20 - 04 - 2024

شاهد على العصر (24) القرب من البابا شنودة ثم الانتصار لفكرة الدولة

شاهد على العصر (24) القرب من البابا شنودة ثم الانتصار لفكرة الدولة

* الصدام بين البابا والسادات والأحداث الطائفية جعلت للكنيسة زعامة سياسية
* اعترضت عندما طلب البابا التصويت ضد حمدي السيد لإسقاطة في "الأطباء"

البابا شنودة شخصية كاريزمية ومميزة فى تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فهو واسع الثقافة فى شتى فروعها وشاعر ويحمل شخصية جمعت بين الدينى والسياسى. 

كان ضابط احتياط فى الجيش المصري، وذا هوى وفدي، وكان مدخله لهذا الهوى هو حبه المتيم به للزعيم الوطنى مكرم عبيد حتى أنه كان يحفظ مرافعات مكرم أمام المحاكم عن ظهر قلب، فلما دخل مجال الرهبنة لم يتخلص عمليا وواقعيا من هذا التكوين السياسى والزعامى بالطبع. 

ولذا امتزجت شخصيته وتكوينه بالسياسى والديني كل فى مجاله، وليس بالضرورة أن يكون السياسى من خلال الانضمام التنظيمى لأى حزب، ولكنها التركيبة النفسية التى تظهر عند اللزوم وعندما يريد الشخص التعامل على الأرضية السياسية وليس الأرضية الدينية. 

ظهر ذلك عندما كان رئيسا لتحرير مجلة مدارس الاحد والتى كانت لسان حال نظير جيد (الأنبا شنودة) فى نشر وطرح آرائه الإصلاحية فى الإطار الكنسي، والتى كانت تمثل مناخا جديدا شد انتباه الشباب المسيحى حينذاك، ولذلك عندما ترهبن مع مجموعة هؤلاء الشباب مثلت رهبنتهم نقلة نوعية فى الحياة الرهبانية. 

قام الأنبا كيرلس السادس برسامة الأنبا شنودة أسقفا للتعليم، وكان هذا الموقع فرصة لمزاولة مهامه التى ترضى ذاته الدينية الممتزجة بالسياسى. قام بعقد اجتماع للشباب بالكاتدرائية في العباسية وأصبح الاجتماع محط اهتمام الجميع حتى أن محطة الأوتوبيس سميت باسم (محطة الأنبا شنودة). 

أوجد الاجتماع حالة من الحراك الإصلاحي الكنسي، حتى أن العلاقة بين البابا كيرلس وبين الأنبا شنودة كانت قد تعكرت مجاريها تماما، وكانت هنا علامات التكوين السياسى ظاهرة فى طروحات الإصلاح الكنسي، كما أن زخم هذا الاجتماع وذلك الالتفاف الشبابى لابد أنهما قد حفرا أثرا بصورة ما على الذات الشنودية فى الإطار الزعامي. 

شاءت الأقدار أن يجلس الانبا شنودة على كرسى مارمرقس، ويصبح البابا شنودة الثالث البطرك السابع عشر بعد المائة للكنيسة المصرية، كما أن الأقدار قد شاءت أن يأتي شنودة الثالث فى عهد أنور السادات. فماذا يعنى شنودة فى عهد السادات ؟ 

يعني أنه فى ظل ظروف كان قد ظهر فيها تيار الإسلام السياسي، وكانت البداية غير الموفقة، والتى تمثلت فى حادثة الخانكة. وحادثة الخانكة تمثلت في قيام بعض الشباب الإسلامي بالاعتداء على كنيسة فى الخانكة، وكانت بمثابة تدشين لإعلان زعامة البابا شنودة الدينية الممتزجة بالزعامة السياسية، مع العلم أن الدينية لايوجد بها زعامة ولكن هى رعاية وأبوة وليست زعامة، ولكنها التركيبة النفسية والشخصية!، فما كان من البابا شنودة إلا أن أمر كهنة القاهرة بعمل مظاهرة مشيأ على الأقدام وصولا للخانكة اعتراضا على حرق الكنيسة. 

كان هذا التصرف غير مسبوق على الإطلاق خاصة أن علاقة البابا كيرلس والرئيس جمال عبد الناصر كانت علاقة نموذجية تركت آثارا إيجابية فى مجمل العلاقة المصرية - المصرية. وهذا الموقف كان إعلانا عالي الصوت أن البابا الجديد لن يترك تلك الاعتداءات للصلاة والتسامح، ولكن بالرد فى مواجهة الفعل، أيا كان شكل هذا الرد. 

كما أن هذه الحادثة وقعت فى بدايات عهد السادات، وكان رد فعل البابا يمثل إهانة فى نظر السادات ذات الذات المتضخمة أيضا والذى جاء بعد عبد الناصر الذى كان يمثل له هاجسا كبيرا فى أن يكون بالفعل خليفة له. كما أنه لم يحدث مثل رد الفعل هذا من الكنيسة قبل ذلك، ولذا اعتبر السادات أن قرار البابا مقصود به السادات مباشرة فى الوقت الذى كان الرئيس الجديد يحاول أن ينمى التوجه الاسلامى فى الشارع المصري لمواجهة التيار الناصرى والاشتراكي، ولذا كانت هذه الواقعة هى بداية الأوجاع بين شنودة وبين السادات. 

كانت هذه الحادثة وردة فعل الكنيسة مصدر إعجاب ومثار افتخار وانبهار بالبابا الجديد الذى يدافع عن المسيحيين المظلومين والمضطهدين، خاصة بعدما أعلن السادات أنه رئيس مسلم لدولة إسلامية. تتابعت المواجهات بين السادات وشنودة خاصة عند الإعلان عن تطبيق الشريعة الإسلامية التى جعلت شنودة زعيما سياسيا للأقباط بل بديلا للدولة فى نظرهم بعد إعلان الإضراب عن الطعام (فى شكل صيام) والذى استغل عالميا حتى أن شنودة قد أصبح اسمه مسموعا على المستوى العالمى وليس المحلى وصولا إلى حادثة الزاوية الحمراء التى كادت أن تتحول الى حرب أهلية بين المصريين، إلى أن حدد السادات إقامة البابا شنودة. هنا أصبح شنودة بالنسبة للمسيحيين زعيما سياسيا من حقه أن يدافع عن المسيحيين بل أن يمثلهم سياسيا. 

كنت ضد السادات وتم اعتقالى ضمن المعتقلين فى سبتمبر 1981، فأنا ابن الكنيسة وتعاملت مع البابا شنودة عندما كان أسقفا للتعليم وكنت أزوره مع أبى الروحى القمص ميخائيل متى الذى كان أستاذا للأنبا شنودة وللكثير من الأساقفة من جيله. وقتها كنت معجبا ومبهورا به، حتى أنى أول من زاره فى دير الانبا بيشوي المتحفظ فيه عليه بعد خروجى من المعتقل، وقضيت معه يوما بليلة لم ينقطع فيها الحديث بيننا، مما أوجد علاقة خاصة كانت مصدر اعجاب وافتخار لىليس مع المسيحيين فقط ولكن مع كل المصريين، حيث أن كل المعارضة السياسية كانت فى نفس الخندق مع الأنبا شنودة. 

خرج البابا من التحفظ فى 5 يناير 1985 وصلى عيد الميلاد ليلة 6 يناير، وكنت ضمن وفد حزب العمل الاشتراكى لحضور قداس العيد مع باقى القوى السياسية، تواصلت علاقتى بالبابا شنودة حتى كنت أجلس معه بالساعات الممتدة لما بعد منتصف الليل، نتحدث فى كل الأشياء، اقتربت منه وكنت أناقشه فى كل شيء.

هذه كانت علاقتى بالبابا، فقد كنت فى نظر الاقباط زعيما قوميا لهم، فأنا صديق للبابا لى تأثير فى حل قضايا كنسية وكان الأساقفة يتعاملون معى على هذا النحو، وما أدراك كيف يكون صديق للبابا بالنسبة للأقباط ورجال الدين المسيحي، حتى أننى فى إحدى الليالى كنت فى جلسة مع البابا أمتدت إلى الثانية صباحا، وأنا خارج فوجئت بوجود ثلاث أساقفة  ينتظرون، فقلت لماذا أنتم مازلتم هنا، قالوا: (علشان نوصلك وناخد بركة)!

فماذا حدث لأتحول فيما بعد في نظرهم إلى مهرطق وضد المسيحيين بل المسيحية وضد الكنيسة وضد البابا. وأعاني ماعانيت مما لا رأت عين ولا سمعت أذن من الاهانات والشتائم لى ولأسرتي وكل من يتشدد لي!.

لاشك أن شخصية البابا شنودة تمثل شخصية استثنائية فى تاريخ الكنيسة المصرية، لما لها من حضور وتمتعها بقبول إنسانى نتيجة لثقافته الشاملة إضافة إلى تجربته الحياتية قبل الرهبنة وبعد الانخراط فى المواقع الكنسية والدينية، ناهيك عن أنه أصبح بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. والأهم هذه المواقف التاريخية التى وقفها فى مواجهة السادات والجماعات الإسلامية والعمليات الإرهابية ضد المصريين المسيحيين. كما أن الظرف الموضوعى حينذاك والذى كان يسيطر فيه تيار الأصولية الإسلامية على الشارع المصرى مما جعل السلطة ممثلة فى السادات وأتباعه يخضعون بل يمالئون التيار والشارع المتأثر بالعاطفة الدينية الإسلامية التى جعلت الشارع يمثل قوة مضافة لهذا التيار. 

فى المقابل كانت هناك ممارسات إرهابية ضد الأقباط تهدد سلامة الوطن ولا تجد من السلطة أذانا صاغية، فتحول البابا شنودة إلى بطل قومى وزعيم دينى وسياسى للأقباط. وكان من الطبيعى أن تكون هجرة الاقباط للكنيسة هى الحل المعادل لمواجهة ذلك المناخ حيث يجد القبطى فى الكنيسة البديل عن المجتمع، فيمارس الحياة الدينية والاجتماعية والثقافية بل وجد فى البابا شنودة الزعيم الذى يدافع عنهم فى مواجهة اى مواقف تواجهه. 

كان هذا الواقع فرصة مواتية لتحقيق الذات الزعامية والسياسية التى تأثر بها البابا شنودة منذ النشأة والتى تحدثنا عنها سابقا، أما النظام السياسى فكان قد استمرأ تلخيص واختزال الأقباط فى الكنيسة وكأنهم شخص واحد وتوجه واحد. ويرجع ذلك إلى التراث والنظام الطائفى والذى كان يطلق عليه نظام الطوائف والجوالي، أي أن يكون لكل طائفة (النجارين والحدادين والتجار والخباطين ...الخ ) رئيسا للطائفة يكون مسئولا عنهم وهو الذى يمثلهم أمام نظام الحكم. 

وكان الاقباط يعاملون كطائفة من ضمن هذه الطوائف ويمثلها البطرك أو البابا، كان هذا النظام العثمانى الذى كان يعامل به المصريون بشكل عام (مسلمين ومسيحيين) بمرتبة أقل من باقى الجنسيات الأخرى، فما بالك بالمصريين المسيحيين. ولكن كان هذا نظام ماقبل الدساتير والقوانين وان كانت آثاره مازالت عالقة فى الواقع المعاش، نعم كان نظام السادات وفى وجود البابا شنودة ليس نظاما طائفيا أو نظام طوائف فهناك دستور وقانون لا يفرق بين مواطن وآخر، ولكن سيطرت الذاتية على كل منهم استحبت السير فى ظلال ذلك النظام، فبالنسبة للسادات ونظام الحكم يريحهم اختصار الاقباط فى الكنيسة سياسيا وانتخابيا، وبالنسبة للبابا شنودة فهجرة الأقباط للكنيسة وفى أن يكون زعيما وممثلا سياسيا لهم، هذا يرضيه كل الرضا. 

هنا كان البابا للدولة رمزا دينيا تتعامل معه كممثل دينى تحاول احتوائه طوال الوقت منعا لدوشة الدماغ من مشاكل الأقباط. وكان البابا بالنسبة للأقباط أبا روحيا وزعيما سياسيا، فى ظل هذه الحالة وذاك ارتبطت بعلاقة خاصة بالبابا شنودة وكنت فى حالة زهو وافتخار. 

تأصلت العلاقة بعد خروج البابا من التحفظ، وقيامى بعمل حديث صحفى مع الأنبا اغريغوريوس أسقف البحث العلمى والدراسات القبطية، وكان لهذا الحديث صدى محلى وعالمي، مما جعل البابا شنودة يحدد لى مقابلة لمناقشة هذا الحديث حيث أوضح لى بطريقة مباشرة وغير مباشرة عدم رضائه عن هذا الحديث بل عدم رضائه عن الأنبا أغريغوريوس، الأمر الذى انتهى إلى عمل حديث صحفى مع البابا نشر بجريدة الشعب. 

تواصلت العلاقة حتى أصبحت عضوا بمجلس الشعب عام 1987ولوجودى بالقاهرة كثر حضورى مع البابا. وكان يطلب منى حل بعض القضايا المرتبطة بالكنيسة لدى الدولة أو لدى وزارة الداخلية، زاد الارتباط فى عملية رسامة اسقف للقوصية بعد انفصال القوصية عن ديروط ولما كان هناك رفض من بعض الكهنة لهذه الرسامة قمت بوضع خطة مع البابا لإتمام هذه الرسامة كمطلب شعبى قمت بإعداده مع الشباب. 

كنت دائم التواجد فى المقر البابوى وكنت ولا زلت مبهورا بشخصية البابا شنودة، حاولت فى جلسات الحوار الخاصة معه أن تتم مصالحة بينه وبين الأنبا أغريغوريوس وبينه والقمص متى المسكين وأيضا بينه وبين بعض العلمانيين مثل د. ميلاد حنا...الخ، وذلك حبا بل عشقا للبابا شنودة ولكن كان هذا الكلام لم يكن يمثل له غير قضاء وقت!!! كنت أدعو الشخصيات العامة لزيارة البابا حيث أن هذا كان يرضيه وكان هذا اقتناعا منى وحبا له، وفى يوم دخلت على قداسته المكتب فقال لى تعالى واصطحبنى إلى قاعة الاجتماعات، فوجدت اجتماعا للاطباء المسيحيين، حيث كانت هناك انتخابات لنقيب ومجلس إدارة نقابة الأطباء، وكان هناك مرشح فى مواجهة د. حمدى السيد النقيب السابق للأطباء وفوجئت بالبابا يطلب من الأطباء انتخاب المرشح المنافس لحمدي السيد! 

خرجنا إلى المكتب وأنا فى حالة تذمر حقيقى لشعورى بانجراف البابا فى أمور نقابية لاتليق بقداسته ولا بموقعه الدينى المبجل. قال لى مالك موش فى الفورمة؟ قلت له : ياسيدنا أنا أرى أن هذا الموقف لايليق بمكانة قداستكم. أولا: لأن هذه معركة نقابية لاتستحق هذا الاهتمام حتى لو كان المرشح الذى تدعو له قداستك مسيحيا. ثانيا: تعلم قداستك أن هناك أمن فى الكاتدرائية طوال الوقت يرصد ويتابع ولا شك فهم راصدين للاجتماع، وقد علموا بما حدث وبموقفك فى هذه الانتخابات مما يجعل الأمن يتحرك فى مواجهة هذا الموقف. ثالثا: قداستك بذلك قد وضعت موقعك فى خيار نجاح وفشل. فإذا رسب المرشح الذى تطلب دعمه فمعنى هذا أن هذا سينسب لقداستكم وهذا لايليق على الإطلاق. 

هنا بدأت أفكر فى الأمور بشكل آخر تماما، خاصة بعد حادثة صنبو الإرهابية التى راح ضحيتها أكثر من عشرة أقباط . نعم هناك مشاكل، وهناك مناخ طائفى ومتوتر، وهناك نظام مبارك حتى ولو لم يكن منحازا لتيار الإسلام السياسى ولكن النظام خاضع لتوجهات وميول الشارع السياسى الذى أصبحت تخضع وتتعاطف مع هذا التيار. 

فهل سنظل فى هذا المناخ ولصالح من؟ هل من مصلحة الاقباط ومصلحة الكنيسة أو حتى من مصلحة المسلمين والوطن أن يظل هذا الواقع الذى يتعامل مع البابا وكأنه هو الممثل السياسى للأقباط، بل وكأن الاقباط تابعين لدولة الكنيسة والمسلمين تابعين للدولة المصرية؟ وبالفعل أصبح الوضع أن الاقباط يستريحون لفكرة أن يكون البابا هو الممثل السياسى لهم (لظروف أوضحناها). هنا أدركت خطورة الموقف بعد تحول نظرتى من نظرة طائفية إلى نظرة وطنية، مفادها أن مشاكل الاقباط لن تحل بعيدا عن مشاكل المصريين بشكل عام حيث أن الحديث عن قبطى ومسلم تكريس للطائفية، ولذا عندما يكون هناك تسليم من الدولة أن الكنيسة هى المعبر عن الأقباط، ومن الأقباط أن الكنيسة بديل للدولة وأن البابا هو الممثل السياسي، هنا يكون الخطر الحقيقى على الاقباط والكنيسة والدولة. 

كما أن هذا الوضع هو إسقاط لحقوق مواطنة المسيحى تماما، لأن الكنيسة لا ولن تكون بديلا للدولة على الإطلاق، والبابا لن يكون ممثلا للأقباط لا دستوريا ولا قانونيا، ولذا يكون المواطن القبطى بين شقي الرحى، فلا هو يتعامل كمواطن يطلب ويدافع ويناضل من أجل تحقيق مطالبه وحل مشاكله مع عموم المصريين بالدستور والقانون، ولا هو يجد الحل عند هذه الدولة المزعومة التى لاقدرة ولا علاقة لها بشئون المواطن القبطى فى غير الشأن الدينى فقط . 

بل النتيجة الأخطر ان هذا الانفصال يكرس ويجذر التفرقة والتشتت والتشرذم بين أبناء الوطن الواحد ويوجد الأحقاد ويولد الضغينة. 

فالمواطن المسلم المظلوم والمهدرة حقوقه، مثل بعض المسيحيين، يتصور أن المسيحى له دولة الكنيسة تدافع عنه وتأتى له بكل حقوقه فمن الذى ينصفه هو ويدافع عنه؟ هنا يتحول هذا الإحساس إلى صراع ليس طائفيا فقط بل صراع طبقي وسياسي...الخ. إذن فكرة تدخل البابا فى السياسة أو تصوره أنه ممثل سياسى للأقباط، هذا ليس فى صالح أحد، بل ولن يحل مشاكل بل سيخلق كوارث. 

من هذا المنطلق أحسست بثقل المهمة، فالبابا لن يقتنع بأى رأى يطرح عليه، فى الوقت الذى بدأت المشاكل فى التراكم مع النظام السياسى، فأن يكون البابا شريكا فى الزعامة فهذا لن يكون ولايملكه البابا. 

اقتنعت بهذه الرؤية التى تقول أن البابا لا يمثل الاقباط سياسيا، ولكن الدولة هى الممثل لكل المصريين، وظللت عاما كاملا مترددا بين أن أواجه وأخسر صداقتى بالبابا والأقباط، أو أرضى ضميرى الوطنى والمسيحى وأن أواجه كسياسى مصرى يخاف على سلامة هذا الوطن؟ انتصر رأيي للمواجهة ونشرت كتابى (من يمثل الأقباط الدولة أم البابا؟) وهنا كانت الأوجاع، فماذا كان؟
-----------------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك *
* سياسي وبرلماني مصري سابق

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان