24 - 04 - 2024

بشهادات الشهود .. ماذا جرى في مستشفى الحسينية؟

بشهادات الشهود .. ماذا جرى في مستشفى الحسينية؟

فيديو مدته 45 ثانية، تتردد فيه عبارة "كل اللي في العناية ماتوا" بصوت سيطر عليه العجز وقلة الحيلة، في ركن من الأركان تظهر "آية" ممرضة شابة مصدومة، تجلس نفس جلسة جمال الدرة، والد الشهيد الفلسطيني الشهير محمد الدرة، لا بيدها رد الموت عمن يموت، ولا تستطيع الصراخ من هول الفاجعة، فيما تنشط زميلاتها في محاولة يائسة لإسعاف مريض، انتشر الفيديو انتشار النار في الهشيم، وانقسم الناس بين شعب يريد معرفة حقيقة مايجري، وسلطة وجدت نفسها في مرمى السهام، تجتهد قدر ما استطاعت لنفي الواقعة، وقلب الآية، وتحويل دفة النقاش من الإهمال ونقص الإمكانات الطبية، وهو المرجح، إلى سؤال يبدو عبثيا من سمح بتصوير الفيديو وكيف تم تصويره، فماذا جرى في مستشفى الحسينية؟   

آية علي محمد علي، شابة عشرينية من منطقة الحجازية التابعة لمركز الحسينية، تعمل منذ 7 أشهر في قسم العزل بالمستشفى، بعدما تخرجت من أحد معاهد التمريض بالمحافظة، تعمل ضمن الفريق الطبي المكلف برعاية الحالات في العناية المركزة، قبلها كان يقتصر دورها على تقديم العلاج والطعام، تقول: "أول مرة أتعرض لمناظر الموت دي كلها، كنت مرهقة وزعلانة علي الناس اللي ماتت، مكنتش أتمنى ده يحصل" 

تضيف: "مع تمام الساعة التاسعة والنصف مساء، حدث خلل في أسطوانات الأكسجين ما أدى إلى ضعف وصول الأكسجين للمرضى، بعبارتها: فجأة الأكسجين ضغطه قل، والحالات جالها اختناق، وحاولنا بكل الطرق نسعفهم وفشلنا لأن حالتهم كانت متدهورة بالفعل من قبل موضوع نقص الأكسجين".

لم تتعود آية على مشاهدة هذا العدد من حالات الوفاة تحدث أما عينيها، الأمر الذي أصابها بصدمة كبيرة أفقدها القدرة علي الحركة لتجلس في غرفة العناية المركزة، ويظهر عليها الرعب، "كنت مرهقة وزعلانة علي الناس اللي ماتت، مكنتش أتمنى ده يحصل عملنا كل اللي نقدر عليه وأكتر علشان ننقذ المرضي وفشلنا".

ضغط الأكسجين، كما تؤكد آية، كان ضعيفًا مما دفع أحد الأطباء إلى جلب أنابيب أكسجين لا تعلم مصدرها: "معرفتش جابها منين لإني كنت في العناية بشتغل".

النيابة العامة المصرية فتحت تحقيقا حول ما أثير بوحدة العناية المركزة بمستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية، وتصدر اسم المستشفى، قائمة ترند موقع “تويتر”، وفي الغالب سيظل النقاش العام مستمرا ، وتستغله قنوات خارجية، لمحاولة إثبات أن الإدارة فاشلة، ومن أوساط الإدارة نفسها من يعين هذه القنوات على أداء مهمتها بنجاح.

الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، يؤكد أنه جرى تحويل مسؤول شركة الأمن بمستشفى الحسينية المركزي للتحقيق، وذلك للسماح لأحد الأفراد باقتحام عناية العزل وتصوير المرضى وإثارة البلبلة.

ويوضح أنه تم تشكيل لجنة فنية فور ظهور الفيديو، توجهت للمستشفى للتأكد من صحة ما تم تداوله بخصوص نقص الأكسجين، وبالفحص تبين أن عدد المتوفين 4 حالات فقط، في عناية العزل من أصحاب الأمراض المزمنة، وأن الوفاة طبيعية نتيجة لتدهور حالتهم بسبب الإصابة بفيروس كورونا، وعلى حد قوله فإن "الأكسجين متوفر بالمستشفى، ويوجد 17 طفلا بالحضانة، وحالتين بالعناية العامة، و36 حالة إصابة بكورونا بقسم العزل، ولم يحدث أي وفيات بين هذه الحالات". 

أما المتوفون الأربعة، الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة داخل قسم عناية العزل بالمستشفى فهم: فاطمة السيد محمد إبراهيم (64 عامًا)، علي محمد صالح (76 عامًا)، محفوظ عبدالعزيز عبدالرحمن (44 عامًا)، مريم أحمد محمد (67 عامًا).

جمال محفوظ، ابن ثالث الضحايا ينسف هذه الرواية من أساسها، ويقول إن والده لم يعاني من أي أمراض مزمنة أو تدهور بالغ في حالته الصحية، "والدي لحد إمبارح نسبة الأكسجين كانت كويسة، الدكتور قال لي أنا هديت الأكسجين على أبوك لأنه تخطّى نسبة الخطر، اللى عليكم تأكلوه، أكلناه وشبِع، كان المفروض أروح استلمه يروح على البيت، بدل ما أروّحه البيت وديته على المقابر". يضيف: "كان كويس جدًا، داخل على رجله، كان عنده مشكله في التنفس، معندوش أي أمراض مزمنة، الحالة بتدخل على رجليها بتطلع ميته إزاي؟ إدارة المستشفى أبلغتني بوفاة والدي، عندما ذهبت إلى المستشفى، لقيت كل اللى في العناية ماتوا، مش أبويا بس اللى معندوش أمراض مزمنة، كان في شاب كمان صحته كويسة وداخل على رجله، مش عارف إزاي يموتوا. ده مستشفى حكومي، كنت بدفع للأمن فلوس، كل ما أقابل حد في المستشفى يقولي (عاوز أشرب شاي)، دفعت 17 ألف جنيه شاي، مش علاج لأ، العلاج من عند وزارة الصحة، الحقن والأدوية، لكن دفعت 17 ألف جنيه شاي وقهوة، إكراميات ومحسوبيات".

أما الدكتور ياسر السويدي مدير إدارة المستشفيات، فيؤكد إنه تبين وجود 7 حالات تم حجزهم داخل العناية توفى منهم 4 حالات حرجة من كبار في السن ومرضي بفيروس كورونا على فترات متفرقة كان أولهم حالة توفيت قرابة الساعة الـ 7.30 مساء قبل وقت بث الفيديو كما تبين وجود 36 مريضا داخل العزل و11 طفلا في الحضانات وجميعهم متصلين بشبكة الأكسجين.

وتصل د. هالة زايد وزيرة الصحة إلى حد القول: "إنه لا صحة لنقص الأكسجين بالمستشفيات، وأن من يدعون ذلك هم الإخوان"

ويصر السيد رحمو، عضو مجلس النواب، عن دائرة الحسينية بمحافظة الشرقية، بأن الوفاة حدثت "إثر توقف ضخ الأكسجين بسبب نفاد الأكسجين بالمستشفى" ويضيف: بضمير مستريح أقول "المواطنين اللي ماتوا، نتيجة إهمال من مستشفي الحسينية، وسوء إدارة لأزمة نقص الاكسجين، وما يردده مدير المستشفى غير صحيح، مش ممكن عزرائيل ياخد أرواح 5 مواطنين من مكان مرة واحدة".

معلومات النائب – حسب مايؤكد - أن دكتور العناية المركزة، أبلغ مدير المستشفى بوقت كاف بإمكانية نقص الأكسجين، على الأقل بساعة، ولكن رغم ذلك تقاعس المدير، وتأخر نقل الأنابيب لمدة كبيرة، أدت إلى حالات الوفاة. "أنا على يقين ان ما حدث إهمال جسيم لن يمر مرور الكرام، وسيتم محاسبة المقصر، مهما كان، وللأسف الشديد، ليس لي الحق أن أقوم بأي طلب أو متابعة لدى الجهات الحكومية إلا بعد حلف اليمين يوم 10 يناير، وبالتالي لا يحق لي ممارسة ادواتي الرقابية" يستطرد النائب: "نفي واقعة نقص الأكسجين كارثة، والصح مواجهة الأزمة والاعتراف بها، وليس إنكارها، حتي لا تتكرر المأساة".

ما بين نفي وتأكيد ينتظر الناس تحقيق النيابة ، والإجراءات التي ستتخذ كي لا تتكرر المأساة.

النيابة العامة من جانبها قررت استدعاء مدير مستشفى الحسنية بالشرقية و3 أطباء و4 ممرضات لسؤالهم عما جرى ليلة أمس داخل غرفة العناية المركزة استدعت مسئولى المستشفى وغرفة العناية المركزة لاستيضاح ما حدث دون توجيه اية اتهامات حتى الآن، وطلبت انتداب لجنة طبية لبيان ما حدث ومدى صحة نقص الاكسجين في المستشفى.






اعلان