20 - 04 - 2024

صراع حضارات أم صراع أديان؟

صراع حضارات أم صراع أديان؟

لاشك أن الإساءة إلى الدين - اي دين - أو إلى الرموز الدينية ذات القداسة فى كل الأديان، كانت ولازالت وستظل خطرا، ذلك لأن هذا المسيئ إلى الأديان يتصور ويتخيل ويدعى أنه يدافع عن الدين الذى يعتنقه فى مواجهة الدين الآخر، بل فى مواجهة جميع الأديان، وذلك لإيمانه ولقناعته بحقيقة ومصداقية دينه. 

 ولكن هل الإيمان بالدين - أي دين - يحتم ويبرر الإساءة للدين الآخر؟ وهل الأديان التى تختلف، وهذا الاختلاف طبيعي بل هو إرادة إلهية، يعنى الإساءة للدين الآخر؟ وهل هناك أحكام قطعية تحتم على المؤمن أن يثبت إيمانه عن طريق الإساءة للدين الآخر المختلف؟ ام أن الايمان بصحة العقيدة يعنى الايمان والاقتناع بدينى وليس أي دين آخر، ولكن فى إطار احترام الآخر وقبوله، خاصة أن الأديان السماوية تتكامل وتهدف إلى عبادة الإله الواحد الذى يعبده جميع المؤمنين بهذه الأديان. 

( لكم دينكم ولي دين)، ( لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)، (( من ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم). وهنا فالإسلام والمسيحية أقرا بالتعددية وأن لكل واحد دينه بل حتى من ليس لهم ناموس أو شريعة أو دين، هم وبما آمنوا به سيحاسبون عليه. (الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والذين اشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيامة أن الله على كل شئ شهيد). فإذا كان الله سبحانه هو الذى اراد بهذه التعددية، وأنه سبحانه هو الذى سيحاسب الجميع بعدله، فهل أنت أيها المسئ تتصور وتتخيل أنك باساءتك هذه تدافع عن الدين وتدافع عن الله؟!، بالتأكيد لا وألف لا.. أنت هنا تستغل وتتحجج بالدين تحت مسمى الدفاع عنه، فيالوقت الذى تفرغ كل شحناتك وعقدك النفسية والمجتمعية والذاتية لإثبات الذات الضعيفة التى تأخذ الدين ستارا مجتمعيا موروثا تتمايز وتتفاخر به على الآخر، ليس المختلف معك دينيا فحسب بل ضد شريكك فى الدين والمختلف معك فى الطائفة. 

وإلا كيف تفسر الحروب بين السنة والشيعة تحت راية الإسلام؟ قل لى بالله عليك ماهى المبررات الدينية والمسيحية التى تقر حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت والتى راح ضحيتها ملايين البشر، ويا للاسف تحت مسمى الدفاع عن المسيحية؟، فهل هذا إسلام وهذه مسيحية؟ ام أن هذه حروب وخلافات واختلافات دنيوية ومصلحية واقتصادية وسياسية؟ 

ولذا، رأينا أن الدين بشكل عام ومنذ البداية  كان موضع متاجرة نتيجة للإيمان الشكلى والمظهرى البعيد عن أى عمق يقيني حقيقى وصحيح، وبالتالى فهذا التدين الشكلى والمظهرى نتج عنه فكر دينى خضع ويخضع لتفاسير واجتهادات وتاويلات ما أنزل الله بها من سلطان، تعزز المصالح الذاتية وتعلى الانتماءات العرقية والقبلية والطبقية، وكله باسم الدين! 

فهل بعد ذلك نعتبر أن الإساءة للرسول الكريم ناتجة ونابعة من ايمان حقيقى وصحيح للمسيحية؟ ام أن الأمور تتداخل مع مواقف ونظريات سياسية تحت مسمى (صراح الحضارات بل صراع الأديان) ذلك الصراع الذى تم صكه فى مواجهة ماسمى بالصحوة الإسلامية بعد ما تمت تربيتها ورعايتها حتى يتم إسقاط الاتحاد السوفيتى ويخلو العالم للقوى الأمريكية ذات التوجه الدينى الآن تحت شعار (الصهيونية المسيحية)، تلك الصهيونية التى تستغل الدينى لصالح السياسى الإسرائيلى والصهيونى. 

هل تقول المسيحية للمسيحى أن يسئ إلى الآخر ودينه؟ أين شعار المسيحية الذهبى (حبوا أعدائهم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم صلوا من اجل الذين بسيئون اليكم ويطردونكم)، فهل ننتبه إلى هذه المؤامرة التى تغذيها الشعبوية البازغة فى الغرب الآن ضد الاسلام والمسلمين حتى ينتقل الاستفزاز إلينا عن طريق المتاجرين من هنا وهنا، وتكون النتيجة هى الاختراق واللعب بورقة الاقباط والمسلمين؟ 

احذروا وحاذروا، فليس لنا كمصريين غير مصر وطن جميع المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
----------------------
بقلم: جمال اسعد

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان