا سياسيا، بل لم تكن له علاقة بالوطن مصر من الأساس، فهو مقيم بالخارج كما أن مواقفه فى موقعه الدولى لم تكن بعيده عن التبعية الدولية التى جاءت به إلى هذا الموقع بل حافظت له عليه لأكثر من دورة. ( ولا أريد أن أربط بين أشخاص بذاتهم فى هذه الأحداث من خلال تبعيتهم للإخوان والأمريكان!!). 

استمر هذا المناخ الفائر والثائر والذى كان قد حرك الشارع من خلال المتابعة والتأثر والإعداد للمشاركة، كانت هناك اجتماعات بين كل القوى السياسية دون تمييز بين فصيل سياسى وآخر، وعنوان كل هذه اللقاءات هو (ما العمل أو ماذا نفعل؟) حيث أن الجو السياسى ومناخ الشارع يقول إن هناك شيء قادم أو قل أن هناك أمل أن يكون هناك شيء قادم غير الحادث وقتها والمعاش. 

حضرت أكثر من اجتماع مع قوى سياسية متعددة، منها اجتماع فى أكتوبر2010 بمنزل السفير إبراهيم يسرى، ولم يكن هذا هو أول اجتماع فقد سبقته عدة اجتماعات، حضر هذا الاجتماع محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين ومعه المرحوم عصام العريان ومحمد مرسي، إضافة إلى المرحوم د جلال امين وحمدين صباحى وأيمن نور وجمال أسعد. 

كان عشاء عمل جرت خلاله المقابلة الأولى لى مع المرشد العام الذى كان يقوم بالمعايدة علي فى أعياد الميلاد تليفونيا فقط، كان بديع فى حالة تظهر البساطة والتواضع مع إلقاء النكت الخفيفة، شعرت فى هذا الاجتماع أن هناك محاولة لتعريف المرشد بجمال أسعد، حيث انصب الحوار حول "ماذا نفعل؟"، لكن الحديث تطرق إلى رفض البابا شنودة تنفيذ حكم محكمة بطلاق أحد المسيحيين وإصراره على أن هذا أمر كنسي وليس أمرا قضائيا، وللأسف جعل قرار البابا حكم القضاء كأنه لم يكن! تحدثت عن الطلاق فى المسيحية وكيفية حل هذه الإشكالية، بعد العشاء قام حمدين صباحي بتوصيلى للمنزل وكان معنا فى نفس السيارة عصام العريان. 

الشارع يتحرك.

كان نظام مبارك خاصة فى سنواته العشرة الأخيرة قد تيبست حركته وتجمدت أفكاره، وتم اختصاره فى الحرس الجديد للحزب الوطنى الحاكم فى إطار تزاوج السلطة مع الثروة، فمع ارتفاع نسب النمو الاقتصادى رقميا فإن العائد والمحصلة النهائية على أرض الواقع لاتصل إلى الغالبية الغالبة من الشعب، ولذا كانت المشكلة الاقتصادية والحياة المعيشية فى حالة تعثر جعلت متزاوجى السلطة والثروة يمتلكون كل شيء والشعب بكل طبقاته يرزح تحت نير الفقر والحاجة. 

هذا الوضع جعل الكثير من الشرائح الجماهيرية ترفض هذا الواقع، فى عام 2005 أخذت الانتخابات الرئاسية شكلا تعدديا لاعلاقة له بأى مضمون غير ظهور مبارك فى شكل إعلامى مستحدث، يظهر فيه بدون كرافتة ويشرب الشاي فى أحد العشش المعدة والتى تفتقر إلى أدنى أنواع المصداقية، ولم يكتف النظام بهذا التغيير الشكلى بل قام فى عام 2006 بتعديل للمادة 76 من دستور 1971 والتى مهدت تماما للتوريث بشكل فج لاعلاقة له بالدستور بقدر اعطاء التوريث شكلا دستوريا. 

