20 - 04 - 2024

قنابل إيزيس واوزوريس النووية بقلب فرنسا!

قنابل إيزيس واوزوريس النووية بقلب فرنسا!

في العام ٢٠٠٩ وبعد حوارات عديدة أجريتها مع عدد من المسؤولين الغربيين عن الأزمة النووية بين بلادهم (ومن ورائها إسرائيل وبتحريض منها) وبين ايران بكل ما تتضمنه من تناقضات ومعايير مزدوجة، دعيت من حكومة فرنسا كي أشهد بداية مشروع غير مسبوق لحكومة الرئيس ساركوزي يتضمن التفكيك التدريجي لمفاعلات فرنسا النووية التي تنتج المواد الانشطارية اي الاسلحة النووية. 

الزيارة التفقدية استغرقت اسبوعين حيث انها تضمنت زيارة مجموعة المفاعلات في شمال فرنسا ووسطها وجنوبها وكانت البداية من الوسط وتحديدا لاقدم تلك المفاعلات.

الرحلة بالسيارة المتجهة من باريس الي المفاعل استغرقت ساعتين الي ان وصلت الي بوابة ضخمة تخطتها بعد اجراءات امنية كي تواصل السير وسط غابة من الاشجار مدة ربع الساعة.

سألت مصاحبي متي سنصل الي المفاعل؟ فكان رده اننا دخلنا حرمه بالفعل فصمتت.

بعد دقائق توقفت السيارة امام مبني من دورين حيث استقبلني شخص بشوش اتضح انه مدير المفاعل. تحدث الرجل قائلا ان هذه الزيارة غير مسبوقة وهو ما ينطبق علي برنامج تفكيك المفاعلات المنتجة للمواد الانشطارية والذي يقصد به رسالة لكل الدول ذات التسليح النووي او العاملة للحصول عليها، بأنه حان الوقت كي يتخلص العالم طواعية من عوامل دماره. وبعد شرح طال نصف الساعة للبرنامج واهدافه ومراحله قادني الرجل الي المبني الرئيسي للمفاعل.

عندما دخلنا البهو الضخم لمبني المفاعل فوجئت بجدارية بعرض البهو لأوزوريس. وقفت مشدوها امام الجدارية العملاقة قبل ان يرجع مدير المفاعل ليقف بجانبي وهو يهمس: هل تعرفه؟ التفتت للرجل كي ارد عليه سؤاله: هل انت الذي تعرفه؟ ما هذا؟ هل هذا فرع لمتحف اللوفر ام مفاعل نووي؟

ابتسم الرجل مؤكدا ان هذا هو المفاعل الأقدم وانه يحمل اسم اوزوريس. سألت الرجل: ولماذا هذا الاسم؟ قال الرجل: في نهاية برنامج زيارتك ساكشف لك عن السر.

بعد ساعات من الزيارة التفقدية اخذني الرجل الي المفاعل الثاني.

وكما حدث اول مرة، فوجئت بجدارية ضخمة لايزيس التي اتضح ان المفاعل يحمل اسمها. ساعات اخري من التفقد ثم دعاني مدير المفاعل الي الغذاء. ستلني الرجل عن انطباعي، فعبرت عن انبهاري بما رايته من تقدم علمي مذهل يعكس تقدما حضاريا لا ينكر.

علي الفور ظهر شبح ابتسامة علي وجه الرجل قائلا: تقدم علمي بالتاكيد ولكن اين رايت هذا التقدم الحضاري ؟ مارايته للتو هو العكس تماما. لقد رايت معاول لهدم الحضارة والتي للاسف برعنا في تطويرها. 

سكت الرجل برهة قبل ان يسألني: الم تلاحظ الأسماء المصرية القديمة التي سمينا بها تلك المفاعلات؟ الا تدرك اننا استعرنا حضارتكم الحقيقية كي نخفي من تحتها معاول هدم الحضارة؟

ساد الصمت دقيقة شغلها الرجل بتقطيع قطعة اللحم في طبقه في حين سرحت بذهني في كلماته.

لعنة الله علي كل من أضاعوا وبددوا مقومات حضارة مصر التي لم يخلق مثلها في البلاد.
------------------------------
بقلم: يحيى غانم*
* كاتب صحفي بالأهرام والمقال نقلا عن صفحته على موقع "فيس بوك"

مقالات اخرى للكاتب

صباح تحت القصف!





اعلان