08 - 05 - 2024

حكايتي مع اللواء طنطاوي وعصابة الحزب الوطني.. ملحمة الجبل الشرقي في سوهاج (5 -10)

حكايتي مع اللواء طنطاوي وعصابة الحزب الوطني.. ملحمة الجبل الشرقي في سوهاج (5 -10)

* وسقطت الأهرام في فخ العصابة لتفسد الود بيني وبين المحافظ

صدرت صحيفة "الاهرام" تحمل مانشيتاً على ثلاثة أعمدة يقول "غرقت الكوثر وضاعت على الدولة استثمارات قيمتها ثلاثة مليارات جنيه"!!.. وانقلبت الدنيا رأساً على عقب، واُصيب المحافظ بالذعر وجُن جنونه، لأن الخبر عار تماماُ من الصحة ولا أساس له، وكل ما حدث في الكوثر هو سقوط سور إحدى المدارس، وهذا ما اكده المحافظ لرئيس الدولة وكل كبار المسئولين الذي اُصيبوا بالصدمة نتيجة الخبر الكاذب الذي نُشر في الأهرام.. ولكي يتأكد رئيس الجمهورية من كلام المحافظ أرسل الى سوهاج وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي الذي عاد وأكد للرئيس أن الكوثر بخير وأن الخسارة الوحيدة هى سور مدرسة!!.. وتأكد الجميع من كذب الأهرام وصدق محافظ سوهاج، ولكن طنطاوي لم يعد طنطاوي؟!!.. نالت أزمة السيول وأحداثها والمؤامرة الدنيئة التي دبرتها عصابة الحزب الوطني، من حماس الرجل وأحلامه وثقته بنفسه وعلاقته بالآخرين.

(بأمر من مبارك ذهب المشير طنطاوي للاطمئنان على الكوثر)

كان طنطاوي رجل شرطة نزيها ومستقيما ولا يُجيد ألاعيب السياسة ودروبها الملتوية.. ولما أحست العصابة أن الرجل على وشك الإنهيار لم ترحمه بل ضربت ضربتها الأخيرة الناجعة والقاتلة.. كان هدفها الأعز يتمحور حول تخريب علاقتي به وتشويه صورتي لديه، وذلك لن يتحقق إلا بأن يحملوني مسئولية ما نُشر في الأهرام، وكل ما نشرته الصحف ووسائل الإعلام مستغلين توتر العلاقة بيننا، ومع ذلك لم يفرط الرجل في هذه العلاقة وظل يقاوم حتى جاءت الواقعة الفاصلة؟!!..

كانت الدولة قد حشدت كل قواها وإمكاناتها لإعادة إعمار القرى المنكوبة، وبدأت بالقرى الأكثر تضرراً في سوهاج .. وعندما جاء الدكتور محمد ابراهيم سليمان وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية في ذلك الوقت الى سوهاج لتحديد القرى التي ستكون لها الأولوية في عملية إعادة الإعمار، فوجئت عصابة الحزب الوطني أن المحافظ أصر على البدء ببلدنا الحاجر (وهى عاصمة  قرية أولاد يحيى الحاجر)، وذلك تقديرا للخدمات التي قدمتها للمحافظة (كما قال لمساعديه) رغم التوتر الذي اعترى العلاقة بيننا في الآونة الأخيرة.. ولما كان طنطاوي أعلن عن نيته تلك للعاملين في مكتبه (وبينهم جواسيس أمين الحزب الوطني) قبل يومين من زيارة الوزير، وجدت العصابة فرصتها لتسدد ضربتها الأخيرة والقاضية.. فتم تدبير لعبة قذرة تحت إشراف أمين الحزب الوطني بالمحافظة، واشترك فيها أمين الحزب بمركز دار السلام الذي تتبعه قريتنا، وكذلك أحد القضاة من قرية مجاورة لنا ، وكان رجلا سيء السمعة وشريكاً مع عصابة الحزب الوطني في كل جرائمها.. وكانت خطة العصابة أن يتم تنظيم مظاهرة ضد المحافظ والوزير بمجرد نزول موكبهما في الحاجر.. وتم الإتفاق على الهتافات التي سيرددها المتظاهرون، وعلى الرسالة التي سيقولها أحد أقارب القاضي للمحافظ، وذلك قبل قذف الموكب بالطوب والحجارة!!.. ونجحت الخطة.. فقد فوجيء الموكب بالمظاهرة ولما توتر الموقف سحب حراس المحافظ والوزير أسلحتهم، ولكن المحافظ تصدى للموقف بشجاعة وأمر الحراس بالتراجع وتوجه الى المتظاهرين قائلاً: "أحنا جايين نبني بلدكم ونعمرها وانتو تستقبلونا بالطوب.. طب احترموا ضيفنا معالي الوزير اللي جاي يخدمكم"!!.. وهنا قال قريب القاضي حامل الرسالة الشيطانية، وهو ليس من قريتنا، مخاطباً المحافظ: "انت السبب في ان رئيس الجمهورية ما جاش يزور بلدنا واللي قال لنا الكلام ده الاستاذ أحمد طه النقر"، وكانت صدمة المحافظ أكبر من دهشته، فأمر الموكب بأن يتحرك عائداً الى مدينة سوهاج، وهنا تساءل الوزير: "هو مين أحمد طه النقر ده "؟.. فأجابه المحافظ " دا صحفي صديقي من البلد دي"!!.. ارتبك المحافظ وهاجمته الهواجس والشكوك من كل صوب وتساءل بصوت مسموع وهو يدخل مبنى المحافظة: "معقول أحمد طه النقر يعمل كده"؟!!.. وهنا تدخل على الفور أمين الحزب الوطني الذي كان مرافقاً للموكب بحكم البروتوكول، وجاهزاً لانتهاز الفرصة الذهبية التي كان يتوقعها وينتظرها: "أيوه يا أفندم هو اللي عمل كل ده من الأول.. وهو اللي جاب كل الصحفيين على حسابه ووداهم بلده، وهو المسئول عن اللي نشرته الأهرام عن غرق الكوثر، وانا هثبت لسيادتك هذا الكلام وعلى لسان قرايبه كمان" (الغريب أن مندوب الأهرام هو الصحفي الوحيد تقريباً الذي لم يتصل بي ولم يذهب الى قريتي بل ولم أسمع بوصوله الى سوهاج إلا بعد قراءة المانشيت الكارثي!!)..

(مظاهرة مدبرة تفسد زيارة المحافظ ووزير الإسكان لقرية الحاجر)

وفعلاً لم يضيع أمين الحزب وقتاً واتصل في نفس الليلة بالقاضي ورتب معه بقية المؤامرة الحقيرة، إذ إتفقا على اصطحاب الاستاذ الجامعي الى المحافظ ليشهد أنه غالباً ما كان يصطحبني معه في سيارته الى القرية مع ضيوفي من الصحفيين، وأنهم كانوا يقضون اليوم في مركز الإغاثة ويجرون مقابلات مع الأهالي ثم يعودون معه الى سوهاج آخر النهار.. وذهب الاستاذ الجامعي سعيداً بأنه سيقابل المحافظ، وربما كان يحلم بأن يعينه مستشارا له كما فعل مع عميد العلوم، وخاصة أن أمين الحزب والقاضي اتفقا معه على تقديمه للمحافظ على أنه عميد كلية التربية ومن أقاربي!!.. كل هذه التفاصيل عرفتها فيما بعد من مصادر موثوقة ومن المحافظ نفسه، بعد أن تصالحنا نتيجة تدخل الاستاذ رياض سيف النصر.. وفي ذلك اللقاء الثلاثي مع المحافظ، قال له أمين الحزب والقاضي إن مشكلة أحمد طه النقر تكمن في أن له تطلعات كبيرة وكثيرة أبرزها أنه "عايز يبقى عضو مجلس شعب ونقيب للصحفيين، ويعين أخوه عمدة على البلد"!!.. 

(ونجحت العصابة في الوقيعة بيني وبين اللواء محمد حسن طنطاوي)

وكانت قد سبقت هذا اللقاء مشادة ساخنة بيني وبين المحافظ ساعدت أفراد العصابة في مسعاهم الشرير الى حد كبير.. ففي نفس يوم مظاهرة "الحاجر" ضد المحافظ والوزير كنتُ متواجداً على رأس عملي في الدورة المسائية بصحيفة "الأخبار"، ولما صدرت الطبعة الأولى  صدمني خبر من سوهاج يقول إن المحافظ ووزير الإسكان تعرضا لإعتداء خلال مظاهرة نظمها  عشرات المواطنين الغاضبين في قرية أولاد يحيى الحاجر.. شعرتُ بقلق بالغ وبادرتُ للإتصال بالمحافظ فوجدته، كما توقعتُ، محبطًاً وثائراً.. نفى الرجل حدوث اعتداء من المتظاهرين ولكنه باغتني بالقول: "وبصراحة انت السبب في كل اللي حصل يا استاذ أحمد".. فتساءلتُ مستغرباً ومستنكراً: "إزاي يعني؟!".. فأوضح "الخبر اللي نشرته في اخبار اليوم هو اللي قلب علينا الدنيا وفتح علينا أبواب جهنم".. قلتُ له: "انا كتبت اللي شفته بنفسي يا سيادة المحافظ، ولا كنت عايزني اشوف بلدي غرقانة واسكت".. فقال: "لا طبعاً، بس انت بالغت كتير وغلبتك عواطفك لما شفت بلدك غرقانة، وكان في حاجات لازم ترجع لي فيها".. وهنا نفد صبري وانفجرت في المحافظ قائلاً: "يا سيادة المحافظ انا مش صحفي صغير عشان ارجع لك في حاجة تخص مهنتي، أنا مش شغال عندك.. أنا أكتب اللي انا شايفه صح ومطابق للحقيقة وحضرتك لك حق الرد، وعندك علاقات عامة تقدر تقول لها تكتب ايه وما تكتبشي ايه".. قلتُ ذلك وأنهيت المكالمة حتى لا تتطور الأمور الى الأسوأ، ولكني كنتُ على يقين بأن العلاقة بيننا وصلت الى طريق مسدود.
--------------------------
بقلم: أحمد طه النقر

مقالات اخرى للكاتب

في وداع





اعلان