في ظل تلك المعطيات كانت حركة كفاية قد  تشكلت فى أواخر 2004، فأحدثت حراكا شعبيا فى الشارع كسر حاجز الخوف من المظاهرات الشيء الذى ساهم فى تشكيل رأى عام معلن عبر عن نفسه في المظاهرات، أو رأى عام كامن إلى حين تتاح الفرصة له للتعبير. 

فى 3 فبراير 2006 فوجئ الجميع بغرق العبارة السلام فى البحر الأحمر وراح ضحيتها 1415 غريقا منهم 1310 من المصريين الشئ الذى هز الرأى العام المصرى والعربي، وذلك للإهمال الجسيم فى عمليات الإنقاذ وفى غياب أدوات الإنقاذ التقليدية التى يجب أن تكون متوافرة فى مثل هذه الظروف. والأغرب أنه في يوم هذه الفاجعة الأليمة كان مبارك يحضر مباراة لكرة القدم فى بطولة إفريقيا ولم يظهر النظام أى علامات مواساة للمفقودين ولا أدنى احترام للرأى العام.

كانت العبارة مملوكة لأحد أساطين الثروة والسلطة، كان ضمن الحزب الوطنى وعضوا بمجلس الشورى، ثار الرأى العام حينما أدرك أن هناك عمليات للتغطية ولتبرئة صاحب العبارة، وتابعت القوى السياسية جلسات محاكمة المسئولين عن العبارة، وكان يحضر الجلسات فى الغردقة بعض قيادات كفاية منهم د. يحيى القزاز و د. عبد الجليل مصطفى و د. كريمة الحفناوى والمهندس محمد الأشقر و ساهر جاد و د. صلاح صادق المحامى. 

وبعد 21 جلسة استمرت عامين، تم تبرئة المتهمين من ذيول السلطة، فى جلسة لم تستمر أكثر من خمسة عشر دقيقة، الشيء الذى أثار الرأى العام وخصم من المشروعية الجماهيرية للنظام. 

إزاء ذلك التغير فى الشارع، تجاوزت القبضة الأمنية كل القوانين والأعراف سواء فى عمليات القبض على المتظاهرين أو التعامل مع المواطن في أقسام الشرطة. وقام الإعلام الخاص والحزبى حينذاك بكشف عمليات تعذيب بالأقسام إسقاطا لكل القوانين والأعراف وتحديا للرأى العام، مما جعل تلك الممارسات سببا مباشرا للرفض والحشد الجماهيرى. 

ففى 6 يونيو 2010 قتل الشاب خالد سعيد فى الاسكندرية على يد أفراد من مخبرى الشرطة المصرية، مما أثار موجة غضب شعبية فى مصر كلها وردود أفعال من قبل منظمات حقوقية عالمية تلتها سلسلة احتجاجات سلمية فى شوارع الإسكندرية والقاهرة. 

أطلق على خالد سعيد (شهيد قانون الطوارئ) المفروض منذ عام 1981، والذى يعطى الحق لأفراد الأمن في التصرف كما يشاؤون مع من يشتبهون فيهم. كانت حادثة خالد سعيد حلقة فى سلسلة متصلة لانتهاكات حقوق الإنسان على يد الشرطة فى مصر، فى 18 يونيو 2010 نظمت الجمعية الوطنية للتغيير وقفة احتجاجية أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية بحضور ممثلى القوى السياسية المختلفة، فى 22 يونيو 2010 دشن مركز حقوقى باسم (مركز خالد سعيد للدفاع عن الحقوق والحريات ومناهضة التعذيب).

ظهرت وقتها روايتان للحادثة، الأولى تقول إن خالد بلطجى وتاجر مخدرات تم القبض عليه لتنفيذ أحكام صادرة ضده، الثانية أكدت أن خالد كانت لديه معلومات حول عمليات فساد فى مخازن الأسلحة بالقسم. (ولكن في كل الأحوال قضت المحكمة بعشر سنوات سجنا لاثنين من أفراد الشرطة لإدانتهم بقتله بعد أحداث يناير 2011). 

