29 - 03 - 2024

وكأنه برلمان "الناظر والتلامذة"

وكأنه برلمان

من المعروف أن البرلمان السابق (برلمان عبد العال) كان فاقدا للشرعية الجماهيرية بكل المعانى، والدليل هو سقوط وخروج الأغلبية الغالبة من أعضائه من البرلمان الحالى. جاء برلمان (الجبالى) محاولا ومنذ البداية الظهور بمظهر آخر وكأنه سيأتى بـ "الديب من ديله"، جاء رئيس الوزراء وقال أرقاما وأرقاما، كالعادة لم تناقش هذه الأرقام من قريب أو بعيد، حيث كانت أغلب التعليقات من النواب لإثبات الحضور الاعلامى والأهم هو حالة التصفيق الموروثة والمعتادة (حسب الأوامر) لرئيس الوزراء، بما يعنى عرفيا الموافقة على بقائه فى أى تغيير أو تعديل وزارى قادم. 

جاء بعض الوزراء لزوم اظهار العين الحمراء من مجلس النواب للحكومة، كانت المناقشات المكررة طوال الوقت عبارة عن كلام يدغدغ العواطف الجماهيرية لزوم اكتمال المسرحية، حيث أن العبرة هى المناقشات الفعلية فى اللجان المتخصصة بوجود رئيس الوزراء والوزراء لاتخاذ قرارات فعلية وعملية فى القضية المطروحة. مع العلم أن البرلمان السابق لم تخل جلساته من المناقشات التي لا أول لها ولا آخر، وكانت النتيجة لاشيء. 

فمن المعروف أن برلمان عبد العال كانت لاعلاقة له بأى رقابة حقيقية على الحكومة، بل كان النواب يفتخرون أنهم جاءوا لخدمتها!! ناهيك عن عدم الالتزام بالجلسات، حتى أن د.عبد العال كان يرجوهم الحضور. ومارأيكم أن البرلمان السابق لم ينفذ حكم محكمة النقض (حسب الدستور) بإسقاط عضوية نجل مرتضى منصور حتى انتهاء البرلمان!!! ونذكركم بطريقة عبد العال فى معاملة النواب خاصة المعارضين وكيف كان يصادر على آرائهم تحت القبة (بغشم لانظير له). 

جاء الجبالى وأظهر العين الحمراء للنواب منذ البداية، ممنوع وممنوع...الخ. بل تجاوز الامر حين قال لأحد النواب أنا فاهم اللائحة واعلمها لك كمان!! ونسى رئيس البرلمان أنه ليس ناظرا لمدرسة وأن النواب ليسوا تلاميذه الذين لايعرفون شيئا. بل تجاوز الامر حين قام بطرد النائب عبد العليم داوود حين انتقد مايسمى بحزب الأغلبية  (مستقبل وطن)، بما يخالف الدستور واللائحة. 

فالدستور يعطى الحق للنائب أن يطرح وجهة نظره بكل حرية ولايحاسب عليها، فالحصانة البرلمانية منحت للنائب حماية لرأيه الذى يعبر عنه بلا حدود غير الالتزام بالحفاظ على القيم الدينية والاجتماعية..الخ . فما خطأ داوود عندما انتقد هذا الحزب؟ نعم الأغلبية جاءت تحت مسمى هذا الحزب بمن فيهم رئيس البرلمان، فهل هذا يكون حجرا ووصاية على رأى الأعضاء من غير هذا الحزب؟ وإذا كانت هذه ديمقراطية، فهل يأذن رئيس البرلمان ويقول لنا ما اسمها وما عنوانها؟ 

أذكر أنه فى مجلس 1987 برئاسة د. رفعت المحجوب وفى استجواب للنائب علوى حافظ وكان كشفا لعمولات السلاح والتى وجه فيه التهمة لمبارك شخصيا، وأثناء القاء الاستجواب في جلسة مسائية وسط سكون دخل صفوت الشريف وكان وزيرا للإعلام، هنا قطع علوى الاستجواب قائلا: (دخل الشريف الغير شريف)، فماذا تم؟ 

لم يتم غير حذف الكلمة من المضبطة فلم يطرد من الجلسة ولم يقدم للجنة العامة، هذه هى اللائحة وهذا هو الدستور. 

فاذا كان النائب لا يستطيع التعبير عن رأيه، فما فائدة النيابة وما فائدة التمثيل البرلماني، وإذا كانت هناك ظروف فُرضت على البرلمان السابق نظرا لاستعادة الاستقرار وهيبة الدولة، فنحن الآن - وكما قال كثيرا الرئيس السيسى - فى مرحلة بناء شخصية الإنسان المصرى واول عوامل هذا البناء الممارسة والمشاركة السياسية التى يترجمها النواب فى دورهم التشريعى والرقابى، حتى ينال البرلمان الشرعية الجماهيرية حيث أنه السلطة الشعبية الاولى فى هذا الوطن. 

حمى الله مصر وشعبها العظيم وكل من يحافظ على الدستور التزاما وتطبيقا.
----------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك
* سياسي وبرلماني سابق

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب (٧)





اعلان