18 - 04 - 2024

عجاجيات| حديد وصلب مصر

عجاجيات| حديد وصلب مصر

منذ بدأت علاقتى بالمواد او الدراسات الاجتماعية وبالتحديد الجغرافيا والموارد الاقتصادية وانا احفظ عن ظهر قلب ان حلوان من اهم المراكز الصناعية فى الجمهورية العربية المتحدة وفى جمهورية مصر العربية ففيها مصنع الحديد والصلب الاكبر فى الوطن العربى وافريقيا وفيها مصنع اسمنت طرة.. كما تفتحت عينى وانا طفل صغير على جارنا الاسطى عبدالعزيز ابن البرنس صاحب المنزل الذى نسكن فيه بدرب المواهى حارة السقايين عابدين، وهو يفاخر بأنه من الفنيين العاملين فى حديد وصلب حلوان وانه من الذين غنى لهم عبدالحليم حافظ من اصحاب السواعد الفتية الواقفة امام لهاليب الصلب... كما اننى ومصنع الحديد والصلب من جيل واحد هو ولد عام ١٩٥٤ على يد الزعيم جمال عبدالناصر وانا ولدت عام ١٩٥٥  وتربيت على خطب عبدالناصر واغانى عبدالحليم وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب عن السد العالى وطوف وشوف دى بلادنا جنة ربنا ودقت ساعة العمل .. باختصار حلمت مع ناصر وتألمت لانكساراته وبكيت لرحيله قبل ان يحقق حلمه بتحرير الارض.

لكل ذلك تألمت واندهشت عندما سمعت عن تصفية وبيع شركة حديد وصلب حلوان.. ولابد ان أبادر واقول ان معلوماتى المتواضعة مستمدة من اجهزة الاعلام ومن تصريحات منسوبة لهشام توفيق وزير قطاع الاعمال العامة يقول فيها ان الجمعية العمومية غير العادية قررت تصفية الشركة.. كما قرأت ارقاما متضاربة عن خسائر الشركة فهناك من يقول انها بلغت ٢،٨مليار جنيه وهناك من يقول انها انها تعدت ٦ مليار جنيه

والحقيقة اننى تمنيت ان اري فى فقرة شائعات وحقائق التى تذيعها بعض القنوات نفى مجلس الوزراء لشائعة تصفية وبيع شركة حديد وصلب حلوان، ولكن مع الاسف الشديد لم يحدث ذلك مما اثار مخاوفى من ان تكون اخبار التصفية والبيع صحيحة وتلحق حديد وصلب حلوان بشركة المراجل البخارية التى اصبحت اثرا بعد عين نتيجة لخصخصتها وبيعها.

اسئلة كثيرة قفزت الى ذهنى لماذا وصلت الشركة الاستراتيجية التى ساهمت بقدر فى بناء السد العالى وحائط الصواريخ وهناجر وملاجئ الطائرات المقاتلة التى فتحت ابواب النصر فى حرب اكتوبر الى هذه المرحلة؟! ومن المسئول عن تدهور الشركة ولماذا سمحت الحكومة بأن تصل الشركة الى ما وصلت اليه من ضعف وتهالك وخسائر؟

تعجبت بشدة كيف تخسر الشركة الحكومية المنتجة للحديد والصلب مع حركة البناء والتعمير الجبارة التى تشهدها مصر والتى لا ينكرها الا جاحد.. آلاف المنازل بنيت.. مئات الكباري شيدت.. مئات الكيلو مترات من الطرق أصبحت واقعا.. مدن جديدة تشهد بطفرة البناء والعمران.. يكفى مشروع العاصمة الادارية الجديدة على سبيل المثال لا الحصر.. ويكفى البرج الأيقونى الأطول فى افريقيا.. وتكفى أكبر كنيسة فى افريقيا والشرق الاوسط وأكبر مسجد.

تساءلت من أين وفرت الحكومة الحديد اللازم لكل هذه المشاريع؟! هل طلبت الحكومة من حديد وصلب حلوان وشجعتها على توفير الحديد اللازم لهذه المشاريع؟ اعتقد ان شركة حديد وصلب حلوان لو وفرت نصف او حتى ربع الحديد الذى استخدم فى هذه المشاريع لحققت ارباحا خيالية.. بالطبع افهم ان الحكومة عليها ايضا تشجيع القطاع الخاص ولكن والاهم عليها الا تنسى شركة تعتبر من ابنائها وبناتها وتدير لها ظهرها.

زاد تفكيري فى مصير حديد وصلب حلوان عندما سمعت وشاهدت فى التليفزيون المصري الاتفاق مع شركة سيمنز الالمانية على انشاء خط القطار الكهربائي فائق السرعة بمسافة ١٠٠٠ كيلومتر وبتكلفة ٣٦٠ مليار جنيه، المشروع عملاق ويستحق ان نفرح به غير اننى توقفت كثيرا امام ضخامة مبلغ ال ٣٦٠ مليار جنيه وقلت لنفسى اذا كان القطار الكهربائي يستحق هذا المبلغ الا تستحق شركة حديد وصلب حلوان عشر هذا المبلغ لاقالتها من عثرتها والابقاء عليها كواحدة من عناصر الأمن القومى المصري..

غير اننى عدت وقلت لنفسى لماذا نكلف الحكومة فوق طاقتها وتمنيت ان تتيح الحكومة لشعب مصر مهمة انقاذ حديد وصلب حلوان بطرح الشركة للاكتتاب العام او بطرح شهادات استثمارية باسم شهادات حديد وصلب مصر على غرار شهادات قناة السويس الجديدة التى تباري ابناء مصر لتوفير ما يزيد على ٥٠ مليار جنيه فى بضعة أيام ووضعها تحت امرة الدولة والحكومة لتنفيذ القناة التى حفرت وشقت فى عام واحد فى عمل اقرب للمعجزات..

اتمنى على فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى اعادة النظر فى تصفية وبيع شركة حديد وصلب حلوان وتكليف مجموعة خبراء على اعلى مستوي لدراسة كيفية اقالة الشركة من عثرتها واعادتها الى سيرتها الاولى كشركة استراتيجية من مقومات قوة مصر الصلبة والناعمة فى ان واحد.. وادعو الله ان يوفق الجميع لما فيه خير مصر وصناعة مصر وعمال مصر وتحيا مصر بحلوان والمحلة الكبري وكفر الدوار وشبرا الخيمة والروبيكى ودمياط الجديدة وسيناء.. تحيا مصر بمصانعها ومزارعها وجامعاتها ومستشفياتها وشرطتها وجيشها العظيم.. تحيا مصر صلبة شامخة بهية.
---------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | طفوا النور





اعلان