لم تكن حادثة قتل خالد حالة استثنائية فقد سبقتها عملية أكثر شناعة تمثلت في تعذيب عماد الكبير وإدخال عصا فى دبره وتصويره لإذلاله. إضافة لسيد جلال الذي توفي أيضا فى أحد الأقسام، ولكن لأن حادثة خالد سعيد أخذت أبعادا دولية، تم استغلالها بطريقة غير تقليدية استغلالا للمناخ الثائر فى الشارع المصرى. 

فوجدنا جماعة 6 ابريل تكثف دعواتها لصفحة فى السوشيال ميديا تحت اسم (كلنا خالد سعيد ) لتأجيج الشارع (اتضح بعد الثورة أن هذه الصفحة كان صاحبها والمشرف عليها وائل غنيم من خارج مصر). فى ذات الوقت تعددت اعتصامات نادى القضاة الذي أحدث دمجا وتوافقا بين كثير من السلطات والمؤسسات لرفض ذلك الواقع السياسى المرفوض.

وحلت انتخابات مجلس الشعب لعام 2010 وفى ظل إشراف أحمد عز الذى كان عنوان مرحلة التوريث، وذلك بعد تسريب الحرس القديم من أمثال كمال الشاذلى. 

أخذ عز كل الصلاحيات من الوريث جمال مبارك، فتغيرت التحالفات السابقة خاصة مع جماعة الإخوان والتى أسفرت عن فوز الجماعة فى مجلس شعب 2005 بـ 88 عضوا، أراد عز أن يثبت جدارة فى السيطرة والاستحواذ بعيدا حتى عن الشكل الديمقراطى (دون الجوهر) الذى كان نظام مبارك يحافظ عليه. 

كانت الجولة الأولى فى 28 نوفمبر 2010 والإعادة فى 5 ديسمبر2010 على 444 مقعدا و64 مقعدا أضافة لكوتة المرأة مع 10 أعضاء معينين ليصبح مجموع المقاعد 518 مقعدا، وبالرغم من صدور دعوات من البرادعى و6 ابريل والجمعية الوطنية للتغيير والحركة الوطنية من أجل التغيير بالمقاطعة، شاركت احزاب الوفد وجماعة الإخوان والتجمع والسلام الديمقراطى والناصرى والجيل والأحرار الاشتراكيين والغد وشباب مصر والخضر والجمهوري والدستوري الاجتماعى والتكافل ومصر الاشتراكى ومصر 2000 والشعب الديمقراطى. وأخذ الحزب الوطنى شعار ( عشان تطمن على مستقبل اولادك صوت للحزب الوطنى ). وقررت اللجنة العليا للانتخابات شطب من يستعمل شعار (الاسلام هو الحل). 

فى ظل هذا التفتت السياسى الذى لم تتفق فيه المعارضة على المقاطعة منذ البداية، والصراع الحزبى الذى لايوجد له أي قاعدة جماهيرية فى الشارع، إضافة لغياب الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، ناهيك عن تدخلات الشرطة والبلطجية فى هذه الانتخابات، كانت النتيجة سيطرة الحزب الوطنى على مجمل المقاعد البرلمانية فى مجلس 2010 وغياب كل التوجهات السياسية والحزبية فى تعمد غبى لإظهار السيطرة الكاملة، الشيء الذى سرَّع تراكم الغضب الشعبى غير المسبوق، حيث أكدت العملية الانتخابية أنه لا أمل فى أي اصلاح يمكن أن يتم من جانب النظام الفاقد لشرعيته الجماهيرية. 

كان من الطبيعى أن تأتلف القوى السياسية لمواجهة النتائج الكارثية لانتخابات 2010، فتفتق الذهن السياسى عن إعلان ماسمى (مجلس الشعب الموازي) كنوع من الضغط السياسى على النظام.
------------------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك *
*سياسي وبرلماني مصري سابق

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان